العدو النصر

معرفة العدو كشرط للنصر وإدارة الصراع معه…!

بقلم : نواف الزرو

قبل أكثر من ألفي عام، أطلق حكيم الحرب الصيني “صن تزو” شعار “اعرف عدوك”، معتبراً هذه المعرفة فيصلاً ما بين النصر والهزيمة، ويُستشف من استطراده حول معرفة العدو بأنّ هذه المعرفة إذا ما استخدمت بشكلٍ استراتيجيٍّ يمكنها حسم الصراع بدون معركةٍ وحربٍ، وبهذا لا تعدّ المعرفة بالعدو شرطاً للنصر فقط، وإنما أداة للصراع معه، فالمعرفة بالعدو هي دائماً معرفةٌ استراتيجيةٌ، لها دورٌ ووظيفةٌ، ودورها ووظيفتها بنفس أهمية دقتها وصحتها.

في هذا السياق (اعرف عدوك) نستحضر الوثائق والاعترافات والشهادات والفيديوهات الموثقة عن النكبة والمجازر الصهيونية المروعة ضد الشعب الفلسطيني، وفي هذا السياق أيضاً: أثار ويثير فيديو – انتشر على وسائط التواصل الاجتماعي في الآونة الأخيرة- عن مجزرة الطنطورة ويشتمل على اعترافات على لسان عدد من مجرميهم الذين نفذوا خلال عام النكبة 1948، جرائم حرب وجرائم ضد الانسانية وجرائم بشعة لا تختر بالبال، ردود فعل واسعة النطاق كلها تطالب بتجميع وتوثيق مثل هذه الشهادات – الاعترافات الخطيرة وتقديمها للجنايات الدولية لاستجلاب هؤلاء المجرمين للمحاكمة، وهناك في الكيان الصهيوني تراث هائل من الأدبيات السياسية العنصرية والإرهابية والإبادية على نحو خاص، وهو تراث كفيل لو جد الجد عند العالم والاأم المتحدة، بأن يجلب ”دولة إسرائيل” وقادتها إلى محكمة الجنايات الدولية، وهذا التراث لا سقف ولا حدود له، وهو متضخم من يوم ليوم ومن ساعة لساعة، وعلى قاعدة “اعرف عدوك”، نلقي الضوء على جوانب من هذا التراث:

وهنا ربما يخرج علينا البعض ليقول: ”ناقصنا نعرف عدونا ما احنا عارفين وعايشين الواقع”، ولكني أعتقد شخصيا أنه من الضروري والملح دائما أن نتابع تصريحات ومواقف وأدبيات العدو الإجرامية ومخططاته ومشاريعه واستراتيجياته، فنحن في حالة صراع وجودي معه تقتضي متابعة كل شيء عنده، وفي هذا السياق المعرفي نتابع الاعترافات الخطيرة التالية على لسان بعض جنرالات وقيادات العدو:

رئيس الموساد الإسرائيلي السابق تامير باردو يعترف في مقابلة مع القناة الثانية عشر العبرية/2018/6/1 ب ”أن جهاز الموساد الإسرائيليّ هو منظمة إجرامية –جريمة- إرهاب مرخّصة”، ووزير الجيش الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان يعلن متفاخرا: إن جنود الجيش الإسرائيلي احترفوا قتل المتظاهرين الفلسطينيين، وهذا الاحتراف أثبت نفسه-الإعلام العبري/2018-6-09″. بينما يؤكد الأديب الإسرائيليّ يتسحاق لاؤور”أن القتل الجماعيّ ما زال مُستمرًا منذ 1948 وإسرائيل تُريد إفراغ القطاع وتهجير سكّانه لسيناء والفلسطينيون مُصّرون على النضال رغم الظروف غيرُ الإنسانيّة-2018-6-3″. بينما أعلن موشيه كحلون، وزير المالية الإسرائيلي السابق “أنه لا يوجد أبرياء ومدنيين عند الحدود مع قطاع غزة-2018-6-8″، الأمر الذي كان ليبرمان أكد عليه أيضا قائلا: “لا يوجد أبرياء في غزة-2018-6-2”. وكذلك عضو الكنيست الإسرائيلي بتسلال سموتريتش ووزير المالية الحالي و”بطل محو حوارة عن الوجود” قال عن سكان القطاع “ليموتوا من الجوع والعطش والملاريا، هذا لا يعنيني-2018-6-3”.

وعودة إلى البدايات، ففي عام 1947 عشية اغتصاب فلسطين نقرأ ما كتبت صحيفة “عل همشار” الناطقة بلسان حزب “المبام” العمالي الصهيوني سابقاً، حيث كتبت تهيئ التنظيمات الصهيونية وتحرّضها على اقتراف المجازر الجماعية ضد العرب. فقد جاء في المقالة: “علينا أن ننسى أية مشاعر إنسانية ويجب علينا إطلاق النار ليس بهدف القتل، وليس بهدف الترويع، يجب أن نذبح ونبيد دونما رحمة أو أحاسيس إنسانية. نعم بدون أحاسيس إنسانية حينذاك نكون نحن رجال الهاجاناة جنوداً، ويجب أن لا نتفلسف…مقابل رأس كل عبري مئة من الرؤوس العربية، حتى لو كانت رؤوس عرب لم يشتركوا في أعمال الشغب، بهذه الطريقة فقط يمكن لنا أن نبرهن للمشاغبين كم هو عزيز الدم العبري”.

وفي عام 1956 كتب مناحيم بيغن في كتابه ”التمرد” يطلب من الإسرائيليين: ”ينبغي عليكم أيها الإسرائيليون أن لا تلينوا أبداً، وعندما تقتلون أعداءكم ينبغي أن لا تأخذكم بهم رحمة حتى ندمر ما يسمى بالثقافة العربية التي ستبنى على أنقاضها حضارتنا”.

وفي عام 1973 قال موشيه ديان: ”لا أرى كيف يمكن أن نقيم دولة يهودية دون أن ندرس على المحاصيل سيادة محل سيادة ويهود يقيمون في مكان أقام فيه العرب”.

وكان بن غوريون قد ثبت هذه العقلية السياسية الصهيونية ذاتها مبكراً في رسالته إلى المجلس التنفيذي للوكالة اليهودية بتاريخ 9/6/1936، حيث أوضح: ”أن الاتفاقية السياسية الشاملة مع العرب غير مقبولة الآن.. لأنه فقط بعد اليأس الكامل مع العرب، يأس يأتي ليس فقط كنتيجة لفشل الاضطرابات، ومحاولات التمرد بل أيضاً كنتيجة لتنامي وجودنا في البلاد، يمكن للعرب أن يذعنوا في أرض إسرائيل اليهودية”.

وهذا غيض بسيط جدا من فيض هائل من الاعترافات الإجرامية الإرهابية التي يمكن أن يحاكموا عليها لو جد العرب والعالم…!

Exit mobile version