خاص مصدر الإخبارية – أسعد البيروتي
تعتبر جامعة النجاح الوطنية، من أعرق الجامعات الفلسطينية، ما جعلها قِبلة الشباب الفلسطينيين على اختلاف نوعهم الاجتماعي والجغرافي والاقتصادي.
وتضم الجامعة بين جنباتها 24 ألف طالب وطالبة من مختلف المحافظات والمدن والقرى، ما عزّز صدارتها على المستوى الأكاديمي، خاصةً في ظل سعيها المستمر لتطوير منظومة التعليم العالي في فلسطين، وخلق مساحة من الحرية للطلاب تعزيزًا للديمقراطية وحقوق الإنسان.
خلال اليومين الماضيين، فُوجئ عددٌ من طلبة “النجاح” بتسلّم قرارات بالفصل والانذار من رئاسة الجامعة، بدعوى المشاركة في أنشطة للكتلة الإسلامية داخل الحرم الجامعي خلال الأسابيع القليلة الماضية، ليُثار جدلًا واسعًا عبر منصات التواصل الاجتماعي.
اتهاماتٌ من الكتلة الإسلامية وجّهت للجامعة، تتمثل في ممارسة التمييز الحزبي والتنظيمي بين الطلبة، وتحول الصرح الأكاديمي لمقر شُرَطِي للأجهزة الأمنية يتم خلاله استدعاء الطلبة والتحقيق معهم والاعتداء عليهم “وفق الشهادات التي حصلنا عليها“.
يقول الطالب سليم، س، إن “الأزمة تعود إلى احياء الكتلة الإسلامية ذكرى انطلاقة حركة حماس الـ 35 الشهر الماضي، حيث استدعت الجامعة عددًا من الطلبة وأحالتهم إلى مجالس ضبط وكان ضمنهم جهاد أحمد المعتقل حاليًا لدى الاحتلال الإسرائيلي”.
وأوضح أن “مجلس الضبط يكون أشبه بالتحقيق، وهذا ما أكده الطالب جهاد الذي أخبر أصدقائه فور خروجه من الغرفة، أن عَمادة شؤون الطلبة بالجامعة قامت بمراجعته وسؤاله عن تعليقاته على فيسبوك الخاصة بمجموعات عرين الأسود”.
وأردف، “كما سُئل جهاد عن علاقاته الشخصية بعددٍ من الطلبة وانتمائه السياسي، وأشياء أخرى لا علاقة لها بالحياة الأكاديمية، ليتم اعتقاله بعد عِدة ساعات مِن قِبل الاحتلال حتى يومنا هذا”.
تمييز على أساس حزبي
وأضاف في تصريحاتٍ خاصة لشبكة مصدر الإخبارية، “في ذلك اليوم لم أكن في الجامعة ولم أُشارك في العرض الذي نظمته الكتلة احتفاءً بذكرى الانطلاقة، إلا أنني فُوجئت بعد خمسة أسابيع باتصال الجامعة وإبلاغي بقرار الإنذار، وفي حال موافقتي عليه يتم فصلي بشكلٍ نهائي”.
وتابع، “تساءلت عن سبب الإنذار فلم يتم افادتي، عدا عن كونه اجراءً تم اتخاذه بحقي وعدد من الطلبة منهم عماد الدين البظ، أحمد خالد، جهاد أحمد، عبادة جودة، عز الدين ريحان، وغيرهم”.
وأكد: أن “الجامعة تُمارس التمييز بين طلبتها على أساس حزبي وتنظيمي، حيث في اليوم ذاته من تنظيم فعالية الكتلة الإسلامية، تم تنظيم فعاليات أخرى لعددٍ من الأُطر الطلابية بالجامعة ولم يتم عرقلة نشاطهم أو توقيفهم، رغم إدخالهم “اللباس العسكري، الجُعب…. الخ”.
ووصف س الذي فضّل عدم الكشف عن اسمه، الإنذار الذي تلقاه “بالظالم” كونه لم يرتكب جُرمًا يُخالف النظام الجامعي أو القانون، مشددًا على أن من “حق الجميع التعلم في بيئة آمنة تضمن له حرية الانتماء وتُعزز مبادئ الديمقراطية وحقوق الإنسان”.
واستطرد: “وُجّهت إنذارات لخمسة طلاب، وخمس إنذارات بالفصل لخمسةٍ آخرين اثنين منهم مُعتَقَلون لدى الاحتلال، وبموجب ذلك تدخل الوسطاء وأمهلت الكتلة إدارة الجامعة يومين لإعطاء الطلبة قرارات مُرضية لاستئناف دوامهم أُسوة بزملائهم في الجامعة”.
وأخيرًا دعا إدارة جامعة النجاح إلى التراجع عن قراراتها “المُجحفة” بحق الطلاب، وتحييد المسيرة التعليمية الأكاديمية عن المناكفات السياسية، بما يضمن بيئة تربوية قائمة على أُسس الإبداع والتميز بما يخدم المجتمع ويُعزز القِيم والمبادئ”.
من جانبه، يقول الطالب س، م : إن “الكتلة الإسلامية تُعاني تمييزًا داخل الحرم الجامعي، على خلفية الانتماء السياسي، حيث تتخذ إدارة الجامعة إجراءات من شأنها عرقلة الحياة التعليمية لعدد من الطلاب وتعكير صفوها”.
وأضاف في تصريحاتٍ لشبكة مصدر الإخبارية، أن “الجامعة تُمارس سياسة الترهيب بحق طلبة الكتلة الإسلامية دون غيرهم، لتحييدهم عن أي فعل شعبي ونضالي ضد الاحتلال، رغم التزام الطلبة في تخصصاتهم الجامعية والسعي للتميز في فصولهم الدراسية” وفق قوله.
نشعر كأننا مجرمون!
وأكمل، “نجلس في أماكن عامة أمام الجميع، وفي معظم الأحيان يُحيط بنا أمن الجامعة كأننا مجرمون، رغم عدم مُخالفتنا للقوانين أو اللوائح الأكاديمية، إلّا أن ممارسات الأمن تنتهك خصوصيتنا وتُنغص علينا راحتنا في انتهاكٍ لأبسط الحقوق الشخصية”.
وأشار إلى أن “الأيام المقبلة ستشهد تصعيدًا سلميًا احتجاجًا على قرارات الجامعة، بما يضمن العُدول عن الإجراءات التعسفية المُتخذة بعددٍ من الطلاب”.
وختم تصريحاته قائلًا: “أنهيت مرحلة الثانوية العامة بتفوق، والتحقت بالتخصص الجامعي الذي أحبه، لأبدع فيه وأكون انسانًا ذا قيمة مرموقة في المجتمع، وأمارس حقي في التعليم، بعيدًا عن الترهيب والتحقيق والاعتقال والملاحقة.. آملًا أن يتحقق حُلمي بالتخرج لإسعاد عائلتي وتحقيق امنياتهم بالتميز”.
حقوق مكفولة بموجب القانون
من ناحيته، يقول الحقوقي الفلسطيني مصطفى إبراهيم، إن “الطلاب لهم الحق الكامل في المشاركة السياسية وممارسة الأنشطة المختلفة داخل حرم جامعة النجاح الوطنية ومختلف الجامعات، بعيدًا عن الضغوط، بما يُعزز ممارسة الطلاب حقوقهم المكفولة بموجب القوانين الفلسطينية والمعاهدات الدولية”.
وأضاف ابراهيم في تصريحاتٍ لشبكة مصدر الإخبارية، “توجيه الجامعة انذار بالفصل وغيرها، هو أمرٌ يتطلب التراجع عنه، بما يضمن مشاركة الطلاب النقابية والأكاديمية دون نظر إدارة النجاح إلى اختلافات الطلبة الحزبية أو السياسية”.
ودعا جامعة النجاح إلى ضرورة العمل على توفير الظروف المناسبة للطلاب بما يتمثل بأهمية التعبير عن آرائهم، وحرية التجمع السِلمي، حرية الرأي والتعبير، الحق في التظاهر دون ترهيب أو قمع، بعيدًا عن اللجوء إلى اتخاذ قرارات الفصل والإنذارات وغيرها.
جدير بالذكر أن شبكة مصدر الإخبارية، حاولت عِدة مرات التواصل مع الناطق باسم جامعة النجاح الوطنية تعزيزًا لمبدأ الحيادية وإعطاء الجامعة حق الرد، إلا أن كل المحاولات باءت بالفشل، وفي حالة الاستجابة لاتصالاتنا سننشر خبرًا خاصًا عبر الموقع ردًا على ما جاء في سياق التقرير.