مجزرة المدرعات في جنين

ماذا بعد معركة جنين وما هي التداعيات الأمنية للعملية العسكرية؟

خاص مصدر الإخبارية – أسعد البيروتي

يجمع محللون فلسطينيون على أن معركة جنين أسست لمرحلة وطنية جديدة قائمة على أسس وركائز محفورة بالوعي الجمعي الفلسطيني، فماذا بعد المعركة وما هي تداعياتها الأمنية؟

يرى المحللون خلال تصريحاتٍ لشبكة مصدر الإخبارية، أن “الركائز قائمة على إنهاء الفاشية الصهيونية الذي لا يمكن إتمامه إلا بالقوة متعددة الأشكال، وعلى رأسها القوة العسكرية والتي أثبتت نجاعتها في الرد على تغول الاحتلال وقطعان المستوطنين”.

ويُشير المحللون أنفسهم، إلى أن انتصار المقاومة في معركة جنين له استحقاقاتٌ تفرضها المرحلة الحالية التي يعيشها شعبنا الفلسطيني، بعد إقرار الاحتلال بفشله في القضاء على المقاومة في مدينة جنين ومخيمها.

يقول الكاتب والمحلل السياسي حسام الدجني: إن “المطلوب فلسطينيًا هو تقييم معركة جنين، والاستفادة من فكرة تعاظم القوة بجميع أشكالها، مع ضرورة تقييم موقف السلطة وخطاب القيادة الفلسطينية، وأداء الفصائل المسلحة”.

ودعا خلال تصريحاتٍ لشبكة مصدر الإخبارية، إلى ضرورة “الاستفادة من النموذج الوحدوي خلال معركة جنين ليُشكّل جوهر الاستراتيجية الوطنية التي ينبغي أن تكون على رأس أولويات الاجتماع الذي دعا إليه الرئيس محمود عباس للأمناء العامين للفصائل”.

بلورة استراتيجية وطنية

وأكد على ضرورة بلورة استراتيجية وطنية للحفاظ على انتصار المقاومة في جنين تقوم على أهمية اتخاذ خطوات بناء الثقة عبر الإفراج عن جميع المعتقلين السياسيين في سجون الأجهزة الأمنية التابعة للسلطة الفلسطينية.

ولفت إلى ضرورة تعزيز الإيمان بالمقاومة بجميع أشكالها كأداة للتحرر الوطني، إلى جانب ضرورة إعلان فلسطين دولة تحت الاحتلال والذهاب نحو المحاكم الدولية لمقاضاة دولة الاحتلال وقادتها كمجرمي حرب.

وأكد على أهمية إنهاء الاعتراف بإسرائيل، ووقف العمل بالاتفاقيات الموقعة، وتغيير وظيفة ودور السلطة الفلسطينية بالدفاع عن الأرض الفلسطينية والإنسان الفلسطيني.

وطالب بضرورة إعادة الاعتبار لمنظمة التحرير الفلسطينية عبر إجراء انتخابات شعبية لتجديد شرعية مؤسساتها يشارك بها الجميع، وينطبق ذلك على كافة المؤسسات الفلسطينية بما يفرز قيادات قادرة على استحقاق المرحلة.

أقرأ أيضًا: جيش الاحتلال يعلن انتهاء العملية العسكرية في جنين رسمياً

من جانبه قال الباحث في مركز فلسطين للدراسات الاستراتيجية عزات جمال: إن “انتصار جنين سيكون له الأثر الكبير في استنهاض المزيد من الأحرار والثوار لينخرطوا ضمن صفوف الثورة المتصاعدة والمقاومة الفلسطينية الواعدة في محافظات الضفة الغربية المحتلة”.

استحقاقات انتصار المقاومة في جنين

وأضاف خلال تصريحات لشبكة مصدر الإخبارية، أن “المقاومة أصبحت أمل شعبنا في الدفاع عن المسجد الأقصى المبارك وعن مدننا وقرانا في وجه عدوان الاحتلال المتصاعد الذي يستهدف وجودنا”.

وأشار إلى أن الصمود الأسطوري لمقاومي جنين يُمثّل ترجمة فعلية وحقيقية لما يُحدِثُه الإيمان الراسخ والإرادة الصلبة والإعداد الجيد من قلبٍ للموازين وكسر لإرادة الاحتلال وجيشه المعتدي، وتحقيق نصر يفتخر به شعبنا وأمتنا”.

وتابع: “يحق لشعبنا الفلسطيني الفخر بجنين وبتجربة أبطالها الرائدة التي خاضها المقاومون الموحدون من كل القوى والفصائل، التي أظهروا عبرها لكل العالم بأس جنين وبأس الشعب الفلسطيني الحر الأبي”.

واستطرد: “الاحتلال سعى خلال عدوانه على جنين لكسر روح الثورة وإحداث شرخ ما بين المقاومين وحاضنتهم الشعبية في محاولة بائسة لتشكيل المزيد من الضغط على المقاومة”.

وأردف: “كل ما فشله الاحتلال لم يزد شعبنا وأهلنا إلا التحامًا مع المقاومة وأبطالها، وقد ظهر ذلك في محاولة توفير شعبنا لكل ما يمكن أن يُعزّز صمودهم ويثبتهم في مواجهة العدوان الهمجي”.

ولفت إلى أن “انتصار المقاومة في جنين له استحقاقات تفرضها المرحلة الحالية التي يعيشها شعبنا، وهي تزيد من العبء والمسؤولية الملقاة على كل من قيادة المقاومة الفلسطينية وعلى عموم شعبنا الفلسطيني على حد سواء”.

وبيّن أن “المقاومة الفلسطينية باتت مطالبة بإدامة تطوير الأداء واستحداث المزيد من الوسائل القادرة على لجم العدو المعتدي وتدفيعه ثمن إجرامه، ومواصلة مراكمة القوة في كل ساحات الوطن ورفع مستوى التنسيق مع الجبهات المحيطة في فلسطين خاصة في دول الطوق”.

وأكد على ضرورة أن “يكون شعبنا متأهب وجاهز لاحتضان وإسناد المقاومة ومقاتليها بكل ما يستطيع من وسائل وبأن ينخرط إلى جانبهم للدفاع عن نفسه وعن مقدساته وأرضه”.

ما هي التداعيات الأمنية لعملية جنين؟
يقول الخبير في الشؤون الأمنية اسلام شهوان: إن “التداعيات الأمنية للعملية العسكرية في جنين هي استهدافها بكاملها كحاضنة للعمل المقاوم في الضفة، إلا أن جنين ومخيمها أصبحا أيقونة المقاومة والتحدي والصمود الفلسطيني”.

وأضاف خلال تصريحاتٍ لشبكة مصدر الإخبارية، أن “الاحتلال سيتعمد المباغتة في أي عدوان جديد على جنين لتحقيق قوة ردع متهالكة بعدما مرّغ المقاومون بأسلحة خفيفة أنفه في التراب وأرغموه على الانسحاب مذلولًا من مدينة جنين ومخيمها يجر ذيول الخزي والعار”.

وأشار إلى أن “الاحتلال سيعمد لاستهداف رجال المقاومة كحالة وظاهرة عمل مقاوم مُلهم للعديد من شباب الضفة والداخل والقضاء عليهم”.

ولفت إلى أن “العملية العسكرية كانت تُمثّل استحقاقًا قضائيًا لحكومة الاحتلال وذلك عبر إفتعال أزمات يقفز من خلالها نتنياهو للأمام حتي يضع المعارضة في خانة الاصطفاف مع الحكومة في ظل قيامها بعمليات كبيرة”.

ونوه إلى أن “الاحتلال سيعمل خلال المرحلة المقبلة على الاستفراد بالعمل الفلسطيني المقاوم فهو يريد تثبيت قواعد اشتباك جديدة فتارة مع جنين وأخرى مع نابلس وطولكرم وغزة وغيرها بهدف فصل الساحات وهو ما فشل فيه خلال جميع المرات السابقة”.

وبيّن أن الاحتلال “سيسعى من وراء هذه العملية إلى اختبار مفهوم وحدة الساحات ومحور المقاومة فهو يستنزف هذا المفهوم حتي يقوم بكي وعي العمل المقاوم الجمعي”.

وسيكون تداعيات العملية العسكرية في جنين هي اشتعال مناطق شمال الضفة بعد هذه العملية وزيادة العمل المقاوم وتسجيل عمليات مؤلمة في عمق الاحتلال مما يجعل الاحتلال يُعيد حساباته ألف مرة في اجتياح جنين أو غيرها من المدن الفلسطينية.

وختم: “بات واضحًا أن الاحتلال يسعى إلى تبريد منطقة شمال الضفة من خلال هذه العملية، والحصول علي تعهدات بعودة عمل السلطة من جديد وبقوة في جنين وشمال الضفة المحتلة”.

Exit mobile version