جو بايدن وحل الدولتين

تصريحات مؤيدة وتبرئة عملية.. جو بايدن يؤكد فرضية تلاشي حل الدولتين

خاص – مصدر الإخبارية 

لم تكن عبارات التأييد التي صرح بها الرئيس الأمريكي جو بايدن خلال زيارته الأراضي المحتلة، حول مسألة حل الدولتين، سوى محاولة لمسك العصا من المنتصف، في سبيل كسب الأطراف المؤيدة والمعارضة لهذا الحل، الذي تلاشى عن طاولة المفاوضات، منذ بداية عهد الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب.

وأعلن بايدن، خلال مؤتمر عقده إلى جانب رئيس الوزراء الإسرائيلي يائير لابيد في القدس المحتلة، الخميس، تأييده لحل الدولتين، كونه، (وفق تصريحه) عن أن “أفضل طريق يضمن مستقبلا متساويا من الحرية والازدهار والديمقراطية للفلسطينيين والإسرائيليين”، إلا أنه عاد ليقول إن “العمل به لن يكون على المدى القريب”.

وعلى رغم التجاهل الواضح للقضية الفلسطينية من قِبل الرئيس الأمريكي، إلا أنه عاد وتطرق إلى مسألة حل الدولتين، خلال لقائه الرئيس الفلسطيني محمود عباس، اليوم الجمعة، في مدينة بيت لحم.

وقال بايدن، خلال لقائه عباس إن إلتزامه تجاه حل الدولتين “لم يتغير”، ثم أوضح أن هدف هذا الحل “بعيد المنال بسبب القيود، المفروضة على الفلسطينيين والشعب الفلسطيني”.

وأعلن الرئيس الأمريكي عن توفير تمويل بقيمة 200 مليون دولار دعماً لوكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين “أونروا”، إضافة إلى دعم مالي يقدم إلى مشافي القدس المحتلة لعدة سنوات بقيمة 100 مليون دولار.

بدوره، شدّد الرئيس عباس، خلال لقائه بايدن، على أن “فرص حل الدولتين قد تكون متاحة اليوم فقط”، مطالباً الرئيس الأمريكي بـ”إعادة فتح القنصلية الأميركية في القدس الشرقية ورفع منظمة التحرير من قائمة الإرهاب”.

وتأكيداً لغياب ملف القضية الفلسطينية عن اهتمامات الإدارة الأمريكية، خلال زيارة بايدن للمنطقة، قال مسؤول إسرائيلي رفيع المستوى إن القضيتين المركزيتين اللاتي ناقشها لابيد وبايدن، خلال لقائهما، كانتا “إيران والسعودية”، في إشارة إلى تشكيل تحالف عربي مع تل أ[يب لمواجهة إيران وبرنامجها النووي.

فيما أكدت شخصيات “إسرائيلية” رفيعة بأنها تسلمت التزاما أمريكيا بأن خطوة فتح القنصلية الأمريكية في القدس الشرقية لن يخرج إلى حيز التنفيذ.

حديث بايدن عن حل الدولتين مجرد شعارات

وفي هذا الصدد، قال الكاتب والمحلل السياسي الفلسطيني خليل شاهين، إن “إدارة جو بايدن تتحدث عن حل الدولتين، لكنها لا تقوم بأي خطوات من شأنها التوصل إلى اتفاق حل الدولتين”.

وأوضح شاهين، في حديث لشبكة مصدر الإخبارية، أن “الحديث عن هذا الحل مجرد شعار يتم استخدامه لتهدئة الفلسطينيين في شأن مطالبهم بإيجاد أفق سياسي يؤدي إلى قيام دولة فلسطينية مستقلة عبر المفاوضات، لكن من الناحية العملية فإن إدارة بايدن تعطي إسرائيل كل ما تحتاجه للاستمرار في سياسات تعميق الاحتلال والتهويد والاستيطان على الأرض الفلسطينية”.

وشدّد على أن “واشنطن، من الناحية العملية، تقوم بكل شيء ممكن من أجل تغيير حل الدولتين، الذي تستخدمه كشعار يخفي حقيقة الانحياز الأمريكي السافر لصالح دولة الاحتلال”.

واستناداً على ما سبق، استبعد شاهين أن يكون لإدارة بايدن، “حلاً لطبيعة الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، بمعنى أنه ليس لديها خطة لاستئناف المفاوضات، أو أي طريق آخر من أجل ضمان قيام دولة فلسطينية مستقلة وفق ما تتحدث به إدارة بايدن والإدارات الأمريكية السابقة”.

وشدّد على أنه “لا ينبغي أن ينخدع الفلسطينيون بالحديث عن وهم حل الدولتين، وفق ما يردده المسؤولون الأمريكيون، لأنه لا يوجد حل”.

وتابع شاهين بأن “هناك شعارا يُرفع من دون أي إجراءات عملية، يُمكن أن تدفع باتجاه هذا الحل، وفي شكل خاص يمكن أن تُرغم تل أبيب على التسليم بإطار حل ينسجم مع قرارات الأمم المتحدة ذات الصلة”.

وحول مسألة السماح للفلسطينيين بإلسفر في رحلات جوية عن طريق مطار “رامون” جنوب صحراء النقب، مقابل تنازلات في المحكمة الجنائية الدولية، أوضح شاهين أنه “حتى الآن لم يصدر قرار رسمي حول مطار رامون، وكل ما صدر عبارة عن أخبار غير مؤكدة تتناقلها وسائل الإعلام، وورد عن مصدر فلسطيني رفض القيادة الفلسطينية مثل هذا العرض”.

وبيّن أن “مطار رامون يوجد في منطقة الجنوب المحتل وهو قريب أكثر إلى إيلات، وليس من العملي الحديث عن تنقل الفلسطينيين مسافات تستغرق 4 إلى 5 ساعات للوصول إلى هذا المطار، بمعنى أن الوصول من الضفة الغربية إلى مطار عمان سيكون أسهل بطبيعة الحال، ناهيك عن إجراءات التفتيش المهينة، التي قد تُفرض على الحواجز”.

وعلى فرضية صحة هذا العرض، استبعد شاهين أن يوافق أي طرف من الأطراف الفلسطينية على مثل هذا العرض، “لأنه يقضي على أي فرصة للفلسطينيين من أجل مواصلة المطالبة بحقوقهم العادلة، بما في ذلك وجود ميناء ومطار وكل مقومات الدولة المستقلة، ويُعد عودة إلى ما قبل اتفاق أوسلو وبنتائج أكثر كارثية”.

وختم بأن هذا العرض يأتي في إطار اتفاق السلام الاقتصادي، الذي “تحاول أن تجعله الإدارة الأمريكية والسلطات الإسرائيلية أمراً واقعاً في مقابل توفير الأمن؛ ولا يأتي إلا في إطار تعميق الانقسام الفلسطيني بين شطري الوطن”.

المصلحة الأمريكية حاضرة

من جانبه، قال المحلل السياسي الفلسطيني طلال عوكل، إن أهداف زيارة بايدن للمنطقة “معروفة مسبقاً، وليس لها علاقة بالقضية الفلسطينية”.

وأضاف عوكل، في حديث خاص لشبكة مصدر الإخبارية، أن “الملف الفلسطيني يحظى بكلمات مكررة، من دون وجود أي فعل جديد، وهذا أمر مفهوم بالنسبة إلى القيادة الفلسطينية، كما الشارع الفلسطيني”.

وتابع بأن “الجميع يعرف أن زيارة بايدن لا علاقة لها بتحريك الملف السياسي الفلسطيني ولا حتى بتنفيذ الوعود التي قطعتها الإدارة الأمريكية على نفسها”.

وأوضح عوكل أن “للزيارة هدفين، الأول تأكيد التحالف الاستراتيجي الوثيق والعميق مع تل أبيب ودعمها بكل أسباب القوة والحماية، والثاني دمجها في المحيط العربي”.

وأردف أن “البعض يتحدث عن تحالف عنوانه إيران، لكن المصلحة الأمريكية لا تغيب عن هذه الزيارة”، مبيناً أنه  “في ظل الحرب العالمية الدائرة في أوكرانيا والولايات المتحدة تريد أن تضمن إمدادات النفط والغاز العربي، ورفع مستوى الإنتاج لتعويض النقص الحاصل بسبب السياسة الروسية، ووقف أي تمدد روسي أو صيني في المنطقة”.

وأشار عوكل إلى أن تلك الأمور تذكر “بحلف بغداد” سابقاً، لكن بعناوين مختلفة، على حد تعبيره.

وشدّد عوكل على “أننا أمام زيارة لصالح (الدولة العبرية) 100 في المئة، إضافة إلى مصلحة للولايات المتحدة”.

وعبّر عوكل عن أمله من أن “يبحث العرب عن مصالحهم، وألا يكونوا ضحايا عملية استقطاب دولي تتجه إلى مزيد من الحروب ومزيد من الصراعات، التي نتمنى أن تكون منطقتنا العربية بمنأى عنها، وهذا متوقف على رؤية القيادات السياسية العربية، التي ستلتقي بايدن”.

الكاتب والمحلل السياسي الفلسطيني د. حسام الدجني، قال إن زيارة بايدن للمنطقة “تحمل جملة أهداف، أحد أهم هذه الأهداف الأمن الإقليمي، من خلال تشكيل تحالف بين إسرائيل ودول عربية لمواجهة الملف النووي الإيراني”.

وأضاف الدجني، في حديث لمصدر الإخبارية، أن “الهدف الاستراتيجي الثاني للزيارة متعلق بالبحث عن بدائل للطاقة وسوق الطاقة في الحرب الروسية الأوكرانية”.

وتوقع الدجني أن “يكون هناك أمر تكتيكي عبر تحريك الملف الفلسطيني بعد لقاء الرئيس الفلسطيني محمود عباس، وتحريك ملف التطبيع مع بعض الدول العربية”.

وأكد الدجني على أن الدولة العبرية “المستفيد الأكبر من هذه الزيارة، والدول العربية والقضية الفلسطينية ستدفع الثمن”.

اقرأ/ي أيضاً: القضية الفلسطينية تأخذ 25 ثانية فقط من اجتماع بايدن ولابيد

 

Exit mobile version