29 قتيلاً في هجوم دموي غرب النيجر

وكالات – مصدر الإخبارية

قتل 29 جندياً في هجوم دموي مسلح غرب النيجر، وفقاً لما أعلنته وزارة الدفاع فجر اليوم الثلاثاء.

واعتُبر هجوم الليلة، الأكثر دموية منذ استيلاء الجيش على السلطة في انقلاب نهاية يوليو (تموز)، بسقوط هذا العدد من القتلى في هجوم واحد.

وفي بيان لها عبر التلفزيون الوطني، قالت الوزارة إن “مفرزة من قوات الأمن تعرضت شمال غرب تاباتول لهجوم معقد نفذه أكثر من مئة إرهابي، وتم خلاله استخدام عبوات ناسفة وعربات انتحارية”.

وأفادت أن الحصيلة الأولية للقتلى تؤكد سقوط 29 جندياً، وإضابة جنديين بجروح، وقررت إعلان الحداد الوطني عليهم مدة 3 أيام.

في المقابل، أشارت الوزارة إلى مقتل عشرات الإرهابيين خلال صد الجيش للهجوم الدموي.

ولفتت الوزارة إلى أن الهجوم وقع قرب الحدود مع مالي خلال تنفيذ الجيش عمليات تهدف للقضاء على التهديد الذي يشكله تنظيم داعش في الصحراء الكبرى، المترسخ بقوة في المنطقة.

يذكر أن 7 جنود آخرين قتلوا غرب البلاد في هجوم تسبب أيضاً إلى مقتل 5 أخرين خلال توجههم للتصدي لمنفذي الهجوم، من خلال حادث مروري تعرضوا له.

وفي منتصف أغسطس (آب)، قُتل ما لا يقل عن 17 جندياً، وأصيب 20 آخرون بجروح في هجوم مسلح قرب الحدود بين النيجر وبوركينا فاسو، والتي تعتبر ملاذاً للمسلحين، تنطلق منها هجماتهم.

اقرأ أيضاً:قراءة أخرى لما يجري في النيجر

النيجر: بازوم يتحرك عبر محكمة إيكواس لاستعادة الحكم

وكالات – مصدر الإخبارية

طالب رئيس النيجر المعزول محمد بازوم بإطلاق سراحه، ورفع دعوى أمام محكمة العدل التابعة للجماعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا “إيكواس” يطلب فيها استعادة الحكم، والعودة لمنصبه الذي أطاحه منه الجيش في انقلاب 26 يوليو.

وأفاد محامي بازوم بأن موكله يطالب في الدعوة بإلزام النيجر بإعادة إرساء النظام الدستوري فوراً من خلال إعادة السلطة للرئيس بازوم، ولفت أنه يجب أن يستمر في ممارستها حتى نهايتة ولايته بتاريخ 2 ابريل (نيسان) 2026.

وأوضح المحامي السنغالي سيدو دياني بأن الدعوى المقدمة في 18 سبتمبر، تتهم النظام العسكري الحاكم في نيامي باعتقال الرئيس بازوم وعائلته تعسفياً.

وقال إن “بازوم وزوجته وابنه المحتجزين في القصر الرئاسي منذ الانقلاب هم ضحايا انتهاكات خطيرة وغير مقبولة لحقوق الإنسان”.

ونوه المحامي إلى أن موكليه لهم الحق باللجوء للمحاكم المختصة، دون أن ينعكس على تفاقم وضعهم، بل هو مبعث أمل بأن تتحقق العدالة لهم.

وقال إنه “في حال أصدرت المحكمة حكماً لصالح موكّله، فإن دولة النيجر ملزمة قانونياً بتنفيذ القرار”.

يذكر أنه تمت الإطاحة بالرئيس المنتخب محمد بازوم من خلال انقلاب للعسكر في 26 يوليو الماضي، ووضع تحت الإقامة الجبرية منذ ذلك اليوم.

وهددت إكواس بالتدخل العسكري في النيجر لإعادة الرئيس بازوم للسلطة، فيما أعلن قادة الجيش أنهم يخططون لفترة انتقالية مدتها 3 سنوات، يعيدون فيها السلطة للمدنيين.

اقرأ أيضاً:الجزائر تقترح مبادرة سياسية من 6 نقاط لحل الأزمة في النيجر

قراءة أخرى لما يجري في النيجر

بقلم- عبد الحميد صيام:

الآن تذكر العالم النيجر.. بعد الانقلاب لا قبله، ولو استمرت الأمور كما كانت عليه لم يفطن له أحد، ولبقي البلد على فقره وتخلفه ومؤشرات التنمية الخطيرة، التي تؤكد أن 41.8 في المئة يعيشون في حالة فقر مدقع. أضف إلى ذلك معدل العمر المتوقع ونسبة موت الأطفال دون الخامسة، ونسبة الوفيات من الأمراض المعدية، وغير ذلك الكثير. بعد انقلاب 24 يوليو انشغل العالم بالنيجر، والجميع يتباكى على انتهاك الدستور والإطاحة بالرئيس المنتخب محمد بازوم. البيانات والتحركات والزيارات لنيامي لا تتوقف، الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، أدان الانقلاب وكذلك فعلت كل الدول الغربية، وعلى رأسها فرنسا والولايات المتحدة الأمريكية. أما دول المجموعة الاقتصادية لغربي افريقيا المعروفة باسم إيكواس (ECOWAS) فقد هددت بالتدخل عسكريا إن لم يعد الرئيس محمد بازوم إلى موقعه رئيسا للبلاد، وما زال التهديد قائما إلى هذه اللحظة. أما فرنسا فتحدت المجلس العسكري وأصرت على أن تبقي سفيرها في نيامي لأنها لا تعترف إلا بالرئيس الشرعي محمد بازوم.
لا نجادل في أننا نقف مع الانتخابات الحرة والعادلة والشفافة والسلمية، أينما عقدت وكيفما كانت نتائجها، ونرفض تعطيل الحياة الدستورية من حيث المبدأ، ولكننا نصر على استخدام المعايير نفسها في اتخاذ المواقف من الانقلابات التي تطيح بالحكومات المنتخبة أينما حدثت، وكيفما تمت، سواء كانت عسكرية أم دستورية.
يجب أن يكون الموقف موحدا من جميع الانقلابات على نتائج الانتخابات الحرة، سواء عن طريق العسكر أو بالتحايل على الدستور، فلا يجوز أن يكون الموقف مزاجيا، أو تحكمه اعتبارات المصالح والعلاقات القائمة على الاستغلال والنهب، فقد وقع في العالم منذ نهاية الحرب الباردة 1990-1991 نحو 83 انقلابا غالبيتها الساحقة في القارة الافريقية، لكن التعامل مع هذه الانقلابات لم يكن بالضرورة مبدئيا ولا انتصارا للقانون الدولي. فانقلاب برويز مشرف عام 1999 على حكومة نواز الشريف المنتخبة، قوبل بالترحاب وفرشت السجادة الحمراء لمشرف في واشنطن وخاطب جلسة مشتركة لمجلسي الشيوخ والنواب. وانقلاب عبد الفتاح السيسي الدموي على رئيس مدني منتخب، صدرت ضده بيانات ناعمة، لكنه بقي ثابتا وترأس الاتحاد الافريقي عام 2019. والانقلاب الدموي لعسكر ميانمار في 1 فبراير 2021 على الحكومة المنتخبة للرئيس وين مينت ما زال محميا، وهو يرتكب المزيد من المجازر. كما أن الانقلابات الأخيرة في افريقيا في تشاد ومالي وغينيا وبوركينا فاسو ما زالت قائمة، وأعلنت وقوفها مع حكم العسكر في نيامي، دون أن تفعل دول الاتحاد الافريقي أو مجموعة إيكواس شيئا. وأود أن أذكر بآخر الانقلابات الدستورية على الرئيس الباكستاني المنتخب عمران خان، الأكثر شعبية ربما في تاريخ البلاد، والذي كشفت أوراقه أخيرا وتبين أنه من صناعة واشنطن. وقبل أن أفصل في هذه النقطة ونرى كيف تعامل الاتحاد الافريقي بشكل عام، ومجموعة إيكواس بشكل خاص مع الانقلابات، سأقدم بعض الحقائق المهمة التي تساعدنا على فهم ما يجري في النيجر.

النيجر من أفقر دول العالم، عدد السكان نحو 26 مليونا وأكبر من مصر مساحة، وهي دولة مغلقة تحيط بها سبع دول من بينها الجزائر، بحدود تصل إلى ألف كيلومتر ونيجريا بحدود نحو 1700 كيلومتر وتشاد نحو 1175 كيلومترا. نسبة السكان المسلمين فيها تصل إلى 99%. استقلت البلاد عن فرنسا عام 1960 وحكمها العسكر معظم هذه السنين وجرى فيها خمس انقلابات عسكرية، وجميع من حكموها اتهموا بالفساد ولم يقم أي منهم بتطوير البنية التحتية، أو الشروع في برامج تنموية رشيدة، علما أن البلاد غنية بالنفط وسابع دولة في العالم في انتاج اليورانيوم، ولهذا السبب، هناك قاعدة جوية عسكرية فرنسية فيها نحو 1500عسكري وقاعدة أخرى للولايات المتحدة أقيمت في عهد الرئيس الأسبق باراك أوباما فيها نحو 1100 عسكري مهمتها حماية مناجم اليورانيوم من الإرهابيين، كما قيل. النفوذ الفرنسي هو الطاغي، وتأخذ فرنسا حصة الأسد من اليورانيوم لتضيء شوارعها وبيوتها ومعالمها وتبقي شوارع نايمي والمدن النيجرية من دون كهرباء. حكم البلد محمدو إيسوفو عشر سنوات من 2011 إلى 2021 ثم سلم السلطة لأحد أتباعه عبر الانتخابات وهو محمد بازوم، الذي طرد رئيس الأركان ساليفو مودي، وكان على وشك طرد رئيس الحرس الجمهوري عبد الرحمن تياني. حاول أيسوفو التدخل لحل الأزمة لكنه فشل، فقاد الانقلاب تياني ومجموعة الحرس المكونة من 700 شخص، وللمفارقة فقد أنقد تياني الرئيس بازوم يوم تنصيبه رئيسا من انقلاب عسكري كان مخططا له. قرر الأخير أن يستبق الضربة مستغلا عدم رضى المؤسسة العسكرية عن تساهل بازوم في محاربة الجماعات المتطرفة على الحدود المالية التشادية وبوركينا فاسو، إضافة إلى غلاء الأسعار وارتفاع نسبة البطالة، وعدم وصول المساعدات الخارجية إلى أيدي المواطنين، ما شكل تأييدا لحركة العسكر من الجيش والشعب المتضرر والطبقات الأكثر فقرا.
هل تستطيع مجموعة إيكواس التدخل عسكريا؟
أعلن الرئيس النيجيري بولا أحمد تينوبو رئيس مجموعة إيكواس، قطع علاقات المجموعة التجارية وإمدادات الكهرباء مع النيجر، وعلّق رحلات الطيران من وإلى النيجر وجمد الحسابات البنكية وأمهل الانقلابيين أسبوعا للاستسلام، وإلا سيبدأ التدخل العسكري، لكنه عاد وبلع كلامه وترك الأمر لوزراء دفاع المجموعة الذين أعلنوا يوم 10 أغسطس عن تشكيل قوة إقليمية لإعادة الحياة الدستورية للنيجر مع التأكيدعلى أهمية الحل السلمي للأزمة. التدخل العسكري لم يلق تأييدا من الجزائر ولا روسيا ولا الدول الثلاث التي أيدت الانقلاب، مالي وغينيا وبوركينا فاسو، وأعلنت هذه الدول أنها ستدخل المواجهة إلى جانب قائد الانقلاب عبد الرحمن تياني.
لقد سبق للمجموعة بقيادة نيجيريا أن تدخلت عسكريا في تسعينيات القرن الماضي مرتين في سيراليون للإطاحة بفوداي سنكوح، الذي انقلب على الرئيس المنتخب أحمد تيجان كبا، وعلى شارلز تايلور في ليبيريا، الذي أطاح بحكومة صموئيل دو المنتخبة وقام بإعدام الرئيس، لكن الفرق أن كلا التدخلين كانا مدعومين من مجلس الأمن الدولي بقرارات واضحة وإنشاء بعثات دولية، خاصة أن الانقلابيين ارتكبوا من جرائم الحرب ما أودى بهم إلى المحاكم الجنائية، لقد تحول البلدان إلى وجع عميق لدول افريقيا الغربية والاتحاد الافريقي برمته الذي بارك التدخل لما ارتكباه من جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية. وقد تحملت نيجيريا العبء الأكبر من تكاليف تلك التدخلات ماليا وبشريا ولم تعد القيادات اللاحقة تملك الجرأة للتدخل بسبب المزاج العام النيجيري من جهة، ولكثرة مشاكل البلاد، خاصة في وجود جماعة «بوكو حرام» التي ما فتئت تعتدي وتقتل وتخطف وتقتل وتتحدى الحكومة المركزية. ولا غرابة أن لجأت نيجيريا لإرسال وفد من علماء الدين المسلمين للتحاور مع الانقلابيين ثم أرسلت أخيرا الرئيس الأسبق عبد السلام أبو بكر للوساطة، ثم توالت الوساطات دون فائدة. حتى إن وسطاء إيكواس طلبوا مؤخرا إطلاق سراح بازوم كإشارة حسن نيّة، من دون جدوى.
من الأسباب الأخرى التي قد تؤخر أو تعطل التدخل العسكري في النيجر وجود انقسام في الموقف داخل مجموعة إيكواس من جهة، وداخل الاتحاد من جهة أخرى. فالرئيس التشادي محمد دِيبي، الذي أيضا وصل السلطة عبر انقلاب، عرض على إيكواس الوساطة ولم يلق أذنا صاغية، كما أن الجزائر ترفض التدخل العسكري بالمطلق وموقفها له تأثيراته على المجموعة، أضف إلى ذلك التجاذب الحاصل بين دول أعلنت وقوفها مع عسكر نيامي كنوع من التشفي بطرد الوجود الفرنسي، الذي ما فتئ يستغل خيرات القارة دون أن يقدم لها شيئا إلا القواعد العسكرية، وهل صدفة أن تخرج المظاهرات المؤيدة لطرد الوجود الفرنسي في العاصمة النيجرية مثلما قامت المظاهرات في كل من بوركينا فاسو ومالي وغينيا وتشاد وموريتانيا، وهي دول بدأت تعتمد على نفسها وتعاونها مع بعضها بعضا للوقوف في وجه الجماعات المتطرفة والإرهابية، وأبدعت أكثر بكثير من الاعتماد على فرنسا، إن أي تدخل عسكري في النيجر سيظهر وكأنه نوع من الدفاع عن المصالح الأمريكية الفرنسية في القارة الافريقية، التي تمر في مرحلة الأفول. ما تحتاجه النيجر ليس تدخلا عسكريا، بل التوصل إلى تفاهم مع دول الإيكواس والاتحاد الافريقي على حل الأزمة الدستورية بطرق سلمية عن طريق الحوار السياسي لضمان احترام الدستور من جهة، وكنس الوجود الفرنسي القائم على الاستغلال المستدام وإفقار الشعوب وتكوين طبقة صغيرة مستفيدة من التعاون مع قوى الاستعمار القديم، من جهة أخرى. الأزمة ما زالت مفتوحة على كل الاحتمالات، لكن تداعيات التدخل العسكري ستكون كارثية على النيجر ومجموعة إيكواس والقارة الافريقية كلها.

اقرأ أيضاً: حزب الله يعقلن إسرائيل ..!

كيف تؤدي عمليات حفظ السلام الأممية عن غير قصد إلى تغذية الانقلابات في أفريقيا؟

ترجمات-حمزة البحيصي

اعتقل في 26 يوليو(تموز) الجنرال عبد الرحمن تشياني رئيس النيجر المنتخب ديمقراطياً، محمد بازوم، ونصب نفسه رئيساً لما يسمى بالمجلس الوطني لحماية الوطن، وهو مجلس عسكري.

وأصدرت المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا (ECOWAS) في 30 يوليو(تموز)، للمجلس العسكري إنذاراً نهائياً بإعادة الرئيس السابق إلى السلطة في غضون أسبوع واحد أو مواجهة التهديد بفرض عقوبات إضافية واستخدام القوة العسكرية.

وقالت:” لقد شهدت المنطقة موجة من الانقلابات في السنوات الأخيرة، والمجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا تشعر بالقلق إزاء انتشار هذه الانقلابات”.

يشار إلى انتهاء الإنذار منذ ذلك الحين، مع بقاء تشياني صامداً، الأمر الذي أثار أزمة بالنسبة للمجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا.

وفي العاشر من أغسطس(آب) وضع الاتحاد قواته في حالة تأهب، حيث تعهدت الدول الأعضاء نيجيريا والسنغال وبنين وساحل العاج بالمساهمة بقوات لاستعادة الديمقراطية في النيجر.

وفي الوقت نفسه، أرسلت بوركينا فاسو ومالي – اللتان تديرهما مجالس عسكرية – بعثات “تضامن” إلى النيجر، الأمر الذي دفع المنطقة إلى حافة الحرب.

وحسب مصادر فإنه لا يُعرف الكثير عن تشياني نفسه، كما التزم المجلس العسكري الصمت، مما أدى إلى تكهنات مكثفة حول دوافع الانقلاب.

وكُتب الكثير عن دور تشياني كرئيس للحرس الرئاسي – المكلف بحماية بازوم – ودوره المزعوم في محاولة انقلاب سابقة فاشلة، حيث أفادت شائعات أن بازوم كان يخطط لإزالة تشياني، ولكن لم يتم إيلاء سوى القليل من الاهتمام لدوره السابق كجندي في حفظ السلام تابع للأمم المتحدة.

وشهدت مسيرة تشياني العسكرية خدمته في بعثات الأمم المتحدة في ساحل العاج وجمهورية الكونغو الديمقراطية والسودان، إضافة إلى العديد من المهام الإقليمية المتعددة الأطراف.

وتعتبر مسيرته المهنية رمزاً لمجموعة جديدة من المهنيين العسكريين الذين يتمتعون بسجلات خدمة دولية مهمة، حيث إن النظر في التطور التاريخي لحفظ السلام يتيح لنا وضع سياق لهؤلاء المتآمرين من ذوي الخوذ الزرق ومتآمرين الانقلابات مثل تشياني.

ومنذ نهاية الحرب الباردة، قام المجتمع الدولي والأمم المتحدة على نحو متزايد بتمويل جيوش الدول غير الديمقراطية أو الضعيفة الديمقراطية لتلبية الطلب المتزايد على حفظ السلام.

اقرأ/ي أيضا: الجزائر تقترح مبادرة سياسية من 6 نقاط لحل الأزمة في النيجر

وكانت دول مثل النيجر حريصة على الاضطلاع بهذه المهمة، وفي السنوات الخمس التي تلت نهاية الحرب الباردة، سمحت الأمم المتحدة بإنشاء 20 مهمة جديدة لحفظ السلام، الأمر الذي تطلب زيادة في عدد القوات بمقدار سبعة أضعاف تقريباً من 11 ألفاً إلى 75 ألفاً. واليوم، يتجاوز هذا العدد 90 ألف جندي من قوات حفظ السلام المنتشرين في جميع أنحاء العالم.

وفي الوقت نفسه، تراجعت الديمقراطيات الغنية عن حفظ السلام، مما أدى إلى زيادة الاعتماد على دول مثل النيجر.

وفي حين كانت المهمات السابقة تتضمن إلى حد كبير المراقبة على طول خطوط وقف إطلاق النار المحددة بوضوح، فإن مهمات ما بعد الحرب الباردة – والتي يشار إليها أحياناً باسم الجيل الثاني من عمليات حفظ السلام – كانت أكثر تطلباً وأكثر دموية في العادة.

ويتم الآن تكليف القوات بشكل منتظم بتأمين وقف إطلاق النار بين الأطراف المتحاربة في الحروب الأهلية المستمرة.

في عام 1990، كانت أكبر الدول المساهمة بقوات حفظ السلام هي كندا، وفنلندا، والنمسا، والنرويج، وأيرلندا، والمملكة المتحدة، والسويد – وكلها ديمقراطيات ليبرالية. وبحلول عام 2015، حلت محلها بنجلاديش وباكستان وإثيوبيا ورواندا ونيجيريا ومصر، وجميعها دول أقل ديمقراطية ولها تاريخ من عدم استقرار الأنظمة.

وفي حين أن تأثيرات حفظ السلام على البلدان التي تنتشر فيها قوات حفظ السلام إيجابية وراسخة، فإن التأثيرات على الدول التي ترسل قوات – مثل النيجر – محل خلاف شديد.

ويشير بعض المحللين إلى أن حفظ السلام له تأثيرات مفيدة على إرساء الديمقراطية بين الدول المرسلة، وتعريفها بمعايير حقوق الإنسان وتحفيزها على اتباع سيادة القانون لأن “العصيان” -أي الانقلابات- من شأنه أن يعرض للخطر المهام المستقبلية والحوافز المربحة التي تصاحبها.

وتنفق الأمم المتحدة أكثر من 6 مليارات دولار على عمليات حفظ السلام سنوياً، يذهب معظمها إلى تعويضات القوات والتكاليف المادية.

ويمكن أن تشكل أجور عمليات حفظ السلام نسبة كبيرة من الميزانيات العسكرية للدول المرسلة، فضلاً عن رواتب الجنود الأفراد، خاصة في البلدان الأقل نمواً. وفي الواقع، يُزعم اليوم أن بعض الدول تحفظ السلام من أجل الربح.

لكن آخرين يحذرون من أن عمليات حفظ السلام لها تأثيرات مختلطة، إذ من المحتمل أن تؤدي إلى ترسيخ الحكم الاستبدادي والمساهمة في النزعة الانقلابية في الديمقراطيات الهشة مثل النيجر.

وفي حين أن حفظ السلام قد يعمل على إضفاء الطابع الاجتماعي على الدول المرسلة وتلتزم بالقيم العالمية المرتبطة بالأمم المتحدة، إلا أن هناك أمثلة كثيرة للغاية حيث يتم التسامح مع الانتهاكات وتعزيز المعايير غير الليبرالية بدلاً من ذلك.

وفي الواقع، أصبح المجتمع الدولي يعتمد بشكل مفرط على هذه البلدان في عمليات حفظ السلام، وبالتالي كان متردداً في فرض عقوبات عليها، حتى عندما يخرج سلوكها بشكل كبير عن الأعراف الليبرالية. والواقع أن بعض الدول استخدمت حفظ السلام لبناء قوات مسلحة أكثر قوة. والنتيجة هي في كثير من الأحيان جيش أكثر تمكيناً، مما يخل بالتوازن مع السلطات المدنية، وغالباً في البلدان التي لها تاريخ سابق من الانقلابات.

وقد شهدت النيجر نمواً هائلاً في دورها في حفظ السلام، حيث تساهم اليوم بحوالي 1000 جندي وأفراد أمن.

وأغدق المجتمع الدولي الأموال على النيجر -أرسلت الولايات المتحدة وحدها ما يقرب من 500 مليون دولار في العقد الماضي بالإضافة إلى التدريب والدعم- لتحسين أمنها وتعزيز جيشها. وقد أغدقت الأمم المتحدة الثناء على النيجر، وشكرتها على مساهماتها في حفظ السلام.

ومع ذلك، أصبح المجتمع الدولي أيضاً متردداً في انتقاد قوات حفظ السلام مثل النيجر، وغالباً ما يظل صامتاً في مواجهة الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان أو التراجع الديمقراطي. وقد مُنحت قوات حفظ السلام الرخصة لتجاهل الشروط، مثل ممارسة ربط المساعدات بإرساء الديمقراطية.

وأعرب متحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش عن “قلقه العميق” إزاء الأحداث في النيجر، لكن المنظمة لم تصل إلى حد إصدار عقوبات أو وقف المساعدات في أعقاب الانقلاب. وبينما قامت المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا بقطع الكهرباء عن البلاد، فقد رفضت ممارسة إجراءات أكثر قوة، مما سمح بانتهاء المهلة النهائية دون عواقب.

وفي حين أن الأسباب المحتملة للانقلابات غير محددة بشكل مبالغ فيه، فإن الدول التي ترسل قوات حفظ السلام الحاصلة على قدر أكبر من التدريب والخبرة الأجنبية هي الأكثر عرضة للانقلابات، وغالباً ما تكون قوات حفظ السلام نفسها، مثل تشياني، مسؤولة عن ذلك. ونظراً لتاريخ قوات حفظ السلام الحافل بالسلوك المفترس في الداخل، فإن فكرة أن المعايير الليبرالية تنعكس بطريقة أو بأخرى في عملية حفظ السلام هي مجرد أسطورة. وتشير الأدلة الواردة من النيجر إلى أن حفظ السلام ربما لعب دوراً في الأحداث الأخيرة، حيث زود المجلس العسكري بوسائل أكبر – بما في ذلك جيش أكثر قوة وجرأة – للتدخل في الشؤون السياسية للبلاد.

وتشير الأدلة إلى أن حفظ السلام يشكل شرطاً متساهلاً للتدخل العسكري في السياسة، فهو يزيد من خطر الانقلابات، ولكن لا يمكن القول بشكل قاطع أنه يسببها. وهذا يشكل تحديا لصانعي السياسات.

وقد تنظر الأمم المتحدة في اتخاذ إجراءات لمنع تسرب الأموال أو المواد المخصصة لحفظ السلام فقط. ويمكن تحقيق ذلك من خلال مزيد من التدقيق والرقابة أو فرض عقوبات على قوات حفظ السلام التي تنتهك قواعد المنظمة.

المصدر: فورين بوليسي

الجزائر تقترح مبادرة سياسية من 6 نقاط لحل الأزمة في النيجر

وكالات-مصدر الإخبارية

اقترحت الجزائر مبادرة سياسية لحل الأزمة في النيجر، في حين حذّرت وزيرة فرنسية من “الانهيار الأمني في غرب أفريقيا”.

وقال وزير الخارجية الجزائري، أحمد عطاف في مؤتمر صحفي -اليوم الثلاثاء-، إن بلاده تقترح مبادرة تشمل ست نقاط: بداية من تعزيز مبدأ عدم شرعية التغييرات غير الدستورية؛ لأن الجزائر تعدّ نفسها الحافظ المعنوي والسياسي والأخلاقي لمبدأ التغييرات غير الشرعية.

وأضاف الوزير عطاف أن “المحور الثاني للمبادرة هو: أن الجزائر ستبادر في القمة المقبلة للاتحاد الأفريقي، من أجل تعزيز هذا المبدأ وتجسيده على أرض الواقع، لوضع حد نهائي للانقلابات”.

وأشار إلى أن المحور الثالث يتعلق بالترتيبات السياسية للخروج من الأزمة، والهدف منه صياغة ترتيبات بموافقة جميع الأطراف دون إقصاء لأي جهة، على ألا تتجاوز مدتها 6 أشهر، وتكون تحت إشراف سلطة وطنية تتولاها شخصية وطنية تحظى بقبول جميع الأطراف في النيجر.

واوضح أن المحور الرابع يعتمد على المقاربة السياسية وتقديم الضمانات لكل الأطراف، وقبولهم من كل الفعاليات في الأزمة، وخامسًا: هو المقاربة التشاركية من أجل ضبط تلك الترتيبات، وسادسًا: هو تنظيم مؤتمر دولي حول التنمية في الساحل، بهدف حشد التمويلات اللازمة لتجسيد برامج تنمية في المنطقة، ما يضمن الاستقرار والأمن.

اقرأ/ي أيضا: بسبب تهديدات التدخل العسكري.. حالة تأهب قصوى في النيجر

وجدّد عطاف تمسّك الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون باستبعاد أي تدخل عسكري، مشددًا على رفض التغيير غير الدستوري لنظام الحكم بالنيجر والرئيس محمد بازوم هو الرئيس الشرعي للبلاد.

ودعا إلى تمكين بازوم من استئناف مهامه رئيسًا للبلاد، وقال: ” إن معظم الدول التي تحدثوا إليها تعارض التدخل العسكري لإنهاء الأزمة”.

الموقف الفرنسي

من جهتها، جدّدت وزير الخارجية الفرنسية كاترين كولونا، المطالبة بعودة النظام الدستوري، مؤكدة التزام بلادها بالحفاظ على مبادئ الديمقراطية.

وفي كلمة أمام المؤتمر السنوي لسفراء فرنسا حول العالم، قالت كاترين، إن “الانقلاب سيخفق”.

وأكدت أن الطريق الذي فتحه الانقلاب في النيجر هو ما سمّته طريق الكارثة المؤكدة، وخطرِ الانهيار الأمني في غرب أفريقيا، وتفاقم الأزمات الاقتصادية والاجتماعية.

وطالبت بتمثيل القارة الأفريقية في مجموعة العشرين، مشيرة إلى أن لدى بلادها مستقبلًا مع الدول الأفريقية، فهي بلدان شريكة وأساسية، حسب قولها.

وأضافت “لا يمكن لباريس أن تتجاهل ما تقوله المجموعة “إيكواس” بشأن الوضع في النيجر، كما لا يمكننا الاستمرار على نهج مالي وبوركينا فاسو”.

بسبب تهديدات التدخل العسكري.. حالة تأهب قصوى في النيجر

وكالات – مصدر الإخبارية

وضعت النيجر قواتها المسلحة في حالة تأهب قصوى، وفق أوامر رئيس أركان القوات المسلحة النيجرية موسى سالاو بارمو اليوم السبت.

وأوضحت وكالة “نوفوستي” أن بارمو أصدر بياناً تم بثه عبر الإذاعة بتعيين جميع أفراد القوات المسلحة في حالة تأهب قصوى، بعد تزايد التهديدات بالعدوان على النيجر والتدخل العسكري من الغرب.

وبيّن بارمو أن القرار يهدف لضمان الرد المناسب، على هذه التهديدات المتزايدة.

وحسب تقارير، فإن المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا “إكواس” تستعد للتدخل العسكري في النيجر، وتقول التقارير إن “المجموعة أعلنت قبل أسبوع أنه تم تحديد موعد للتدخل العسكري في النيجر دون أن تكشف عنه”.

وتهدد “إيكواس” بالتدخل العسكري في النيجر لتسوية الأمر، منذ الإطاحة بالرئيس النيجيري محمد بازووم.

من جهتها، حذرت موسكو من الحل العسكري في النيجر، والذي قد يؤدي إلى مواجهة طويلة الأمد وزعزعة استقرار الوضع بمنطقة الساحل والصحراء.

وقال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف إن “مثل هذا التدخل سيكون مدمراً لعدد كبير من الدول ولآلاف البشر”.

وكانت فرنسا طلبت الإذن من الجزائر قبل أيام لدخول مجالها الجوي، استعداداً لتنفيذ تهديداتها الموجهة للمجلس العسكري في النيجر، والتي تتطلب التدخل العسكري بحال عدم إطلاق سراح الرئيس محمد بازوم، في حين رفضت الأخيرة طلب الإذن.

يذكر أن المجلس العسكري في النيجر استولى على السلطة في الـ 26 من يوليو الماضي، وبرر القائد السابق للحرس الرئاسي الجنرال عمر عبد الرحمن تياني الإطاحة بالرئيس محمد بازوم بإخفاقه أمنياً واقتصادياً واجتماعياً، في بلد يتوسط أفقر دول العالم ويعاني نشاط المجموعات المسلحة.

ورداً على التدخل العسكري قال تياني إنه “بمثابة إعلان حرب”.

اقرأ أيضاً:الجزائر ترفض فتح أجوائها أمام فرنسا للتدخل العسكري في النيجر

بلينكن يعلّق على استعداد إيكواس للتدخل العسكري في النيجر

وكالات-مصدر الإخبارية

دعا وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، في وقت متأخر الخميس، إلى حل سلمي للأزمة في النيجر، وذلك بعد إعلان دعمه كل جهود المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا “إيكواس” بشأن النيجر.

وقال بلينكن، خلال مؤتمر صحفي مع نظيره المكسيكي في واشنطن، إن “الولايات المتحدة تقدّر تصميم إيكواس على استكشاف كافة الخيارات من أجل حل سلمي للأزمة”.

ويأتي تصريح بلينكن بعد حديث سابق مع صحفيين أيّد فيه جهود المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا، دون الإشارة إلى قرارها وضع الخيار العسكري على الطاولة.
وكان رئيس ساحل العاج كوت ديفوار الحسن واتارا، أعلن الخميس، أن قادة إيكواس أعطوا الضوء الأخضر لعملية عسكرية “تبدأ في أقرب وقت ممكن” لاستعادة النظام الدستوري في النيجر، حيث تولى عسكريون السلطة قبل أسبوعين.

اقرأ/ي أيضا: إيكواس تؤكد التزامها باستعادة النظام الدستوري في النيجر بالطرق السلمية

وصرّح واتارا لوكالة فرانس برس أن “رؤساء الأركان سيعقدون مؤتمرات أخرى لضبط التفاصيل، لكنهم حصلوا على موافقة مؤتمر قادة الدول لبدء العملية في أقرب وقت ممكن”.

وأشار إلى أن الكوت ديفوار ستساهم بـ “كتيبة” من 850 إلى 1100 عنصر، إلى جانب نيجيريا وبنين خصوصا، وأن “دولا أخرى” ستشارك أيضا في قوة التدخل.

وقد قررت “إيكواس” في قمتها الاستثنائية في أبوجا الخميس نشر “القوة الاحتياطية” التابعة للمنظمة لإعادة الرئيس النجيري المحتجز محمد بازوم إلى السلطة.

رغم ذلك، أكد رئيس مفوضية المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا عمر توراي مجددا “الالتزام المستمر باستعادة النظام الدستوري بالوسائل السلمية”.

يشار إلى أنه تم التلويح باستخدام القوة لأول مرة في 30 يوليو خلال قمة للمنظمة الإقليمية، حيث أمهلت حينها “إيكواس” الانقلابيين سبعة أيام لإعادة الرئيس بازوم الذي أطيح به في 26 يوليو، لكن لم يتجسد التهديد مع انتهاء المهلة الأحد.

إيكواس تؤكد التزامها باستعادة النظام الدستوري في النيجر بالطرق السلمية

وكالات- مصدر الإخبارية:

أعلنت المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا “إيكواس”، عن التزامها باستعادة النظام الدستوري في النيجر من خلال الوسائل السلمية.

وقال بيان صادر عن المجموعة عقب عقدها قمة طارئة بشأن النيجر في عاصمة نيجيريا أبوجا، إنه لم يتم استبعاد أي خيار لحل أزمة النيجر بما في ذلك “استخدام القوة” باعتباره ملاذا أخيراً.

وحملت المجموعة قادة الانقلاب مسؤولية سلامة الرئيس المحتجز محمد بازوم، مؤكدة تمسكها بالحل السلمي للأزمة مع الاحتفاظ بكافة الخيارات، بما فيها التدخل العسكري.

وطالبت بضرورة دعم خطواتها لإعادة نظام الديمقراطية في النيجر، معبرةً عن إدانتها للانقلاب والاعتقال غير المشروع للرئيس بازوم.

وأكدت على أن الجهود الدبلوماسية التي بذلت رفضها الانقلابيون، داعياً الاتحاد الأفريقي لدقم قرارات المجموعة بشأن النيجر.

وأعلن قادة الانقلاب في النيجر في وقت سابق اليوم الخميس، عن تشكيل حكومة جديدة تضم 21 وزيراً، بينهم اقتصاديون ومدنيون وعسكريون، و4 سيدات.

يشار إلى أن انقلاب النيجر وقع في 26 تموز (يوليو) 2023، وعلى إثره احتجز الحرس الرئاسي الرئيس محمد بازوم، وأعلن قائده الجنرال عبد الرحمن تشياني نفسه قائدًا للمجلس العسكري الجديد الذي تولى إدارة شؤون البلاد.

اقرأ أيضاً: الإيكواس تعرب عن تضامنها مع رئيس النيجر المخلوع بازوم

النيجر حلقة في سلسلة الحرب العالمية

مقال- طلال عوكل

الحرب العالمية الدائرة رحاها في أوكرانيا، لا تزال تدفع بتداعياتها نحو المزيد من الحروب الإقليمية، التي تشكّل حلقات مهمّة نحو حروب أكثر ضراوة وخطورة على السلم والأمن الدوليين.

فشلت الحرب بالوكالة، التي تديرها الولايات المتحدة على رأس «حلف الناتو»، في إلحاق الهزيمة بروسيا، وتدمير قدراتها الاقتصادية. وكادت النتائج تكون أسوأ بكثير وأشدّ خطورة لو أنّ الحلف الشيطاني نجح في هزيمة روسيا.

يبدو أن «الغرب» الاستعماري، قد بدأ يفقد الثقة بإمكانية هزيمة روسيا، وإفشال عمليتها العسكرية الخاصة في أوكرانيا، فلقد بدأ الحديث المتذمّر إزاء ادّعاءات الرئيس فولوديمير زيلينسكي وطلباته التي لا تنتهي، وخطابه الذي لا يخلو من انتقادات لحلفائه «الغربيين» رغم كلّ ما يقدمونه له.

ثمة مؤشّرات على أن زيلينسكي قد يكون في أيامه الأخيرة، سواء بانقلابٍ داخلي، أو بتدخّلٍ استخباري أميركي، سيمهّد الطريق نحو تمزيق أوكرانيا، وربما حينها يمكن التوصّل إلى تسوية تحقق لروسيا ما أرادت.

وفي حين تتجّه الأنظار والتحرّكات صوب شرق وجنوب شرقي آسيا، حيث تقترب الأزمة على خلفية الصراع حول تايوان مع الصين وحول الأمن، في بحر الصين، فإنّ حروباً أخرى تندلع، وأخرى تتحضّر لاندلاع صراعات وحروب إقليمية في غير منطقة من العالم.

في الواجهة، الآن، الانقلاب العسكري الذي وقع في النيجر حيث استولى العسكر على الحكم وأزاحوا الرئيس المنتخب محمد بازوم.

الصراع على الحكم في النيجر، ليس حدثاً قُطرياً داخلياً ذلك أنه يكمل انقلاباً إقليمياً على الوجود الاستعماري الفرنسي الذي ظلّ ينهب ثروات القارّة السوداء، لعقودٍ طويلة.

ثلاثُ دول في عين العاصفة، فبالإضافة إلى النيجر، كانت مالي وبوركينا فاسو، قد طردتا الوجود الفرنسي، حيث اضطرت فرنسا لنقل قواتها إلى النيجر.

الدول الثلاث تشكّل المخزن الأهمّ لليورانيوم والذهب والنفط، ومعادن أخرى، كانت تعرّضت للنهب دون رحمة، وكان يمكن أن تجعل شعوب هذه الدول من الأغنى بين شعوب القارّة على الأقلّ.

النيجر، التي حرّكت مياهاً كثيرة إقليمية ودولية، دولة كبيرة تتجاوز مساحتها الجغرافية مساحة مصر، وبتعداد سكاني أقلّ يصل إلى نحو سبعة وعشرين مليوناً فقط.

ولكن بسبب الجشع الاستعماري الفرنسي والأوروبي، فإنّ ترتيب النيجر وفق مؤشّرات التنمية يقع في المرتبة 184، بين دول العالم، ويعيش نحو خمسة وأربعين في المئة تحت خطّ الفقر المُدقِع.

النيجر، أكبر منتج لليورانيوم في العالم، وتزوّد أوروبا بنحو 25% من حاجتها لليورانيوم، ما يشير إلى مدى ونوع الخسارة، التي تنتظر فرنسا وأوروبا، وتضاعف خسائرها الضخمة جرّاء انخراطها في الحرب على روسيا.

ومرّة أخرى، تعمل فرنسا على إدارة المعركة، لإفشال التغيير الذي تشهده النيجر، ولكن من خلال أطراف ودول إقليمية، لا تزال تقيم علاقات مع «الإليزيه».

من الواضح أنّ فرنسا لا تتجه نحو القيام بعمل عسكري مباشر في النيجر، لأنّها بذلك تكون قد تورّطت في حربٍ خاسرة، لذلك فإنّها تحرّك دول «الإيكواس»، التي تحدثت الأخبار عن أنّها تحضّر لحشد خمسة وعشرين ألف جندي للتدخّل.

كانت منظمة الإيكواس (مجموعة دول غرب إفريقيا)، قد أعطت مهلة حتى السادس من هذا الشهر للبدء بعمليتها العسكرية، لكنها أظهرت تردّداً واضحاً، وتجاوزت المهلة بسبب خلافٍ بين أطرافها، حول أولوية العمل الحربي، ولكن، أيضاً، بسبب الموقف الأميركي، الذي لا يزال يتحدث عن جدوى العمل الدبلوماسي السلمي.

لن تتأسّف الولايات المتحدة كثيراً على ما يسبّبه الانقلاب العسكري في النيجر، بالنسبة لفرنسا، أو حتى أوروبا، وربما تحاول أن تقدّم نفسها بديلاً عن الوجود الفرنسي.

تُدرك الولايات المتحدة، أنها ما لم تنجح في أن تملأ الفراغ الذي تتركه فرنسا، فإنّ روسيا هي المؤهّلة لملء هذا الفراغ، وربما الصين، أيضاً.

هكذا تكون دول غرب القارة الإفريقية الغنية بثرواتها الطبيعية مسرحاً إقليمياً لصراع مرتقب بين «حلف الناتو» وروسيا. وبالرغم من أنّ الإدارة الأميركية تستبعد أن يكون ثمة دور لـ«فاغنر» الروسية، إلّا أنّ هذه الأخيرة، ستكون حاضرة لدعم القيادة النيجرية الجديدة وحمايتها.

النيجر لديها جيش قويّ هو الرابع من حيث القوة بين الدول الإفريقية، ويحظى بالمرتبة السادسة والثلاثين بين أضخم مئة وخمسة وأربعين جيشاً على مستوى العالم حيث يصل تعداده إلى مئتين وخمسة عشر ألف جندي، وهو قادر على الدفاع عن العاصمة نيامي والحكم الجديد.

من الواضح أنّه في حال فشلت الولايات المتحدة في أن تجد طريقها لاستمالة الحكّام الجدد في النيجر، فإنّها ستنتقل إلى الخطة «ب»، بمعنى الانضمام لفرنسا في تشجيع ودعم التدخل العسكري الخارجي أي خوض حرب أخرى بالوكالة.

اندلاع صراع مسلّح في النيجر، ستترتب عليه تداعيات أخرى خطيرة بسبب تأثيراته المباشرة على الجوار، خصوصاً الجزائر التي تملك جيشاً قوياً، وتقف بالباع والذراع مع روسيا في إطار تحالف متين.

وفي حال توسّع دائرة الصراع الحربي غرب إفريقيا فإنّ المزيد من الحروب ستندلع في أكثر من مكان في القارّة السوداء بدعمٍ أميركي فرنسي، ما قد يؤدّي إلى وقوع تغييرات قُطرية أخرى، من شأنها أن تُنهي الوجود الاستعماري برمّته.

في الواقع، فإنّ منطقة الشرق الأوسط مرشّحة هي الأخرى لاندلاع صراعات مسلّحة ذات أبعادٍ إقليمية، فعدا دوافع إسرائيل على خلفية أطماعها التوسُّعية، وأزمتها الداخلية المتفاقمة فإنّ الولايات المتحدة أخذت تعزّز وجودها العسكري بدواع ومبرّرات سخيفة.

ربّما تكون بداية الشرارة من سورية، حيث عزّزت الولايات المتحدة وجودها العسكري شرق «الفرات»، وحيث تواصل إسرائيل اعتداءاتها على سورية، ما قد يدفع روسيا لتغيير قواعد اللعبة هناك.

لا يمكن للولايات المتحدة أن تسلّم هكذا بدورها ومصالحها الإستراتيجية في المنطقة، والأرجح أنّها ستعود، بالرغم من انشغالها في الحرب على أوكرانيا، والتي أخذت ملامحها تتجه نحو انتصار روسيا.

الإيكواس تعرب عن تضامنها مع رئيس النيجر المخلوع بازوم

وكالات- مصدر الإخبارية:

تواصل المجموعة الاقتصادية لغرب إفريقيا (الإيكواس) تضامنها مع رئيس النيجر المخلوع محمد بازوم ودعمها له. جاء ذلك في بيان الرئيس الحالي للمجموعة، رئيس نيجيريا بول تينوبو.

وقال في مؤتمر القمة الاستثنائي للجماعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا في أبوجا، الذي نوقش فيه المزيد من الخطوات بشأن الوضع في النيجر، إننا نؤكد من جديد تضامننا مع بازوم.

وأدان تينوبو، باسم الجماعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا، الانقلاب الذي وقع في النيجر.

وجاء في وكالة تاس الروسية أن تينوبو ألقى كلمة أمام مؤتمر القمة الاستثنائي للجماعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا في أبوجا. ناقش القادة الوضع في النيجر وخطواتهم التالية.

وفي صباح يوم 26 تموز/يوليو، اعتقل الحرس الرئاسي النيجري الرئيس محمد بازوم في مقر إقامته في العاصمة نيامي. ومنع الحرس الرئاسي من الوصول إلى منزل بازوم ورفض المفاوضين طلب إطلاق سراحه.

وبحسب ما ورد ضغط المتمردون على الرئيس للتوقيع على استقالته، لكنه رفض. تم تعليق جميع المؤسسات في النيجر وإغلاق حدود البلاد.

وذكرت وسائل الإعلام أن سبب التمرد هو أن رئيس النيجر أثار مسألة إقالة رئيس الحرس الرئاسي، الجنرال عمر تشياني. في الوقت نفسه، ناشد بازوم الولايات المتحدة للحصول على الدعم، وسط رفض الانقلابيين إعادته إلى السلطة. في الوقت نفسه، أصدرت دول الجماعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا إنذارًا نهائيًا للمتمردين، ووعدت بالتدخل العسكري إذا لم يوقفوا الانقلاب.

وفي وقت سابق توقع زعيم المتمردين مذبحة وفوضى في النيجر في حال وقع التدخل الأجنبي.

اقرأ أيضاً: روسيا: سنزود ست دول أفريقية بالحبوب مجاناً

Exit mobile version