إلغاء قانون المعقولية

أمام المحكمة العليا قرار واحد ممكن: الفصل في إلغاء سبب المعقولية

كتب تسفي برئيلفي صحيفة هآرتس- ترجمة مصطفى إبراهيم:

لعبة قمار محيرة، تدور رحاها خلال الأسابيع القليلة الماضية، وبلغت ذروتها قبل افتتاح “محاكمة القرن” أمس في المحكمة العليا. فماذا سيكون موقف كل قاض؟ وماذا سيحدث لو قررت المحكمة العليا بقبول الالتماس ضد الإلغاء لحجة المعقولية؟ من هم أولئك أعضاء الكنيست من الائتلاف الذين سيتبنى الحكم بالكامل ومن منهم الذي يجهز كل أنواع الوقود لإشعال احتجاج اليمين والحكومة؟

ورغم أن هذه أسئلة مهمة ومشروعة، إلا أنها لا تشير فقط إلى أن الانفجار متوقع بالتأكيد، بل تشير بشكل رئيسي إلى انهيار الجدار الحديدي في الديمقراطية: قرارات المحاكم هي قدس الأقداس، ويجب ألا تكون هناك طريقة لتجاوزها أو حتى مجرد اعتماد الأجزاء الصالحة للأكل والتخلص من الباقي. “ماذا سيحدث لو” هو السؤال الذي تمت الإجابة عليه بشكل كامل من قبل أعضاء العصابة الشريرة، الذين أوضح معظمهم أن “الكنيست لن تكون قادرة على قبول الدوس عليها بكل تواضع”. وبعبارة أخرى، فإن المحكمة سوف تدوس عليهم، وليس لهم. هذا هو المسدس المرفوع الان في وجه 15 قاضياً في محكمة العدل العليا وتهدد حياة السلطة القضائية، ولكن من الخطأ الفادح الاعتقاد بأن هذا مجرد صراع قوي بين الكنيست والمحكمة حول جوهر مبدأ الفصل بين السلطات.

أمام محكمة العدل العليا معضلة صعبة لا تطاق، فإذا رفض القضاة الالتماس وصنفوا إلغاء سبب المعقولية، فمن الممكن أن يجد هذا القانون نفسه دون دولة يمكن تطبيقه فيها. لا يسعني إلا أن أتخيل الآثار التي سيحدثها مثل هذا القرار: نطاق الاحتجاج العام، والأضرار الجسيمة التي ستلحق بالاقتصاد، والمكانة الدولية للدولة ومواطنيها، والشلل في نظام التعليم والنظام الصحي. وسحق الخدمة العسكرية.
وفي مواجهة تهديدات أعضاء الكنيست بأنهم لن يوافقوا على أن يكونوا حثالة المحكمة العليا، فإن تهديد الجمهور سوف يقف، ليوضح لهم أنهم لم يعودوا يمثلونه. ان مصادقة المحكمة العليا على القانون ستحوله إلى ممارسة نظرية من شأنها أن تحافظ على شرف الكنيست، وتمنح المحكمة المزيد من الوقت لتعيش على أيدي من يموتوا، ولكنها في الوقت نفسه ستثبت وأن ما يقوله منتقدوها كان صحيحاً: النظام القضائي منفصل عن الجمهور.

وهذا لم يعد مجرد خطر نظري. لأنه عندما يسقط جدار الحماية الذي يقيمه الجمهور ضد الأخطار الموجودة في الكنيست والحكومة، وعندما ينهار الأمن الاقتصادي والشخصي للمواطن الذي تلتزم به الدولة، لم يعد المواطن ملزما بواجبه تجاهه. احترام العقد الذي تم انتهاكه بشكل صارخ. ليس وضع الكنيست وسلطتها في تحديد بنود العقد الوطني الجديد هو ما يتم مناقشته في المحكمة العليا، بل استعداد الجمهور لمناقشة تغيير شروط العقد.

موافقة الكنيست على التقاضي أمام المحكمة العليا أمر مضلل، فمن الممكن أن يعتقد الشخص أنه لا تزال هناك فرصة عادلة لاستمرار وجود العقد القديم الذي خدم البلاد لمدة 75 عاما. ولكن عندما يكون الطرف أ، فإن مجرمي الانقلاب، يتحدون سلطة المحكمة العليا ذاتها للعمل كمحكم، ويدرك الطرف “ب” أنه حتى لو رفضت المحكمة العليا إلغاء سبب المعقولية، فلن يكون لديه سوى قطعة من الورق يمكن من خلالها تقديم شكوى لطيفة، ودولة لم تعد قادرة على العمل كإطار آمن لمواطنيها.

ومن ثم، لا توجد معضلة حقيقية أمام المحكمة العليا، فهي لا تستطيع ولا يجوز لها تربيع الدائرة، وعليها أن تقرر، بشكل لا لبس فيه، أنها ترفض إلغاء سبب المعقولية، وأنها لا تقوم بالتجاوز في محاولة لإرضاء جميع الأطراف. ليس هذا هو المقصود من الدور المنوط بها. في هذه اللحظات الخطيرة. كل الالتواءات و”الاتفاقات” والتنازلات التي كان يمكن لمجرمي الانقلاب تقديمها قبل الجلسة القانونية، وسيتمكنون من تقديمها المسؤولية الكاملة تقع على عاتق القضاة، ولا يجوز للمحكمة العليا، لا بنية حسنة ولا حفاظا على وجودها، أن تكون متواطئة في الجريمة التي تنوي الكنيست ارتكابها ضد مواطني الدولة.

اقر أيضاً: الدروز ليسوا فتيان التلال بل أهل هذه البلاد وشعبها العربي الفلسطيني

Exit mobile version