أهل معركة طوفان الأقصى بضوء أخضر روسي – إيراني

أقلام – مصدر الإخبارية

أهل معركة طوفان الأقصى بضوء أخضر روسي – إيراني، بقلم الخبير الروسي إلكسندر نازاروف، وفيما يلي نص المقال كاملًا:

أعتقد أن موسكو بالتأكيد ليست متورطة في هذا الصراع، وفي رأيي أن كل تصريحات السياسيين الإسرائيليين حول هذا الأمر تنبع من كراهية روسيا والرغبة في الحصول على مساعدة إضافية من واشنطن، وفي حين أن روسيا لديها علاقة عمل مع حماس، فإن مستوى العلاقات لا يسمح بمثل هذه الدرجة من الثقة حتى يتم إبلاغ الجانب الروسي بالهجوم، ناهيك عن أشكال التنسيق الوثيقة. وبالإضافة إلى ذلك، سئمت روسيا من الحرب في أوكرانيا.

أما بالنسبة لإيران، ففي رأيي أن تصرفات حماس دون موافقتها غير مرجحة.

ولكن السؤال الأهم اليوم هو إلى أي مدى ترغب إيران في الذهاب؟ لقد كتبت في وقت سابق أن لحظة الهجوم على إسرائيل تم اختيارها بشكل مثالي، وإذا تعلق الأمر بتورط إيران فإن العواقب ستكون كارثية على الولايات المتحدة والغرب وإسرائيل، فالاقتصاد الغربي على حافة الهاوية وحتى نصف تأثير إغلاق مضيق هرمز سيكون كافيا لانهيار الاقتصاد الغربي، لذلك فإن الهجوم على إيران غير مرجح، على الأقل الولايات المتحدة، في رأيي، ليست مهتمة بهذا الآن.

أود أن أعود إلى أوكرانيا وضبط النفس الذي اتبعه بوتين، وعدم رد فعله على الاستفزازات.

نرى الآن من الوضع في غزة أن رد فعل إسرائيل يمكن التنبؤ به بسهولة، لا يستطيع إلا أن يرد مرتين أو عشر مرات أقوى من الضربة التي وجهت لإسرائيل، وهذا هو خطه التقليدي، يمكنك حساب مباراة شطرنج مع إسرائيل بخمس خطوات مقدمًا.

لقد أوقعت إسرائيل نفسها في فخ من خلال تقليص مساحة قطاع غزة إلى الحد الأدنى، والآن ليس لدى المدنيين الفلسطينيين مكان يهربون إليه، من الواضح أن الهجوم المتوقع على غزة سيكون بمثابة إبادة جماعية، لأن العمليات العسكرية واسعة النطاق في مدينة مكتظة بالسكان ستؤدي إلى سقوط عشرات أو حتى مئات الآلاف من الضحايا.

وهذا يعني أنه من السهل التنبؤ برد فعل غير متناسب من جانب إسرائيل وعواقبه، بما في ذلك إدانة تصرفات إسرائيل من قبل غالبية البشرية. كما أنه يمنح الدول الأخرى الحق في أن تتدخل دول أخرى لمنع الإبادة الجماعية في غزة، وهذا يضع إسرائيل في حرب متعددة الجبهات في وضع تكون فيه قدرة أمريكا على مساعدة إسرائيل محدودة للغاية بسبب الحرب في أوكرانيا. كما أن أوروبا منهكة بالفعل ومتعبة من الصراع مع روسيا، والقوات الموالية لأمريكا هناك تضعف وتفقد سلطتها. إن الإبادة الجماعية في غزة سوف تؤدي إلى مزيد من الانقسام في أوروبا وإضعاف القوى الموالية لأميركا.

إذا كانت لدى إيران خطط بعيدة المدى، فإن مثل هذه البداية للصراع من الجانبين العسكري والسياسي تعتبر ذكية ومفيدة للغاية.

ولكننا سنتعرف على خطط إيران لاحقاً، إذ لا يمكننا الآن التأكد من أي نظرية.

أقرأ أيضًا: قاسم: حذرنا من تصاعد العدوان على الأقصى والمسرى باعتبارهما خطًا أحمر

لا يوجد سبب لإلقاء اللوم على سلاح الجو في الفشل العسكري

أقلام _ مصدر الإخبارية

عومر دنك/ معاريف
08/10/2023
ترجمة مصطفى ابراهيم

تقديم: الكاتب طيار في سلاح الجو الإسرائيلي برتبة مقدم في الجيش متقاعد، وهو من المعارضين لخطة الإصلاح القضائي. في هذا التحليل يحاول الدفاع عن سلاح الجو الإسرائيلي بعد عملية طوفان الأقصى والفشل الكبير للجيش الإسرائيلية، خاصة ان عدد كبير من الطيارين امتنعوا عن التطوع في الخدمة وهو واحد منهم.

فاجأت حماس إسرائيل بمفاجأة أساسية، ونجحت في انهيار النظام نتيجة تراكم الإخفاقات المتزامنة، لا يمكن تفسيرها كلها بعد، والقتال يجعل من المستحيل التحقيق فيما حدث. عندما يحدث انهيار كامل للنظام، يبحث الناس عن تفسيرات لأنه يصعب علينا قبول أن هذا أيضًا “حظ سيء”. ويشكل مثل هذا الوضع أرضا خصبة لنظريات المؤامرة، ولإيجاد المتهمين في بعض الأحيان. “أين كانت القوة الجوية؟” بدأت الأسئلة في الساعات الأخيرة. أريد أن أحاول الإجابة على هذا السؤال بجدية، لأنه خطاب خطير وخاطئ. مع الاخذ بالاعتبار أن معظم التفاصيل غير معروفة حاليًا.

ومن أجل التبسيط، هناك طريقتان لعمل سلاح الجو في قطاع غزة: مساعدة القوات البرية؛ مهاجمة الأهداف والغايات لصالح المهام التكتيكية. حالة الأمس هي مهمة مساعدة للقوات البرية لفرقة غزة.

في هذه الحالة، يجب أن يبدأ تفعيل القوات الجوية من قبل مقر الفرقة أو القيادة الجنوبية، ويكون الرد الفوري مبنيًا على التأهب العسكري الروتيني، أي في غضون بضع عشرات من الدقائق حتى وصول هليكوبتر أو وصول الطائرات المقاتلة إلى مكان الحادث. لا نعرف في الوقت الحالي ما إذا كان هناك مثل هذا التنشيط على الإطلاق. لا يمكن تفعيل القوة الجوية بناءً على مقاطع الفيديو المنشورة على شبكات التواصل الاجتماعي، فمن الضروري فهم الوضع من قبل القيادة الإقليمية.

ومن المرجح أن الأمر استغرق وقتا طويلا حتى تم تفعيل سلاح الجو، في حين كان هناك بالفعل مئات (الإرهابيين) في أراضي إسرائيل المتمركزين في جميع المستوطنات المحيطة. وفي هذه الحالة، لا يمكن للقوة الجوية أن تساعد في القتال، نظراً للفوضى وعدم اليقين الذي نشأ. يمكن للمرء أن يحاول فهم ذلك، في ضوء مقدار الوقت الذي استغرقه تطهير المستوطنات الجنوبية.

عندما يصل الطيار إلى المقصورة، ليس لديه أي فكرة عما حدث. أعتقد أنه ربما استيقظ من النوم ولم يشاهد مقاطع الفيديو على تلجرام. وينبغي أن ينضم الهيكل إلى القيادة البرية التي تدير القتال، في ضوء مقدار الساعات التي مرت فيها المستوطنات دون مساعدة عسكرية، ليس من الواضح ما إذا كان هناك أي مساعدة. لا يمكن للطيار من الجو أن يبني صورة للوضع الذاتي، فهو لا يستطيع أن يعرف ما إذا كان المسلح ببندقية (على افتراض أنه تمكن من التعرف عليه) هو العدو أم تابع لنا.

بالإضافة إلى ذلك، وقع الحدث بأكمله في أراضي دولة إسرائيل. يعد الحريق من الجو داخل أراضي إسرائيل حدثًا غير عادي وشديد، لأن الحريق من الجو يمكن أن يسبب أيضًا أضرارًا جسيمة. ما نعرفه الآن، وهو أن مذبحة رهيبة قد وقعت، لم يكن معروفًا في الوقت الحقيقي. إن فكرة أنك إذا أطلقت النار فإنك ستقتل مدنيين إسرائيليين تتطلب فهماً حقيقياً لحقيقة أن الوضع يائس. ومن المحتمل أن الفرق لم تعرف ذلك إلا بعد عدة ساعات.

يتطلب اختراق الطائرات الشراعية تحذيرًا من الأرض والاتجاه، ومن المحتمل أنه كان سريعًا لدرجة أنه لم يكن لدى أحد الوقت للتحذير. حقيقة أنك رأيت شاحنة مع رجال مسلحين في فيديو تيك توك، لا تعني أنه يمكن تحديد موقعه عشوائيًا بواسطة زوج من الماسحات الضوئية في الوقت الفعلي. لقد شاهدت الفيلم بعد حدوثه.

خلاصة الأمر، أن سلاح الجو لا تستطيع بمفردها إصلاح انهيار نظامي كما حدث صباح أمس. إن محاولة إلقاء اللوم على سلاح الجو بسبب الإغفال هي في أحسن الأحوال جهل وفي أسوأ الأحوال حقد. في إسرائيل، كانت هناك إخفاقات كثيرة أدت إلى الأحداث الفظيعة التي وقعت بالأمس، ويبدو أن هذه ليست واحدة منها.

هل نحن بإزاء إخفاق إسرائيلي استراتيجي يفوق إخفاق حرب 1973؟ تقدير موقف أولي

وكالات _ مصدر الإخبارية

لا تزال التداعيات الاستراتيجية للهجوم المباغت وغير المسبوق الذي شنته حركة حماس، والفصائل الفلسطينية المقاومة الأخرى، على إسرائيل من قطاع غزة (السبت 7/10/2023)، غير واضحة.

فالحدث ما زال يتدحرج ومن الصعب بالتالي التكهن بالكيفية التي سينتهي إليها خاصة بعد إعلان رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو حالة الحرب للمرة الأولى منذ عام 1973.

ومع ذلك، ثمة إجماع داخل الدوائر السياسية والأمنية والاعلامية في إسرائيل على أن ما بعد هذا الحدث لن يكون كما قبله، وأنه يفوق كثيراً الإخفاق الإسرائيلي في حرب تشرين(أكتوبر )1973.

وهناك من بدأ يصف الحدث بأنه بمثابة “أحداث 11 سبتمبر 2001” (في الولايات المتحدة) في نسختها الإسرائيلية بحيث ستكون له تداعيات استراتيجية قد تطاول الشرق الأوسط برمته.

في ورقة تقدير الموقف الأولية هذه سنحاول وضع تصور للدلالات والتداعيات التي تحملها هذه التطورات وذلك استنادا لقراءة أهم التصريحات والقراءات والتقديرات السياسية والأمنية- العسكرية، والإعلامية.

الهجوم إخفاق غير مسبوق ويفوق بكثير إخفاق 1973

يرى عدد من كبار المحللين العسكريين والاستراتيجيين في إسرائيل أن الهجوم الذي شنته حماس يفوق بكثير إخفاق حرب 1973، وأن الهجوم الذي كان في معظمه مصورا يُعدّ إذلالاً لإسرائيل ويلحق أضراراً فادحة بصورتها العسكرية قد لا يمكن تجاوزها بسهولة.

فيما يخص الإخفاق، يمكن القول إن العنوان الذي تصدر صحيفة “هآرتس” في اليوم الأول من الهجوم يلخّص مجمل المشهد:

“انهيار المنظومة الإسرائيلية أمام حركة حماس”.

وهذا الانهيار له عدة مؤشرات منها:

1) “صفر” معلومات استخباراتية بحيازة إسرائيل بشأنه؛

2) المنظومة الأمنية أدركت أن هناك عمليات خطف من شبكات التواصل الاجتماعي؛

3) لم تكن لدى الجيش قوات كافية في محيط قطاع غزة؛

4) حصل إرباك لدى الجيش فيما يتعلق بـلوجستيات نقل الجنود من قلب إسرائيل إلى ساحة المعركة؛

5) عندما وصل الجيش إلى مستوطنات غلاف القطاع، انتظرت القوات ساعات قبل أن تدخل إلى ساحات القتال لعدم وجود أي تصور ميداني حول ما يجري في الداخل.

بالإضافة إلى ذلك، ظلت بعض المستوطنات تستغيث لمدة يوم كامل من دون أن تكون هناك قدرة للوصول إلى الأحياء التي سيطر عليها مقاتلو حماس، ولهذا تداعيات على مفهوم الأمن، ودور الجيش، داخل المجتمع الإسرائيلي نفسه، وداخل المنظومة الأمنية الإسرائيلية.

هذا الإخفاق ترافق مع “وصمة عار” و”إذلال”، اذا ما استخدمنا العبارات التي يتم تداولها في الصحافة الإسرائيلية والتي أحالت الأمر إلى ما يلي:

1) فشل منظومة “الجدار الذكي” الذي دشنه وزير الدفاع الإسرائيلي السابق بيني غانتس قبل عامين حول القطاع معلنا أنه تم وضع نهاية للأنفاق.

ففي الواقع دخلت المجموعات المسلحة الفلسطينية عبر البر والجو ومن خلال قوافل إمدادات لوجستية بدون عراقيل؛

2) تمكن الفلسطينيون، سواء العناصر المسلحة أو سكان القطاع، من إقامة جسر على مسافة 20 كم، ما بين مستوطنات الغلاف وما بين القطاع، بحيث تم اختطاف جنود وضباط وعائلات من المستوطنين، وعتاد عسكري.

يضاف الى ذلك، أن إسرائيل لا تملك معلومات دقيقة عن عدد المخطوفين، ونوعيتهم (جنود، ضباط، مدنيين… إلخ)، أو عن أماكن تواجدهم.

ما هي المعضلات التي تواجه إسرائيل؟

حتى تاريخ كتابة هذه الورقة، تواجه إسرائيل ثلاثة تحديات عملية- أمنية:

1) إن “تطهير” المستوطنات الإسرائيلية من المقاتلين الفلسطينيين والذي قد يحتاج إلى أيام، عليه أن يسبق أي معالجة إسرائيلية لقضية المخطوفين الإسرائيليين بحسب ما تراه المنظومة الأمنية الإسرائيلية.

 

هذا يزيد الضغوط التي تواجهها الحكومة الإسرائيلية من قبل أهالي المختطفين.

2) ما تزال المعركة تدار على أراضي إسرائيل، على العكس من جميع المعارك أو الجولات القتالية السابقة مع قطاع غزة.

وبحسب المراسل العسكري لقناة التلفزة الإسرائيلية 12، استطاع المقاتلون الفلسطينيون تعزيز وجودهم في المستوطنات خلال ساعات الليل، وإمداد المقاتلين الفلسطينيين الموزعين على أكثر من مستوطنة بالعتاد والأدوية والرجال؛ وهو ما يعزز مفهوم انهيار المنظومة الإسرائيلية وعدم قدرتها على “التعافي” بشكل سريع يتناسب مع تطور الأحداث في الميدان.

3) لا توجد لدى الأجهزة الأمنية الإسرائيلية أي منظومة للتعامل مع أهالي المفقودين والمخطوفين.

من الصعب حاليا وضع تصور أولي لكيفية تعامل المستوى السياسي في إسرائيل مع الهجوم الذي وإن اتضح نطاقه العام ومكانته التأسيسية في تاريخ دولة إسرائيل، إلا أن تفاصيله الميدانية ما تزال غير واضحة، خصوصا عدم قدرة إسرائيل على تحديد ما إذا كان الهجوم يتصاعد أو ينحسر في اليوم الثاني له.

سيناريو حرب متعدّدة الساحات/ الجبهات؟

تصاعدت خلال السنوات القليلة الفائتة التحذيرات الإسرائيلية من سيناريو حرب صاروخية على الجبهة السورية (الميليشيات الإيرانية) والجبهة اللبنانية (حزب الله) والجبهة الجنوبية (فصائل المقاومة الفلسطينية)، وقد مرّ هذا السيناريو بعملية تضخيم على المستوى الخطابي الإسرائيلي اشتدّت وتيرتها في خضم المأزق الداخلي والاحتجاجات الأخيرة.

مع بدء المعركة الحالية، اتجهت الأنظار مجدداً إلى احتمالية انضمام جبهات أخرى للقتال (حزب الله على وجه التحديد)، وقد تصاعد هذا السيناريو مع تناقل العديد من وسائل الإعلام العربية والعبرية أيضاً بأن هذا الأخير نقل رسالة إلى إسرائيل عبر الوسيط المصري هدّد فيها بالانضمام إلى القتال في حال أقدمت إسرائيل على الدخول برياً إلى قطاع غزة، وفي أعقاب إعلانه اليوم (8/10/2023) المسؤولية المباشرة عن قصف مواقع في “هار دوف” في مزارع شبعا اللبنانية المحتلّة بمجموعة من قذائف الهاون قبل أن يتم الردّ على القصف بواسطة المدفعية الإسرائيلية.

هذا الحدث، بالإضافة إلى التقديرات العسكرية الإسرائيلية السابقة، والتصريحات التي أدلى بها حزب الله سابقاً حول الحرب متعدّدة الجبهات- حتى وإن لم يُعلن نيّته التدخل في هذه المعركة صراحة في تصريحات اليوم – تجعل هذا السيناريو محتملاً، وهو ما دفع بعض المحللين الإسرائيليين وكذلك بعض رؤساء مجالس المستوطنات في الشمال لاعتبار السؤال هو ليس ما إذا كان الحزب سينضم، بل متى؟.

هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى، تُشير العديد من التحليلات العسكرية والأمنية إلى أن تعدّد الجبهات يحتمل تعدّد الساحات الفلسطينية التي ستنضم إلى المواجهة، لا سيّما وأن احتمالية ارتكاب المستوطنين عمليات انتقامية في الضفة الغربية هو أمر وارد بشدّة (خصوصاً أن المستوطنين في الضفة الغربية هم من جمهور المستوطنين المتطرفين) وهذا يضع المستوى الأمني أمام معضلتين؛ من ناحية تحاول المؤسسة الأمنية احتواء غضب المستوطنين حول “الفشل” و”القصور” الإسرائيلي على المستويات كافة وهذا قد يدفعها لغض البصر عن عمليات للمستوطنين واستهداف البلدات الفلسطينية المحاذية للمستوطنات وكذلك في الشوارع الاستيطانية التي تقطّع أوصال الضفة الغربية، لكن من ناحية أخرى، مثل هذا السيناريو قد يترتّب عليه تفجير ساحة الضفة الغربية التي يُمكن أن تتحول إلى ساحة حرب بين المستوطنين والفلسطينيين، ويُمكن اعتبار إغلاق الحواجز الإسرائيلية التي تقطّع أوصال الضفة الغربية منذ صباح اليوم الثاني لبدء المعركة محاولة للسيطرة على هذه الساحة، هذا بالإضافة إلى هدفها الأساس والمتمثّل في الحدّ من حدوث عمليات فدائية في الطرق والشوارع الاستيطانية في الضفة.

هل فعلا القضاء على حماس ممكن من منظور إسرائيلي؟

لم تُعلن إسرائيل لغاية اللحظة عن أهدافها بعد إعلان حالة الحرب ومصادقة الكابينيت على هذا الإعلان رغم مرور أكثر من 30 ساعة على اندلاع المعركة.

لكن يُمكن القول بأن إسرائيل أمام مجموعة من الخيارات العسكرية في أعقاب هذا الإعلان، ومع الارتفاع المتزايد لأعداد القتلى والمصابين، مع استمرار العمل العسكري الدقيق للقضاء على المقاتلين التابعين لفصائل المقاومة في عدّة نقاط في مستوطنات غلاف قطاع غزة.

من ناحية، يُعد خيار التعامل مع حماس وفصائل المقاومة كما في الجولات السابقة أمراً مُستبعداً ويتعزّز ذلك مع التزايد السريع لأعداد القتلى والجرحى وصورة النصر التي حقّقتها فصائل المقاومة في اليوم الأول إلى جانب “الفشل” الإسرائيلي أمام ما حدث منذ صبيحة يوم أمس، حيث أن الأمر لا يُشبه أي مواجهة سابقة وإسرائيل وجدت نفسها أمام حدث ضخم لا توازيه أي أحداث أخرى شبيهة بأحداث حرب أكتوبر 1973 لكن الفرق أن الطرف المقابل كان في ذلك الوقت دولاً (مصر وسورية) وهذا يفرض عليها اللجوء لاستعادة “الردع” المفقود واستبدال صورة الهزيمة بصورة “نصر” وهو ما لا يُمكن تحقيقه بنفس الأساليب المُتّبعة في جولات القتال السابقة لا سيّما وأنها تعتبر أنها ليست في جولة أو معركة وإنما في حالة حرب.

من ناحية أخرى، هناك العديد من المعيقات والأسباب التي تجعل من خيارات إسرائيل محدودة في الرد على فصائل المقاومة في قطاع غزة والذهاب باتجاه القضاء على حركة حماس نهائياً في قطاع غزة، من ضمنها عشرات “الرهائن” الذين تم اقتيادهم إلى قطاع غزة على الملأ، وإمكانية تدخّل عسكري لحزب الله في الجبهة الشمالية، أو اندلاع انتفاضة جديدة ومواجهة في الضفة الغربية، وأيضاً لجوئها إلى تنفيذ اغتيالات لقيادات في غزة بات أمراً صعباً في الوقت الحالي وكذلك الأمر بالنسبة للقيادات في الدول العربية.

يُضاف إلى ذلك أن سيناريو ذهاب إسرائيل بعيداً وتوسيع جبهة القتال والمبادرة لحرب تستهدف أيضاً الجبهة الشمالية في سياق الرغبة بتغيير المعادلة الإقليمية خصوصاً في ظل الدعم الأميركي والغربي الكبير لها هو سيناريو قائم لكن إمكانية حدوثه ضعيفة إذا ما أخذنا بعين الاعتبار ما يجري على الأرض.

على أية حال، تجد إسرائيل نفسها مُلزمة باتخاذ إجراء يُعيد لها “الردع” المفقود ويتسبّب باستعادة صورة “النصر” حتى وإن كلّفها ذلك كثيراً.

المستوى السياسي: ما هو مصير الائتلاف الحاكم؟

يواجه الائتلاف الإسرائيلي اليميني الحاكم موجة انتقادات غير مسبوقة على عدة مستويات.

المستوى الأول من الانتقادات يتعلق بعدم قادرة الحكومة على الاستجابة الفورية لنداءات عائلات المفقودين والمخطوفين الإسرائيليين.

المستوى الثاني من الانتقادات، وهو الأكثر أهمية، يتعلق بفشل الائتلاف الإسرائيلي الذي رفع شعار “يمين كامل” في التعامل مع الهجوم الفجائي أمنيا واستخبراتيا وميدانيا، خصوصا في اليومين الأولين.

يأتي هذا الانتقاد في ظل اتهام الحكومة الإسرائيلية بالانشغال بالسياسة، والإصلاحات القضائية، وإدارة الظهر لتداعيات الانقسام الإسرائيلي وإضعاف الجيش وتعميق التصدعات داخل الجبهة الداخلية. كما أن الهجوم الفلسطيني لا يكشف فقط عدم استعداد الحكومة الإسرائيلية وانما عدم “أهليتها”، لأنه من منظور المنتقدين الإسرائيليين فإن أفعال الوزراء الأكثر تطرفا فيها (اقتحامات متكررة للأقصى، تهويد الضفة الغربية، انغلاق الأفق السياسي، التنكيل بالأسرى الفلسطينيين) قد تكون أهم الأسباب التي ساهمت في هجوم حركة حماس.

على أية حال، منذ اندلاع الهجوم، علت إلى السطح سيناريوهات عديدة في ما يتعلّق بالحكومة الحالية:

إمكانية انهيار حكومة اليمين الحالية قائمة رغم أن أرجحية هذا السيناريو منخفضة بحسب المعطيات الحالية، في ظل حالة “الإجماع” السياسي في إسرائيل على ضرورة تدفيع حركة حماس ثمناً باهظاً (أي الاتفاق على ضرورة مواجهة الخطر المحدّق بإسرائيل بصرف النظر عن كل التفصيلات المتعلّقة الأزمة الداخلية).

وبالتالي، هناك احتمال كبير لتشكيل حكومة “وحدة وطنية” تضم كافة أطراف الخارطة السياسية. هذا السيناريو قد يعني تجاوزاً مرحلياً للانقسام على ضوء التحديات المشتركة التي يجتمع حولها الإئتلاف والمعارضة، بالتالي “تبييض” صورة الإئتلاف المتطرف ليس فقط أمام الجمهور الإسرائيلي المعارض، بل أيضا دوليا. لكن، على ما يبدو، ما تزال بعض الأطراف المركزية (يائير لبيد) تضع شروطاً سياسية للانضمام لحكومة طوارئ (مثلا، استقالة الوزيرين إيتمار بن غفير وبتسلئيل سموتريتش لقاء انضمام المعارضة)، وهو نوع من المناورة السياسية التي من المتوقع أن تقل أهميتها في ضوء استمرار حالة الفوضى داخل إسرائيل.

السيناريو الثالث والمُرجّح وفقاً للتقديرات الإسرائيلية هو اللجوء إلى تشكيل حكومة طوارئ (حكومة حرب) تنتهي مهماتها بانتهائها، ودون أن تكون لأعضائها الجدد أية صلاحيات في أعقاب انتهاء الحرب وتضم جنرالات سابقين في الجيش مثل بيني غانتس وموشيه يعالون وغادي آيزنكوت وغيرهم. وهذا يُساعد نتنياهو في إضعاف قطب المعارضة عبر إشراكهم في الحكومة الحالية ليتحمّلوا لاحقاً معه أعباء الحرب ونتائجها التي لا يُمكن توقعها في الوقت الحالي.

على صعيدٍ آخر، وفي هذا السيناريو أيضاً، قد ترى المعارضة، وتحديداً غانتس، في مثل هذه الحكومة (حكومة الطوارئ) فرصة لإعادة تموضعها في المشهد السياسي وتحقيق إنجازات وخاصة مع توقّع انتهاء عهد نتنياهو في أعقاب الضربة التي تعرّض لها في إثر الفشل الذي بات حديث الإسرائيليين.

المستوى الاستراتيجي وتحولات شرق أوسطية؟

من خلال قراءة معمقة للمواقف الإسرائيلية، والتحليلات العسكرية والاستراتيجية، ثمة أساس يمكن الاستناد عليه للاعتقاد بأن إسرائيل تنظر الى الهجوم الفلسطيني المفاجئ، وذي النطاق الواسع والمركب، والذي تسبب بخسائر بشرية عالية، على أنه يشكل بالنسبة لها حدثا يوازي ما شكله هجوم 11 سبتمبر 2001 بالنسبة إلى الولايات المتحدة.

هذا يعني أن إسرائيل تنظر استراتيجيا الى الحدث على أنه مفترق طرق يطوي صفحة مع قطاع غزة (والشرق الأوسط بشكل عام)، ويبدأ مرحلة جديدة.

في واقع الأمر، لا يمكن تلمس معالم المرحلة الجديدة الآن، ولكن بالإمكان الإشارة الى النقاط التالية:

إن العقيدة التي سادت تجاه قطاع غزة منذ العام 2009 تتلخص في تصميم منظومة متعددة المستويات عنوانها ردع القطاع وفق معادلة الهدوء في مقابل تسهيلات اقتصادية شريطة أن تضمن هذه المنظومة أدوات لضبط حركة حماس. هذه العقيدة قد تنتهي حسب التصريحات الإسرائيلية المتكررة لتحل مكانها معادلة جديدة. حسب تقرير معهد أبحاث الأمن القومي الذي صدر في اليوم الأول من الهجوم، فإن إنهاء وجود حركة حماس، باعتبارها حركة مقاومة، هو أمر ملح ولا غنى عنه، لتحقيق ثلاث غايات هي: إضعاف تأثير حماس على الضفة الغربية، وإنهاء تأثير إيران على الساحة الفلسطينية، وترميم صورة إسرائيل القوية.
ثمة تبعات مباشرة للهجوم الفلسطيني على ملف التطبيع الإسرائيلي مع الدول العربية، خصوصا مع المملكة العربية السعودية. فإن اظهار المقاومة الفلسطينية كمقاومة قادرة على تحقيق إنجازات ميدانية قتالية هو أمر يحتاج إلى أشهر لرصد تداعياته، بيد أن تداعياته السياسية على صعيد الشرق الأوسط ستكون بارزة بكل تأكيد. هذا يشمل إعادة تعريف معادلة التوازن ما بين “محور الممانعة” (إيران، سورية، حزب الله، الحوثيون في اليمن، المجموعات المؤيدة للمحور في العراق، وقطاع غزة) وما بين “معسكر المعتدلين” (والذي يشمل حلفاء مباشرين لإسرائيل بالإضافة الى دول عربية تقيم علاقات تطبيع على مستويات مختلفة مع إسرائيل).

قراءة أولية.. لأكتوبر غزة!

أقلام – مصدر الإخبارية

قراءة أولية .. لأكتوبر غزة !، بقلم الكاتب الفلسطيني نبيل عمرو، فيما يلي نص المقال كاملًا كما وصل موقعنا:

حماس.. أسمته طوفان الأقصى.

وإسرائيل أسمت ردها بالسيوف الحديدية.

دعونا من التسميات، لنتحدث عن التوصيف الحقيقي لما جرى ويجري.

هي أولاً.. حرب ردع المغرور نتنياهو والمهووسون من قادة ائتلافه.

وهي حرب الرد على الاستخفاف الإسرائيلي بالشعب الفلسطيني، واعتباره غير موجود، ويمكن السيطرة عليه ببعض الخدمات والتسهيلات.

وهي حرب الرد على الاستباحة الإسرائيلية، للكرامة الفلسطينية والحقوق الفلسطينية والحاضر والمستقبل الفلسطيني.

هي حرب على تشريع إطلاق النار على الفلسطينيين وفق رغبة الجيش، وحرس الحدود وقطعان المستوطنين، والتشريع المقصود مطروح على البحث في المؤسسات الحكومية صاحبة القرار.

هذا بعض منها على الصعيد الإسرائيلي الفلسطيني، أما على الصعيد الأوسع، فهي حرب أجهزت كليا على بقايا أوسلو التي لم يعد أحد يجرؤ على مجرد الحديث عنها.

هي حرب تقول للأمريكيين إن تدليلكم المفرط للتطرف الإسرائيلي أثمر دماً ودماراً وأيتاماً جدد، وتشرد جديد، وهذه المرة ليس على مستوى الفلسطينيين وحدهم، بل وعلى الإسرائيليين.

حرب.. غيرت معادلات وانتجت معادلات جديدة.

غيرت زمنا، وفتحت زمناً آخر، بدا أن كل ما حدث بين أكتوبر 1973 وأكتوبر 2023 مجرد ماضٍ لسلام وإن استقر جزئيا إلا أنه لم يعد قابلاً للحياة كلياً.

والمسؤول الذي لن ينجو من الإدانة، هو كل من تفهم دوس وزراء نتنياهو على رؤوس المصلين في الأقصى واعتبره دفاعاً عن النفس. وكل من تفهم بصق المستوطنين على رجال الدين المسيحيين على أنه من صلب الثقافة اليهودية، وهذا ما لم أقله أنا بل قاله مسؤولون كبار في إسرائيل. ما حمل الكاتب الإسرائيلي جدعون ليفي إلى القول إن إسرائيل بصقت على وجه العالم..

هذه الحرب.. هي انفجار لمرجل يغلي منذ سنوات، كان يتم تنفيسه بتهدئة، إلى أن لم يعد للتنفيس من قدرة على منع الانفجار.

هذه الحرب.. بطلها وربما يكون ضحيتها في ذات الوقت نتنياهو، وجيشها كل الذين لم ينصفوا الفلسطينيين. وتركوهم فريسة لقوة عسكرية غاشمة تفعل بهم ما تشاء، وتغاضوا عن حصارات لم تنجو منها مدينة أو قرية أو حي فلسطيني.

ذهب الفلسطينيون على طريق السلام حين رفعوا غصن الزيتون أمام العالم، وأصر أعداء السلام والحق والعدل على اسقاطه من يدهم، لم يكن ما حدث عند السادسة والنصف صباح السابع من أكتوبر مجرد عملية عسكرية، بل انفجار مرجل يغلي منذ سنوات ولم ينفع معه التنفيس ولا التبريد.

قد يدعي كثيرون ما حدث على أنه إنجاز من جانبهم، والحقيقة تقول إنه إنجاز لشعب محاصر على خصم قتله الغرور، إنجاز غزي منفرد بامتياز.

أقرأ أيضًا: نهج أبراهام بين التباهي والحسابات الغشيمة.. بقلم نبيل عمرو

أشرف بدر يكتب.. معضلة نتنياهو

أقلام – مصدر الإخبارية

معضلة نتنياهو، بقلم الكاتب أشرف بدر، وفيما يلي نص المقال كاملًا كما وصل موقعنا:

ظهر التناقض في كلمته التي ألقاها…

فمن ناحية توعد بالقضاء على المقاومة ومن ناحية ثانية حملها المسؤولية عن حياة الأسرى الإسرائيليين…كيف تطلب ممن ستقضي عليه تحمل المسؤولية عن حياة الأسرى!

من ناحية تعهد بحرب شاملة على القطاع، ومن ناحية أخرى يخشى أن تنضم ساحات أخرى للمواجهة…

من ناحية يقول بأنه أخذ ضوء أخضر من الولايات المتحدة والقوى الدولية ليفعل من يشاء (وكأنه سابقا قد تقيد بأي ضوابط في عدوانه)…ومن ناحية أخرى لا يصرح ماذا سيفعل بالضبط…هل سيجتاح القطاع، أم سيكتفي بقصف من الجو…هل سيوسع دائرة المواجهة أم سيبقيها محصورة في القطاع…

بلا شك يعيش نتنياهو معضلة حقيقية…

بل إن المنظومة برمتها تعيش معضلة…

تلمس ذلك في الإعلام الإسرائيلي…على غير العادة، نقد حاد جدا لأداء قوى الأمن.

شعور هائل بالمرارة نتيجة الوقوع فيما أسماه المعلقين الإسرائيليين ” خداع استراتيجي”…بعدما خدعت المقاومة القيادة الإسرائيلية في الأسابيع السابقة من الطوفان…عندما ظنوا بأن سقفها هو الحصول على “تسهيلات” حياتية…

شعور عارم بالمرارة من فشل أجهزة الاستخبارات في حتى مجرد توقع الهجوم…

شعور كبير بالفشل نتيجة عدم وجود أي ردة فعل من قوى الأمن طوال ساعات طويلة…

تخبط اعلامي هائل….فبحسب إحدى المعلقات (وهي خبيرة إعلامية)، لم يخرج أي مسؤول ليخاطب الجمهور سوى قائد الشرطة بعد حوالي 3 ساعات من الطوفان.

أكتوبر الثاني.. والتداعيات

أقلام – مصدر الإخبارية

أكتوبر الثاني.. والتداعيات، بقلم الكاتب الفلسطيني أكرم عطالله، وفيما يلي نص المقال كاملًا كما وصل موقعنا:

هذه هي الكفّ التي لاطشت المخرز وأدمته.. هذه هي غزة تهز كل ما تبقى، هي غزة البائسة والفقيرة والحزينة تنفجر دفعة واحدة بما يفوق كثيراً واقعها وإمكانياتها، لتصنع واحداً من مستحيلات الواقع الذي بدا عصيّاً.
ما الذي حدث؟ حلم كبير في جانب، وكابوس أكبر على الجانب الآخر الذي ظن أنه ينام على حرير فائض القوة.

«يوم كيبور» جديد بعد خمسة عقود على الأولى لم تشف منها الذاكرة الإسرائيلية بعد لتتلقى أُخرى بعد نصف قرن. صدمة وذهول وفاجعة سادت في ساعاتها الأولى، ولن تغادر التاريخ الإسرائيلي الذي استدعى لنفسه كل هذه الحروب، وأصر على أن يعيش على السيف مُدمًى وجريحاً وملاحقاً. أضاعت إسرائيل كل الفرص العام 2000، وكانت اللحظة فارقة في تاريخها، فقد انهزمت أمام قوة «حزب الله»، وفي نفس اللحظة كانت تمارس الخديعة مع ياسر عرفات رجل السلام لتعيد صياغة عقل المنطقة نحو فعالية السلاح، وقد كان.

انهيار لم يتوقعه الأمن الإسرائيلي في أسوأ كوابيسه. كيف تدخل غزة ذات التصنيع العسكري المنزلي لتجتاح بلدات ومدناً بهذه السهولة؟ كيف كان الجيش والأمن نائمَين؟ وأين كانت الدولة التي لا تكف عن استعراض قدراتها الاستخبارية والتكنولوجية والذكاء الاصطناعي، ومجسات الأمن ومراقبة الأنفاس وكروكي البيوت، وحركة الناس في غزة وشوارعها ورصد غرف نومها وحساب أنفاسها؟ كيف تبخر كل هذا؟ الحساب عسير؛ فالفشل الاستخباري ذريع.

وهْم القوة وغرورها.. عنجهية التاريخ.. ادعاء التفوق القومي والعسكري والأمني والعلمي، وكل شيء، أصاب دولة بعمى القوة فأعجزها عن رؤية الفرص والتقاطها.. احتقارها للأنداد والخصوم بلا حساب ودون أن تحسب أن لسعة البعوض تدمي الفيل. كان نتنياهو يختال في الأمم المتحدة، يتحدث عن الإقليم وعن التطبيع، ويتحدث عن الفلسطينيين باعتبارهم مجرد حشرة يجب ألا تقف عائقاً أمام الدول الكبرى، ليكتشف أن أصغر منطقة في فلسطين ستصيبه بهذه الفضيحة التي ستكتب نهايته مكللاً بالعار.

ما حدث أقرب للخيال من منطق الحروب. كيف تفيق الدولة المدججة والمحصنة خلف الكتل الإسمنتية ذات صباح وتجد كل هذا العدد من المقاتلين داخل البلدات، وبكل هذه السهولة، كأن سنوات من التحصين وكاميرات الذكاء الاصطناعي، وجدار بارليف الثاني، يتم اقتحامها بكل تلك السهولة. وكيف يقع هذا العدد من الأسرى بيد المقاتلين؟ وكيف تنهار المواقع العسكرية بلا مقاومة؟ تساؤلات ستطيح بكل الرؤوس.
بالغت إسرائيل في احتقار الفلسطينيين، وبالغت في إنكار الواقع حد الجنون، وبالغت في الإمعان بالنيل من واقعهم ومستقبلهم وكرامتهم وقدسهم وأقصاهم. استنفرت كل ما فيهم من كرامة مهما كلف الثمن. فمن فتح هذه المعركة كان واضحاً أن خصمه بالغ في امتهان كرامته ولم يعد يأبه بما يخسره. كيف دفعت إسرائيل المنطقة لكل هذا وتدفع ثمنه؟ فقد سجل اقتحام المقاتلين من غزة أكبر ضربة للأمن الإسرائيلي، ليس فقط لقوة الردع التي يجري منذ أشهر الحديث عن تآكلها.. هذه المرة جرى انهيارها وسقطت الهيبة، ولن تتمكن من استعادتها مهما فعلت واستخدمت من قوة ضد غزة.

كيف ستستعيده إسرائيل التي تلقت هذه الضربة القوية؟ مجازر ضد غزة؟ وهل توقفت هذه؟ فمنذ أشهر قليلة فقط كانت تلقي بحممها على القطاع دون أن تبحث عن حلول. استمرت في حصار القطاع بلا رحمة، واستمرت في اجتياحات الضفة، ومشاهد حرق حوّارة في الذاكرة الفلسطينية، وصرخات الاستغاثة من نساء القدس، والمساس بالأسرى والتضييق عليهم، واقتحامات الأقصى التي يحرض عليها الوزير إيتمار بن غفير والذي تلقى تحذيرات من أجهزة الأمن بأنه يحمل عود ثقاب يطوف به وسط مخازن البارود، ولكن الغطرسة أبعد من أن تفهم أن صراعات الشعوب ليست لعبة ساذجة في أيدي الهواة الراسبين في علوم السياسة وساقطيها.

منذ أيام فقط كانت الذاكرة تعود لمفاجأة أكتوبر، ومراجعة لجنة أغرانات، ورأس رئيس الاستخبارات إيلي زاعيرا، ورئيس الأركان دافيد إليعازر، وإذ بأكتوبر جديد يتجسد ذات فجر في غرفة النوم. أي لجنة تحقيق جديدة ستكون؟ وكم عدد الرؤوس التي ستطير؟ ومن القاضي الذي سيترأسها؟ إنها هدية غزة وقواتها للجهاز القضائي في إسرائيل للانقضاض على نتنياهو في ذروة معركته، وهدية للبيت الأبيض ستخلصه من كابوس نتنياهو وظله الثقيل إلى غير رجعة، وهو حلم الحزب الديمقراطي منذ أكثر من ربع قرن. فهو أول ضحايا الحرب التي سالت على أرض المعركة؛ فقد جعل الإسرائيليين يدفعون كل هذا الثمن، وحطم كل الفرص، وناور على الجميع، وها هو يقع.

لجنتا تحقيق شكّلتهما إسرائيل منذ قيامها بعد حروب بادر إليها العرب، وستكون اللجنة الثالثة بعد أن تنتهي الحرب التي بدأت بالأمس. قد يكون من المبكر الحديث عن نتائج في بدايات الحرب، لكننا أمام حدث ستكون له تداعياته الكبرى جداً، وأثمانه غير القليلة، وأبعاده التي ستطال استراتيجيات كبرى في السياسة كانت ثابتة لعقدين ما قبلها ليس كما بعدها.. التحولات ستطال كل شيء.

«مقالي، أول من أمس، عن حرب 73 كان بعنوان «لحظة أكتوبر والتداعيات»، لذا كان عنوان هذا المقال «أكتوبر الثاني والتداعيات».

أقرأ أيضًا: عن ضبابية التطبيع…! بقلم أكرم عطا الله

جدعون ليفي الجريء يواجه الاسرائيليين بالحقائق: منذ 1948 واسرائيل تعاقب غزة

أقلام-مصدر الإخبارية

المصدر: هآرتس

وراء كل ما حصل، الغطرسة الإسرائيلية. فكرنا أنه مسموح لنا أن نفعل أي شيء، وأننا لن ندفع ثمنًا ولن نعاقب على ذلك أبدًا. نواصل دون تشويش. نعتقل، نقتل، نسيء معاملة، نسلب، نحمي مستوطِني المذابح، نزور قبر يوسف، وقبر عثنيئيل، ومذبح يشوع، وكلها في الأراضي الفلسطينية، وبالطبع نزور جبل الهيكل – أكثر من 5000 يهودي في العرش-. نطلق النار على الأبرياء، نقتلع عيونهم ونهشّم الوجوه، نرحّلهم، نصادر أراضيهم وننهبهم، ونخطفهم من أسرّتهم، ونقوم بتطهير عرقي، أيضًا نواصل الحصار غير المعقول
على غزة، وكل شيء سيكون على ما يرام.

نبني حاجزًا هائلًا حول القطاع، كلفت بنيته تحت الأرض ثلاثة مليارات شيكل، ونكون آمنين. نعتمد على عباقرة وحدة 8200 وعملاء الشاباك الذين يعرفون كل شيء، وسيحذروننا في الوقت المناسب. ننقل نصف الجيش من غلاف غزة إلى غلاف حوارة فقط لتأمين احتفالات المستوطنين بالعرش، وسيكون كل شيء على ما يرام، سواء في حوارة أو إيريز. ثم يتضح أنه يمكن لجرافة بدائية وقديمة اختراق حتى أكثر العوائق تعقيدًا والأعلى تكلفة في العالم بسهولة نسبيا، عندما يكون هناك حافز كبير للقيام بذلك. انظروا، يمكن عبور هذا العائق المتغطرس بالدراجات الهوائية والنارية، رغم كل المليارات التي صرفت عليه، ورغم كل الخبراء المشهورين والمقاولين الذين كسبوا المال الكبير.

اعتقدنا أنه يمكن ان نواصل التحكم الدكتاتوري بغزة، ونرمي عليها هنا وهناك من فتات المعروفية المتمثل ببضعة آلاف من تصاريح العمل في إسرائيل – وهذه قطرة في محيط، وهي أيضًا مشروطة دائمًا بالسلوك السليم – ونقابل ذلك نبقيها سجنًا لهم. نصنع السلام مع المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة – وتنسى قلوبنا الفلسطينيين، حتى يتم محوهم، كما كان يرغب عدد غير قليل من الإسرائيليين. نواصل احتجاز آلاف الأسرى الفلسطينيين، ومن بينهم أسرى بدون محاكمة، وأغلبهم سجناء سياسيون، ولا نوافق على مناقشة إطلاق سراحهم حتى بعد عقود في السجن. ونقول لهم إنه فقط بالقوة يمكن لأسراهم ان يحصلوا على الحرية. لقد ظننا أن نواصل بغطرسة صد أي محاولة للحل السياسي، لمجرد أنه لا يناسبنا الانشغال فيه، ومن المؤكد أن كل شيء سيستمر على هذا النحو إلى الأبد. ومرة ​​أخرى ثبت أن الأمر ليس كذلك. اخترق عدة مئات من المسلحين الفلسطينيين السياج وغزوا إسرائيل بطريقة لم يتخيلها أي إسرائيلي. لقد أثبت بضع مئات من المقاتلين الفلسطينيين أنه من المستحيل سجن مليوني إنسان إلى الأبد، دون دفع ثمن باهظ. وكما هدمت الجرافة الفلسطينية القديمة المدخّنة بالأمس الجدار، وهو الأكثر تطورًا بين كل الجدران والأسوار، الا انها مزقت أيضاً عباءة الغطرسة واللا مبالاة الإسرائيلية. كما أنها مزقت فكرة أنه يكفي مهاجمة غزة بين المرة والأخرى بالطائرات الانتحارية بدون طيار، وبيع هذه الطائرات لنصف العالم، من أجل الحفاظ على الأمن.
بالأمس، رات إسرائيل صورا لم ترها في حياتها: سيارات عسكرية فلسطينية تقوم بدوريات في مدنها، وراكبو دراجات هوائية من غزة يدخلون بواباتها. هذه الصور يجب أن تمزق عباءة الغطرسة. قرر الفلسطينيون في غزة أنهم على استعداد لدفع أي شيء مقابل الحصول على لمحة من الحرية. هل هناك رجاء من ذلك؟ لا. هل ستتعلم إسرائيل الدرس؟ لا.

بالأمس كانوا يتحدثون بالفعل عن محو أحياء بأكملها في غزة، وعن احتلال قطاع غزة ومعاقبة غزة “كما لم تتم معاقبتها من قبل”. لكن اسرائيل تعاقب غزة منذ عام 1948، دون توقف للحظة واحدة. 75 عاماً من التنكيل، والأسوأ ينتظرها الآن. إن التهديدات بـ “تسطيح غزة” تثبت أمراً واحداً فقط: أننا لم نتعلم شيئاً. إن الغطرسة موجودة لتبقى، حتى بعد أن دفعت إسرائيل مرة أخرى ثمنا باهظا.

يتحمل بنيامين نتنياهو مسؤولية ثقيلة جداً عما حدث، وعليه أن يدفع الثمن، لكن الأمر لم يبدأ معه ولن ينتهي بعد رحيله. وعلينا الآن أن نبكي بمرارة على الضحايا الإسرائيليين؛ ولكن علينا أيضاً أن نبكي على غزة. وغزة، التي معظم سكانها لاجئون خلقتهم أيدي إسرائيل؛ غزة التي لم تعرف يومًا واحدًا من الحرية.

اقرأ/ي أيضا: أبو حسنة: أكثر من 20 ألف نازح يحتمون بـ 44 مدرسة لأونروا بقطاع غزة

حكومة التطرف وخطورة تغييب حل الدولتين

أقلام – مصدر الإخبارية

حكومة التطرف وخطورة تغييب حل الدولتين، بقلم الكاتب الفلسطيني سري القدوة، وفيما يلي نص المقال كاملًا كما وصل موقعنا:

سلطات الاحتلال الإسرائيلي تجاوزت كل الخطوط الحمراء من خلال إصرارها على سياسة القتل والاقتحامات للمدن والمخيمات والقرى الفلسطينية وتتحمل حكومة الاحتلال والإدارة الأميركية المسؤولية عن الجرائم الخطيرة التي يرتكبها جنود الاحتلال في الأرض الفلسطينية كافة وآخرها هجوم المستعمرين على المواطنين ومنازلهم وممتلكاتهم في بلدة حوارة جنوب نابلس وإعدام أربعة شبان في طولكرم وحوارة، والاقتحامات المتواصلة للمسجد الأقصى المبارك والأماكن المقدسة.

الهجوم الذي تم تنفيذه من قبل عصابات المستوطنين وبتغطية كاملة من جيش الاحتلال ليست الجرائم الاولي بل هي امتداد متواصل لمسلسل الاعمال الوحشية المتواصلة والمخطط من أعلى المستويات في حكومة نتنياهو العنصرية والتي تهدف الى تنفيذ التطهير العرقي ضد الشعب الفلسطيني.

هذه الجرائم والمجازر الدموية تعيد للأذهان المجازر التي ارتكبتها عصابات “الهاجناه” و”شتيرن” و”ارغون” الصهيونية ضد الشعب الفلسطيني عام 1948، وأن الهدف من مسلسل المجازر إحلال عصابات المستعمرين المجرمين مكان أبناء شعبنا.

كل هذه الجرائم تحدث بمراقبة ومشاهدة المجتمع الدولي وأن الشعب الفلسطيني بصموده ومقاومته سيطرد هؤلاء الدخلاء المجرمين من أرضه، وما حدث من نكبة ونكسة في الماضي لن ولم يتكرر وسوف تحرر جميع الأرض الفلسطينية والقدس العاصمة الأبدية والتاريخية لدولتنا الفلسطينية.

الاحتلال الإسرائيلي يشن حربا بلا هوادة وعلى مرأى من العالم وأن هذه العدوان الإسرائيلي المتواصل لن يثني شعبنا عن مواصلة نضاله المشروع وتمسكه بثوابته وحقوقه حتى إقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس وإما السلام للجميع أو لا سلام لأحد وإما الأمن للجميع أو لا أمن لأحد وان حكومة اليمين العنصرية تتحمل المسؤولية عن التصعيد المتواصل في الأراضي الفلسطينية المحتلة ويجب تدخل المجتمع الدولي والضغط على هذه الحكومة المجرمة لوقف جرائمها.

وبات المطلوب من الفصائل الفلسطينية اتخاذ كل الإجراءات والخطوات التي من شئنها ان تعزز الصمود الفلسطيني وضمان المشاركة الواسعة في مواجهة عدوان الاحتلال المستمر ولا يمكن استمرار الصمت امام مواصلة حكومة اليمين المتطرف التصعيد اليومي في جميع مدن الأرض الفلسطينية المحتلة وبلداتها وإعدام الأبرياء وتدمير الممتلكات واقتحام المدن والقرى واقتحامات المستعمرين لمدينة نابلس والاقتحامات اليومية للمسجد الأقصى والتي تؤكد على أن هذه الحكومة تسعى جاهدة إلى خلق حالة من الفوضى وتفجير الأوضاع وإشعال المنطقة وعدم الاستقرار.

تحاول سلطات الاحتلال من خلال هذه السياسات خلق وقائع جديدة في القدس الشرقية والأراضي الفلسطينية المحتلة ولكن على الاحتلال ان يعلم جيداً ان القدس الشرقية بمقدساتها هي أرض فلسطينية عربية، وجميع محاولاته ستفشل بتغيير طبيعة وتاريخ وهوية القدس ولا يمكنه النيل من الشعب الفلسطيني وحقوقه او فرض الاستيطان الاستعماري بقوة الامر الواقع.

في ظل هذا التناقض ومحاولات الاحتلال النيل من الصمود الفلسطيني يجب ومن الضروري أن يعي الجميع جيداً ان السلام الشامل لن يتحقق دون تطبيق قرارات الشرعية الدولية الداعمة للحقوق الفلسطينية وحصول الشعب الفلسطيني على حقوقه كاملة كما أقرتها الشرعية الدولية وفي مقدمتها حق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته وتقرير مصيره.

وبات من المهم والضروري أن يتحمل العالم وخاصة الولايات المتحدة الأميركية مسؤولية وقف هذه التصرفات غير المسؤولة كون أن العالم والشرعية الدولية يتحدثون عن حل الدولتين على أساس حدود العام 1967، والقدس الشرقية عاصمة دولة فلسطين بما في ذلك قرار مجلس الأمن 2334.

أقرأ أيضًا: القدس قوة الحضارة وعبق التاريخ.. بقلم سري القدوة

طوفان الأقصى يُهشم ما تبقى من هيبة إسرائيل!

أقلام – مصدر الإخبارية

طوفان الأقصى يُهشم ما تبقى من هيبة إسرائيل!، بقلم الكاتب الفلسطيني أحمد عبد الرحمن، وفيما يلي نص المقال كاملًا كما وصل موقعنا:

فشل العدو الصهيوني الذي يسيطر على أجواء غزة من خلال طائراته المسيّرة، وبعض عيونه المنتشرة في أكثر من مكان، ومن خلال اختراقه لشبكة الاتصالات السلكية والجوّالة، في التقاط معلومة واحدة تشير إلى سعي المقاومة للقيام بمثل هذا الهجوم الاستراتيجي.

مر أكثر من 5 ساعات تقريباً على بدء الهجوم الكاسح الذي شنته المقاومة الفلسطينية على مستعمرات غلاف قطاع غزة، وهذه المرة من فوق الأرض، ومن الجو، والبحر، تحت غطاء كثيف من الصواريخ والقذائف التي تجاوزت حتى كتابة هذه السطور 7000 صاروخ.

وفي الحقيقة، لم يكن أشد المتفائلين في الجانب الفلسطيني يتوقع حدوث مثل هذا العمل الاستثنائي، وفي الجانب الآخر، لم يكن أكثر المتشائمين في الجانب الصهيوني، سواء كانوا من المستوطنين، أو من دوائر المخابرات والجيش يعتقدون بأن شيئاً مشابهاً يمكن أن تشهده مستوطنات الغلاف.

وحتى نكون منصفين وواقعيين فإن حجم المفاجأة المدوّية التي استيقظ عليها سكان الجانب الغربي من الخط الزائل، وهم سكان قطاع غزة، لم تكن أقل درجة من مفاجأة سكان الجانب الشرقي منه “المستوطنين الصهاينة”، والذين لم يكن يدور في خلدهم، أو حتى في أسوأ كوابيسهم أن يروا من نوافذ بيوتهم التي اعتقدوا أنها آمنة مقاتلي المقاومة وهم يتجولون في شوارع مستوطناتهم، ويطرقون على الأبواب بكل قوة، بل ويسوقون العشرات منهم كما تقول التقارير الواردة حتى الآن إلى أراضي القطاع.

وفي اعتقادي، أن ما جرى اليوم يمكن أن يُؤرّخ له بأنه من الأحداث المفصلية الكبرى في تاريخ شعبنا الفلسطيني العظيم، بل وفي تاريخ أمتنا العربية والإسلامية. وهذا التأريخ لن يكون في شقّيه العسكري والعملياتي فقط، بل يمكن أن يتوسّع ليشمل جوانب أخرى من قبيل القدرة على اجتراح المستحيل، والرغبة في كسر حدود اللاممكن، والذهاب في اتجاه تحقيق إعجاز فشلت فيه قوى كبرى، وعجزت عنه دول عظمى.

وحتى لا تأخذنا المشاعر الجيّاشة التي تحيطنا من كل جانب عن تحليل ما جرى، والتداعيات التي يمكن أن تترتّب عليه، دعونا نشير إلى بعض الملاحظات الهامة، والتي يمكن أن تشكّل العناوين الفرعية لهذه الملحمة الكبرى، والتي أسمع وأرى جزءاً من تفاصيلها في أثناء كتابتي لهذا المقال.

أولاً: حملة من التمويه
بدا واضحاً خلال المرحلة السابقة حجم عملية التمويه الذي قامت به المقاومة خلال الأسبوعين الأخيرين تحديداً. إذ بدا واضحاً خلال هذين الأسبوعين حجم الرغبة الفلسطينية لا سيما من جانب حركة حماس في الرد على ما يجري في القدس من عدوان، إلى جانب الإجراءات الإسرائيلية التي هدفت إلى تشديد الحصار على قطاع غزة من خلال بعض التظاهرات على الحدود، والتواصل مع الوسطاء لرفع الحصار، وزيادة حجم المنحة المخصصة للموظفين والعائلات الفقيرة ومحطة الكهرباء.

وفي حقيقة الأمر، فإن ما كان يجري هو عملية تمويه مُحكمة، تم من خلالها توجيه كل الأنظار لا سيما الإسرائيلية منها نحو اهتمامات أخرى، ركّزت في معظمها على مواجهة التحدي الأمني في مدن الضفة، معتقدة أن بضعة ملايين من الدولارات، وعدة آلاف من العمال ستنهي المشكلة مع غزة، وسيعم الهدوء في المنطقة الجنوبية من جديد.

ثانياً: تخطيط عملياتي مُحكم
بالاستناد إلى بعض الصور والفيديوهات التي ظهرت حتى الآن، والتي يشير معظمها إلى تمكّن المقاومين من اقتحام عشرات المغتصبات الصهيونية، وإحكام قبضتهم عليها، في مقابل حالة من الانهيار سيطرت على أداء الجنود الصهاينة، ضمنهم وحدات نخبوية من لواء “عوز”، الذي يُنظر إليه إسرائيلياً بأنه أفضل لواء مقاتل في “الجيش” الإسرائيلي، إضافة إلى مقاتلين من وحدة “اليمّام” ذائعة الصيت، يظهر من كل ذلك أن المقاومة خططت لهذا اليوم ببراعة وإتقان منقطع النظير، إذ أخذت في الاعتبار حجم القوات الإسرائيلية المنتشرة على الحدود، إضافة إلى أفضل الطرق وأسهلها للمرور إلى الجانب الشرقي منها، إلى جانب اختيارها التوقيت المناسب للبدء في التحرك الميداني، خصوصاً أن الفترة الحالية تشهد أعياداً يهودية يكون فيها الجنود والمستوطنون في حالة استرخاء تامة، وهو ما أدى إلى وصول المقاتلين إلى قلب المستعمرات الصهيونية على عمق يزيد على 10 كلم بسهولة ويُسر، وقبل أن يستيقظ الجنود أو المستوطنون من نومهم.

ثالثاً: تغطية نارية كثيفة
كان من المهم لنجاح عملية التوغل البري أن تكون هناك تغطية نارية مناسبة، بحيث ينشغل العدو في النظر باتجاه السماء، محاولاً تفادي أثر الصواريخ والقذائف التي انهمرت بشكل غير مسبوق، وساعياً لتفعيل قبته الحديدية التي انهارت بشكل كبير.

وهذا ما سمح للمقاتلين بالتوغل البري من أكثر من مكان، وعبر أكثر من وسيلة، والوصول إلى مناطق بعيدة نسبياً عن حدود القطاع والسيطرة شبه الكاملة على العديد من المواقع والمستوطنات، وقتل عشرات الجنود والمستوطنين وأسرهم كما يشير الكثير من المصادر حتى الآن.

رابعاً: تعمية استخبارية كاملة
على الرغم من أن هذه العملية النوعية احتاجت عدداً كبيراً من المقاتلين، الذين تحركوا بآلياتهم رباعية الدفع، ودراجاتهم النارية، إضافة إلى من تسلل من البحر، أو هبط من السماء، وما يمكن أن يحتاجه ذلك من تدريبات مكثفة بالذخيرة الحيّة لمدة تتجاوز الأشهر وليس الأسابيع، رغم كل ذلك، فشل العدو الصهيوني الذي يسيطر على أجواء غزة من خلال طائراته المسيّرة، وبعض عيونه المنتشرة في أكثر من مكان، ومن خلال اختراقه لشبكة الاتصالات السلكية الرسمية (الهواتف الأرضية)، والجوّالة من خلال الهواتف المحمولة، ومعظم الشبكات اللاسلكية ومواقع الإنترنت، في التقاط معلومة واحدة تشير إلى سعي المقاومة للقيام بمثل هذا الهجوم الاستراتيجي. واستمر هذا الإخفاق الاستخباري حتى بعد ساعات من بدء الهجوم.

خامساً: حرمان “إسرائيل” من مصادر قوتها
بما أن المقاومة الفلسطينية تعمل بأسلوب “الحرب اللامتناظرة”، ويعد حرمان العدو من مصادر تفوّقه أحد أهم مبادئها، فقد سعت المقاومة لمنع العدو من استخدام قوته النارية الهائلة ضد مقاتليها سواء أثناء تنفيذ العمليات داخل العمق الإسرائيلي، أو أثناء الانسحاب إلى داخل أراضي القطاع. وعلى رأس تلك الإجراءات التي حرمت المقاومة العدو من استخدامها كان إجراء “حنبعل”، الذي يستخدمه العدو عند أسر أحد جنوده، إذ يقوم بعملية قصف عنيفة باتجاه المناطق التي يعتقد أن المقاومين انسحبوا تجاهها، كما حدث في مدينة رفح بعد أسر الجندي “هدار جولدن” في عدوان 2014.

في هذه المرة، ونتيجة العدد الكبير من الأسرى الصهاينة، ونتيجة الإرباك الحاصل داخل وحدات الجيش المنوط بها تنفيذ هذا الإجراء، والتي يتموضع معظمها في موقع كيسوفيم العسكري شرق دير البلح، ومواقع أخرى مقابل حدود مدينة غزة، لم يستطع العدو القيام بأي تحرّك مشابه، لأنه ببساطة سيقوم بقتل عدد كبير من جنوده ومستوطنيه، وهو ما سيفتح على الحكومة و”الجيش” أبواب جهنم من جانب الشارع الإسرائيلي.

ختاماً، نقول ونحن بانتظار أن ينجلي المزيد من الوقائع والمشاهد من غزوة “طوفان الأقصى”، إن ما جرى اليوم هو هزيمة استراتيجية ساحقة تلقتها “إسرائيل” في عقر دارها، وأن توابع وارتدادات هذه الهزيمة على مستقبل هذه “الدولة” ستكون هائلة.

بعد هذا اليوم لن تبقى سمعة “الجيش” الإسرائيلي كما اعتدنا عليها، “جيش” من فولاذ يقهر كل أعدائه، ويهزمهم بالضربة القاضية. من اليوم فصاعداً، يمكن النظر إلى هذه القوة الغاشمة بأنها وحش من غبار، يمكن بشيء من التخطيط، وبمزيد من الإرادة، أن تتم هزيمتها وقهرها.

اليوم، نحن أمام لحظة فارقة يمكن البناء عليها لو تضافرت الجهود، واتحدت الساحات، واجتمعت الجبهات. لو حدث ذلك فعلاً في هذه المرحلة الحاسمة، ستكون الأمة أمام نصر كبير لم يحدث له مثيل من قبل.

أقرأ أيضًا: كتب مصطفى إبراهيم: هجوم غير مسبوق وتداعياته خطيرة

كتب مصطفى إبراهيم: هجوم غير مسبوق وتداعياته خطيرة

أقلام- مصدر الإخبارية

كتب مصطفى إبراهيم: الهجوم الذي نفذته المقاومة حركة حماس صباح اليوم مفاجئ جداً، ووضع المنظومة الامنية والسياسية في مأزق وحرج وشكل صدمة اسرائيلية وعالمية، وسيكون لها تداعيات خطيرة، ويقارن عدد من المحللين العسكريين والامنيين بحرب اكتوبر المجيدة في ذكراها الخمسين.

وفشل او اخفاق بتوقع الهجوم اليوم، كما يقول بعض المحللين الاسرائيليين لشعبة الاستخبارات العسكرية. وفشل شعبة الاستخبارات العسكرية بتوقع هجوم الجيش المصري ولا تزال تداعياته ليومنا هذا.

وستستدعي رد فعل اسرائيلي اجرامي دموي بعد اعلان وزير الامن يؤاف جالانت حالة الحرب وتجنيد الاحتياط.

والانتقادات الاسرائيلية حادة من وسائل الاعلام الاسرائيلية والحديث عن فشل واخفاق المنظومة الامنية بتوقع هجوم المقاومة الفلسطينية بهذه الجراة والاستعداد. خاصة ان الصور والفيديوهات مرعبة وستحدث جرحا اسرائيليا سيغرس في الوعي طويلا.

اي كانت الاهداف التي دفعت حماس للهجوم الاستباقي والتي تحدثت عنه قبل سنوات وعن اقتحام المستوطنات، وهي فعلت ذلك في عدوان 2014. لكن هذه المرة الموضوع مختلف، وياتي في ظل اوضاع ملتهبة في الضفة واقليميا ودوليا، وتسارع الحديث عن التطبيع السعودي الاسرائيلي.

ويحاول المحللين العسكريين وبعض ضباط الجيش السابقين تحليل وفهم خطوة حماس، وهل هي استراتيجية، أو هي مجرد للبدء بمعركة وحدة الساحات، حيث ان حزب الله يبدي استعداده لذلك منذ فترة من الزمن، وان ايران ليست بعيدة عن ما يجري، ويأمل هؤلاء المحللين ان لا يحدث ذلك. واذا ما تاكدت إسرائيل ان هذه العملية قامت بها حماس وحدها فيجب ان يكون الرد قاسي وغير مسبوق.

ومن وجهة نظرهم أن السبب الرئيسي هو أن إسرائيل تحت قيادة بنيامين نتنياهو أنه غير ذي صلة، ويقود حكومة من أشخاص متطرفين وعديمي الشخصية والمسؤولية ولا يمتلكون اي كفاءة، وبعضهم حريديم أصوليبن متطرفين يستمدون مواقفهم من الحاخامات والعهد القديم .

كما ان الاسرائليين لا يثق بقرارات نتنياهو وحكومته.

وعلى المدى القريب ليس هناك خيار سوى وقف الهجوم ومنعه بأي شكل من الأشكال ومنع توسيع العملية العسكرية إلى الجبهة الشمالية، وتثبيت الخطوط. وبعد ذلك مباشرة، وعلى الفور، خلال أيام أو أسابيع، مطلوب استبدال فوري لرئيس الوزراء والحكومة. ويجب ألا يقودوا الرد الإسرائيلي. وهذا الرد يتطلب دراسة وفحصاً منهجياً للبدائل على المستوى الاستراتيجي، وهي أمور لا علاقة لنتنياهو وحكومته بها. فاتخاذ القرارات اها تعرض إسرائيل للخطر .

كما يطالب المحللين بعدم انضمام غانتس للحكومة وهو لن يحل المشكلة. وقد يزيد الأمر سوءاً لأنه سيطيل عمر حكومة نتنياهو كرئيس للحكومة، وجميع المسؤولين هم ضمن هذا الفشل الذريع. على غانتس أن يطالب باستبدال نتنياهو والحكومة، قدر الإمكان من دونها واجراء الانتخابات، وان تكون سريعة.

الاوضاع خطيرة والتوقعات والسيناريوهات مختلفة في انتظار قرارات الكابينيت، وسيدفع المدنيين ثمن العدوان القادم وجرائم الحرب ضد الفلسطينيين.

اقرأ/ي أيضًا: وجهة نظر أولية.. إسرائيل المسؤول عن كل ما يجري

Exit mobile version