بلينكن حكومة الاحتلال - مخاوف الاحتلال من التناسب الطردي

الاقتصاد الإسرائيلي يدفع ثمن عناد نتنياهو

بقلم : د.عدنان أبو عامر

لم تتوقف التبعات المترتبة على الاحتجاجات الإسرائيلية على الجوانب السياسية والقانونية، بل وصلت إلى الأبعاد الاقتصادية والاستثمارية التي تشكل تهديدًا خطيرًا على دولة الاحتلال، التي تعد نفسها من الدول الرائدة اقتصاديًّا على مستوى المنطقة والعالم، حتى جاءت الردود الصادرة عن كبرى وكالات الائتمان والمصارف الدولية، التي حذرت من تراجع مستوى الثقة بالاقتصاد الإسرائيلي بسبب التعديلات القانونية التي تشهدها (الدولة).

التخوف الإسرائيلي يتعلق بحجم الثمن الباهظ الذي ستدفعه دولة الاحتلال من جراء تدهور أوضاعها الاقتصادية، ولا سيما في ضوء أنه لا يكاد يوجد إسرائيلي خاض نشاطًا ماليًّا، وفتح حسابًا جاريًا منتظمًا، ليس على دراية بالمؤشرات المقلقة التي باتت تصدر تقييمات سلبية لوضعية الاقتصاد الإسرائيلي.

أهم ما صدر عن المؤسسات الدولية يتعلق بتوصية البنك الاستثماري “سيتي بنك” بتوخي الحذر، والانتظار قبل الاستثمار في دولة الاحتلال، وإعلان “مورجان ستانلي” تخفيض تصنيفها إلى “موقف كره”، ونشر وكالة التصنيف “موديز” تقريرًا غير عادي عنها، ما كشف عن حجم التبعات المترتبة على الانقلاب القضائي، الذي حققته حكومة نتنياهو خلال التصويت الأخير في الكنيست.

شكلت هذه التقييمات الإسرائيلية فرصة لأن تعبِّرُ أوساطٌ اقتصادية عن مخاوفها من الهزات الارتدادية لهذا الانقلاب على مستقبل الدولة من النواحي الاقتصادية والمالية، ولا سيما بعد تراجع قيمة عملة الشيكل الإسرائيلي بصورة خطيرة، وصدور جملة من التحذيرات العالمية التي عبرت عن تخوفها من هجرة رؤوس الأموال إلى الخارج، وإغلاق الشركات العالمية لفروعها في دولة الاحتلال، والإعلان عن التدمير السريع لقيمة العملة، وانهيار الاقتصاد أمام أعينهم، وتضرر معيشة كل إسرائيلي.

بدا لافتًا أن نتنياهو، وهو الذي شغل سابقًا منصب وزير المالية، ويمتلك شبكة علاقات وثيقة مع كبار خبراء الاقتصاد في العالم، سعى إلى تفنيد الاتهامات الدولية التي وصلت إلى حدِّ فقدان دولة الاحتلال لتصنيفها الائتماني، حتى فقد نتنياهو نفسه آخر ائتمان كان لديه في الساحة الدولية.

مع العلم أن التحذيرات الصادرة أخيرًا عن المؤسسات الاقتصادية الدولية باتت تدرك أن الاقتصاد الإسرائيلي ربما في طريقه للخروج عن السيطرة تمامًا، لأنها على قناعة أن نتنياهو لن يكون على ما يرام، ولذلك جاءت رسالته للردِّ على التحذيرات الدولية سيئة، فقد اتهم وكالات التصنيف بعدم الفهم، والتحامل على حكومته، والانحياز للمعارضة، وهذا في الحقيقة ردٌّ غريب، ولا يرتقي إلى ألف باء أي ردٍّ اقتصادي.

الخلاصة أن الاقتصاد الإسرائيلي في الآونة الحالية يوشك أن يمرّ بمرحلة مأساوية، وهو يجد نفسه على مذبح الانقلاب القانوني، صحيح أن نتنياهو لديه خبرة طويلة في إدارة الأعمال التجارية، لكن إمعانه في تنفيذ مخططه سيجد ترجمته في دفع الإسرائيليين ثمن ذلك من جيوبهم نقدًا مقابل تخفيض محتمل للتصنيف الائتماني.

Exit mobile version