في كل كارثة تمر علينا سواء في قطاع غزة، أو أي مكان آخر، تبرز الانتقادات والتهجم بسبب شُح أو عدم تدفق القنوات الإغاثية للبلد الذي تعرض للكارثة.
لكن في قطاع غزة والذي يواجه على مدار عام وأكثر حرب مدمرة، قتلت الأرواح دون تمييز بين طفل وكبير، ودمرت المباني وشريان الحياة بشكل كامل، منذ السابع من أكتوبر عام 2023، ولا تزال مستمرة إلى عام 2025، طلت علينا كثير من الدول قدمت مساعداتها لقطاع غزة، برز من بينها بصورة مُشرفة، دولة الإمارات العربية المتحدة بشهامتها وبروزها بفارس يغيث الكثيرين في أي مكان في القطاع، حتى في شماله رغم محدودية الحركة بسبب اجتثاثه عن جنوب القطاع وفصله .
بزغت دولة الإمارات كالنور في عتمة نسبة كبيرة من المواطنين المشردين المكلومين، الذين يصارعون المجاعة والإبادة، وتمر عليهم أياما وشهورا بدون لقمة تسد رمق أطفالهم وكبارهم.
عن طريق مبادرة(( الفارس الشهم 3)) استطاعت دولة الإمارات العربية المتحدة، مساندة قطاع غزة، والوصول لأكبر عدد ممكن، رغم المعيقات والعثرات التي تحول من وصول المساعدات الإنسانية بسهولة، دون تأخير.
استطاع الفارس الشهم 3 مواجهة كل الضغوطات التي واجهته قدر المستطاع، بل أكثر من استطاعته، وواجه قُطاع الطرق والسرقات، ويواجه بصدر رحب أي انتقادات من أفواه دائما تبرز في هكذا كوارث وحروب تساهم في تثبيط العزائم، بدلاً من المشاركة في النهوض والعمل الإغاثي الجاد .
الصغير والكبير، والمريض والمشرد، والمكلوم كلهم لمسوا يد الفارس الشهم، تربت على أكتافهم، وتقدم لهم الغذاء والكساء، والمسكن الذي يقيهم من حر وبرد الطقس، من خلال الخيام والشوادر، أو الأغطية الشتوية، وكذلك الكابونات الغذائية التي تحتوي على مقومات الحياة لكل الأعمار.
ولم ينس الفارس الشهم المرأة وقدم طرود احتياجاتها، وكذلك كبار السن خاصة المرضى.
ويراعي الفارس الشهم 3، سوء الوضع المادي للمواطن النازح، فقام بمد الغيث للمخابز، وأمدها بالدقيق، حتى يشتري النازح الخبز بثمن أقل، ورغم تعرض مساعداته لقُطاع الطرق، إلا أن هناك استمرارية في إغاثته، وليس كما البعض يتوقف فور التعرض للسرقة.
كذلك شملت مبادرة الفارس الشهم 3 ، المستشفيات ، فقدم لها الدواء وكل المستلزمات، حتى المرضى طالتهم المساعدات الغذائية وكسوة الصيف والشتاء.
وثمنت المبادرة الإماراتية عبر فارسها الشهم3 ، دور الصحفيين والرسالة التي يقومون بها من نقل الإبادة للعالم كله، ولم يستثنوهم من المساعدات ونالوا نصيبهم من شهامة الفارس الإماراتي3.
ناهيك عن التكيات المنشرة في كثير من المخيمات، وتقدم الطعام بطريقة نظيفة لأطفال المخيمات وعائلاتهم الذين تشردوا من بيوتهم.
ونلمس ميزة من ميزات المبادرة الإماراتية، وهي التنظيم في عملها، والجولات على مخيمات النزوح، كل مخيم باسمه، حيث لا يتم تجاوز أي مخيم، وبطريقة منتظمة تصلهم المساعدات، وأصبح النازح مطمئنا أنه لن يُستثنى، وأصبح لديه قناة لا تنقطع من الإغاثة في الحرب، وكلنا دون مبالغة لمسنا حالة الرضى من المشردين على أداء كوادر الفارس الشهم، وأمانتهم في توصيل المدد الإغاثي، سواء بطريقة الاتصال هاتفيا، أو رسائل إلكترونية وعبر الهاتف النقال، أو في سرعة الردود على المناشدات، حتى تقصي أي تعليقات عبر مواقع التواصل الاجتماعي لتلافي الوقوع بالخطأ، رغم أن الخطأ وارداً في هكذا ظروف، بسبب كُبر حجم المستفيدين، والحرص على الاستمرارية المُشرفة.
وهنا لابد لي من وقفة، إن دولة الإمارات العربية المتحدة أثبتت منذ بداية الحرب حرصها على غيث قطاع غزة، ونشله من غرقه في الدمار والإبادة، بمدها له مستلزمات تكفل له حقه في الأكل والشرب، والعلاج وغيرها كثير من المساعدات.
ولا أقول إننا نطالب الفارس الشهم3، بالقيام بدور علاء الدين في مصباحه السحري، ويغطي كل شيء في قطاع غزة، لأن الجميع يجب أن يحتذي بحذو الشقيقة الإمارات، ويستمروا بنشل قطاع غزة من جوعه وبرده وتشرده، دون انقطاع، ويتم معالجة كل المشاكل التي تحول من فعل ذلك، على سبيل المثال لا الحصر، كارثة قُطاع الطُرق.
ويناشد النازح في قطاع غزة، القائمين على ( مبادرة الفارس الشهم3)، بالاستمرار في عملهم بخطى ثابتة، حتى بعد انتهاء حرب السابع من أكتوبر، ويواجهون معه حالة الضبابية المُقبلة من فوضى وصعوبة في الحصول على أدنى الحقوق من مأكل وملبس وعلاج.
التصنيف: أقلام
عزيز حمدي المصري: تهديد ترامب ومستقبل غزة ونتنياهو والمنطقة
عزيز حمدي المصري – مصدر الإخبارية
تستدعي تصريحات ترامب الأخيرة، وخاصة قوله “سأحرق الشرق الأوسط”، تحليلًا عميقًا حول السياق الذي قد يكشف عن دوافعه الاستراتيجية في هذه المرحلة الحرجة. يبدو أن ترامب، من خلال هذه التصريحات، يسعى إلى استغلال الوضع القائم في المنطقة لإيجاد مساحة ضغط تؤدي إلى إنهاء الفوضى السياسية، مستفيدًا من شعور المنطقة بالعجز والتقلبات التي تسود الساحة السياسية. هذا التصريح يمكن أن يعكس أسلوبًا يتسم بالتهديد والتصعيد، الذي يهدف إلى خلق توترات متزايدة في الشرق الأوسط، مما يسمح له بتحقيق مكاسب خاصة به أو إعادة فرض الهيمنة الأمريكية على المنطقة.
وراء هذه التصريحات، هناك توجه اقتصادي واضح يتمثل في رغبة ترامب في استغلال موارد الشرق الأوسط، لا سيما الخليج، في مواجهة المنافسة الاقتصادية العالمية، خاصة في المجال التكنولوجي مع الصين. ترامب يسعى إلى جعل الشرق الأوسط جزءًا أساسيًا من مشاريعه الاقتصادية، حيث يعتقد أن الأموال والمصادر المتوفرة في هذه المنطقة يمكن أن تكون مفتاحًا للتفوق على التحديات الاقتصادية التي تفرضها الصين وروسيا. وبالتالي، فإن ترامب في حاجة إلى استقرار المنطقة، لكي تظل هذه الأموال في حركة نشطة تدعم المشروعات الأمريكية، مثل تطوير التكنولوجيا والصناعات المحلية، التي تعاني من منافسة شديدة من الصين.
وفي هذا السياق، يشير تهديد ترامب إلى إيران بشكل واضح، حيث يطلب منها “الانصياع” والابتعاد عن تدخلاتها الإقليمية، وتحجيم دورها في المنطقة عبر أذرعها المختلفة، وهي رسالة تهدف إلى تقليص النفوذ الإيراني في المنطقة. هذا التوجه يتماشى مع استراتيجية ترامب القائمة على الحد من قوة إيران ومنعها من التوسع في مجال النفوذ العسكري والسياسي.
وربط ترامب لهذا التهديد بما يحدث في فلسطين وقطاع غزة يمكن أن يُفهم في سياق محاولاته لإعادة ترتيب الأوراق في المنطقة. فمن خلال التلويح باستخدام القوة أو الضغط السياسي، يريد ترامب أن يضمن استقرار الوضع في غزة والضفة الغربية، بما يتماشى مع مصالحه الاقتصادية والجيوسياسية. في هذا الإطار، تحاول الولايات المتحدة توجيه رسالة إلى الأطراف المختلفة في المنطقة، مؤكدًا أن الحلول الاقتصادية والابتعاد عن الفوضى العسكرية ستكون هي الطريق الأفضل نحو تحقيق الاستقرار، الذي يصب في مصلحة الأجندة الأمريكية.
بالنسبة لنتنياهو، يبدو أن موقفه بات في طريقه نحو التراجع أو الانهيار. فقد أعلن عن اعتذاره عن الجلسة التي كان من المفترض أن يتخذ فيها قرارات حاسمة، متذرعًا بمرضه، وهو ما يفتح المجال لتحليل مكامن الضعف في قيادته. البعض يرى أن هذه الحجة قد تكون مجرد ستار للتخلي عن مسؤولياته أو لتفادي القرارات التي قد تأتي بتبعات خطيرة عليه شخصيًا وعلى حكومته. في هذا السياق، يبدو أن البديل جاهز: نفتالي بينيت، وغانتس، قد يكونان الخيارين الأوفر حظًا لقيادة المرحلة المقبلة. وهذا يفتح الباب أمام سيناريوهات قد تحمل تغييرات جذريّة في السياسة الإسرائيلية في المرحلة القادمة. أما بالنسبة لقطاع غزة، فمن الواضح أن التحليلات تنحصر في معالجة جوانب الهدنة والمفاوضات المتعلقة بالمساعدات، والضغوط الدولية التي يواجهها نتنياهو بسبب تصعيد الأوضاع هناك. الفكرة الأساسية تكمن في أن نتنياهو قد يكون في لحظة مفصلية، إذ يتعرض للضغط من عدة جبهات، ليس فقط على مستوى غزة، ولكن أيضًا بسبب التحديات الداخلية في حكومته والتي تفسح المجال للمعارضة للنهوض والظهور.
في جزئية الاقتصاد، يبدو أن هناك توجهًا واضحًا نحو إعادة هيكلة المنطقة في إطار استثمارات مستقبلية، خاصة في قطاع الإعمار في غزة. من خلال حديثي مع أحد موظفي المكتب النرويجي التمثيلي في فلسطين، تم التطرق إلى خطة لإعادة إعمار ساحل غزة وتحويله إلى منطقة استثمار دولي تمتد من رفح إلى زكيم. هذه الخطة تشير إلى رؤية استراتيجية لإعادة تفعيل المنطقة اقتصاديًا وجذب الاستثمارات العالمية، خاصة في السياق المتعلق بالبنية التحتية والموارد الطبيعية التي يمتلكها الساحل الغزي.
هذه الخطط تتماشى مع تصريحات سابقة من قبل الرئيس الأمريكي ترامب الذي أشار إلى أن غزة تمتلك “شاطئًا جميلًا جدًا ومغريًا”، وهو ما يتفق مع رؤية جاريد كوشنر، مستشار الرئيس الأمريكي السابق، الذي صرح في وقت سابق بأن “شاطئ غزة هو مكان ممتاز للاستثمار”. هذا التوجه يعكس اهتمامًا متزايدًا من قبل الإدارة الأمريكية بفتح قنوات استثمارية في منطقة غزة، مع الاعتقاد أن هذه الاستثمارات قد تكون فرصة اقتصادية استراتيجية على المدى الطويل.
في هذا السياق، من الواضح أن ترامب، في محاولاته لتعزيز مصالحه الاقتصادية، يسعى لاستغلال موارد الشرق الأوسط، بما في ذلك غزة، للحد من التحديات التي تواجه الاقتصاد الأمريكي في مواجهة المنافسة العالمية، خاصة من الصين. يشهد العالم اليوم سباقًا تكنولوجيًا متزايدًا، حيث تُعتبر الصين المنافس الرئيسي لأمريكا في هذا المجال، خصوصًا مع تفوق الشركات الصينية مثل “هواوي” في قطاع التكنولوجيا والاتصالات، إضافة إلى هيمنتها على قطاع الطاقة البديلة، مثل الطاقة الشمسية، التي أصبحت الصين المنتج الأول لها في العالم.
إضافة إلى ذلك، تزايدت حصة الصين في السوق الأوروبية بشكل ملحوظ، حيث تُسجل الشركات الصينية 30% من إجمالي التبادل التجاري التكنولوجي مع الاتحاد الأوروبي، ما يجعل الصين الشريك التجاري الأبرز في هذا المجال. في المقابل، يُلاحظ أن شركات أوروبية كبيرة تملك الآن فروعًا رئيسية في الصين، ما يعكس عمق العلاقة الاقتصادية بين القطبين. هذه التطورات تشير إلى أن المنافسة في المستقبل ستكون أكثر حدة بين الولايات المتحدة والصين في قطاعات التكنولوجيا والطاقة المتجددة، مع توقعات بأن العديد من القطاعات الأمريكية، في حال استمر الوضع على ما هو عليه، قد تجد نفسها في منافسة غير متكافئة.
من هنا، تتضح الرؤية الأمريكية في تحويل الشرق الأوسط إلى سوق استهلاكي لا يعتمد على شراء الأسلحة فقط، بل على استهلاك المنتجات التكنولوجية الأمريكية. يُتوقع أن يتجه الشرق الأوسط في المستقبل إلى شراء السيارات الكهربائية التي تعمل بالطاقة الشمسية من تسلا، والهواتف الذكية المتطورة، بدلاً من الأسلحة، بما يتماشى مع التحولات الاقتصادية العالمية. هذا التحول يمكن أن يغير من ملامح الصراع في المنطقة، بحيث يصبح المنافسة التكنولوجية هي المحور الرئيسي بدلًا من الصراعات العسكرية التقليدية.
في النهاية، يشير هذا التوجه إلى أن المرحلة القادمة ستكون حاسمة في إعادة تشكيل الاقتصاد العالمي، حيث سيصبح الصراع على التكنولوجيا هو المركز، وستتجه الأنظار نحو الشرق الأوسط كمنطقة ذات إمكانات اقتصادية ضخمة يمكن استثمارها من قبل القوى العالمية الكبرى، مع التركيز على التحولات في سلوك الأسواق، بما يشمل زيادة الاستثمارات في الطاقة المتجددة والابتكارات التكنولوجية.
مصطفى إبراهيم: أمريكا تخطط لليوم التالي .. والفلسطينيون خارج السياق
مصطفى إبراهيم – مصدر الإخبارية
الفلسطينيون مشغولون بالحاضر ويخشون المستقبل، وما زال يدفعهم الخوف، ويريدون وقف الإبادة الجماعية الآن. ووقف القتل والتدمير، والتهجير، فهم بلا بيوت ولا ماء، ولا طحين، ولا طعام، ولا دواء، ولا مستشفيات، ولا علاج، ولا وقود. والحياة شبه متوقفة، ويريدون العودة إلى مدنهم وبيوتهم. وبدأوا يفقدون الأمل في التوصل إلى اتفاق لوقف الإبادة، وفشل ذريع لما تبقى من إنسانية وضمير العالم، وقلة حيلة قد تصل حد التواطؤ لمنظمات الأمم المتحدة. والقيادة الفلسطينية غير مستعجلة، وهي تمارس سياسة الانتظار في الانفاق ويبدو أنها لا تدرك حجم التغيرات وسرعتها في العالم والمنطقة العربية، وهي منشغلة بتقديم أوراق اعتمادها للإدارة الأمريكية الجديدة، ولا تعمل بشكل جدي للملمة شمل الفلسطينيين وبث الامل من خلال الوحدة والتحضير لملف اليوم التالي لوقف الحرب، إلا أنها تتذرع بحجج مختلفة والقول عن أي خطة والابادة مستمرة! وبينما تشترط دولة الاحتلال عدم وجود حماس وفتح في حكم غزة، بعد وقف إطلاق النار، والإدارة الأمريكية تبحث مع الاخرين وتضع الخطط لليوم التالي للحرب.
وقبل عدة أيام كان هناك تصريح لوزير الخارجية الأمريكي انتوني بلينكين أنه إذا لم يحدث الاتفاق في الأيام المتبقية من إدارة جو بايدن، فسيتم تسليم الخطة إلى الإدارة الأمريكية القادمة.
الفلسطينيون خاصة أهل غزة وكأنهم خارج السياق، ولم تتم استشارتهم، ولا أحد يسألهم عن رأيهم، وهناك جدل وتجيش حول مدى أهمية اليوم التالي، ومن الذي سيقود وما دور لجنة الاسناد المجتمعي لإدارة غزة على وسائل التواصل الإعلامي بين موافق ومعارض لها، وأنها قد تتجاوز المؤسسات التمثيلية للشعب الفلسطيني. هناك انقسام في الساحة الفلسطينية بين السلطة الفلسطينية من جهة، وحماس وعدد من الفصائل من جهة أخرى. وكل فريق مدفوع برؤيته وبمصالحه. والشعب الفلسطيني يُطالب القيادة بضرورة اتخاذ خطوات أكثر قوة وجدية وبدون خوف نحو المصالحة وإنهاء الانقسام، ووضع خطة فلسطينية تعمل على مواجهة التحديات التي يواجهها المشروع الوطني القائمة على إنهاء الاحتلال الإسرائيلي من أجل الحرية والاستقلال، وإقامة الدولة الفلسطينية.
يبدو أن الفلسطينيين لم يدركوا خطورة أوضاعهم في قطاع غزة والضفة الغربية، وبالرغم من ما يعانيه الناس وفي غمار حرب الإبادة وأهوالها والتي تستهدف الفلسطينيين بالقتل والتهجير القسري والإبادة الجماعية وكي الوعي ونزع الهوية والملكية في فلسطين. وأن الاحتلال الإسرائيلي يعمل على طمس الهوية الوطنية، ولكن من دون جدوى، وأن هذه الأرض هي مكان وتاريخ. وما زال الفلسطينيين متجذرين في أرضهم. حريصون على حماية مصالحهم وصد كل المحاولات التي تستهدف التفريط في تضحياتهم وتصوير الشعب الفلسطيني كمجموعة سكانية لا تسعى إلا للبحث عن فتات المساعدات.
يدرك أهل غزة ثقل المسئولية وتراكم الأعباء على مر سنين الانقسام والظلم الذي وقع عليهم وسلب حقوقهم طوال عقد ونصف من الزمن، إضافة إلى حرب الإبادة الحالية، وما ترتب عليها من أزمات وهموم ومشكلات أثقلت كاهل الوطن والناس في قطاع غزة. وعلى الرغم من أنهم وحدهم إلا أنهم يدركون اللحظة التاريخية الصعبة التي تتطلب من الجميع التصميم والثقة في مواجهة ما يحاك ضدهم وقضيتهم، ومحاولات الاحتلال القفز عن المسار الوطني السياسي واستبداله بمسارات إنسانية يتحكم فيها الاحتلال ومحاولته خلق بدائل مرفوضة وطنياً.
وكي لا يبقى الشعب الفلسطيني خارج السياق، ولأجل من دفعوا دمهم ومن قضوا من أجل ديمومة الكيانية الوطنية وحفظ هويتها وكينونتها، والتمسك بالمرجعيات والمؤسسات الوطنية الفلسطينية التمثيلية، وضرورة تحقيق المصالحة الوطنية وإنهاء الانقسام السياسي وتعزيز الوحدة الوطنية، وضرورة أن تضم كافة مكونات الشعب الفلسطيني في جميع أماكن تواجده تنفيذا لاتفاقيات المصالحة الوطنية.
حسن الأستاذ: اللامبالاة العالمية تجاه حقوق الصحفيين في غزة
المحامي حسن الأستاذ – مصدر الإخبارية
مر أكثر من عام ونحن في غزة نعيش تحت وطأة حرب لا ترحم ولا تفرق بين طفل وامرأة وشيخ، ولا بين بيت ومدرسة ومستشفى، ولكن هناك فئة محددة تتعرض لاستهداف ممنهج وكأنها العدو الأول وهي الصحفيون أولئك الذين يحملون الكاميرات والدفاتر وأقلامهم، ويحاولون نقل الحقيقة إلى العالم فجريمتهم الوحيدة هي أنهم يروون ما يرونه بأم أعينهم، وما يسمعونه بآذانهم، وما يعيشونه في شوارع غزة المحترقة ولكن يبدو أن الحقيقة جريمة يُعاقب عليها بالموت.
حتى كتابة هذا المقال بلغ عدد الصحفيين الذين قُتلوا في غزة (202) صحفيًا، وفقًا لتقارير وإحصائيات إعلامية، و(399) آخرين أصيبوا بجروح خطيرة، وتم التعرف على (43) صحفيًا تم اعتقالهم أو احتجازهم دون تهم واضحة أو محاكمات عادلة داخل سجون الاحتلال، هؤلاء ليسوا مجرد أرقام بل هم أسماء ووجوه وحكايات فهُم زملاؤنا، أصدقاؤنا، وجيراننا وهم من كانوا يوثقون معاناتنا، ويحاولون إيصال صوتنا إلى العالم ولكن العالم بدلًا من أن يستمع، اختار أن يصم أذنيه ويغمض عينيه.
القوانين الدولية تتحدث كثيرًا عن حماية الصحفيين فاتفاقيات جنيف الرابعة والبروتوكول الإضافي الأول ينصان على أن (الصحفيين مدنيون ويجب ألا يتم استهدافهم)، والإعلان العالمي لحقوق الإنسان يؤكد على (حق كل شخص في حرية الرأي والتعبير) ولكن أين هي هذه القوانين عندما يتعلق الأمر بغزة؟ أين هي الحماية التي وُعد بها الصحفيون؟ يبدو أن هذه النصوص القانونية مجرد حبر على ورق، لا قيمة لها في مواجهة آلة الحرب التي لا تعرف سوى لغة القوة.
الصحفيون في غزة ومنذ اندلاع الحرب يعملون في ظروف لا يمكن وصفها إلا بالجحيم؛ محاصرون بالقصف الجوي والمدفعي الذي لا يتوقف، والمخاطر تحيط بهم من كل جانب وكثيرون منهم فقدوا أحباءهم في العمل، ودُمرت مكاتبهم الإعلامية، ومع ذلك يواصلون عملهم بشجاعة نادرة.
والأكثر إيلامًا هو الصمت الدولي المطبق والعالم يشاهد بأم عينيه كيف يتم استهداف الصحفيين، كيف تُزهق الأرواح، كيف تُدمر البيوت، وكيف تُباد العائلات ولكن لا أحد يتحرك ولا أحد يرفع صوته؛ ان هذا الصمت ليس مجرد تقصير، بل هو تواطؤ مع الجرائم التي ترتكب بحق شعب أعزل، وبحق الصحفيين الذين يحاولون نقل معاناتنا، وان قتل الصحفيين هو قتل للحقيقة ذاتها وقبول العالم بهذا الواقع هو خيانة للإنسانية جمعاء، الصحفيون يستحقون أكثر من مجرد بيانات إدانة لأنهم يستحقون حماية فعلية، وعدالة حقيقية ويستحقون أن يعيشوا في عالم يحترم الحقيقة، ولا يعاقب من يقولها.
مصطفى إبراهيم: الحرب تعبير عن الروح العسكرية للوسط – يسار
مصطفى إبراهيم – مصدر الإخبارية
عندما تعبر الحرب عن الروح العسكرية للوسط – يسار العلماني، فالروح العسكرية العلمانية والعقلانية، وليس الخلاصية، تسيطر على السياسة أكثر مما مضى، وأن شكل إدارة إسرائيل للحرب لا يختلف جوهريا عن الشكل الذي أدارت فيه حروبا في الماضي.
في مقال نشر في صحيفة هآرتس في تشرين الاول/ اكتوبر من العام الماضي للباحث في العلاقات بين الجيش والمجتمع في إسرائيل، بروفيسور ياغيل ليفي، قال إنه بالرغم من أن هذه مخاوف ليست مفندة، لكن صورة الوضع معقدة أكثر بكثير، وأن طواقم سلاح الجو، والاستخبارات ومنفذي خطط الذكاء الاصطناعي ليسوا خلاصيين، وهم ليسوا من أنصار رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بكل تأكيد.
ومن الناحية الاجتماعية هم جزء من نواة الوسط – يسار الصلبة. لكنهم المسؤولون أيضا عن حجم القتل غير المسبوق للفلسطينيين في قطاع غزة. في الأسابيع الأولى لحرب الابادة الجماعية برز لدى قسم منهم الحماس حيال القتل وغريزة الانتقام، وفق ما كشفت تحقيقات. فشهية الانتقام ليست حكرا للحريديين – القوميين أو (اليهود) الشرقيين.
ويقول ليفي أن أهداف الحرب غير الواقعية والمعزولة عن أي منطق سياسي، لكنها تخلو من شحنة خلاصية، تبناها الوسط – يسار بحماس شديد، ومثقفوه أيضا، الذين شدتهم لازمة القضاء على حماس. فلماذا نتذمر عندما يقود نتنياهو الجيش بمنهجية من أجل تحقيق هذه الغاية، حتى إذا كان هذا يعني حربا لا تنتهي؟
حتى أن الصحافة المكتوبة والإلكترونية أيضا، سارت بشكل أعمى خلف ما وُصف بأنه أهداف الحرب وحرصت على تجاهل أحجام القتل والدمار في صفوف الفلسطينيين، مثلما تثبت تقاريرها، ليست خلاصية. كما أن مؤسسات ليبرالية بارزة، التي تمتنع عن ذكر المعاناة في غزة، لا تعمل من منطلقات خلاصية.
على سبيل المثال، منظر الحرب وصاحب خطة الجنرالات وفكرة تجويع الغزيين الجنرال في الاحتياط غيورا آيلاند، وهو من أهم الذين يمنحون الشرعية للحرب، لا ينتمي إلى الجمهور الخلاصي. وخطته لتشديد الحصار على غزة لا تهدف طبعا إلى شق طريق للعودة إلى غوش قطيف في غزة التي تم إخلاؤها في العام 2005، وهو يمثل تيارا هاما في الروح العسكرية العلمانية الإسرائيلية.
كما أن إرهاب المستوطنين الخلاصيين في الضفة الغربية، نشأ في السنوات التي كان فيها سموتريتش وبن غفير بعيدين جدا من مواقع التأثير في الحكم. وليس الخلاصيين أيضا هم الذين وعظوا بالتصعيد في لبنان والذين طلبوا التوقف لفترة قصيرة والبحث في تبعاته.
ومفهوم الضربة العسكرية بمعزل عن منطق سياسي هو جزء من DNA المفهوم الأمني الإسرائيلي، الذي بموجبه القدرة تقود إلى الفعل العسكري وليس المنطق السياسي. والتصعيد قاده الجيش بدون ضغوط من الكابنيت اليميني. كما أن الإعجاب بالقدرات التكنولوجية الكبيرة للجيش ينطوي على بُعد لاهوتي، لكن ليس خلاصيا. وهل رئيس المعارضة يائير لبيد ويائير غولان نائب رئيس هيئة الأركان السابق، ورئيس حزب الوطنيين اللذان تنافسا في معارضتهما لوقف إطلاق النار، هما خلاصيان أو من أنصار نتنياهو؟ كما أن المطالبين بالرد على إيران ليسوا خلاصيين.
هذه الحرب ليست خلاصية، كما أنها ليست مدفوعة بمصالح نتنياهو السياسية فقط. كما تدعي المعارضة ووسائل الإعلام الاسرائيلية، وأنه كمن يرضخ لإملاءات اليمين المتطرف الخلاصي في حكومته، وأنه يتجه إثر ضغوطهم ومن أجل الحفاظ على حكمه. وهي مغروسة عميقا في الثقافة السياسية الإسرائيلية العلمانية، رغم أنها أصبحت أكثر تطرفا في السابع من تشرين الاول/أكتوبر. وبيأسها، تقوم القبيلة البيضاء بطقوس تطهر كي تزيل عنها المسؤولية عن نتائج الحرب، الأخلاقية والإستراتيجية. لكن عليها محاسبة نفسها على الدماء التي سُفكت وتسفك.
مصطفى إبراهيم: شَكل العَلاقة السورية – الفِلسطينيّة .. التحدّيات في ضَوء المُستجدّات
مصطفى إبراهيم – مصدر الإخبارية
يَفتح إعلان فَصائل المُعارضة السورية إسقاط نظام آل الأَسَد بعد 54 عامًا من الحكم الديكتاتوري أملًا جديدًا للشعب السوري في مرحلة مهمّة في تاريخه انتظرها أكثر من خمسة عقود. وقد تَمرّ فترة انتقاليّة تتسم بعدم الاستقرار والتحديات والمخاطر وسيناريوهات عدّة حول طبيعة النظام السوري الجديد، وطبيعة علاقاته مع العالم، ومع الدول العربية، وتغيّر التحالفات والسياسات.
ما يَعنينا هنا هو طبيعة وشكل العلاقة بين نظام الحُكم السوري الناشئ والفلسطينيين الذين انقسموا خلال فترة حكم آل الأَسَد بين مؤيّد أشهر بندقيته دفاعًا عن النظام البائد، كما فعل تنظيم الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين – القيادة العامة، ومُعارض ضمّ في صفوفه كثيرًا من الفلسطينيين، حتى وإن لم يكونوا ضمن إطار تنظيمي معبّر عنهم، ناهيك عن كون العلاقات بين الفلسطينيين والنظام السوري اتسمت تاريخيًا بالاضطراب والعداوة فتراتٍ طويلة.
فالجانب الفلسطيني اتهم نظام الأَسَد بالتدخّل في الشؤون الفلسطينية وارتكاب مَجزرة تل الزعتر وتبنّي عدد من الفصائل تحت رعايته (القيادة العامّة والصاعقة وفي ما بعد “فتح الانتفاضة”) والتدخّل في القرار الفلسطيني واعتقال قيادات الشعب الفلسطيني، ومنهم الدكتور جورج حَبَش، والآلاف من الفلسطينيين، وظلّت العلاقات متوتّرة فتراتٍ طويلة.
وبعد تولي الرئيس محمود عباس السلطة الفلسطينية اتّسمت العلاقة بشبه استقرار معها خاصة خلال فَترة الثورة السورية، لكن وفي ظلّ الانقسام الفلسطيني التاريخي لَم يَستطع الفلسطينيون الوقوف على الحياد، وانقسموا فريقين: فريق منظمة التحرير الفلسطينية والسلطة الفلسطينية والفصائل الفلسطينية المعارضة للسلطة التي رَبَطتها علاقات جَبْهَة بالنظام السوري وانضمّ عدد منها إلى القتال مع النظام السوري خلال السنوات الماضية من الحرب الطاحنة التي دمرت سورية، في حين ضمّ الفريق الثاني أبناء المخيّمات الفلسطينية، خاصة مخيم اليرموك، الذين وَقَفوا مع الثورة السورية، فكان الثّمن الذي دفعوه أن أُجبر عشرات الآلاف منهم على الهجرة من سوريا، وتم حصار عاصمة الشتات الفلسطيني، وقضى أكثر من مئتين منهم جوعًا، فضلًا عن حملات الاعتقال والقتل والتشريد.
معروف أن السلطة الفلسطينية كانت قد اتّخذت سياسة الحياد في العلاقة مع نِظام الأَسَد انطلاقًا من القاعدة التي تتبعها منظمة التحرير والسلطة الفلسطينية بِعَدم التدخّل في شؤون الدول العربية، خاصة وتجربة العراق والكويت ماثلة أمام قيادتهما.
كان انهيار نظام الأَسَد السريع مفاجئًا ودراماتيكيًا، وعلى الرغم من أن التطوّرات كانت مُدهشة في نتائجها من جهة الانقلاب السّريع، فإن هناك حالةً تتمثّل في عدم استقرار الأوضاع، ويُمكن أن تؤدي إلى فترة طويلة من الفوضى، وهو أحد السيناريوهات المحتملة، مما قد يشكّل تحديًا إضافيًّا للفلسطينيين اللاجئين في سورية، وكذلك للفصائل الفلسطينية التي كانت مؤيّدة لنظام الأَسَد.
ورَغم الخوف من عَدم الاستقرار الأمني الذي قد يعقّد من أمر وجود الفصائل الفلسطينية ويهدد أماكن وجودها كون سورية تشكّل قاعدة إقامة لها، فقد يُسهّل عدم الاستقرار استهداف إسرائيل للفصائل أكثر من السابق. ومما يفاقم أزمة الفلسطينيين التَّذرّع بوجود الفصائل بين صفوف اللاجئين في سورية وارتباطها بعلاقات مع إيران، لكن من الصّواب فلسطينيًا فتح نقاش وطنيّ شامل وتعميق الحوار الداخلي، وإنهاء الانقسام انطلاقًا من المصالح الفلسطينية وانسجامًا مع طبيعة التغيّرات في المنطقة، وبلورة فهم جديد لطبيعة العلاقة والسلوك الذي يجب أن تكون عليه العلاقات مع القيادة السورية الجديدة، ومواجهة التحدّيات التي كانت قائمة، والعوامل ذات الصلة في الساحة السورية السياسية وغير السياسية، من أجل فَهْم أفضل حول إلى أين تذهب الأمور والتأثير على أوضاع الفلسطينيين في سوريا وحمايتهم، والشكل الذي يجب أن تكون عليه العلاقة بطريقة إيجابيّة في سياق مصلحة الفلسطينيين وقضيّتهم.
إغلاق الأونروا .. خطوة نحو تصفيه قضية اللاجئين الفلسطينيين وطمس حق العودة
في ظل الحرب المستمرة والحصار المفروض على قطاع غزة، يمثل قرار إسرائيل بوقف عمل وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) تهديدًا مباشرًا لقضية اللاجئين الفلسطينيين ولحقهم في العودة، كما نص عليه قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 194. الأونروا ليست مجرد مزود خدمات، بل هي شاهد دولي على قضية اللاجئين، ودورها الأساسي يشمل الدفاع عن حق العودة، التعويض، وإعادة التأهيل. وقف عملها يمثل محاولة واضحة لإلغاء هذا الدور وتحميل الفلسطينيين أعباء مضاعفة. إن إغلاق الأونروا لا يشكل تهديدًا فقط للخدمات الإنسانية، بل هو خطوة ضمن خطة أكبر تهدف إلى تصفية قضية اللاجئين الفلسطينيين وطمس حقهم في العودة.
إن تداعيات هذا القرار تتجلى بشكل خاص في القطاعات الحيوية مثل الصحة، والتعليم، والإغاثة. في قطاع الصحة، وفق تقرير الأونروا السنوي لعام 2023، قدمت الوكالة في قطاع غزة أكثر من 4.3 مليون استشارة طبية من خلال 22 مركزًا صحيًا. شملت هذه الخدمات تطعيم أكثر من 120,000 طفل، ورعاية صحية للأمهات بما في ذلك متابعة الحمل والصحة الإنجابية. ومع تصاعد الحرب، تشير تقارير منظمة الصحة العالمية (WHO) إلى انهيار 60% من المرافق الصحية في غزة بسبب القصف، مما يجعل خدمات الأونروا الصحية الملاذ الوحيد لآلاف النساء والأطفال. النساء الحوامل على وجه الخصوص أصبحن يواجهن خطر الولادة دون رعاية طبية، مما يزيد من معدلات الوفيات بين الأمهات والمواليد.
أما في مجال التعليم، تدير الأونروا 278 مدرسة في غزة تقدم التعليم لأكثر من 300,000 طالب. الحرب الجارية أدت إلى تحويل معظم هذه المدارس إلى ملاجئ للنازحين، مما يعني حرمان الأطفال من حقهم الأساسي في التعليم. تقرير صادر عن منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسف) يشير إلى أن أكثر من 53% من سكان غزة هم أطفال دون سن 18 عامًا، ما يجعلهم الفئة الأكثر تضررًا من انقطاع التعليم. بالإضافة إلى ذلك، توقفت برامج الدعم النفسي والاجتماعي التي تقدمها الأونروا، والتي كانت أساسية للأطفال للتعامل مع الصدمات الناجمة عن الحرب.
من ناحية أخرى، وفيما يتعلق بالإغاثة، وفق تقرير الأونروا عن الوضع الطارئ لعام 2023، يعتمد حوالي 80% من سكان غزة على المساعدات الغذائية التي تقدمها الوكالة. هذه المساعدات تشمل توزيع الطرود الغذائية والمساعدات النقدية للعائلات الأكثر ضعفًا، بما في ذلك الأرامل وذوات الاحتياجات الخاصة. الحرب أدت إلى نقص حاد في الإمدادات الغذائية، مما يجعل وقف برامج الأونروا كارثة إنسانية. تقرير برنامج الأغذية العالمي (WFP) لعام 2024 يشير إلى أن انعدام الأمن الغذائي ارتفع إلى 68% بين سكان القطاع، مما يهدد حياة مئات الآلاف.
إغلاق الأونروا لا يمثل تهديدًا فقط للخدمات الإنسانية، بل يعزز أيضًا من محاولة إسرائيل لطمس حق العودة للاجئين الفلسطينيين. قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 194، الذي يضمن للفلسطينيين الحق في العودة إلى ديارهم، يعد جزءًا أساسيًا من قضية اللاجئين الفلسطينيين. إيقاف الأونروا، التي هي الجهة الرئيسية التي تقدم الدعم للاجئين، هو بمثابة خطوة لتقليص هذا الحق التاريخي، ومحاولة لتصفية القضية الفلسطينية من خلال الضغط على الفلسطينيين وطمس مطالبهم العادلة. هذه الخطوة لا تهدد فقط بقاء الأونروا، بل تهدد أيضًا الذاكرة الجماعية للشعب الفلسطيني وحقه في العودة إلى وطن.
في هذا السياق، يتعين على الفلسطينيين في الداخل والخارج تعزيز جهودهم لمواجهة هذا القرار عبر تحركات قانونية وسياسية. على القيادة الفلسطينية أن تضغط على المجتمع الدولي، باستخدام المحكمة الدولية أو المجلس الدولي لحقوق الإنسان، لتقديم دعاوى ضد إسرائيل بسبب انتهاكها لحقوق اللاجئين. يجب أن تشمل الاستجابة الفلسطينية تعزيز التحركات الدبلوماسية في الأمم المتحدة ومطالبة المجتمع الدولي باتخاذ إجراءات حاسمة ضد إسرائيل للحفاظ على حق العودة وحقوق اللاجئين.
من جانب الدول العربية، يتطلب الموقف العربي أن تتحمل كل دولة مسؤولياتها في الدفاع عن حقوق اللاجئين الفلسطينيين. يجب على الدول العربية التي تتمتع بعلاقات دبلوماسية مع إسرائيل أن تستخدم هذه القنوات للضغط على الحكومة الإسرائيلية من أجل التراجع عن هذا القرار. في الوقت نفسه، يمكن للجامعة العربية أن تشارك في إصدار بيانات سياسية تدعو إلى موقف موحد من الدول العربية لدعم استمرار عمل الأونروا. من جانب آخر، على الدول العربية أن تقوم بتوفير تمويل بديل للأونروا، خاصة في ظل تزايد احتياجات اللاجئين الفلسطينيين في المناطق المختلفة. قد يتطلب هذا التوسع في حملات التبرع والتعاون مع المنظمات الإنسانية الدولية والمحلية لمواجهة الأزمات المتفاقمة.
المجتمع الدولي يتحمل مسؤولية كبيرة في الحفاظ على عمل الأونروا وضمان استمراريتها. يجب على الدول المانحة، وعلى رأسها الاتحاد الأوروبي والنرويج وكندا، مضاعفة مساهماتها المالية لتغطية الفجوات الناتجة عن وقف العمل بالأونروا. كما أن الموقف الدولي يتطلب الضغط على إسرائيل عبر قنوات الأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية الدولية لوقف هذه الخطوة التي تهدد الأمن الإنساني في غزة. الدول التي تدعم حق العودة يجب أن تواصل دعم الأونروا والضغط على إسرائيل للامتثال للقرارات الدولية التي تدين هذا الإجراء.
من جهة أخرى، يمكن للمجتمع الدولي استخدام محكمة العدل الدولية للحصول على رأي قانوني يؤكد ضرورة استمرار الأونروا كجزء من التزامات إسرائيل تجاه حقوق اللاجئين الفلسطينيين. كما يجب على الأمم المتحدة العمل على إيجاد آلية جديدة لضمان استمرار الخدمات الإنسانية، سواء من خلال الأونروا أو عبر قنوات أخرى.
مؤسسات المجتمع المدني على المستوى المحلي والدولي تلعب دورًا حيويًا في هذه الأزمة. يمكن لهذه المؤسسات أن تنظم حملات إعلامية لضغط الرأي العام العالمي ضد القرار الإسرائيلي. من خلال هذه الحملات، يمكن تسليط الضوء على الأثر الكارثي لوقف عمل الأونروا على اللاجئين الفلسطينيين، خاصة النساء والأطفال الذين يعتمدون على خدماتها الصحية والتعليمية والغذائية. كما أن مؤسسات المجتمع المدني يمكنها تنظيم تظاهرات في مختلف أنحاء العالم لدعم الأونروا وحق العودة، وتوجيه دعوات إلى الحكومات والمنظمات الدولية للتحرك بشكل عاجل. في هذا الإطار، يجب أن تتعاون هذه المؤسسات مع الهيئات الحقوقية الدولية لمراقبة تنفيذ هذا القرار من قبل إسرائيل وتوثيق انتهاكات حقوق اللاجئين.
يجب أن يتوسع دور مؤسسات المجتمع المدني ليشمل التفاعل مع الشباب والنساء، من خلال تنظيم ورش عمل تدريبية تهدف إلى توعية اللاجئين بأهمية دور الأونروا وكيف يؤثر وقف عملها عليهم. كما يجب رفع مستوى الوعي حول حقوق اللاجئين، خاصة في ظل الوضع الراهن الذي يعزز من ضرورة الحفاظ على وجود الأونروا كحامية للحقوق الفلسطينية في العودة والتعويض.
إغلاق الأونروا يعني إغلاق نافذة أمل رئيسية لملايين اللاجئين الفلسطينيين في غزة، وهو ما يستدعي تحركًا جماعيًا من كافة الأطراف المعنية لضمان استمرارية عمل الوكالة وتوفير الدعم الضروري للاجئين الفلسطينيين. إن هذه الأزمة تضع العالم أمام مسؤولية كبيرة للحفاظ على الحقوق الإنسانية الأساسية للاجئين الفلسطينيين، وخاصة حق العودة الذي لا يمكن التنازل عنه.
حسن الأستاذ يكتب: القوانين الدولية ومعاهدات حقوق الإنسان تتهاوى في غزة
بعد أكثر من عام على اندلاع الحرب في 7 أكتوبر 2023، يعيش الشعب الفلسطيني في غزة واقعًا مأساويًا يتنافى مع أبسط القوانين الدولية التي تنص على حماية حقوق الإنسان، خاصة في أوقات النزاعات المسلحة، فالحصار الخانق، الدمار الواسع، ونقص الغذاء والماء والدواء جعلوا سكان القطاع يعيشون تحت ظروف قاسية تسلبهم حتى أدنى مقومات الحياة؛ هذه الأوضاع تُظهر انهيارًا كاملًا لاحتياجات الإنسان الأساسية وفق هرم ماسلو، حيث باتت الحاجات الفسيولوجية مثل الغذاء والماء والأمن النفسي والاجتماعي شبه مستحيلة المنال.
أما الأمم المتحدة التي يُفترض أنها الحارس العالمي لحقوق الإنسان، تمتلك العديد من المعاهدات التي تنص على حماية المدنيين أثناء النزاعات، مثل اتفاقيات جنيف، والإعلان العالمي لحقوق الإنسان، وقرارات الجمعية العامة للأمم المتحدة، ولكن هذه النصوص بقيت عاجزة عن وقف الجرائم اليومية التي تُرتكب بحق الفلسطينيين في غزة، فجميع الانتهاكات المستمرة، كاستهداف المدنيين، ومنع الإمدادات الإنسانية، والاستخدام المفرط للقوة العسكرية، تبرز فشل النظام الدولي في حماية الشعب الفلسطيني.
يمكننا القول إن غزة اليوم ليست مجرد أزمة إنسانية، بل أصبحت مقبرة للقوانين والمعاهدات الدولية التي وُجدت لتكفل حقوق الإنسان وتضمن كرامته تبدو كأنها فقدت قوتها داخل أسوار القطاع المحاصر؛ هنا تُدفن مبادئ العدالة والحرية والمساواة يوميًا مع ضحايا الانتهاكات المستمرة، وتُنسى التعهدات الدولية أمام مشهد القصف والتجويع المستمر، حرب غزة كشفت ازدواجية المعايير الدولية وأظهرت أن تلك القوانين لم تعد سوى شعارات جوفاء تُستخدم حينما تخدم مصالح معينة، بينما تُترك غزة وأهلها يواجهون مصيرهم وحدهم.
إن استمرار هذه الأوضاع دون رادع يُظهر أن المعاهدات الدولية ليست سوى حبر على ورق إذا لم تُطبق فعليًا، وان أزمة غزة ليست فقط اختبارًا للنظام الدولي، بل هي وصمة عار في تاريخ الإنسانية والصمت العالمي أمام معاناة أكثر من مليوني إنسان محاصر يُظهر عجزًا أخلاقيًا وقانونيًا، ويستدعي تحركًا عاجلًا لوضع حد لهذه الانتهاكات وضمان حياة كريمة للشعب الفلسطيني، بما يتوافق مع أبسط معايير العدالة والإنسانية.
خطه إسرائيل لمستقبل قطاع غزة: بين إعادة الاعمار ونزع المقاومة
هنالك سؤولين مهمين بعد مرور عام على حرب غزة ، وبعد اغتيال معظم قاده حركه حماس في قطاع غزة ، وطبعاً تدمير معظم القطاع ، وتدميره ، الأول كيف يخطط نتنياهو لمستقبل القطاع ، الثاني ماذا تبقى من حماس والسؤولين مرتبطين ببعض أما فيما يتعلق بمستقبل القطاع هنالك تصورات رئيسيان الأول متشائم جداً ويتصوره مقاديشو جديده على البحر المتوسط (مقاديشو عاصمه الصومال المنكوبة منذ عقود ) ، فوضى ، فقر، عنف، انفلات ، والتصور الثاني حالم جداً يتصور غزة تكون دبى أو سنغافورة جديده أي أن يكون مركز تجارى مزهر في شرق أوسط جديد نقوده إسرائيل بدعم أمريكي طبعاً ، قال ترامب في الأسابيع الماضية “غزة قد تكون أفضل من ما تكون بعد إعادة إعمارها ، ولكن الحديث عن مستقبل غزة مساله ليست بسيطة لا سبابين :أولها ، تكلفه الإعمار الهائلة جداً في عالم مفلس “في 2مايو صدر تقرير عن الأمم المتحدة يقدر أن أكثر من 70% من مباني القطاع ، قد دمرت وإن إعادة البناء سوف تتكلف ما بين 40إلى 50مليار دولار ، وبعدها بعدده شهور في أغطس صدر تقرير أخر يقدر 80مليار دولار ، وطبعاً كلما طالت الحرب زادت التكلفة .الأمر الثاني والأهم مستقبل القطاع مرتبط بمستقبل الشرق الأوسط ، إسرائيل تربط حتى الأن مستقبل القطاع بمستقبل الشرق الأوسط كله وليس بمستقبل القضية الفلسطينية وحدها أي أن مستقبل القطاع يتوقف على نتيجة الصراع بين أمريكا وإسرائيل من ناحيه وإيران وحلفائها من ناحيه أخرى ، ملحوظه” مهم جداً إسرائيل تستدرجنا للحديث من غزة كيان مستقبل جدا لا علاقه له بباقي فلسطين المحتلة ”
في تقرير “مسرب عن مكتب نتنياهو ” صدر في مايو 2024 يكشف تصور نتنياهو لمستقبل غزة ، هذا التصور هو عبارة عن خطه أطلق عليها اسم “غزة 2023” من الأزمات الى الرخاء ، الخطة وصفت غزة بأنها في وضعها الحالي أي قبل الحرب وبعد الحرب ليست الا موقع استيطاني لإيران يعرقل سلاسل الإمداد أي يخرب التدفق السلاسل للتجارة الدولية ، ويحبط أي أمال للشعب الفلسطيني ، وغزة وفق الخطة يجب أن تعود الى سابق عهدها عندما كانت مركزاَ دولياً يربط الشرق والغرب ، حسب تلك الوثائق المسربة التي نشرتها جريدة الجرو سالم بوست وصحف أخرى إسرائيلية وغير إسرائيلية فإن هنالك ثلاث مراحل لا عاده تأهيل غزة.
مستقبل مزدهر اقتصاديا ينعم به أهل غزة لحكم ذاتي تحت سلطه مطبعه مع إسرائيل ويدعمها ويشرف عليها دول عربيه مرتبطة باتفاقيات سلام مع دوله الاحتلال ، المرحلة الأولى وفق هذه الخطة لأعاده تأهيل غزة (1) المساعدات الإنسانية : هذه المرحلة التي تستمر بعد وقف الحرب التي لانعرف متى لمده عام ، وخلال هذا العام سوف تنشأ إسرائيل مناطق أمنه خاليه من عناصر حماس ، بدا من الشمال ثم تتجه ببطيء نحو الجنوب، سيدير هذه المناطق الأمنه فلسطينيون غزيرون وهم من سيقيمون بتوزيع المساعدات الإنسانية ولكن تحت إشراف تحالف من دول عربية وعادة ما يشار الى الدول الموقعة أو الفاعلة أو ترغب في التطبيق مع إسرائيل مثل “الإمارات ، مصر ، البحرين ، الأردن ، المغرب ، والبعض يتحدث عن السعودية وفقاً لهذه التسريبات.
المرحلة الثانية: تبدأ المرحلة من خمس الى عشر سنوات من الأن على افتراض انتهاء هذه الحرب قريباً ، وفق هذه المرحلة سوف يقوم التحالف العربي المشار إليه سابقاً ، في إنشاء هيئه متعددة الأطراف تسمى هيئه إعادة إعمار غزة للإشراف على جهود إعادة الإعمار والإشراف على شؤونه المالية ، ومرة أخرى فلسطينيون هم من سيدرون هذه الهيئة والمناطق الأمنه تحت الإشراف الدول العربية ، أشارنا اليها وتحت سمع وبصر إسرائيل التي ستحفظ لأنفسها بمسؤوليه حفظ الأمن لأى تهديد محتمل من الجامعات التي تسميها متطرفة ” أي الإسلامية والمقاومة ” سيتم لك بالتوازي مع خطتين مهمين جداً للقطاع .
الخطة الأولى تسمى خطه مارشال لغزة ، ومعها فتح أبواب واسعه للمساعدات الإنسانية على غرار خطه مارشال الشهيرة بعد الحرب العالمية الثانية عام 1948 ، ( أمريكا باقتراح من وزير خارجيتها جورج مارشال اقترح ان تقوم الولايات المتحدة بمساعده أوروبا الغربية ب13مليار دولار وقتها لمساعدتها في إعادة الإعمار ومنذ ذلك الوقت ، أصبحت أي عمليه مساعدات خارجيه لإعادة اعمار بلد ما يسمى خطه مارشال ” مع ملاحظه عدم وجود تفاصيل عن ممولين ولكن كثيراً مات يتحدث الاعلام الغربي عن دول الخليج والاتحاد الأوربي باعتبارها أه مصدرين .
الخطة الثانية: برنامج مكافحه التطرف ومفهوم التطرف ، هو مكافحه أي أفكار تتعلق بمقاومه الاحتلال الإسرائيلي ، ذلك وفق ما أوضحه نتنياهو ، علناً من خلال ترسيبات في عده مرات ومناسبات منها مقال كتبه هو في وول ستريت جورنال ، وقاله في عده مناسبات أخرى أوضحها في حوار معه في أغطس الماضي ، قال أن هذه المرحلة تتضمن أمرين أساسيين ، لمقصود مرحله إعادة الاعمار (1) نزع سلاح المقاومة (2) إزاله التطرف وعرف نزع السلاح يعنى تدمير حماس وبالتأكيد على عدم قدرتها على تنظيم صفوفها ، هذا يتطلب قل كل شيء منع تهريب السلاح من سيناء على غزة ، لهذا السبب أصر السيطرة على محور فيلاديلفيا بين سيناء وغزة ، وقال ربما يدعم هذه الخطوات شركائنا الاقليميون “أي الدول العربية ” محرر مجله تايم طلب منه مزيد من التفاصيل فيما يتعلق بمكافحه التطرف ، قال المقصود تغير ما يتم تدريسه في المدارس والمساجد وقطاع غزة في كل الأراضي المحتلة وهذا ليس جديده إنما ما فعتله الولايات المتحدة بعد الحرب العالمية الثانية في المانيتا ، واليابان .
(هنا أرى المقارنة غر يبة جدا لان الولايات المتحدة لم تكن قوة احتلال استيطاني يسعى الى انتزاع الأرض من الالمان واليابانيين وهجر سكانه)
المرحلة الثالثة: إعادة تأهيل غزة تسمى مرحله الحكم الذاتي ، في هذه المرحلة سوف يتم نقل السلطة ببطء اما الى حكومة محليه في غزة فقط ، أو حكومة فلسطينية موحده تحكم غزة والضفة الغربية ولكن هذه الخطوة مرهونة بنجاح برنامج مكافحه التطرف ومزع السلاح ، والخطوة الأخيرة هو قيام الفلسطيني بإدارة غزة بشكل كامل ومستقل بعد اتفاق تطبيع مع إسرائيل وطبعاً تحتفظ إسرائيل بكل هذه المراحل بحقها في التدخل فيما تصفه بالتهديدات الأمنية والإرهابية (أي تحرك من جانب المقاومة ) الإسرائيليون يرون أن هذه الخطة تحمل منافع للجميع فدول الخليج مثلاً ، المشاركة ستكافئ بأمرين اتفاقيات دافعيه مع الولايات المتحدة ، والاستفادة من ميناء غزة على البحر المتوسط نعم لان كل خطط إعادة تأهيل غزة مبنية على تشيد ميناء عالمي يتم ربطه بدول الخليج، من خلال مشاريع سكه حديد وأنابين نفط وغاز ،،، الخ لحظ الوصف هنا كل أوجه التشابه ما بين غزة ودبى ، سنغافورة ، وغزة كلها مدن مزدهرة على أساس لميناء وغزة باعتبارها مدنيه ساحليه تضل على البحر المتوسط تدعو من يفكر بمستقبل غزة ان يشببها بهذه الدول الثلاثة .
اما بالنسبة الى سكان القطاع بعد الانتهاء من سيطرة حماس ستكون الاستثمارات وفرص العمل الهائلة فضلا عن مسار محتمل لإعادة الاعمار ، توحيد غزة والضفة تحت حكم ذاتي يعنى ذلك وفق ما يقول نتنياهو أن مستقبل الفلسطينيين أن يعيشون في كيان أقل من دوله وأكثر من حكم ذاتي أي أن يكون لكل الفلسطينيين حكم ذاتي ولكن لا يكون لديهم وحده لتهديدنا نحن الإسرائيليين ، وهذا يعنى أن المسؤولية الأمنية الشاملة سوف تترك بإيدى إسرائيل ، وهذا يعنى انتقاص من سيادة الفلسطينيين ، هذا الترتيب الوحيد الذى بوسعنا أن نتوصل اليه عندما غادرنا نحن الإسرائيليين في الماضي لبنان وغزة حكمهما وكلاء ايران حماس وحزب الله ، ولن نكرر هذا الخطأ مرة أخرى ، في حال تحققت هذه الخطة ستتخلص إسرائيل من حماس والمطالبة الداخلية والخارجية دوله فلسطين ، التطبيع مع دول الخليج ، “أكثر السياسيين اعتدالا في إسرائيل يأملون في أن تحظى إسرائيل بالأمن والتطبيع مع الدول العربية والإسلامية في مقابل حكم ذاتي للفلسطينيين على أجزاء غير متصلة من أراضيهم لا يتمتع بالسيادة ، وفق هذه الخطة يكون موقف مصر مهم جداً ليس حباً بمصر إنما طمع في أراضي سيناء حيث تدعو الخطة الى إنشاء منطقه تجاره حره ضخمه على كامل قطاع غزة ومدنيه سيديروت في 48 ومدنيه العريش المصرية ، في هذه المنطقة الخطة تأمل بناء حقول بطاقه شمسه كبيرة ، ومحطات مياه ضخمه للمساعدة في تعويض الجفاف النتاج عن المناخ ولكن الأهم أن هذه المنطقة ، تصبح منطقه لتصنيع المتطور ، وخاصه السيارات الكهربائية أملاً في أن تصبح هذه المنطقة بديل للتصنيع الصيني الرخيص ، لكن السؤال الأهم في ذلك من أين سيتم تمويل هذه الخطة الطموحة ، الصحفي الإسرائيلي المعروف بنى شاي قال سوف يتم تمويل خطة إعادة الاعمار بداية بعشرات المليات من الامارات ثم طبعا بقيه دول الخليج الأخرى التي ترغب بالاستفادة من غزة الجديدة والتسريبات تشير الى مصدر أخر لتمويل وهو حقوق الغاز المكثفة حديثاً في القطاع .
في ذلك عده نقاط نبدأ من الأقل أهمية الى أكثر أهمية:
إعادة إعمار غزة ليست اهتمام السياسيين فقط ولا الإسرائيليين فقط، هنالك شركات ومستثمرين وبنوك يتحدثون عن مقترحات لإعادة الاعمار منذ الأيام الأولى لاندلاع الحرب، مثلاً في نيروك تايمز كشفت في 28إبرايل الماضي عن اجتماع لمجموعه من المؤسسات ورجال الاعمال في لندن، بهدف مناقشه تصورات مختلفة لإعادة اعمار غزة، والاجتماع ضم أكثر من 20 مسؤول مختلف من وكلات التنمية الأمريكية والأوربية والشرق الأوسط، وشركات الاستشارات الدولية، ورؤساء مؤسسات أخرى.
إن خطه غزة 2035 الت ذكرنها مثل كثر من الخطط الأخرى اسابقه ، منها ما عرف بصفقة القرن فترة ترامب الأولى والتي يمكن أن يحاول أن يحيها في الثانية ، في جوهرها رشوه اقتصادية مقابل التخلي عن الدولة الفلسطينية “بمعنى نسى المطالبة بدوله فلسطين وسوف نجعل حياتكم رغداً” ، وهى مجرد خطه من خطط كثير، حنى تبقى الصورة واضحة الإسرائيليون يرفضون الحلين الوحدين الممكنان للقطيه الفلسطينية، حل الدولة الواحدة، حل الدولتين”، في ظل هذا الرفض يقترحون تصورات أخرى لكنها عبارة عن أشكال أخرى لتسويق فكرة قبول العالم لتجاوز القضية الفلسطينية، تتنوع هذه التصورات من أقصى اليمن المتطرف الذى يدعو الى طرد الفلسطينيين وإعادة استيطان أراضيهم، الى تصورات أخرى أكثرها تسامحاُ وهو من يعرض على الفلسطينيين حكماً ذاتياً على أجزاء من أراضيهم ، بالمناسبة هنالك من اقترح مؤخراً ” ما يسمى بحل الثلاث دول والذى يعنى دوله في إسرائيل ، دوله على جزء من الضفة الغربية بعد أن تضم إسرائيل جزء منها ، ودولة في غزة تماماً مثل ما حدث مع الهند التي قسمت في عام 47 الى دولتين الهند وباكستان ثم قسمت باكستان الى باكستان وبنجلادش في أول السبعينات ، أحد أصحاب هذا المقترح يقول في هآرتس أن صغر حجم غزة التي ستكون دوله مدنيه لن ينتقص من فرصها بالازدهار لان سنغافورا صغيرة جداً ، لكنها من أغنى دول العالم ، ويطيف أن تحقيق هذه الرؤية يتطلب إعادة إعمار شامله في غزة ، ولكن هذا الاعمار سيتم في أحسن صورة إذا تم نقل الفلسطينيين إلى مكان أخر في العالم حتى ينتهى الاعمار.
مستقبل القطاع وفق لخطه غزة 2035ان تحققت مرتبطة دائما خطه أكبر وأكثر طموحاُ، دائما على أساس اندماج إسرائيل وتعاونها مع دول المنطقة بعد تطبيع العلاقات معها، الخطة تتكامل مع طموحات دول الخليج الاقتصادية لان غزة سوف تستخدم كميناء صناعي مهم على البحر المتوسط لتصدر واستيراد احتياجات دول الخليج، الإسرائيليون بالمناسبة دائماً تسرب أخبار عن تفهم ودعم عربي لا كثير من مخطا تهمتهم
وجود هذه الخطة من جانب نتنياهو لا يعنى بالضرورة أنه جاد في تنفيذها بل على الاغلب هو غير جاد في تنفيذها ولكن وجود مثل هذه الخطة يكشف عن ما أقصى أن يتخيله الإسرائيليون أن يعطوه للفلسطينيين ، إن اطروا الى أعضاء أي شيء ، لاحظ ان خطه 2035 لا تشير بالقريب او البعيد الى دوله فلسطين ،إنما الى حكم ذاتي ، على الأرض يقوم نتنياهو بتهجير الغزيرون في شمال القطاع تمهيد الى تموضعه بالكامل وإجبار السكان على إخلاء هذا لجزء من غزة والنزوح جنوباً أي جنوب محور نتساريم ، الذى توسعت فيه إسرائيل بشكل مخيف بغفله من العالم ، هذا الممر أصبح مساحته وفق للأعلام الإسرائيلي 56 كيلو متر مربع ، طبعاً ما يعنى هدم مئات المنازل والمباني الفلسطينية ، وعلى هذا الممر المخيف بنى جيش الاحتلال مرافق احتجاز وغرف تحقيق دائم للقوات الإسرائيلية ، ونقطه تفتيش ساحليه بالقرب من البحر المتوسط ، هدفها الأساسي ان يقوم الجيش الإسرائيلي بتهجير سكان الشمال الى الجنوب عبر هذا الممر ، وهنا نذكر أن نتنياهو وضع شرط الاستمرار البقاء في نيتساريم كشرط لوقف إطلاق النار وبرر هذت الموقف بمنع المسلحين التنقل من الشمال الى الجنوب ، اعلن جيش الاحتلال في الأسبوع الأول من نوفمبر أنه اقترب من الاخلاء الكامل لشمال غزة وقال انه لن يسمح للسكان بالعودة الى ديارهم وهنا يعبر اول مرة يكون بها هذا التصريح الواضح بعدم عوده السكان أي عمليه تهجير دائمه ، مما يعنى انه يسعى على ارض الواقع الى اقتطاع الشمال وإعادة استيطانه وحمايه هذه المستوطنات بمنطقه عازله ، حشر السكان في المنطقة العازلة واقتطاع الشريط الحدودي بطول 22 كيلومتر مربع ، بهدف تسكين مواقع عسكريه ، جنوباً في احتلال محور فيلادلفيا ، مع الوقت بسبب الجوع والأمراض والحصار سوف يجبر الفلسطينيين على الفرار الى دوله مستعده لقبولهم ، طبعاً إنهاء عمل وكاله الغوث للاجئين الأونروا جزء من هذا المخطط ، هذا هو الهدف الواضح للإسرائيليين الان وهذه الخطة التي سميت سابقاً بخطه الجنرالات.
طبعا ذلك يجرى بالتوازي مع خطط أخرى أكثر طموحاً لضم الضفة الغربية الى إسرائيل.
وصول ترامب الى السلطة سوف يعزز على الأرجح الخطط الإسرائيلية، واختياره لفريقه حتى الان لا يبشر بخير للفلسطينيين
فيما يتعلق بمستقبل الأراضي المحتلة الضفة والقدس وغزة بالنسبة للإسرائيليين هنالك تفاصيل وهنالك ثوابت، بالنسبة الى الثوابت ألا تقوم دوله فلسطينيته أبداً وهذا محل إجماع بين اليمين واليسار في إسرائيل، وقد سوط الكنيست رسميا ضد قيام دوله فلسطين في أيلول الماضي، يمكن الموافقة على قيام كيان كرتوني نسميه دولة، ولكن حتى هذا صعب الان.
السعي الدائم لترحيل الفلسطينيين وتهجيرهم من غزة والضفة والقدس وحتى 48 ولان هذا الهدف صعب جداً فإن السعي قائم والنجاح لتحقيقه متروك للفلسطينيين والظروف، خلاف ذلك يتم صياغتها في شكل خطط مرحليه مختلفة قد تتحقق وقد تفشل حسب المرحلة.
في ظل هذه الظروف فإن الحديث عن قطاع مزدهر مستقر للقطاع يبدو أباطيل ما دام هنالك احتلال، سوف يكون هنالك مقاومون بوجود مقاومه والاحتلال فان السيناريو الأقرب الى مستقبل غزة أن يكون مقاديشو وليس سنغافورة، وطبعا النجاح أو الفشل في تحقيق الثوابت او التفاصيل مرهون بعده اعتبارات منها وضع المقاومة الفلسطينية، كل التصورات الأمريكية والإسرائيلية لمستقبل مزدهر للقطاع ومن وجهه نظر إسرائيل وامريكا مبنى على أساس ان المقاومة هزمت وانتهت فهل المقاومة انتهت فعلاُ.
أمريكا اللاتينية والقضية الفلسطينية … شادية الغول
مقدمة
لا يُعبر مصطلح “أمريكا اللاتينية” عن مفهوم جغرافي بحت، بل يحمل دلالات ثقافية واجتماعية ترتبط بمجموعة من الدول الواقعة في أمريكا الجنوبية والوسطى، بالإضافة إلى المكسيك ودول الكاريبي. هذه الدول تشترك في سمات بارزة كالتحدث باللغة الإسبانية، وامتلاكها إرثًا ثقافيًا ودينيًا مسيحيًا، إضافة إلى ماضٍ استعماري مشترك امتد لقرون تحت سيطرة الإمبراطوريات الإسبانية والفرنسية، ومن بعدها النفوذ الأمريكي. هذه الهوية الجماعية شكّلت مواقف العديد من هذه الدول تجاه القضايا العالمية، ومنها القضية الفلسطينية، حيث أظهرت دول أمريكا اللاتينية تضامنًا ملحوظًا مع الشعب الفلسطيني ودعمه على مختلف الأصعدة.
مواقف أمريكا اللاتينية تجاه القضية الفلسطينية
تحظى القضية الفلسطينية بدعمٍ قوي من دول أمريكا اللاتينية، إذ أظهرت هذه الدول مواقف بارزة في دعم حقوق الفلسطينيين. فعلى سبيل المثال، صوتت هذه الدول العام الماضي لصالح قرارات الجمعية العامة للأمم المتحدة الداعية لوقف الحرب على غزة، وأبدت بعض الدول مثل البرازيل وكولومبيا دعمها لجنوب إفريقيا في تقديم طلب لمحكمة العدل الدولية للتحقيق بجرائم إبادة جماعية ضد إسرائيل. بالإضافة إلى ذلك، طلبت المكسيك وتشيلي من المحكمة الجنائية الدولية التحقيق في جرائم حرب محتملة ضد الفلسطينيين. وفي أكتوبر الماضي، قطعت بوليفيا علاقاتها تمامًا مع إسرائيل، وسحبت تشيلي وكولومبيا وهندوراس والبرازيل سفراءها من تل أبيب، احتجاجًا على سياسات إسرائيل تجاه الفلسطينيين.
أسباب دعم أمريكا اللاتينية للقضية الفلسطينية
هناك عدة عوامل تفسر دعم دول أمريكا اللاتينية للقضية الفلسطينية:
- الوجود الكبير للجاليات الفلسطينية والعربية: لعبت الهجرة العربية، وخاصة الفلسطينية، إلى دول أمريكا اللاتينية دورًا كبيرًا في تشكيل مواقف هذه الدول تجاه القضية الفلسطينية. فقد استقر آلاف المهاجرين العرب في المنطقة منذ مطلع القرن العشرين، وشكلوا قوة مؤثرة في مجتمعاتهم الجديدة. على سبيل المثال، تعتبر تشيلي موطنًا لأكبر جالية فلسطينية في الخارج بعدد يتراوح بين 300 إلى 500 ألف شخص، ما جعلها من أبرز الدول الداعمة لفلسطين في أمريكا اللاتينية. وقد أسهمت هذه الجاليات في تعزيز العلاقات بين بلدانهم الأصلية وأمريكا اللاتينية، حيث يظهر التضامن الفلسطيني في تشيلي من خلال مؤسسات رياضية وثقافية، مثل نادي “فلسطين” الرياضي، الذي يعبر عن ارتباطه بالجذور الفلسطينية بارتداء العلم الفلسطيني في بعض المناسبات.
- التجارب المريرة مع الاستعمار: عانت دول أمريكا اللاتينية طويلاً من الاستعمار والقهر تحت سيطرة الإمبراطوريات الأوروبية مثل إسبانيا والبرتغال، بالإضافة إلى النفوذ الأمريكي في مراحل لاحقة. هذه التجربة التاريخية المشتركة رسخت تعاطف شعوب وحكومات أمريكا اللاتينية مع الشعوب التي تعاني من الاحتلال، ومن بينها الشعب الفلسطيني.
- مواقف معادية للدكتاتوريات المدعومة من الولايات المتحدة: دعمت الولايات المتحدة أنظمة دكتاتورية في أمريكا اللاتينية خلال القرن العشرين، وقدمت الدعم لحكومات قمعية كانت على علاقات وثيقة مع إسرائيل. بناءً على ذلك، اتخذت العديد من حكومات أمريكا اللاتينية موقفًا ناقدًا من التحالف الأمريكي الإسرائيلي، إذ لا ترغب في أن يُنظر إليها على أنها مؤيدة لسياسات الولايات المتحدة أو متحالفة معها في دعمها المطلق لإسرائيل.
- تأثير الحركات اليسارية: تمتلك العديد من دول أمريكا اللاتينية حركات يسارية قوية، وهذه الأحزاب تميل إلى مناصرة الشعوب المضطهدة ودعم القضايا العادلة. لذا نجد أن الحكومات ذات التوجه اليساري تميل إلى مساندة فلسطين، بينما تتخذ الحكومات اليمينية مواقف داعمة لإسرائيل. فعلى سبيل المثال، اتخذ الرئيس البرازيلي اليساري لويس إيناسيو لولا دا سيلفا موقفًا قويًا ضد إسرائيل، في حين كانت العلاقات البرازيلية الإسرائيلية مزدهرة تحت حكم الرئيس اليميني السابق جايير بولسونارو، الذي دعم إسرائيل علنًا وارتدت زوجته علم إسرائيل في إحدى المناسبات.
نماذج دولية في الموقف من إسرائيل
تعتبر أمريكا اللاتينية واحدة من المناطق التي تتخذ مواقف داعمة لفلسطين على مستوى العالم. ولتوضيح هذا الأمر، يمكن النظر إلى موقف الاتحاد الأوروبي، حيث أصدرت 26 دولة من أصل 27 في الاتحاد الأوروبي بيانًا مشتركًا يدين الهجوم الإسرائيلي على رفح بسبب تأثيره الكارثي على الفلسطينيين، وكانت الدولة الوحيدة التي رفضت المشاركة في هذا البيان هي المجر تحت قيادة حكومتها اليمينية برئاسة فيكتور أوربان، المعروف بعلاقته الوثيقة مع إسرائيل.
من جانب آخر، قرر الاتحاد الإفريقي في فبراير الماضي سحب صفة العضو المراقب لإسرائيل، بعد جهود دبلوماسية إسرائيلية استمرت لسنوات، مما يعكس تأثير الحركات المناهضة للسياسات الإسرائيلية على المستوى الدولي.
إن دعم دول أمريكا اللاتينية للقضية الفلسطينية نابع من تاريخ مشترك وتجارب مشابهة تتعلق بالنضال ضد الاستعمار والاستبداد. هذا الدعم لم يكن نتيجة عوامل سياسية بحتة، بل هو متجذر في هوية وثقافة شعوب هذه الدول التي ترى في القضية الفلسطينية امتدادًا لنضالاتها السابقة. ومع تصاعد دور الحركات اليسارية وتنامي الوعي بحقوق الإنسان، من المرجح أن يستمر هذا الدعم ويزداد زخمًا، ما يعزز من أهمية العلاقات الفلسطينية مع دول أمريكا اللاتينية كحلفاء أساسيين على الساحة الدولية.