الولايات المتحدة

لماذا تدفع الولايات المتحدة نحو مسار التهدئة في الأراضي الفلسطينية؟

صلاح أبو حنيدق- خاص شبكة مصدر الإخبارية:

تدفع الولايات المتحدة الأمريكية بثقلها لتعزيز مسار التهدئة في الأراضي الفلسطينية من خلال سلسلة تفاهمات مع السلطة الفلسطينية وإسرائيل تتعلق بكبح نشاطات الفصائل المسلحة، وإعادة سيطرة أجهزة أمن السلطة على المدن، ووقف الإجراءات أحادية الجانب وتجميد نشاطات الاستيطان لفترة مؤقتة من الزمن.

ملامح التفاهمات بدأت تتكشف مع نجاح الولايات المتحدة بتجنب معركة دبلوماسية في الأمم المتحدة من خلال إقناع السلطة الفلسطينية بعدم التقدم بمسودة تتعلق بخطط الاستيطان الأخيرة في الضفة الغربية والقدس للتصويت عليها.

ووفقاً لوسائل إعلام عبرية، نجحت واشنطن بالوصول إلى تفاهمات بين إسرائيل والسلطة تنص على وقف الإجراءات الأحادية الجانب في الضفة بشكل مؤقت وتعليق عمليات هدم منازل الفلسطينيين وعملية إخلاءها وتخفيض مستوى النشاطات العسكرية في المدن الفلسطينية، وتقديم تسهيلات اقتصادية من شأنها زيادات عائدات المقاصة لأكثر من 60 مليون دولار.

وتتعلق التفاهمات بشكل أساسي باستعادة السلطة السيطرة الأمنية على مديني نابلس وجنين، وتعزيز التنسيق الأمني مع إسرائيل.

ووفق محللان سياسيان، فإن الولايات المتحدة لا تزال ممارسة دورها بقيادة بوصلة الأوضاع في الشرق الأوسط، وتعتبر القضية الفلسطينية محركاً أساسياً لها، بهدف تخفيف الانتقادات الموجهة إليها حول طريقة إدارة الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، ورغبتها بالحفاظ على الوضع القائم، وضمان استمرار الدور المحدود لروسيا والصين في المنطقة.

وقال المحلل صالح عبد الجواد في تصريح لشبكة مصدر الإخبارية إن” الجهد الأمريكي الذي بدأت تتكشف حول الأوضاع بالضفة سيكون بالأساس ضاغطاً على الجانب الفلسطيني مقارنة بنظيره الإسرائيلي، كونه تهدف بالأساس لتحقيق مصالح حليفتها تل أبيب”.

وأضاف عبد الجواد أنه” وفق الرؤية الأمريكية المذكورة فإن اتجاه السلطة نحو الضغط والسيطرة على المدن كنابلس وجنين يبعد نيران التصعيد عن إسرائيل”.

وأشار إلى أن” قدرات فصائل المقاومة في الضفة لا تزال محدودة”. لافتاً إلى أنها” لا تملك المقومات الكافية لفتح باب المواجهة مع السلطة”.

وأكد عبد الجواء على أن” السلطة مهددة بفقدان ما تبقى من شعبيتها حال اقدامها على السيطرة على مدن الضفة على حساب القضاء على فصائل المقاومة”.

وشدد على أن” السلطة أمام خيارات صعبة في ظل مساعيها للموازنة بين الرأي العام الشعبي وضبط الأوضاع والسيطرة والحفاظ على الشعبية المتبقية”.

ورأى عبد الجواد أن” منطلق التحرك الأمريكي تجاه منع التصعيد في الأراضي الفلسطينية والحفاظ على الوضع القائمة يأتي من رغبة الولايات المتحدة باستمرار العمل في مسار التطبيع مع البلدان العربية والمجاورة لإسرائيل، خاصة مع العربية السعودية، لاسيما وأن تفجر الأوضاع يتعارض مع خططها الأخيرة لتحقيق مصالح تل أبيب في الشرق الأوسط”.

من جهته، قال المحلل السياسي د. هاني العقاد إن” التحرك الأمريكي نحو قيادة تفاهمات جديدة في المنطقة تهدف لخفض وتيرة الانتقادات الشديدة الموجهة لها بموضوع التعامل مع قضايا الصراع والانحياز الكامل لإسرائيل”.

وأضاف العقاد في تصريح لشبكة مصدر الإخبارية أن” الولايات المتحدة هدفت لتحقيق ثلاثة أهداف بضربة واحدة الأول يتعلق تفادي اتخاذ قرار بحق النقد الفيتو لوقف مسودة المشروع الفلسطيني في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، والثاني رفع فتيل التصعيد في المنطقة، والثالث إعطاء فرصة للاحتلال للاستمرار بتنفيذ مخططاتها بهدوء”.

وأشار العقاد إلى أن” مسودة المشروع الفلسطيني فارغ بالأساس لأنه كان هناك قرار سابق في مجلس الأمن جرى التصويت عليه في عام 2019 يحمل رقم 2334، وكان الأولى التقدم بطلب للتصويت على فرض عقوبات على إسرائيل لعدم تنفيذه والاستمرار في الاستيطان”.

وتابع العقاد” يبدو أن كل الأمور مبرمجة من الإدارة الأمريكية سواء من حيث صياغة القرار أو إيصاله إلى مجلس الامن من تحت الطاولة ووقفه ومقايضته مقابل نزع فتيل التصعيد لأشهر جديدة”.

وعبر العقاد عن اعتقاده بأن “أي خطة أو تفاهمات جديدة لن يكتب لها النجاح كون إسرائيل لا تلتزم بأي شيء”.

وأكد العقاد أن” موافقة إسرائيل على تخفيض التوتر يأتي ضمن الرغبة الأمريكية الإسرائيلية لضمان مرور شهر رمضان دون تصعيد بما يساهم بعدم تصاعد الخلافات الداخلية في إسرائيل وتشكيل ضغط على حكومة بنيامين نتنياهو وعدم سقوط ائتلافه”.

وشدد العقاد على أن” أي تفاهمات تهدف إلى تهدئة الضغط مؤقتاً عن الأراضي الفلسطينية مقابل التفرغ للشؤون الداخلية مع تصاعد الاحتجاجات في الشارع الإسرائيلي”.

ورأى أن “سياسات ومخططات الاحتلال لن تتغير سواء كانت بمخططات أو بدون، وأن جميع جهود الولايات المتحدة لتنفيذ أي خطط أو تفاهمات تصب فقط في مصلحة إسرائيل”.

Exit mobile version