معهد الأمن القومي الإسرائيلي: العملية في جنين – خطوة تكميلية مطلوبة

ترجمات – عزيز المصري

العملية العسكرية التي نفذها الجيش الإسرائيلي في جنين – “المنزل والحديقة”، والتي استمرت يومين، كانت تهدف إلى الرد على التدهور الأمني ​​وفقدان السيطرة على السلطة الفلسطينية في شمال الضفة. نتج استخدام القوة في هذا المجال عن تراكم التحديات والاتجاهات:

  • إن طريقة عمل الجيش الإسرائيلي والشاباك ضد المسلحين في شمال الضفة – “كاسر الأمواج” – قد استنفدت، وأصبحت حلقة من العنف تغذي نفسها: وكلما زاد الجيش الإسرائيلي من نشاطه ضد العناصر المسلحة وألحق الأذى بأعداد كبيرة من المسلحين، زاد دافع الشباب الفلسطيني للانضمام إلى القتال ضد الجيش الإسرائيلي وإلحاق الأذى بالمستوطنين وجنود الجيش الإسرائيلي والمواطنين الإسرائيليين.
  • عدم وجود أفق سياسي وتصور التحركات التي تروج لها الحكومة الإسرائيلية على أنها إجراءات ضم متسارعة. في الأشهر الأخيرة – تم تسجيل عدد قياسي من تصاريح البناء في المستوطنات، وعمليًا تم منح الإذن بخرق القانون كما يتجلى في زيادة متجددة في مستوطنتي شوماش وأبيتار وإنشاء ما لا يقل عن عشرة بؤر استيطانية جديدة غير قانونية. بصرف النظر عن حقيقة أن هذه التطورات تخلق نقاط احتكاك جديدة، فهي تقضي على الفلسطينيين أي أمل في التحرر من الاحتلال وتحقيق التطلعات الوطنية.
  • السلطة الفلسطينية فقدت السيطرة على شمال الضفة، والأجهزة الأمنية الفلسطينية تفتقر إلى الدافع للتعامل مع المجموعات المسلحة التي استولت على جنين ومحيطها. التنسيق السياسي مع إسرائيل محدود وتزداد صعوبة تنفيذ التنسيق الأمني الذي حال في الماضي دون حدوث تدهور خارج عن السيطرة. في هذا الجو من التوسع الاستيطاني والعنف من قبل المستوطنين ضد الفلسطينيين، لا تنوي الأجهزة الأمنية الفلسطينية العمل ضد الجماعات المسلحة في جنين ونابلس، أو المساعدة في نزع سلاحها.
  • من الواضح أن الجيش الإسرائيلي فقد السيطرة على المستوطنين في الضفة الغربية، الذين يزيدون ويصعدون أعمال الانتقام ضد الفلسطينيين في أعقاب الأعمال الإرهابية ضد الإسرائيليين وحتى يتلقون الدعم السياسي من الوزراء الراديكاليين في الحكومة، الذين يشجعونهم على اخذ القانون بأيديهم.
  • جنين أصبحت مركز المجموعات المسلحة في الضفة الغربية – في مخيم اللاجئين في المدينة ازداد حجم الأسلحة والذخائر وتم إنشاء معامل المتفجرات. وازداد التعاون بين الفصائل وعلى رأسها الجهاد الإسلامي وحماس، وبينها وبين نشطاء التنظيم / فتح، كما تم بناء آلية تنسيق بين الفصائل تشمل غرفة مواقف وأنظمة إنذار، وخلف الكواليس، تشجع إيران هذه المجموعات وتساعد في تحويل الأموال إلى النشطاء وتهريب الأسلحة عبر الحدود السورية والأردن.
  • فقدت الإدارة الأمريكية أدوات ضبط النفس على الحكومة الإسرائيلية فيما يتعلق بسياسة الاستيطان التي تقودها، وهدفها إغلاق الباب أمام خيار تسوية سياسية تقوم على “دولتين لشعبين”. ازداد التوتر بين إسرائيل والولايات المتحدة بسبب عدم قدرة قوات الأمن على التعامل مع عنف المستوطنين ضد الفلسطينيين. (يضاف إلى ذلك القلق الأمريكي من نتائج ثورة النظام التي روجت لها الحكومة والتي تنطوي على احتجاج شعبي واسع النطاق، بحيث تشهد العلاقات بين الحكومة الإسرائيلية والحكومة الأمريكية فترة متوترة للغاية، مما يعني، من بين أمور أخرى، تقويض دعم الشرعية الدولية لإسرائيل).

لكل هذه الأسباب، وفي ضوء الضغط المتزايد من المستوطنين وممثليهم في الحكومة للشروع في عملية عسكرية واسعة النطاق، بدأ الجيش الإسرائيلي عملية مستهدفة ضد البنية التحتية الإرهابية في مخيم جنين للاجئين. أهدافه: تفكيك البنى التحتية الإرهابية في المخيم؛ إلحاق الضرر بالناشطين واعتقال العناصر المتورطة في الإرهاب؛ تهيئة الظروف لحملة مستمرة ضد الإرهاب في المنطقة. كل هذا بهدف السيطرة على النيران ومنع انتشار الأحداث إلى مناطق أخرى في الضفة الغربية، وساحات أخرى.

في نهاية العملية، هناك شعور بالنجاح التكتيكي والعملي في إسرائيل في ضوء الإنجازات التالية: وقتل 12 من المسلحين؛ واستجوب 300 من المشتبه في كونهم مسلحين، ألقي القبض على 30 منهم؛ ودمرت ستة مختبرات لصنع القنابل والمتفجرات؛ وتم تحديد وتدمير 14 شقة تستخدم في الأنشطة المسلحة وغرف التحكم؛ وتم تحييد 300 عبوة ناسفة جاهزة للاستخدام؛ وتم ضبط عشرات الألغام والبنادق والمسدسات ومئات الطلقات. وتم الكشف عن عشرات الكيلوغرامات من المواد الكيميائية المستخدمة في صنع المتفجرات وتدمير ست فتحات أنفاق ومستودعين للأسلحة. وقد غادر معظم العناصر المسلحة المخيم مسبقا، عندما تبين أن الجيش الإسرائيلي دخل المخيم. وفر آخرون أثناء استغلالهم التدفق الكبير للعائلات خارج المخيم خوفا من إلحاق الأذى بالناس.

بعد العملية، ازدادت الانتقادات الدولية لإسرائيل. وقد نشر مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الأوضاع الإنسانية في الأرض الفلسطينية المحتلة أن مئات الوحدات السكنية في مخيم جنين للاجئين قد تضررت، وأن بعضها لم يعد صالحا للسكن. وقد نزحت أكثر من 500 أسرة فلسطينية، يبلغ عددها أكثر من 3,500 رجل وامرأة، وأجبرت على مغادرة منازلها بسبب الدمار. وألحقت أضرار كبيرة بشبكات الكهرباء والمياه والصرف الصحي في مخيم اللاجئين نفسه والأحياء المحيطة به.

العواقب

إلى جانب النجاح التشغيلي، تبرز عدة أسئلة: كيف تحافظ على الإنجاز؟ هل يمكن عزل جنين عن باقي مناطق الضفة الغربية؟ هل هناك نية وإمكانية لتجديد سيطرة الأجهزة الأمنية للسلطة الفلسطينية في جنين؟ كيف تسد الفجوة في النظام السياسي الإسرائيلي بين العناصر المهنية التي تعتبرها مهمة لتقوية أداء السلطة الفلسطينية والعناصر في الحكومة التي تسعى إلى انهيارها؟ ما هي الخطوة السياسية التكميلية الممكنة من جانب الحكومة الإسرائيلية لتحقيق الإنجاز العسكري؟

بعد العملية، وخاصة بعد إبعاد نائب رئيس حركة فتح محمود العالول وعضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية عزام الأحمد دون خجل من موكب جنازة جنين، وفي ضوء رفض حماس والجهاد الإسلامي دعوة أبو مازن لعقد اجتماع لقادة السلطة الفلسطينية، أدرك رئيس السلطة الفلسطينية أنه يجب إعادة النظر في سياسته في شمال الضفة الغربية. هناك ادعاء شائع ضد السلطة الفلسطينية هو أنها لا تعمل كما هو متوقع من سلطة حكومية ولا توفر الحماية للسكان الفلسطينيين من عنف المستوطنين. وفي محاولة لإثبات وجودها على الأرض، نظمت السلطة الفلسطينية مسيرات مسلحة لجماعات التنظيم/فتح في عدة بلدات وقرى، وأعدت أيضا عفوا بين رؤساء المنظمة ونشطائها المنتمين إلى كتائب شهداء الأقصى في جنين. غير أن ذلك لا يوفر استجابة مرضية للمطالبات المقدمة ضد السلطة فيما يتعلق بالاختلال الوظيفي والسيطرة. في الواقع، سرب نقاش داخلي في رام الله، الخوف من أنه إذا لم تتحرك أجهزة السلطة الفلسطينية بسرعة، فإن استيلاء حماس على جنين قد يتغير، على غرار استيلاء حماس على قطاع غزة في عام 2007. كما تقرر أن تقوم السلطة الفلسطينية بإعادة تأهيل الأضرار التي لحقت بالعملية من أجل إثبات المسؤولية والعمل تجاه السكان الفلسطينيين وتحقيق الأموال اللازمة لإعادة إعمار جنين، التي وعدت بها الإمارات (15 مليون دولار، ولكن من خلال الأونروا)، والجزائر (30 مليون دولار).

أما حماس، فقد تركت الحركة جولة التصعيد القصيرة في جنين دون أن تدفع ثمن تشجيع الإرهاب وتحفيزه في الضفة الغربية، لكنها أيضا هدف للانتقاد لأنها لم ترفع إصبعا على الجيش الإسرائيلي وتحافظ بعناية على إنجازاته في قطاع غزة – إعادة التأهيل والنمو الاقتصادي والعمل في إسرائيل. ويبدو أن تحمل حماس المسؤولية عن الأعمال المسلحة التي وقعت بعد العملية في جنين يهدف إلى الحفاظ على صورتها كزعيم لحركة المقاومة – بالضرورة على حساب السلطة الفلسطينية وفتح.

توصيات

وعلى الرغم من المصلحة المشتركة للسلطة الفلسطينية وإسرائيل في منع استيلاء حماس والجهاد الإسلامي على منطقة جنين (وبالتالي تحييد التأثير الإيراني على ما يحدث في الضفة)، فإن كلاهما يردعهما محاولة لاستنفاد إمكانية التعاون بينهما. ولذلك، فإن إسرائيل مطالبة بتهيئة الظروف التي تمكن السلطة الفلسطينية وتشجعها على العودة إلى جنين، أولا وقبل كل شيء، كعامل يعيد اعمار الدمار الذي سببته العملية. وفي الوقت نفسه، يجب استخدام أدوات التأثير على السلطة الفلسطينية، وخاصة من خلال الولايات المتحدة والأردن، لتجديد نشر قوات الأمن الفلسطينية في المنطقة، مع تعزيزها وتجهيزها بوسائل محسنة، وفقا للخطة التي حددها المنسق الأمني الأمريكي.

كما ينبغي تشجيع استعادة السلطة الفلسطينية سيطرتها في شمال الضفة من خلال تشجيع المشاريع الاقتصادية وإنشاء مراكز تدريب وتوظيف للشباب الفلسطيني. ولضمان جمع الأموال واستهداف المشاريع الأساسية، من المهم إنشاء آلية رصد دولية، على سبيل المثال باسم البلدان المانحة، وضمان استثمار الأموال الممنوحة للسلطة الفلسطينية بالفعل في مشاريع البنية التحتية والعمالة في منطقة جنين.

وإذا ألغت إسرائيل مسبقا مبادرة لاستعادة السلطة الفلسطينية سيطرتها على جنين، فلن يمر وقت طويل قبل أن تصبح هناك حاجة إلى عملية أخرى ضد حماس والجهاد الإسلامي وشهداء الأقصى في المنطقة مرة أخرى. في الواقع، في 9 تموز/يوليو، اتخذت الحكومة الإسرائيلية القرار الصحيح بالعمل على تعزيز السلطة الفلسطينية، لكنها في الوقت نفسه فرضت سلسلة من الشروط التي سيكون من الصعب الوفاء بها، بما في ذلك وقف الدعم المالي لأسر النشطاء الإرهابيين الذين قتلوا أو اعتقلوا، وكذلك تجنب العداء لإسرائيل في المحافل الدولية.

البديل لإعادة السلطة إلى شمال الضفة الغربية هو أن يستولي الجيش الإسرائيلي على المنطقة ويديرها ككانتون مستقل، بحيث تقع مسؤولية وعبء رعاية السكان الفلسطينيين على عاتق دولة إسرائيل. ستكون هذه خطوة مهمة في تسريع الانتقال إلى واقع الدولة الواحدة.

المصدر: Institute for National Security Studies

اقرأ/ي أيضاً: فورين بوليسي: أربع حقائق مزعجة لعملية جنين

النخالة: ما جرى في جنين انتصار كبير في وجه العدوان الإسرائيلي

وكالات – مصدر الإخبارية 

أكد الأمين العام لحركة الجهاد الإسلامي في فلسطين زياد النخالة، اليوم الأحد، أن ما جرى في مدينة جنين هو انتصار كبير في وجه العدوان الإسرائيلي.

جاء ذلك خلال مهاتفة النخالة لعوائل شهداء العدوان الإسرائيلي الأخير على مدينة جنين ومخيمها.

وأجرى النخالة، سلسلة اتصالات هاتفية بعوائل الشهداء من سرايا القدس وحركة الجهاد الإسلامي والمواطنين من أبناء شعبنا الذين ارتقوا خلال ملحمة بأس جنين البطولية.

وأكد االنخالة، خلال حديثه لعوائل الشهداء، مدى اعتزاز الحركة بكل قطرة دم سالت في سبيل هذا الأنموذج البطولي، الذي وقف فيه شعبنا المجاهد ومعه المقاومة بكل بسالة وعنفوان، في تأكيد على صلابة الإرادة التي يحملها الفلسطيني في مواجهة المشروع الصهيوني الإرهابي.

اقرأ/ي أيضاً: هنية يهاتف زوجة الأسير وليد دقة ويؤكد محاولاته للتخفيف من معاناته

أونروا تدعو لتوفير تمويل عاجل لإعادة إعمار جنين ومخيمها

جنين – مصدر الإخبارية

دعت وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين “أونروا”، الليلة الماضية، إلى ضرورة توفير تمويل عاجل لإعادة الخدمات وزيادة الدعم للأطفال في مخيم جنين شمال الضفة الغربية المحتلة.

وقالت نائب المفوض العام لوكالة أونروا ليني ستينسيث، “إننا بحاجة إلى سيولة” في إشارة إلى نقص التمويل المُقدم للوكالة الدولية الأممية.

جاء ذلك خلال جولة تفقدية نظمتها “أونروا” لمخيم جنين، بمشاركة وفد ضم عددًا من المسؤولين الأمميين والدبلوماسيين من 25 دولة، “لإعادة الخدمات وزيادة الدعم للأطفال الفلسطينيين.

وأشادت ستينسيث بطواقم “أونروا” العاملة في مخيم جنين الذين يُواصلون العمل تحت الضغط في ظروف صعبة لتوفير الإغاثة الطارئة لسكان المدينة.

جدير بالذكر أن مدينة جنين ومخيمها، تعرضت فجر الاثنين الماضي، لعدوان إسرائيلي استمر على مدار يومين متواصلين أسفر عن استشهاد 12 مواطنًا وإصابة 140 آخرين بينهم 30 في حالة خطيرة، وتدمير مئات المنازل والبنية التحتية من طرق وكهرباء ومياه وصرف صحي.

بدوره توقّع رئيس بلدية جنين نضال عبيدي، ارتفاع إجمالي خسائر عدوان الاحتلال الإسرائيلي على مدينة جنين ومخيّمها، إلى 40 مليون دولار.

وقال عبيدي في حديثٍ خاص مع شبكة مصدر الإخبارية إن “قرابة 20 ألف مواطن من جنين يعانون من عدم وصول إمدادات المياه بفعل تدمير الاحتلال شبكات مياه بئر الابتسامة الذي يغطي الجزء الأكبر من المدينة”.

وأضاف “نعمل على مدار الساعة لإعادة إمدادات المياه إلى المواطنين من مناطق مجاورة، لافتًا أن الانقطاعات تتركز في المناطق الشرقية من مخيم جنين”.

وأشار إلى أن “الجزء الأكبر من الخسائر يتركز في مخيم جنين، وهناك تقديرات بوجود خسائر تصل إلى 15 مليون دولار تشمل فقط مخيم جنين وليس كامل المدينة”.

وشدد على أنّ “الاحتلال فشل فشلًا ذريعًا في فصل الحاضنة الشعبية عن المقاومة في مدينة جنين ومخيمها وهذا ما لمسناه بعد انتهاء العدوان من أبناء الشعب الفلسطيني”.

ونوه إلى أن هناك عمليات حصر شاملة للأضرار للبدء بشكل فعلي في عملية الإعمار، بالتنسيق مع الجهات الحكومية لإعادة الحياة إلى طبيعتها.

ولفت إلى أن “الاحتلال حاول من خلال الدمار الواسع في المدينة إبعاد الحاضنة الشعبية عن المقاومة لكن من يدخل جنين حاليًا يجد عكس ذلك”.

وأكد على التفاف الكل الوطني في محافظات الضفة الغربية حول المقاومة الفلسطينية، لافتًا إلى أنها جزء أصيل من شعبنا ينبغي التمسك بها لحين تحرير فلسطين من الاحتلال”.

العملية في جنين وانقسام شخصية الحكومة الإسرائيلية

عاموس يادلين – عودي إيبينتال – قناة 12 العبرية:

إن العملية في مخيم جنين للاجئين، والتي خطط لها ونفذها الجيش الإسرائيلي بطريقة هادفة ودقيقة وذكية، توفر إنجازات عملياتية مهمة، لكنها محلية ومؤقتة. لذلك، من المرجح أن تكون هناك حاجة لعمليات إضافية في المستقبل “جز العشب” للبنية التحتية الإرهابية في جنين، وربما في مدن أخرى. ومع ذلك، فإن العمل العسكري وحده لا يمكن أن يوفر إجابة شاملة لتحديات الأمن والاستقرار في الضفة الغربية، بمرور الوقت: يجب أن يتواجد كجزء من خطة متماسكة واستراتيجية وسياسة واضحة للمستوى السياسي، لكن هذا غير موجود في الحكومة التي تتأرجح بين نموذجين، أمني و “مسياني”، فيما يتعلق بالسلطة الفلسطينية بشكل خاص والنظام الفلسطيني بشكل عام.

وكان الهدف الأمني السليم لعملية “المنزل والحديقة”، التي استمرت لمدة يومين، ضربة واسعة النطاق للبنية التحتية الإرهابية في مخيم جنين للاجئين. لقد أصبح المخيم هدفا محصنا، وهو أمر خطير الدخول إليه، وملجأ للإرهابيين من كل الضفة الغربية؛ وهدد بتأسيس نفسه كمركز لإنتاج الأسلحة، مما كان من شأنه أن يحول وادي جيزريل إلى “تطويق جنين”. كانت العملية مكملة لجهود “كاسر الأمواج”، على خلفية التهديد الإرهابي المتفاقم: الهجمات المتعددة على الطرق، إطلاق النار على المستوطنات، مواقع قوات الجيش الإسرائيلي، تفجير عبوات ناسفة عالية الجودة وقوية، محاولات إطلاق الصواريخ الأولى في الضفة الغربية، وخروج المسلحين إلى داخل إسرائيل، كما يتضح من الهجوم الشديد في تل أبيب خلال العملية.

“المنزل والحديقة” اشتملت على تسلسل عملياتي، مع نطاق وكثافة أعلى من المعتاد، ودمج قوات لواء الكوماندوز مع القوات الجوية، والشاباك، و وشرطة الحدود والاستخبارات. تمثلت إنجازاتها الرئيسية في تدمير البنى التحتية الإرهابية الدائمة – غرف القيادة المشتركة، ومخزونات الأسلحة ومختبرات المتفجرات، والالغام والعبوات الناسفة على الأعمدة. أما بالنسبة لمسلحي مخيم جنين والمطلوبين، فكان الإنجاز أكثر تواضعاً، حيث قُتل 12 مسلحا منهم، واعتقل 30 مطلوباً، وأصيب نحو 100 بجروح، بمن فيهم غير المتورطين. كما هو معتاد مع قوات حرب العصابات، منذ بداية العملية، اختارت العناصر المسلحة في جنين الاندماج مع السكان المدنيين والمناطق المبنية، وإخفاء أسلحتهم وتجنب القتال، من أجل البقاء على قيد الحياة. من جانبه، تصرف الجيش الإسرائيلي بطريقة مستهدفة بناءً على معلومات استخبارية، ولم يسع إلى احتكاك كبير أو قتال من منزل إلى منزل، ويبدو أن معظم ضحايا العدو أصيبوا بغارات جوية.

وحاولت الأحزاب السياسية وصف العملية بأنها “سور واقي” على غرار حركة تغيير الواقع، والتي، كما أتذكر، ركزت على احتلال مساحة كبيرة وتثبيتها وتطهيرها. من الناحية العملية، خطط الجيش الإسرائيلي ونفذ عملية بمثابة غارة هادفة بين الفروع وبين المنظمات، وذات توجه استخباراتي، ومحددة، ومسيطر عليها وحذرة من حيث نطاق القوات الخاصة، كثافة ومدة عملها ومستوى الاحتكاك، بالتوازي مع سياسة مدنية داعمة. كان الجيش الإسرائيلي حريصا جدا على عدم إيذاء غير المتورطين، حتى بثمن أقل ضررا على العدو. على هذه الخلفية، اكتسبت العملية تفهما في واشنطن والنظام الدولي، وظلت الإدانة في المنطقة بشكل أساسي على المستوى الخطابي.

وتجدر الإشارة إلى أنه في نفس الوقت الذي استمرت فيه العملية في مخيم اللاجئين استمرت الحياة في مدينة جنين المجاورة كالمعتاد، حيث ذهب آلاف العمال للعمل في إسرائيل، وفي مدن أخرى في الضفة الغربية لم تسجل اضطرابات كبيرة. في نهاية العملية، سيعود المسلحون إلى المخيم، لكن الأمر سيستغرق وقتًا حتى يصلوا إلى البنية التحتية المدمرة. لهذا السبب، سيتمتع الجيش الإسرائيلي بحرية أكبر في العمل في جنين، لكن التحدي يظل في مراكز إرهابية أخرى في الضفة، على سبيل المثال في نابلس وطولكرم، ومع مرور الوقت سيتم تجديده أيضًا في مخيم جنين للاجئين.

وكان استهداف العملية وترسيمها صائبا، في ضوء ميل هذه العمليات، في قلب السكان المدنيين، إلى الوقوع في المشاكل مع طول أمد القوات الميدانية: فالقوات تفقد ميزة المبادرة والمفاجأة وتصبح تدريجيا أهدافا؛ ويزداد عدد القتلى، بمن فيهم أولئك الذين لا يشاركون، ويخلق دورة تصعيد قد “تصيب” ساحات إضافية (كما يتضح من إطلاق الصواريخ من غزة)؛ ويزداد احتمال الفشل العملياتي، وتضعف شرعية ممارسة القوة العسكرية.

إذن، على المستوى التكتيكي والعملي، ستحقق العملية فوائد، حتى لو كانت محلية ومؤقتة، لكن الأسئلة الأكبر هي – ما الهدف الاستراتيجي والسياسي الذي خدمته؟ وكيف تنوي إسرائيل تحقيق الاستقرار في المنطقة على المدى الطويل؟ من الواضح تمامًا أن الاتجاه الاستراتيجي للحكومة الإسرائيلية ليس في مكانه وأن نموذجين يتقاتلان فيما يتعلق بالسياسة في إسرائيل.

أحد النماذج، بقيادة وزراء من اليمين المتطرف المسيحاني، هو السيطرة العسكرية الإسرائيلية المباشرة على جميع مناطق الأراضي الفلسطينية، بما في ذلك المدن، كما كانت قبل اتفاقيات أوسلو، كأساس لضمان الأمن. ويدعو هذا النهج أيضًا ضم الأراضي على نطاق واسع، والتوسع غير المقيد للمستوطنات، وتفكيك السلطة الفلسطينية كنظام حكومي يدير حياة ما يقرب من ثلاثة ملايين فلسطيني.

النموذج الثاني، الذي يشاركه وزير الدفاع يوآف غالانت وجميع رؤساء جهاز الدفاع والجيش الإسرائيلي، يميز بين المناطق الحيوية، حيث توجد لإسرائيل مسؤولية أمنية مباشرة (مناطق ب وج) والمدن الفلسطينية ومحيطها (مناطق أ) – حيث يكون الفلسطينيون أنفسهم، من خلال السلطة الفلسطينية وآلياتها، مسؤولين عن الأمن، لكن إسرائيل تتحمل مسؤولية متزايدة: فكلما قل دور السلطة الفلسطينية، كلما تورطت إسرائيل في الفعل. وعندما يؤدي إضعاف السلطة الفلسطينية إلى دخول الجيش الإسرائيلي في فراغ، يرى النهج أن تعزيز السلطة الفلسطينية والتنسيق الأمني ​​معها عناصر مهمة لضمان الأمن والاستقرار على الأرض، ولمنع نقل المسؤولية عن جوانب الحياة المدنية للفلسطينيين إلى إسرائيل والجيش الإسرائيلي.

من الواضح أن دولة إسرائيل والجيش الإسرائيلي والشاباك لن يسمحوا بنموذج “غزة” في جنين أو أي مدينة فلسطينية أخرى في الضفة الغربية. ولكن إلى جانب النشاط العملياتي الحازم ضد العناصر الإرهابية، هناك حاجة أيضا إلى جهود تحقيق الاستقرار، مثل تحفيز دول الخليج على تعزيز تنمية الاقتصاد الفلسطيني وتشغيل الشباب، والاستفادة من قناة العقبة/شرم الشيخ التي أنشأتها الإدارة الأمريكية لتعزيز قدرات السلطة الفلسطينية في مجال الحكم وتحفيزها على استعادة السيطرة على المناطق التي فقدت سيطرتها عليها.

لن يكون استقرار القطاع بمرور الوقت ممكنًا إلا إذا اختارت دولة إسرائيل التصرف على أساس النموذج الأمني ​​، وكبح التحركات المدمرة للاستقرار والسلام الأمني ​​التي يقودها أتباع نموذج السيطرة الكاملة – تسريع البناء غير القانوني في البؤر الاستيطانية، هدم منازل الفلسطينيين، إلغاء فك الارتباط والعودة إلى بؤر شمال الضفة خلافا للالتزامات الدولية، إضعاف السلطة الفلسطينية وآليتها، ودعم الوزراء في الحكومة لأعمال شغب الإرهاب اليهودي ضد القرى الفلسطينية والاعتداء عليها، مثل حرق منازل الفلسطينيين في حوارة. ومهاجمة رؤساء المؤسسة الأمنية وقادة الجيش وقواتهم.

يجب التأكيد: على عكس “غسيل الكلمات” الشائع، فإن الأمر لا يتعلق بأفراد يأخذون القانون بأيديهم، بل يتعلق بمجموعات كبيرة من مثيري الشغب اليهود المجرمين، الذين يرتكبون جرائم خطيرة، في مواجهة عجز الأمن، والذين يشوهون سمعة إسرائيل في العالم. إن التراخي في تطبيق القانون ضد هذه العوامل يساهم في فقدان الحكم في إسرائيل، وهو الأمر الذي تشكو منه الحكومة في كثير من الأحيان، ولكنه في الواقع تعمل على زيادته.

خلاصة القول هي أن الجيش الإسرائيلي سيواصل تقديم رد أمني على الإرهاب المتنامي، على حساب الإضرار باستعداده للحرب في الشمال. لكن استقرار الوضع في الضفة الغربية على المدى الطويل لن يحل بالوسائل العسكرية وحدها، ويتطلب استراتيجية متماسكة من المستوى السياسي، وليس حلا وسطا مستحيلا بين العكس، بين استقرار الصراع وإدارته وتصعيده لحسم الأمر باحتلال وضم كاملين. في نهاية المطاف، يجب على إسرائيل أن تقرر ما إذا كانت تريد الاستمرار في التركيز على الأهداف الاستراتيجية التي وضعتها لنفسها – وقف التسلح النووي الإيراني وإقامة علاقات مع المملكة العربية السعودية – أو الاستمرار في الغرق في “الوحل الفلسطيني”، الذي يتم جره هو وإسرائيل كلها من قبل الوزيرين سموتريتش وبن غفير من جهة، والمحور الراديكالي بقيادة إيران من جهة أخرى. بطريقة تهدد مستقبل إسرائيل كدولة يهودية وديمقراطية وآمنة وعادلة.

وأخيرا، فإن الوضع المعقد والمتدهور والمتفجر في الضفة الغربية وإمكانية توسيع القتال إلى ساحات أخرى، يشكل تحديا خطيرا يتطلب إيقاف الدوران الذي بدأته إسرائيل بانقلاب النظام، والذي أدى إلى مواجهة داخلية وإلحاق الضرر بالقوة الوطنية والردع. وفي هذا الصدد، فإن العملية في جنين هي تذكير آخر بالحاجة الملحة إلى التخلي عن هذه الخطوة الضارة وغير الضرورية والتركيز على التحديات الاستراتيجية الكبيرة والحقيقية التي تواجهنا، والتي تتطلب الوحدة الوطنية والقدرة على الصمود والقدرة على التحمل والقيادة.

اقرأ أيضاً: مسيرات في أمريكا رفضاً للعدوان الإسرائيلي على جنين

معقباً على العدوان على جنين.. غوتيريش: نُدين كل أشكال العنف ضد المدنيين

وكالات – مصدر الإخبارية 

عقّب الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، اليوم الجمعة، على العدوان الإسرائيلي على مدينة جنين ومخيمها الذي أسفر عن استشهاد 12 مواطناً وإصابة العشرات.

ودان غوتيريش خلال مؤتمر صحفي في مقر الأمم المتحدة بنيويورك، “كل أشكال العنف ضد المدنيين” واستخدام إسرائيل القوة المفرطة في مدينة جنين.

وقال: “كانت الضربات الجوية الإسرائيلية والعمليات البرية في مخيم مكتظ للاجئين أسوأ أعمال العنف في الضفة الغربية منذ سنوات عديدة، وكان لها تأثير كبير على المدنيين، بما في ذلك أكثر من 100 جريح وأجبر الآلاف على الفرار”.

وأضاف غوتيريش: “أدين بشدة كل أعمال العنف ضد المدنيين، بما في ذلك الأعمال الإرهابية”.

ولدى سؤاله عما إذا كان ذلك ينطبق على إسرائيل تحديدا، قال غوتيريش، إن “هذا ينطبق على كل استخدام للقوة المفرطة، وكما هو واضح في هذا الوضع، كان هناك استخدام للقوة المفرطة من قبل القوات الإسرائيلية”.

وطالب الأمين العام إسرائيل “بالإيفاء بالتزاماتها بموجب القانون الدولي، بما في ذلك واجب ضبط النفس واستخدام القوة المتناسبة، وواجب تقليل الضرر واحترام الحياة والحفاظ عليها”.

وأكد أن “استخدام الضربات الجوية يتعارض مع سير عمليات إنفاذ القانون”، مشدداً على أن “إسرائيل بوصفها قوة محتلة، تتحمل مسؤولية حماية السكان المدنيين”.

وتابع غوتيريش أنه “يتفهم مخاوف إسرائيل الأمنية، لكن التصعيد ليس هو الحل”، معتبراً أن التصعيد “ببساطة يعزز التطرف ويؤدي إلى تعميق دائرة العنف وإراقة الدماء”.

وأشار غوتيريش إلى أنه ليس من “الواقعي” إرسال قوة عسكرية إلى إسرائيل.

وأضاف “لا أعتقد أن الحكومة الإسرائيلية ستوافق على هذا الاحتمال، لكنني أعتقد أننا بحاجة إلى إيجاد آليات للسماح بحماية المدنيين في هذه الظروف المأساوية”.

واجتاحت قوات الاحتلال الإسرائيلي مدعومة بآليات ثقيلة وطائرات حربية في الأول من يوليو، مدينة جنين ومخيمها، في عملية استمرت 48 ساعة وأسفرت عن استشهاد 12 فلسطينياً وإصابة 120 آخرين، وخلفت دماراً هائلاً في المنازل والممتلكات والبنى التحتية.

اقرأ/ي أيضاً: خبيرة أممية تتحدث حول العدوان على جنين وتدعو لمحاسبة “إسرائيل”

معركة جنين: التأسيس لمعادلة المستقبل

أقلام – مصدر الإخبارية

معركة جنين: التأسيس لمعادلة المستقبل، بقلم الباحث المختص في شؤون القدس زياد ابحيص، وفيما يلي نص المقال كاملًا كما وصل موقعنا:

عملية مُعدة منذ سنة، أكثر من ألف جندي ونحو 120 آلية و17 غارة جوية، بالحساب العددي فإن العملية العسكرية كانت بواقع جندي صهيوني مقابل كل 15 من سكان المخيم بأطفالهم ونسائهم؛ رافقتها تأكيدات صهيونية بأن المدى الزمني للعملية مفتوح، وبأنه لا توجد ضغوط دولية لوقفها.

المحصلة أن الاحتلال أنهى العملية العسكرية ميدانياً بعد 48 ساعة من بدئها، دون التمكن من اقتحام كامل المخيم، ودون التمكن من تصفية كتيبة جنين لتستمر المقاومة من اللحظة الأولى من المعركة وحتى اللحظة الأخيرة.

هذه الملحمة في مخيم جنين، الثانية خلال شهر، والمنبعثة من تحت رماد اجتياح 2002 يمكن القول إنها تفصل بين زمانين، وتؤسس لمعادلة المستقبل، ولعل أبرز عناصر هذه المعادلة هي:

أولاً: قطعت معركة جنين شوطاً كبيراً نحو فرض معادلة الانسحاب والتراجع الصهيوني أمام قواعد المقاومة في الضفة الغربية، فكما انسحب المحتل تحت ضربات المقاومة من جنوب لبنان ومن قطاع غزة، ها هي اليوم المعادلة تنتقل لتفرض عليه بؤر مقاومة حصينة في الضفة الغربية، يعجز عن اقتحامها، وينظر إليها كأرض عدو محصنة يجرد ضدها حملاتٍ عسكرية كبرى تتكسر على صخرتها.

بالتأكيد لن يكون فرض هذه المعادلة سهلاً، فهي تعني التأسيس لتحرير الضفة الغربية أو أجزاء واسعة منها انطلاقاً من نموذج مخيم جنين إذا ما استُلهم وأخذ ينتشر، وليس منتظراً من الاحتلال أن يسلم لهذا النموذج بسهولة، وربما يعود للمحاولة بحملة أكبر في عملية قريبة قادمة، أو يلجأ للحصار والاستنزاف، ويسعى بكل قوته على جبهة الاختراق وتفريق الصف، وهو ما يوجب تضافر الجهود لإفشاله.

ثانياً: كرست معركة مخيم جنين من جديد معنى الوحدة الميدانية، وهي الوحدة الفعلية التي يمكن التطلع إليها والمراهنة عليها في الحالة الفلسطينية، وهي الوحدة التي سبق لها أن تكرست في مواجهات رمضان ومعركة سيف القدس 2021، وفي معركة الاعتكاف في رمضان الماضي قبل أقل من ثلاثة أشهر. سرايا القدس وكتائب شهداء الأقصى وكتائب القسام، عرين الأسود وكتيبة جبع وكتيبة طوباس، كل المكونات المقاتلة التي تتخذ من المقاومة المسلحة نهجاً هبّت لنصرة مخيم جنين، فيما كان أحد النمور المقاتلة أصحاب المبادرات الفردية يتحفز لترجيح كفة المعركة في تل أبيب، أما القدس فكانت أحياؤها تشتعل بالمواجهات في كل ليلة، لتدخل المقاومة الشعبية على الخط.

تؤكد هذه التجربة مدى المبالغة لدى النخب الفلسطينية والعربية في أهمية وحدة الإطار ووحدة القيادة، فما وُضع من جهود للمصالحة، وما عُطل من جهود بانتظار إحياء منظمة التحرير أو إعادة إنتاجها؛ كان سيثمر أكثر بكثير لو وضع على الأرض باتجاه الوحدة على أرض المعركة وعلى أساس المقاومة، وهذا ما ينبغي أن يستفاد اليوم من هذه الملحمة.

لقد كرست تجربة كتيبة جنين كذلك إمكانية تخطي التنسيق الأمني إلى فعلٍ مقاوم مُجدٍ يصطدم بالمحتل، يعض على الجراح ويتجنب توجيه بندقيته نحو التنسيق الأمني، الذي يرقى إلى مستوى الخيانة من حيث الفعل والأثر، لكن الأولوية تبقى لفتح خطوط المواجهة مع المحتل، وإن أمكن أحياناً ردع هذا السلوك الخياني بأدوات مجتمعية متعددة بالتظاهر والاعتصام والمقاطعة.

ثالثاً: لقد أثبتت تجربة الاحتضان المتفاني من أهل المخيم وجوارهم، أن هذه الكتائب الجديدة حالة فريدة، ليست نابعة من بنية قيادية قررت إنتاجها بقدر ما هي إفراز مجتمعي من بيئة حاضنة تتطلع للمقاومة ويتحرق شبابها للفعل المقاوم الذي يثخن في العدو، وينتظر فيها الشباب دورهم لوراثة البنادق القليلة إذا ما شغرتها الشهادة.

إن هذا التشخيص لا يقلل من دور قوى المقاومة التي ترفد تلك الكتائب بالإمكانات المادية والدعم السياسي والخبرة العسكرية، بقدر ما يدفعنا للتعامل مع هذه الكتائب بما يعظم من جدواها وأثرها وديمومتها، بالتقليل من مظاهر الاستعراض القيادي لها، والمبادرة الفورية إلى دعمها بكل أشكال الدعم المادي والعسكري والسياسي، فما دامت ابنة بيئتها المجتمعية فإن بوابات دعمها تتعدد، وتصبح أكثر إمكانية، والمشاركة في هذا الواجب تصبح متاحة لفئات أكثر من المتطلعين إلى كسر طوق العجز.

هذا يعني أيضاً ضرورة المبادرة إلى تمتين هذه الحاضنة الشعبية وتوسيعها بالمبادرات الشعبية لإعمار المخيم وعلاج الجرحى والوقوف مع عائلات الشهداء، فهذه المعركة معركة الشعوب، ومبادرة أي نظام رسمي من أنظمة التطبيع لإعلان أي مساهمة لا ينبغي أن تثني المبادرات الشعبية عن واجبها تجاه معركتها، فهي الأولى بأهل جنين ومخيمها.

في الخلاصة، هذه القراءة –إن صحت- تعني أن علينا واجبات مهمة وأساسية اليوم كل من مكانه وموقعه مع وحدة الهدف، تبدأ من ضرورة الاستعداد لحملات تالية ولمواجهة محاولات العدو حصار مخيم جنين واستنزافه، والعمل بكل جهد ممكن على تعميم النموذج وتوسيع قاعدة الاشتباك وتنويع أشكاله، وزيادة الردع المجتمعي لنهج التنسيق الأمني الخياني، ودعم الكتائب المقاتلة بكل أسباب الدعم الممكنة عبر حاضنتها المجتمعية، ومد يد الإعمار وتضميد الجراح والتآخي لحاضنة المقاومة في جنين ومخيمها، والاستعداد لزمان جديد لا تقتصر فيه المعركة على جنين؛ زمان يؤسس للانتقال ومن الصمود إلى فرض التراجعات، ومن المقاومة إلى التحرير بالكثير من العناد والصبر والمعارك المتتالية.

أقرأ أيضًا: ماذا بعد معركة جنين وما هي التداعيات الأمنية للعملية العسكرية؟

انتصر الكف المقاتل على المخرز في جنين

أقلام – مصدر الإخبارية

انتصر الكف المقاتل على المخرز في جنين، بقلم عزات جمال الباحث في مركز فلسطين للدراسات الاستراتيجية، وفيما يلي نص المقال كاملًا:

فصل جديد من فصول الصمود والتحدي والانتصار تكتبه جنين وشعبنا الثائر المجاهد بمداد من نور، ومرحلة مهمة من مراحل تطور الأداء المقاوم ليس في جنين لوحدها بل في عموم الضفة الغربية المحتلة سيكون لها الأثر الكبير في مزيد من استنهاض الأحرار والثوار لينخرطوا ضمن صفوف الثورة المتصاعدة والمقاومة الفلسطينية الواعدة، التي تشق طريقها بثبات وتقدم منذ معركة سيف القدس الخالدة، وباتت أمل شعبنا في الدفاع عن المسجد الأقصى المبارك وعن مدننا وقرانا في وجه عدوان الاحتلال المتصاعد الذي يستهدف وجودنا.

إن انتصار هذه الفئة القليلة المؤمنة من المقاومين في جنين على العدو الصهيوني المحتل، بل وافشالها لهذا العدوان البربري الذي كان يستهدف استئصال شأفة المقاومة وإخماد جدوتها المتقدة وانتزاع رغبة القتال من صدور شعبنا وأبطالنا، لهي ترجمة فعلية وحقيقية لما يمكن أن يحدثه الإيمان الراسخ والإرادة الصلبة والإعداد الجيد من قلب للموازين وكسر لإرادة الاحتلال وجيشه المعتدي، وتحقيق نصر يفتخر به شعبنا وأمتنا.

يحق لشعبنا الفلسطيني أن يفتخر بجنين وبتجربة أبطالها الرائدة التي خاضها المقاومون الموحدون من كل القوى والفصائل، التي أظهروا عبرها لكل العالم بأس جنين وبأس الشعب الفلسطيني الحر الأبي، الذي يرفض أن يفرط بقدسه ومسجده الأقصى وحقوقه الثابتة، وكيف هزموا وحدات النخبة الصهيونية في شوارع وحارات المدينة الثائرة وعلى تخوم المخيم الصامد العنيد، عندما أوقعوا القوات الغازية المعتدية في مجموعة من الكمائن المحكمة التي أسفرت عن مقتل وجرح الجنود الصهاينة وأجبرتهم على التراجع صاغرين، إضافة لقدرة المقاومة الفلسطينية في ظل الإجراءات الأمنية المعقدة من استهداف المستوطنين الغزاة في شوارع عاصمة الكيان “تل أبيب” من خلال الشهيد المشتبك عبد الوهاب خلايلة الذي انطلق من مدينة الخليل جنوب الضفة، حيث تزامن تنفيذ هذه العملية البطولية مع انعقاد المجلس الأمني المصغر لكيان الاحتلال فكانت مفاجأة صادمة للكيان من حيث الزمان والمكان وأثبتت مجدداً مصداقية المقاومة الفلسطينية وجرأتها.

إن هذا النصر المهم لم يكن ليتحقق دون تضحيات فقد ارتقت كوكبة مباركة مكونة من اثني عشر شهيد من خيرة أبناء جنين رحمهم الله وصبر أهلهم وذويهم، وأصيب العشرات من المدنيين وهدمت البيوت الآمنة وخربت الشوارع والمرافق، كل ذلك تعمدت آلة حرب الاحتلال فعله في محاولة منها لكسر روح الثورة ولإحداث شرخ ما بين المقاومين وحاضنتهم الشعبية في جنين، في محاولة بائسة لتشكيل المزيد من الضغط على المقاومة، إلا أن ذلك لم يزد شعبنا وأهلنا إلا التحام مع المقاومة وأبطالها، وقد ظهر ذلك في محاولة توفير شعبنا لكل ما يمكن أن يعزز صمودهم ويثبتهم في مواجهة العدوان الهمجي.

إن لهذا الانتصار المهم استحقاقات تفرضها المرحلة الحالية التي يعيشها شعبنا الفلسطيني المقاوم، وهي تزيد من العبء والمسؤولية الملقاة على كل من قيادة المقاومة الفلسطينية وعلى عموم شعبنا الفلسطيني على حد سواء ، فأما المقاومة الفلسطينية فهي مطالبة بإدامة تطوير الأداء واستحداث المزيد من الوسائل القادرة على لجم العدو المعتدي وتدفيعه ثمن إجرامه، ومواصلة مراكمة القوة في كل ساحات الوطن ورفع مستوى التنسيق مع الجبهات المحيطة في فلسطين خاصة في دول الطوق، ليتحقق المزيد من التقدم في هذا المسار الاستراتيجي الذي يلتف شعبنا الفلسطيني حوله اليوم بكل قوته، كما أن هناك عبئ متزايد على شعبنا الفلسطيني المقاوم في عموم ساحات الوطن وخاصة في الضفة الغربية المحتلة والقدس والداخل بأن يكون متأهب وجاهز لاحتضان وإسناد المقاومة ومقاتليها بكل ما يستطيع من وسائل وبأن ينخرط إلى جانبهم للدفاع عن نفسه وعن مقدساته وأرضه، فهذه أمانة فردية ودين لفلسطين في عنق كل واحد منا، خاصة أذكر بهذا اخوتنا أبناء الأجهزة الأمنية الفلسطينية الذي يسعى الاحتلال لاستخدامهم في مواجهة شعبهم وأهلهم من المقاومين ويزج بهم لحماية أمن المستوطنين الذين يحرقون مساجدنا وقرآننا ومدننا وقرانا بكل وحشية، ويهددون بكل صلف بأن يعيدوا تنفيذ مجاز دموية بحق شعبنا، كالتي نفذوها إبان النكبة واحتلال فلسطين أمثال دير ياسين، إن التاريخ كما يسجل في صفحاته بمداد من نور البطولات والتضحيات، ويرفع قدر من قدموها في معركة الحرية، فهو يسجل غدر الغادرين وتآمر المتآمرين على شعبهم وأهلهم وأمتهم، فكونوا في صف الثورة والمقاومة حيث شعبكم وأهلكم، وذروا العبيد تجار التعاون الأمني مع عدونا المحتل.

كما لا ننسى واجب الأمة كل الأمة العربية والإسلامية وأحرار العالم، فواجبهم لا يقل عن واجب الشعب الفلسطيني المقاوم، فهم مطالبون بدعم شعبنا وإسناده في معركته التي يخوضها للدفاع عن مقدساته الإسلامية والمسيحية، ولتعلموا بأن هذا الانتصار المبارك في جنين ما كان له أن يكون دون دعم وإسناد من كل حر في فلسطين وخارجها قاتل وعاند ليثبت هذه الفئة الطيبة المباركة ويدعم صمودها على أرضها، وهذا واجبكم الذي ستحاسبون عليه أمام الله ثم التاريخ؛ ماذا قدمتم لدعم الشعب الفلسطيني المقاوم عندما كان يواجه هذا الكيان الصهيوني المدعوم بسخاء من كل قوى الشر في هذا العالم.

أقرأ أيضًا: الكاتب عزات جمال لمصدر: عملية تل أبيب أكدت على وحدة الساحات

جنين ووحدة الموقف الفلسطيني.. بقلم سري القدوة

أقلام – مصدر الإخبارية

جنين ووحدة الموقف الفلسطيني.. بقلم الكاتب الفلسطيني سري القدوة، وفيما يلي نص المقال كاملًا كما وصل موقعنا:

ما يجري في مدينة جنين ومخيمها من قتل وقصف وتدمير المنازل وترحيل للعائلات، هو جريمة حرب وجريمة ضد الإنسانية، وقتلًا ممنهجًا واسع النطاق ضمن سياسة رسمية واضطهاد لأبناء شعبنا الفلسطيني، في ظل صمت دولي، وتخاذل في تحمل المسؤولية القانونية حيث يتم ارتكاب تلك الجرائم بحق شعبنا الفلسطيني الأعزل على مرأى ومسمع من العالم أجمع دون تحريك أي ساكن.
يجب على المجتمع الدولي وهيئات الأمم المتحدة الوقوف أمام التزاماتها القانونية والأخلاقية، واتخاذ الإجراءات الجادة والعاجلة لوقف التصعيد والعدوان المتواصل على مدينة جنين ومخيمها منذ ساعات الفجر الأولى من يوم الاثنين الماضي واستهداف المدنيين والأعيان المدنية والمناطق المأهولة بالسكان، في انتهاك فاضح لمبادئ القانون الدولي، والقانون الدولي الإنساني، وخاصة اتفاقية جنيف الرابعة بشأن حماية المدنيين وقت الحرب للعام 1949.
لا بد من وضع حد للجريمة النكراء والمجزرة البشعة التي ارتكبها جيش الاحتلال في جنين ومخيمها والتي ما زالت مستمرة، وقد تفاقم الأزمة الإنسانية مع استمرار العدوان على سكانه المحميين بموجب مبادئ القانون الدولي الإنساني، ويجب على المجتمع الدولي محاسبة دولة الاحتلال على الجرائم التي ترتكبها ووضع حد للحصانة التي تتمتع بها كدولة فوق القانون، ودعوة مجلس حقوق الإنسان لعقد جلسة طارئة خاصة للوقوف عند مسؤولياتهم وتداعيات كجازر الاحتلال والاضطلاع على الوضع الإنساني فيه.
المجزرة البشعة وما سبقها من مجازر مماثلة والتي تتزامن مع العدوان المستمر على المسجد الأقصى والتهديد باقتحامه بقوة السلاح وبمزيد من العنف، تؤكد بوضوح أن إسرائيل التي تحكمها عصابات المستوطنين الإجرامية تشن حربا حقيقية على شعبنا الفلسطيني تستهدف وجوده وتعمل على اجتثاثه من جذوره، وذلك بعد أن أعادت الصراع إلى مربعه الأول، ما يعني أن دولة الاحتلال استبدلت مسار السلام بمسار الدم والقتل والتشريد والتهجير.
الاحتلال يُحاول من خلال هذه الجرائم توظيف القوة الغاشمة لتكريس غطرسته لكنه يخطئ إذا ما اعتقد أنه بذلك يستطيع أن يلحق هزيمة بشعبنا أو ينال من إرادته في المقاومة، فتاريخ مخيم جنين يعيد نفسه من جديد، فأبناء شعبنا الذين يتصدون لاجتياح اليوم هم أبناء من تصدوا له عام 2002، وألحقوا هزيمة منكرة بجيش الاحتلال.
المشهد الدامي في فلسطين والجرائم الوحشية للكيان الصهيوني الغاصب في مخيم جنين ومناطق أخرى، تهدف الي التدمير والترانسفير بدعم كامل من الإدارة الأميركية ولا بد من تشكيل لجنة تحقيق دولية وأهمية تدخل لجان الأمم المتحدة العاملة في فلسطين ورفع مستوى تدخلاتها وتحذيراتها القانونية، وفقا لاتساع نطاق الانتهاكات الإسرائيلية وفي ضوء هذا العدوان يجب تشكيل أوسع جبهة وطنية للتصدي لهذه الحرب الشعواء التي تقتل خيرة أبناء شعبنا، وخاصة الشباب في مسعى واضح لذبح الجيل الذي نراهن عليه في بناء الدولة المستقلة وعاصمتها القدس.

 الشعب الفلسطيني في كافة بقاع الأرض لن يهزم ولن يكسر أمام آلة القتل والبطش والدمار الإسرائيلية وسيتمكن من إفشال المخطط الصهيوني باقتلاعنا مرة أخرى من ديارنا، وسيبقى هذا الشعب صامدا ومتشبثا بأرضه مهما بلغت التضحيات ويجب التمسك بالثوابت الوطنية وتجسيد الوحدة التي أكدت عليها قرارات المجلس المركزي فيما يتعلق بحقوق الشعب الفلسطيني، والتي تدعمها قرارات الشرعية الدولية، والتمسك بمنظمة التحرير وتوحيد كل القوى في إطار المنظمة، بالإضافة إلى الجمع بين العمل السياسي والمقاومة الشعبية على الأرض.

أقرأ أيضًا: الاستيطان تحدٍ سافر للمجتمع الدولي.. بقلم سري القدوة

تظاهرة منددة بالعدوان على جنين في العاصمة الإسبانية مدريد

وكالات – مصدر الإخبارية

نظمت مجموعة من المؤسسات الإسبانية والجالية الفلسطينية وفصائل منظمة التحرير وحركة “فتح” في إسبانيا، اليوم الخميس، تظاهرة أمام مقر السفارة الإسرائيلية في العاصمة الإسبانية، مدريد، تنديدا بالعدوان الإسرائيلي على مدينة جنين ومخيمها، واعتداءات المستوطنين على القرى الفلسطينية بالضفة الغربية.

وقال أمين سر حركة “فتح” في إسبانيا أحمد معروف، في تصريحات نقلتها وكالة الأنباء الرسمية “وفا”، إن “الاحتلال واهم إذا اعتقد أنه قادر على كسر إرادة شعبنا، والتاريخ شاهد، والمقاومة قدرنا نتوارثها جيلا بعد جيل حتى دحر الاحتلال وتحقيق استقلالنا الوطني”.

وطالب المتظاهرون، من خلال هتافاتهم ولافتات رفعوها وبيان تم توزيعه، بوقف المجازر المرتكبة بحق الشعب الفلسطيني الأعزل، منددين بسياسة ازدواجية المعايير التي يتبعها المجتمع الدولي والصمت على عدم احترام دولة الاحتلال للقوانين الدولية وتعهداتها، وخاصة اتفاقية جنيف الرابعة الخاصة بحماية المدنيين.

اقرأ/ي أيضاً: اليسار الديمقراطي ينظم تظاهرة بتل أبيب تنديدا بالعدوان على جنين

غالانت يحاول تسويق انتصاراً وهمياً بعد العدوان على جنين

الأراضي المحتلة – مصدر الإخبارية 

ادعى وزير الأمن في حكومة الاحتلال يوآف غالانت، أن قوات جيشه حققت أهداف العملية العسكرية في جنين ومخيمها بالكامل، في عدوان استغرق يومين، وأسفر عن ارتقاء 12 فلسطينياً، وإصابة العشرات، وتدمير كبير في البنى التحتية وممتلكات المواطنين.

وقال غالانت، في مؤتمر صحفي، اليوم الأربعاء: “أنهينا عملية تركّزت ضدّ التنظيمات الإرهابيّة في مخيم جنين، ونحن نتحدث عن منظمات مختلفة ذات قاسم مشترك”، مضيفا أنه “خلال الـ48 ساعة الماضية، ألحقنا أضرارًا كبيرة بالبنية التحتية للإنتاج الإرهابيّ، ودمّرنا مصنع الإنتاج الإرهابيّ الذي تم إنشاؤه في جنين”، على حدّ وصفه.

وتابع غالانت: “نتحدّث عن عشرات المواقع التي كانت فيها ورش لإنتاج العبوات الناسفة، والمختبرات، ومواقع التخزين، وكذلك وسائل أمنية لحراسة مداخل المخيم، والتي حاولت رصد الأنشطة الروتينية”، التي يقوم بها جيش الاحتلال في المخيم، خلال الفترة الأخيرة.

وقال: “اعتقلنا العديد من المتورطين في الإرهاب، وألحقنا الأذى بهم”.

وذكر أنه “في ما يتعلق بالأهداف؛ فقد تم تحقيق أهداف العملية بالكامل”، مشيرا إلى أنه “ابتداء من صباح اليوم، بات للجيش الإسرائيلي و(جهاز الأمن الإسرائيلي العامّ) الشاباك، حرية عمل أخرى في جنين”.

وأضاف غالانت: “لقد قمنا بالفعل بعملية… بحيث تتيح لنا القدرة على استخدام قوّات أصغر في المستقبل، حتى يتمكّن فريق من المقاتلين من التحرُّك في أزقّة جنين، وتنفيذ مهمته، حيث كان من المستحيل القيام بذلك من قبل، بكتيبة ولواء” فقط.

وقال: “تحققت المفاجأة بفضل هجوم جوي مفاجئ… وتركيز كبير لقوّات عالية الجودة، جاءت من اتجاهات مختلفة في الوقت ذاته، ومرافقة جوية… وكذلك رصد ما كان مطلوبا”. وزعم أنه “في الواقع… في لحظة الحقيقة، اختار المخرّبون في جنين، الاختباء أو الهروب”.

وعَدّ غالانت أن “الوضع في اليومين الماضيين، يثبت أن الأمر لا يتعلق بنوع من الجيش أو الميليشيات، بل يتعلق بمخربين يقاتلون من أجل المال، أو للإظهار لأصدقائهم والبيئة، أنهم أبطال”، زاعما أن “معظمهم غادروا مكان إقامتهم، ومن بقي منهم اختبأ في أماكن محمية من قبل السكان المدنيين، مثل المستشفيات وحول الأطفال” على حدّ ادعائه، علما بأن عدوان الاحتلال شمل اقتحام مستشفى.

وقال غالانت إنه “يجب أن يُعلم أن الأيادي، أياد فلسطينية، وفي مقدمتها حركة ’الجهاد الإسلامي’، التي هي العامل الأهم في مخيم جنين للاجئين، ولكن هناك جهات أخرى كذلك. لكن التمويل هو تمويل إيراني. وبشكل عام، نحن ندرك فترة طويلة من المحاولات الإيرانية لدفع لإرهاب من يهودا والسامرة، من خلال التمويل، ومحاولة نقل الأسلحة”.

وأضاف: “بصفتي شخصًا يعرف كلًّا من جنين وقطاع غزة منذ سنوات، يمكنني أن أرى أدلة على محاكاة وسائل مصدرها غزة، وعبوات ناسفة، ونصب ألغام قوية، ولكنها بدائية”. وذكر أن “هذه هي أشياء رأيناها قبل 20 عامًا في غزة، وعندها فقط قاموا بدفنها في الرمال، والآن يتعين عليهم دفنها في الأسفلت”.

وذكر غالانت أن “أي مخرّب يعود إلى مخيم جنين، لن يتعرف عليه، فبالنسبة له لم يعد مكانا محميا، سيصاحبه شعور بالاضطهاد. وبقدر ما يهمنا، هذه ليست النهاية… حيث عملنا بقوة، وسنعمل بعد ذلك بأي قوة مطلوبة في مكان معين، أو في مخيم اللاجئين بأكمله”.

وقال: “في الواقع، إذا ربطت هذا العمل بالعمل منذ شهور ضد حركة ’الجهاد الإسلامي’ في غزة، فهناك خط يربط بينهما، والخط الرابط هو التعليمات التي قدمتها في اليوم الأول في موقفي ضد الإرهاب، والتحركات الاستباقية والهجومية. نتخذ خط هجوم ومبادرة ونذهب إلى الأماكن التي يعملون منها، وهذا ما فعلناه في جنين. لدينا القدرة على نسخها إلى أماكن أخرى، حتى مع تغيير الأساليب”.

وأضاف: “في الواقع، بفضل ما فعلناه الآن (العملية العسكرية)، سنكون قادرين على الوصول إلى الخلايا التالية، التي ستكون مكشوفة بشكل أكبر الآن، كما أنني لا أستبعد احتمال أن يسلّم أولئك الذين قاتلوا في الماضي أنفسهم، إلى أجهزة الأمن الفلسطينية، كما حدث في نابلس في الماضي، ويمكن أن يحدث هنا أيضا”.

وانسحب جيش الاحتلال من مخيم جنين قبيل منتصف ليلة الثلاثاء، بعد عدوان استمرّ يومين شارك فيه أكثر من 3 آلاف جندي و200 آلية عسكرية وعشرات الطائرات. وترك العدوان دمارا هائلا في المخيم.

اقرأ/ي أيضاً: غانتس لنتنياهو: لن نمنحك ضوءًا أخضر مرة آخرى

Exit mobile version