قانون عدم المعقولية

بعد المصادقة على قانون عدم المعقولية.. إلى أين تتجه إسرائيل؟

صلاح أبو حنيدق -خاص شبكة مصدر الإخبارية:

ألقت مصادقة الكنيست الإسرائيلي على مشروع قانون “الغاء عدم المعقولية” دون التوصل لاتفاق بين الحكومة والمعارضة، بالظلال حول مستقبل دولة إسرائيل، وتحولها من دولة تروج لنفسها بالديمقراطية، إلى بلد يحكمه المتطرفون والديكتاتوريون.

وبموجب مشروع القانون، لا يجوز للمحكمة العليا في إسرائيل، الغاء أي قرار صادر عن الحكومة أو رئيس الوزراء أو وزير، بحجة “عدم المعقولية”.

ومنذ نشأة دولة إسرائيل عام 1948 كانت المحكمة العليا الضابط الوحيد لسلطة الحكومة والكنيست.

ووفقًا لاستطلاع للرأي نشره المعهد الإسرائيلي للديمقراطية في شباط (فبراير) الماضي، فإن أقلية فقط من الإسرائيليين تؤيد الإصلاحات القضائية، فيما يؤيد 72% التوصل إلى حل وسط، و66% يؤيدون إبقاء القدرة على إلغاء القوانين بيد المحكمة العليا، و63% يدعمون بقاء الطريقة الحالية في تعيين القضاة.

ويرى خبراء في الشأن الإسرائيلي، أن إسرائيل مقبلة على شرخ داخلي عميق سيطال كافة أشكال الحياة السياسة والاجتماعية والاقتصادية، حال طبقت الإصلاحات القضائية على أرض الواقع في ظل الانقسام الكبير بين الأحزاب الإسرائيلية بشأنها.

وقال الخبير حسن لافي، إن “إسرائيل دخلت في دوامة لن تخرج منها على المدى القريب، خاصة مع إثبات رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو بما لا يترك مجالاً للشك بأنه لا يستطيع أن يقود الائتلاف الحكومي بل هناك شخصيات ليست فقط داخل الائتلاف بل في حزب الليكود نفسه لا يمكنه التأثير عليها”.

وأضاف في تصريح لشبكة مصدر الإخبارية إن “تمرير قانون إلغاء عدم المعقولية يثبت بأن نتنياهو ليس من يقود الحكومة كما قال سابقا للإدارة الأمريكية والأوروبيين”.

وأشار لافي إلى أن “الامريكان باتوا حالياً على قناعة أن التيار اليميني الجديد بقيادة الصهيونية الدينية لن يكونوا منصاعين لهم، ما يثير العديد من التساؤلات حول القضايا الخلافية أبرزها الملف النووي الإيراني”.

وأكد أن “السيناريو الأسوأ حالياً أن تسقط المحكمة العليا تشريع الغاء المعقولية الذي تم اقراره اليوم، وتدخل اسرائيل في أزمة دستورية أكثر عمقاً، خاصة أن المتظاهرين سيزيدون من قوتهم في الشارع للتأثير على قرارها”.

وأعلنت المعارضة الإسرائيلية أنها ستقدم غداً الثلاثاء 24 تموز يوليو 2023 التماسا إلى المحكمة العليا لإبطال قانون عدم المعقولية بعدما صادق عليه الكنيست.

وشدد لافي، على أن “الجيش والأمن الإسرائيلي سيكونان أمام اختبار صعب خلال الفترة القادمة، مفاده هل سيقفون مع القانون والمحكمة العليا، أم مع الحكومة المنتخبة بانتخابات الكنيست؟”.

ونوه إلى أن “أي خيار سيكون له تداعيات كبيرة على وحدة الجيش الاسرائيلي وقدرته على ابعاده عن الخلافات السياسية”.

من جانبه، توقع المختص في الشأن الإسرائيلي، سعيد بشارات أن تتجه إسرائيل إلى مزيد من التصدعات الداخلية وتصاعد في التظاهرات والاحتجاجات والإضرابات العامة.

وقال بشارات في تصريح لشبكة مصدر الإخبارية إن “المعارضة الإسرائيلية ستتجه لإلغاء استراتيجيات التعامل مع حكومة نتنياهو على المستويات السياسية، والشعبية، والقانونية”.

وأضاف أن “فرص المفاوضات بين الائتلاف الحكومي والمعارضة الإسرائيلية باتت ضعيفة للغاية في ظل وجود أحزاب متطرفة لا تكترث لا لضغوط داخلية ولا خارجية، وفقط تراعي مصالحها”.

وأشار إلى أن “قانون المعقولية يعتبر أول قوانين الإصلاحات القضائية، ووفق المعطيات على الأرض فإن الأوضاع في إسرائيل مهيئة للتصعيد خلال الفترة القادمة حال مضت حكومة نتنياهو بإقرار باقي التشريعات”.

وأكد على أن “السؤال الأبرز حالياً، هل سيخرج الجيش الإسرائيلي والمنظومة الأمنية من ثكناتهم ويقفون ضد الإصلاحات أم إلى جانب الحكومة”.

وشدد بشارات أن التصدعات في إسرائيل بلغت ذروتها، ومزاعم أنها دولة ديمقراطية، تبين كذبها أمام العالم، فلا يوجد حالياً لا مجتمع ولا سياسيين ولا جيش ولا أمن متماسك”.

وتخشى أوساط في الجيش الإسرائيلي وفق وسائل اعلام عبرية من استقالات “صامتة” لضباط ممتازين في شعبة الاستخبارات وسلاح الجو.

ورأى بشارات أن “فاعلية ما يحدث في إسرائيل على الصعيد العسكري والأمني ومستوى العلاقات مع البلدان الخارجية خاصة الولايات المتحدة، سيظهر خلال الفترة القليلة القادمة”.

وكان الكنيست الإسرائيلي صادق يوم الاثنين 23 تموز (يوليو) 2023 في القراءة الثانية والثالثة على قانون إلغاء سبب المعقولية بأغلبية 64 صوتاً مقابل صفر بعد مقاطعة أعضاء المعارضة التصويت ومغادرتهم الجلسة العامة.

يشار إلى أن المعارضة الإسرائيلية نظمت على مدار 29 أسبوعاً تظاهرات في عموم المدن، شارك فيها عشرات الآلاف، وبلغت ذروتها في الأسبوع الأخير بعد مشاركة أكثر من نصف مليون إسرائيلي.

Exit mobile version