عن المؤتمر الوطني لشباب فلسطين

نفير حوارة.. بقلم الكاتب أسامة الأشقر

أقلام – مصدر الإخبارية

نفير حوارة، بقلم الكاتب الفلسطيني أسامة الأشقر، وفيما يلي نص المقال كاملًا كما وصل موقعنا:

منذ أن وعيت وأن أسمع عن حرائق حوارة التي يحرّق فيها المستوطنون ذوو الميولِ الإجرامية منازلَ أهلها وبساتينَهم، وعن الإعدامات الميدانية لشبابها، وينفلتون كالجراد المنتشر على مجتمعها الصغير، كما أسمع كثيراً عن حضورها في سجل النضال المشرف، وشجاعة شبابها ومهارة قذفهم بالحجارة من على التلال المشرفة على طرق القطيع.

هي بلدة يزيد عمرها عن المائة عام تأسست مع مطلع القرن العشرين أواخر أيام الدولة العثمانية، تتربع على تربة بيضاء طرية رطبة أكسبتها اسمها “حوارة” الذي يعني البياض المائل للسمرة، ولا تبعد كثيراً عن مدينة نابلس إلى الجنوب منها، ويعود أهلها إلى عشائر كبيرة من الحجاز وشرقي الأردن والقدس والشام، وبينهم وبين الأمريكيين مصاهرات قديمة، وأشهر عائلات حوارة من حمائل عودة والضميدات والخموس.

وكان في حوارة أثر قديم للعيش البشري الريفي الفلسطيني تدل عليه آثار الخِرَب التي ما تزال ترى فيها أطلال أبنية مرتفعة وصهاريج ومغارات وصخور منحوتة وحبلات وأساسات وبرك تحصد المطر… وتجد أيضاً محراباً في غرفة عبادة قديمة لنبيّ أو وليّ زعموا أن اسمه صاهين، وغرفة أخرى أطلقوا عليها اسم مقام عكاشة، وظنّوا أنه عكاشة الصحابي رضي الله عنه، وليس بذاك، وهو اليوم بناء مهجور متهدّم، هو بناء مفلطح سقفه عقد متقاطع.

ويوجد فيها بين القرى الستة مقام قديم عمره عدة قرون منسوب للصحابي سلمان الفارسي على تلة مرتفعة استولت عليها مستوطنة يتصهار بأمر عسكريّ، يتكون من طابقين أحدهما مغارة منخسِفة، يعلوهما قبة صغيرة، وقد كان حياً بهيجاً يعج بالزائرين قبل قيام المستوطنة لاسيما في الجمعة الثالثة من شهر نيسان إبريل، يحلقون عنده رؤوس مواليدهم، ويختنونهم، ويوفون نذورهم، ويأكلون البيض الملون، ويشربون من بئر ماء عنده، ويعتنون بأشجار البلوط حوله حتى صار متنزها للصغار المتسلقين الذين يحبون التجمع فيه، وقد انعقد عزم القرى على تسمية دوار يتصهار باسم دوار سلمان الفارسي إحياء لذكر سلمان والمقامات المنصوبة على تلك الجبال والتلال، وهذا الدوار هو اليوم بمثابة نقطة انطلاق قطعان المستوطنين عند هياجهم على البلدة.

ومع أن حوارة حديثة النشأة إلا أن المنطقة معروفة تاريخياً ببعض أعلامها خاصة من قرى عينبوس المجاورة وبورين وجماعين وعوريف وعورتا… .
وأكثر أهلها يعملون في قطاع التجارة أو سوق العمل المفروض عليهم من الاحتلال، ويعملون أيضاً في الزراعة، وأشهر محاصيلهم الزيتون، لكن أكثر أراضيها الزراعية تتبع للمنطقة “ج” التي تتبع لسيادة الاحتلال وفق اتفاقية أوسلو سيئة الذكر فيتحكمون فيها إدارياً وأمنياً، ولذلك يتسلّط عليها المستوطنون بتوحّش من خلال بؤرهم التي تستولي على التلال المشرفة، ولولا غيث السماء لما وصلت للمزارعين نقطة ماء، ثم لا تجد

المزارع قادراً على الوصول إلى أرضه من هؤلاء المتوحشين القتلة.
قضمت مستوطنة يتسهار جزءاً ليس بالقليل من أراضي حوارة الغربية كما قضمت من قريتي بورين وعصيرة القبلية.

وأقام الاحتلال في شمالها قاعدة أكلت من أراضيها وأراضي بورين قاعدة يجاورها حاجز حوارة العسكري المعروف بشد نكايته وتنكيله بالفلسطينيين، قطعاً وحصاراً وتهديداً ونقطة هجوم.

وإلى الجنوب من حوارة تستعرض مستوطنة كفار تبواح العسكرية، التي يجاورها قاعدة تبواح العسكرية، وحاجز تبواح المعروف باسم حاجز زعترة الذي سطّر فيه المقاتلون نقوشاً محفورة في تاريخ النضال.

وهذه القواعد والحواجز لا تكتفي بمواقعها الدائمة التي تقطع أوصال الضفة الشمالية والجنوبية وتقطع أوصال مركز نابلس عن بلداتها وضواحيها بل تنتشر في حواجز طيارة تزيد الوضع نكالاً على نكاله مع انتشار الطرق الالتفافية التي تحصد الموت كل يوم من خلال ما يسمونه مساحة الارتداد على امتداد هذه الطرق التي صممت لحماية هذه القطعان الاستيطانية والبطش بكل فلسطينيّ.

حوّارة اليوم بثباتها وقوة مواجهتها وشدة بلائها باتت على موعد مع تاريخ جديد يسجّل لها، وقد تكون أول اسم في شرارة النفير المتقدّم.

أقرأ أيضًا: شوكة النار في شعفاط ! بقلم أسامة الأشقر

Exit mobile version