شركات التكنولوجيا

شركات التكنولوجيا تسحب استثماراتها من إسرائيل.. هل بدأ الانهيار؟

صلاح أبو حنيدق- خاص شبكة مصدر الإخبارية:

أثارت الإصلاحات القضائية التي تقودها الحكومة الإسرائيلية بقيادة بنيامين نتنياهو موجة من الفزع في صفوف شركات التكنولوجيا الفائقة “الهايتك”، رائدة الاستثمار الأجنبي في إسرائيل، ليبدأ عدد كبير منها بسحب أموالها بهدوء، وأخرى بالمشاركة بالإضرابات والاحتجاجات المناهضة لها.

وتهدف حكومة نتنياهو من خلال الإصلاحات إلى جعل قرار اغلبية الكنيست الإسرائيلي (61 صوتاً) يلغي القرارات القضائية الصادرة عن المحكمة العليا، ومنح الحزب الذي يصل إلى الحكم صلاحية تعيين رئيس المحكمة العليا والقضاة وأن تكون قراراتهم مرهونة بموافقة الحكومة، ما يعتبر إلغاءً لاستقلالية القضاء.

ووفق رصد أجرته شبكة مصدر الإخبارية، ويستند لبيانات إحصائية، يبلغ عدد شركات التكنولوجيا التي تدير استثمارات في إسرائيل 5 آلاف شركة، أسست قرابة 580 شركة منها في عام 2022، الغالبية العظمى منها مدرجة في بورصة وول ستريت في الولايات المتحدة.

وبلغت قيمة استثمارات شركات التكنولوجيا في العام 2022 قرابة 15 مليار دولار أمريكي، مقابل 27 مليار دولار في العام السابق له.

ووفق محللين وخبراء اقتصاديين، فإن هجرة الشركات وبدء أصحابها بسحب استثماراتهم من إسرائيل يشكل ضربة قوية للاقتصاد الإسرائيلي كونه قائم بشكل أساسي على صناعة التكنولوجيا.

وقال المحلل البروفيسور أنور أبو الروب إن” الفصل بين السلطات التنفيذية والقضائية والتشريعية في إسرائيل، والعمل وفق الاستثمار الحر، كان خلال السنوات الماضية حافزاً مشجعاً لشركات التكنولوجيا ولرأس المال الأجنبي، ووفر بيئة ملائمة وحماية لها”.

وأضاف أبو الروب لشبكة مصدر الإخبارية أن” توفير البيئة الحامية للشركات ساهم بتعزيز نمو الاقتصاد الإسرائيلي وساعده على عدم التعرض لنكسات قوية بالتزامن مع التراجع الكبير في الاقتصادية العالمية الكبرى الأخرى، لاسيما خلال جائحة كورونا بسبب اعتماده الأساسي على الاستثمار في قطاع التكنولوجيا”.

وأشار أبو الروب إلى أن “الاقتصاد الإسرائيلي يعتمد بشكل أساسي على تصدير صناعة التكنولوجيا إلى الخارج، حيث بلغت خلال العام الماضي 55% من إجمالي صادرات الخدمات في إسرائيل”.

وتابع أبو الروب” أن الإصلاحات القضائية أثارت حالة من الخوف لدى المستثمرين انطلاقا من مبدأ أن سيطرة السلطة التنفيذية على القضاء يشكل تهديداً لتوسعهم وبيئة العمل الممنوحة لهم، وإمكانية تغييرها بأي لحظة”.

وأعلنت شركة إنتل عن تأجيل اجتماع مع الحكومة الإسرائيلية لبحث خطتها لتوسيع استثماراتها في إسرائيل وإضافة ما بين 20 و25 مليار دولار جديدة بسبب الخوف من الإصلاحات القضائية وتفسير الأمر بأنه دعم سياسي لها.

ولفت أبو الروب إلى أن” شركات التكنولوجيا تأخذ بعين الاعتبار قبل توسيع استثماراتها أو الدخول بها درجة المخاطر، ما يجعلها تفكر مرتين قبل العمل”.

وأكد أن” سحب الاستثمارات لن يقتصر على صناعة التكنولوجيا بل سيمتد لصناعات أخرى، خصوصاً وأن المستثمرين يخشون أيضاً من وجود حكومة إسرائيلية متشددة، تعمد على تصعيد إجراءاتها، ستقود البلاد نحو تفجر الأوضاع الأمنية والحروب”.

وشدد على أن” أثر هجرة الشركات والاستثمارات سيظهر جلياً على بيانات الناتج المحلي الإجمالي خلال العام 2023 والتي يتوقع أن تشهد تراجعاً حال أقرت الإصلاحات القضائية”.

وكانت صحيفة” كالكاليست” الاقتصادية، قالت إن شركات التكنولوجيا بدأت بسحب أموالها واستثماراتها من إسرائيل بهدوء على خلفية الإصلاحات القضائية الناشئة.

وأضافت الصحيفة أن “تحقيق أجرته أظهر أن 37 شركة تكنولوجيا تشغل 8 آلاف عامل قررت سحب 780 مليون دولار من الحسابات المصرفية في إسرائيل، وأوقفت تحويلات من الخارج إلى تل أبيب بقيمة 2.2 مليار دولار”.

وأكدت ” كالكاليست” أن الشركات المذكورة أعلاه قررت أيضاً تحويل نصف أرصدتها إلى الخارج استجابة لمخاوف المستثمرين وتوجيهات المديرين ولجان تحليل المخاطر بداخلها.

ومنذ إعلان حكومة بنيامين نتنياهو نيتها عن الإصلاحات القضائية ارتفاع مؤشر الخوف في شركات التكنولوجيا في بورصة تل أبيب إلى 16%.

من جهته، قال الخبير الاقتصادي أسامة نوفل، إن “الاقتصاد الإسرائيلي قائم بدرجة أولى على صادرات صناعة التكنولوجيا والألماس، وتشكل الجزء الأكبر من رأس المال فيه”.

وأضاف نوفل في تصريح لشبكة مصدر الإخبارية، أن” إسرائيل مقبلة على أزمة اقتصادية حال ارتفع مستوى هجرة شركات التكنولوجيا منها”.

وأشار نوفل إلى أن” قرارات الائتلاف الحكومي المتضاربة الصادرة عن الوزراء دون الرجوع إلى الكنيست كالغعلان عن عملية السور الواقي 2 في القدس يزيد من مدى مخاوف المستثمرين الأجانب ودفعهم للتفكير والبدء بسحب أموالهم وتحويلها إلى وجهات جديدة”.

ورأى نوفل أن “الاستثمار الأجنبي في إسرائيل دخل مرحلة حاسة قد تتسبب بتصدعات قوية للاقتصاد والعملة المحلية وتراجع حجم الثقة فيها”.

وأكد أن “إعلان عدد كبير من شركات التكنولوجيا المشاركة في الاحتجاجات المناهضة للإصلاحات القضائية يدلل على مدى خوفها من العمل في ظل وجود سلطة تنفيذية بصلاحيات تسيطر على السلطات الأخرى، لاسيما القضائية الناظمة للقوانين ولوائح العمل”.

وتشارك اليوم الاثنين، 13 شباط (فبراير) الجاري أكثر من 50 شركة إسرائيلية للتكنولوجيا الفائقة وموظفيها بالإضراب احتجاجا على التعديلات القضائية التي تنوي حكومة بنيامين نتنياهو تنفيذها.

وحذرت، في وقت سابق من الشهر الجاري، عدد من البنوك الكبرى بينها “إتش إس بي سي، وباركليز وجي بي مورجان” من أن الإصلاحات القضائية من شأنها إضعاف الأنظمة والضوابط في إسرائيل، والتأثير السلبي على الاستثمارات الأجنبية المباشرة في الاقتصاد التي تشكل عاملاً أساسياً في قوة الشيكل الإسرائيلي، والتصنيف الائتماني للبلاد.

وقال بنك “جي بي مورغان تشيس” الأمريكي إن “أبرز العواقب المحتملة لما يحدث من توترات جيوسياسية والإصلاحات القضائية تخفيض التصنيف الائتماني في إسرائيل على غرار ما حدث مع بولندا من تراجع لتصنيفها من قبل وكالة التصنيف الدولية “إس أند بي” عام 2016 من A ناقص إلى BBB plus”.

اقرأ أيضاً: هل تقود التوترات والإصلاحات القضائية لانهيار الشيكل والاقتصاد الإسرائيلي؟

Exit mobile version