الأزمة الإسرائيلية الداخلية نحو مزيد من الانغلاق

أقلام – مصدر الإخبارية

الأزمة الإسرائيلية الداخلية نحو مزيد من الانغلاق، بقلم الخبير في الشؤون الإسرائيلية عدنان أبو عامر وفيما يلي نص المقال كاملًا كما وصل موقعنا:

ما تزال التسوية التي طرحها رئيس كيان الاحتلال يتسحاق هرتسوغ لحل الأزمة الداخلية تحظى بمزيد من النقاش، والأخذ والردّ، فبينما رفضها قادة المعارضة والاحتجاج، خاصة بيني غانتس ويائير لابيد، لكن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو رأى في خطوطها العريضة المقترحة أمرًا إيجابيًّا يبنى عليه، ولعله يعلم أنه في حال تبنيه لتلك التسوية سيمنع حدوث أزمة دستورية وأمنية، فضلًا عن أن ذلك سيمنحه انتصاراً حاسماً في المعركة الدائرة ضد الانقلاب القانوني، لكن خصومه في المعارضة يخشون أن يواجهوا فخّاً جديدًا منه.

المنطلق الذي دفع قادة المعارضة هو المعادلة الصفرية القائلة بأن ما هو جيد لنتنياهو لا يمكن أن يكون جيدًا لهم أيضًا، لكن الفخ الذي كانوا يخشونه هو بالضبط ما وقعوا فيه سابقاً، من حيث الرفض الحازم الذي ردّوا به على بنود الاتفاق الواسع، وقد ألحق بهم الضرر، وأعطى نقاطاً لخصمهم في معركة الرأي العام، لكن زعماء المعارضة وقادة الاحتجاج امتطوا هذه المرة الحصان الخطأ، ما قادهم إلى المكان الخطأ، ما دفع العديد من المحافل السياسية الإسرائيلية لاتهامهم بارتكاب خطأ فادح، مع أنه لا يزال من الممكن تصحيحه.

مع العلم أن المخطط الذي أعلنه هرتسوغ يشكل لتيار عريض من معسكر يسار الوسط استجابة لمعظم ما طلبوه تقريبًا، وهو وقف فعلي للانقلاب القانوني، وتعديل قانون حجة المعقولية، لجنة اختيار القضاة لا يسيطر عليها النظام السياسي، وفي الوقت ذاته فإنه يسمح لليمين المعتدل أن ينزل عن الشجرة العالية التي رفعها وزير القضاء ياريف ليفين، الذي يقود هذا الانقلاب.

بين مواقف يسار الوسط واليمين المعقول، فإن التسوية التي يقدمها هرتسوغ تبدو معقولة لمختلف الإسرائيليين، لأنها توقف الحرب المندلعة بين السلطات الحاكمة، وتضع حدًّا لتضارب الصلاحيات، وتحول دون تفكك جيش الاحتلال، وتعطي المجتمع الإسرائيلي فرصة للاسترخاء بدلًا من حالة الشدّ والجذب التي يعيشها منذ تسعة أشهر. في الوقت ذاته، فإن لدى غانتس ما يكفي من أسباب وجيهة للشك في نوايا نتنياهو، لأنه عندما خاطر حين كان زعيم “أزرق أبيض” بكل شيء من أجل تشكيل حكومة وحدة معه، رماه الأخير للكلاب، في هذه الأزمة الحالية لا يتردد نتنياهو مرة أخرى في إثارة شكوك خصومه. أيّاً كانت مآلات التسوية التي يعرضها هرتسوغ على الائتلاف والمعارضة لحلّ هذا الاشتباك القائم، فمن الواضح أن الإسرائيليين على مسافة قريبة من أزمة رهيبة، ورغم أنهم قد لا يتركون حجراً على حجر لمنع حدوث ذلك، لكن ليس بالضرورة أن ينجحوا في ذلك، والنتيجة أن تزداد الأزمة استحكاماً وانغلاقاً.

أقرأ أيضًا: فرحة تهزُّ أركان الاحتلال النووي.. بقلم عدنان أبو عامر

التطهير العرقي.. الوجه الآخر للاستيطان

أقلام – مصدر الإخبارية

التطهير العرقي.. الوجه الآخر للاستيطان، بقلم الكاتب الفلسطيني عدنان أبو عامر، وفيما يلي نص المقال كاملًا كما وصل موقعنا:

يومًا بعد يوم، تواصل حكومة اليمين الفاشي المضيّ قدمًا في مشاريعها الاستيطانية الهادفة إلى ترحيل الفلسطينيين من قراهم وبلداتهم لإحلال قطعان المستوطنين بدلًا منهم، بالتزامن مع اتساع رقعة الاعتداءات والمضايقات العنيفة التي يمارسها هؤلاء بحماية ورعاية جيش الاحتلال.

تكشف الأرقام ارتفاعًا متزايدًا في اعتداءات المستوطنين ضد الفلسطينيين، ففي حين بلغت عام 2019 قرابة 14 اعتداء، فقد سجل عام 2020، 13 هجومًا، وفي 2021 وصل العدد إلى 14 هجومًا، وفي 2022 قفزت الاعتداءات إلى 40 هجومًا، ومنذ بداية 2023 كان هناك بالفعل 29 هجومًا عدوانيًّا على الفلسطينيين، مع العلم أنه في التجمعات السكانية الفلسطينية التي تم طردها، يمكن أن ترى بوضوح زيادة في عدد الهجمات العنيفة التي قام بها المستوطنون حتى ترحيل آخر فلسطيني، ولا سيما في مناطق “عين سامية، ورأس التين”.

يومًا بعد يوم، تواصل حكومة اليمين الفاشي المضيّ قدمًا في مشاريعها الاستيطانية الهادفة إلى ترحيل الفلسطينيين من قراهم وبلداتهم لإحلال قطعان المستوطنين بدلًا منهم، بالتزامن مع اتساع رقعة الاعتداءات والمضايقات العنيفة التي يمارسها هؤلاء بحماية ورعاية جيش الاحتلال.

تظهر بيانات الأمم المتحدة أنه بين عامي 2019 وأغسطس 2023، أصيب مئات الفلسطينيين بسبب عنف المستوطنين، بينهم عدد من الشهداء، مع أن بعض المصابين الفلسطينيين أصيبوا نتيجة أنشطة جيش الاحتلال أو شرطته وحرس حدوده المتواجد في مكان الحادث، أو وصلت بعد هجمات المستوطنين.

عند تخصيص الحديث أكثر، فإنه يدور عن منطقة واسعة تمتد شرق رام الله إلى مشارف أريحا، والعديد من سكانها لاجئون من منطقة النقب منذ عام 1948، إذ تم ترحيلهم إلى الضفة الغربية، ومنذ عام 1967 تم ترحيلهم مرة أو مرتين، ووصل بعضهم إلى المنطقة في أواخر الستينيات بعد أن طردهم جيش الاحتلال من أماكن أخرى، في حين وصل آخرون إلى هناك في الثمانينيات أو التسعينيات، مع العلم أن معظم الأراضي التي يعيشون عليها مملوكة لفلسطينيين من القرى المجاورة، ويرتبطون بعقد إيجار طويل الأمد.

إضافة إلى عنف المستوطنين، تلعب سلطات دولة الاحتلال دورًا في ترحيل الفلسطينيين في هذه المناطق، عن طريق إصدار قرارات بحظر البناء، وهدم المنازل، ومنع إمكانية التوصيل المنظم للمياه والكهرباء، وبناء الطرق، وإصدار أوامر هدم للمدارس التي بُنيت بمساعدة الدول الأوروبية؛ وإنشاء المستوطنات غير الشرعية، والاعتراف بها، وبالطبع عدم منع أو الوقوف متفرجة في أثناء حوادث عنف المستوطنين ضد الفلسطينيين.

يصعب على المرء فصل ما يحصل من عنف المستوطنين المتصاعد ضد الشعب الفلسطيني، عن وجود حكومة يمين فاشي، لا تتردد في تنفيذ مخططاتها الاستيطانية ومشاريعها العدوانية، حتى لو تخلل ذلك دخول الاحتلال في أزمة سياسية دبلوماسية مع دول العالم

يصعب على المرء فصل ما يحصل من عنف المستوطنين المتصاعد ضد الشعب الفلسطيني، عن وجود حكومة يمين فاشي، لا تتردد في تنفيذ مخططاتها الاستيطانية ومشاريعها العدوانية، حتى لو تخلل ذلك دخول الاحتلال في أزمة سياسية دبلوماسية مع دول العالم، خاصة الحليف الأكبر، لأن هذا اليمين يشعر أنه في سباق مع الزمن، ويريد فرض المزيد من الوقائع على الأرض قبيل مغادرته السلطة، تحت أي ظرف.

أقرأ أيضًا: الاحتلال وعمليات التطهير العرقي في فلسطين

هندسة الوعي الداخلي في المشهد السياسي الإسرائيلي

أقلام – مصدر الإخبارية

هندسة الوعي الداخلي في المشهد السياسي الإسرائيلي، بقلم الكاتب الفلسطيني سري القدوة، وفيما يلي نص المقال كاملًا كما وصل موقعنا:

يوماً بعد يوم، تزداد المخاوف من وقوع سيناريوهات الرعب والذعر التي تنتظر الإسرائيليين، مع تفاقم الأزمة الداخلية، وتصاعد موجات الترهيب وحملات التحريض والتسميم التي اجتاحت أوساطهم في الأشهر الأخيرة، وسط توقعات متشائمة من وصول الأزمة المستحكمة إلى مآلات متشائمة.

التخوف الإسرائيلي يتعلق بنشوء حالة من التضارب الواضح في المصالح، الداخلية والخارجية على حدّ سواء، ما سيجعل صناع القرار السياسي والعسكري غير قادرين على اتخاذ أي قرار يناسب دولة الاحتلال، بعيداً عن أي تعسّف متوقع.

التخوف الإسرائيلي يتعلق بنشوء حالة من التضارب الواضح في المصالح، الداخلية والخارجية على حدّ سواء، ما سيجعل صناع القرار السياسي والعسكري غير قادرين على اتخاذ أي قرار يناسب دولة الاحتلال، بعيداً عن أي تعسّف متوقع.

مع العلم أن الدولة تبدو، وفق كل التقديرات، عشية نوع جديد من الانقلاب العسكري، ولكن من نمط غير معهود لم تعرفه من دول العالم الحرّ، وبالتأكيد ليس في العالم الثالث، مع ظهور جنرالات متقاعدين وكبار قادة في الاحتياط، باتوا يسيطرون على آلاف الجنود أكثر من قادتهم الحاليين، بحيث أنهم ينتظرون رأيهم وموقفهم من العودة إلى قواعدهم العسكرية، ولا سيما الطيارون، وجنود النخبة، ما يهدف لعرقلة أي قرار، أو وقف التشريع، أو تعطيل أي إجراء يعرّض هيمنتهم للخطر.

أكثر من ذلك، فإن الأحداث الجارية في دولة الاحتلال تشير بما لا يدع مجالًا للشك أن هناك نخبة تسيطر على هيئات إعلامية كبرى، وتنسيق ذلك مع الرأسماليين في الاقتصاد الذين سيسيطرون على السياسيين معاً، بحيث سيعملون جميعاً في حالة من التزامن، وبطرق مختلفة، وغير متوازنة بالضرورة، من أجل التأثير على الرأي العام، وهم يبذلون في سبيل تحقيق هذا الهدف قصارى جهدهم، ويعملون بمهنية كبيرة، لهندسة الوعي الإسرائيلي، وتشويه سمعة الشخصيات العامة، والقادة الذين يجرؤون على انتقاد الحكومة، وإبداء رأي معارض للانقلاب القانوني الجاري، أو أخذ زمام المبادرة لتوسيع رقعة الاحتجاجات.

من المظاهر اللافتة في تطورات الانقلاب الداخلي الإسرائيلي أن أربابه ومروّجيه والساعين لتحقيقه لا يترددون في مساعدة المسئولين السياسيين المدانين بارتكاب جرائم الفساد والرشوة، بما يساهمون في تشويه صورة الدولة في جميع أنحاء العالم، وتعزيز المصالح الشخصية التي لا تتوافق بالضرورة مع مصلحتها، وبذلك فهم يتفوقون في اجتهاداتهم على حركات المقاطعة ونزع الشرعية حول العالم.

من المظاهر اللافتة في تطورات الانقلاب الداخلي الإسرائيلي أن أربابه ومروّجيه والساعين لتحقيقه لا يترددون في مساعدة المسئولين السياسيين المدانين بارتكاب جرائم الفساد والرشوة، بما يساهمون في تشويه صورة الدولة في جميع أنحاء العالم، وتعزيز المصالح الشخصية التي لا تتوافق بالضرورة مع مصلحتها

الكثير من الشواهد الإسرائيلية الجديدة عرفتها الأشهر الماضية عبر إضافة المزيد من النخب الصناعية والرأسمالية المحتشدة جميعها ضد الانقلاب، مستعينة بذلك مع نظيراتها من الخارج التي عملت على تعرية الدولة، واعتبارها تسير في منحدر بدون قاع، في ضوء التحذيرات المتصاعدة من تدهور تصنيفها الائتماني، وتدهور اقتصادها، وهجرة رؤوس أموالها، ومغادرة أدمغتها العلمية والتقنية إلى الخارج.

أقرأ أيضًا: بقلم/ عدنان أبو عامر.. حكومة الاحتلال تصل الى خط اللارجعة

تخوف إسرائيلي من نتائج مفاجئة على جبهة الشمال

أقلام – مصدر الإخبارية

تخوف إسرائيلي من نتائج مفاجئة على جبهة الشمال، بقلم الخبير في الشؤون الإسرائيلية عدنان أبو عامر، وفيما يلي نص المقال كاملًا كما وصل موقعنا:

تتزايد التحذيرات الإسرائيلية من التطورات المحتملة على الأحداث الحدودية مع لبنان، وسط قلق من تصعيد محتمل، مع شعور بأن حزب الله في حالة تقوّي، واعتقاده أن دولة الاحتلال في حالة ضعف حقيقي، ما قد يستدعي منها إعادة لإدارة المخاطر الماثلة أمامها؛ ردًّا على أزمات الحدود الأخيرة المتصاعدة.

تتهم أوساط إسرائيلية الحكومة الحالية، المنشغلة بمشاكلها الداخلية، بأنها فوّتت العديد من الفرص للرد على الحزب، ما منحه مزيدًا من الثقة بنفسه، وبذلك ساهمت في زيادة جرأته عند الحدود عبر أكثر من حادثة، وهو ما يتضح من خطاب متحدثيه الإعلاميين والسياسيين، ومن أعماله على الأرض، حيث أطلق في الأسابيع الأخيرة عدة بالونات اختبار، ومع الوقت تحولت إلى نماذج محرجة تثبت أنه نجح بالفعل في ردع الاحتلال لفترة طويلة، دون أن ينفي عمليًّا أن لديه ذات الردع، عقب تهديدات الاحتلال الأخيرة بإعادة لبنان إلى العصر الحجري.

الانتقادات الإسرائيلية لأداء الحكومة والجيش المتردد في الجبهة الشمالية، وقبلها الجبهة الجنوبية، أنه في سنوات وعقود سابقة تمكن الاحتلال حين حاز إمكانيات وقدرات متواضعة من التعامل مع تهديدات الدول المجاورة والمنظمات الفلسطينية المسلحة، أما اليوم، وفي حين تتجه دولة الاحتلال لتصبح أكثر قوة وغنى وحماية خلف أسوار متطورة، وجدران خرسانية، وفجوة قوة هائلة لصالحها، وثمن باهظ قد يدفعه الحزب في حالة التصعيد، لكنها رغم كل ذلك لا يبدو أن لديها تفكيرًا إستراتيجيًّا ناجحًا تجاه هذا التهديد.

عديدة هي الأسئلة الإسرائيلية المطروحة عن عدم تدفيع الحزب أثمانًا عما قام به في الأسابيع الماضية من “تحرّشات” متلاحقة بالاحتلال، وكأن لديه تقدير موقف أقرب للمعلومة منه للتحليل، مفاده أن الأخير لديه من الأجندات الداخلية ما يجعله يتخذ قرارًا بتأجيل تصفية الحساب مع الحزب إلى إشعار آخر، وإلى أن يأتي هذا الإشعار يرى الحزب أن لديه هامشًا من الوقت يدفعه لاستغلاله من خلال مزيد من استنزاف الاحتلال.

بين الصمت المطبق الذي تبديه دولة الاحتلال تجاه تحركات الحزب، والردّ العسكري الصريح الذي قد يستجلب معركة مفتوحة لا يرغب بها أحد، فقد تحرك الوسطاء الإقليميون والدوليون لكبح جماح هذا التوتر المتصاعد، ريثما يكون الاحتلال في حالة من الجاهزية للردّ المباشر والحادّ، وبأثر رجعي، ضد الحزب.

ليس هناك من ضمانات بأن يتبع الاحتلال هذه السياسة المسماة “السير على حافة الهاوية”، ولا سيما في ظل خطر التصعيد الماثل مع الحزب، ومع تحذيرات الطرفين لبعضهما من ارتكاب أي “أخطاء أو حماقات”، وحينها قد يقع أحدهما أو كلاهما في سوء التقدير الذي كان كفيلًا في ذهابهما نحو العديد من المواجهات السابقة، وقد جبت منهما أثمانًا باهظة، لا يريدان العودة إليها مجددًا.

أقرأ أيضًا: فرحة تهزُّ أركان الاحتلال النووي.. بقلم عدنان أبو عامر

اليمين الإسرائيلي يستعرض خياراته الفلسطينية المتعثرة

أقلام – مصدر الإخبارية

اليمين الإسرائيلي يستعرض خياراته الفلسطينية المتعثرة، بقلم الكاتب الفلسطيني عدنان أبو عامر، وفيما يلي مقال النص كاملًا:

في الوقت الذي قررت حكومة الاحتلال اتخاذ جملة خطوات لدعم السلطة الفلسطينية التي تواجه خطر الإفلاس والانهيار، أصدر عدد من وزراء الحكومة ذاتها مواقف معارضة لما قررته، في ضوء رؤاهم الاستراتيجية الخاصة بطيّ صفحة السلطة، تمهيدا لحسم الصراع مع الفلسطينيين، وهو الموقف الذي يتبنّاه عتاة اليمين الذين يعدون الحكومة الحالية فرصتهم التاريخية التي قد لا تتكرر.

مع العلم أنَّ هذه الرؤية التي دأبت أوساط اليمين الإسرائيلي على ترديدها تجاه السلطة الفلسطينية ليست مفاجئة أو جديدة، فقد دأبت على المطالبة الدائمة بتفكيكها وصولًا إلى انهيارها، بزعم أن ذلك يحقق المصلحة الأمنية الإسرائيلية، رغم أن وجودها يمنح هذه المصلحة مزيدا من الاستقرار والضمانات، وذلك باعتراف كبار أقطاب المؤسستين العسكرية والأمنية لدى الاحتلال.

يمارس رموز اليمين الفاشي الإسرائيلي على الحكومة الحالية مزيدًا من الضغوط للوصول إلى ذلك السيناريو الأكثر تفضيلا لها، بالتزامن مع صدور تقديرات متباينة تتخوف أن يسفر هذا الضغط الإسرائيلي على السلطة، بجانب تراجع شعبيتها، وتبدد نفوذها على الواقع الميداني في الضفة، عن نشوء واقع مماثل لما هو عليه الحال في قطاع غزة، من حيث سيطرة المقاومة هناك، على الرغم من عدم توافر الكثير من الشواهد التي تشجع حدوث مثل هذا الخيار.

رغم ذلك فإن إمكانية تحقق هذا السيناريو يعني استدراج دولة الاحتلال إلى واقع لا يطاق من هجمات مخططة ومنظمة تجمع بين الصواريخ على كفار سابا، والعبوات الناسفة في شوارع وطرق الضفة التي يسلكها المستوطنون، أمام تصدّع السيطرة الأمنية والعسكرية الإسرائيلية الفعالة على ما يحدث.

في الوقت ذاته، تعمل محافل اليمين الإسرائيلي على الوصول إلى وضع يحصل فيه انهيار للسلطة بسبب فراغها الحكومي بسبب تراجع موازناتها المالية، وإخفاق أجهزتها الأمنية في العودة لبعض مناطق الضفة الغربية، ما سيتيح مجالًا للمناورة أمام قوى المقاومة، وفق تقدير الاحتلال الذي يتخوف من تعريض الأمن الإسرائيلي للخطر الشديد.

صحيح أن منطق اليمين الفاشي الإسرائيلي يسعى بكل قوة لمنع إقامة الدولة الفلسطينية، لكن في المقابل فإن سيناريو حلّ السلطة قد يصبح سيناريو الرعب الذي سيعيشه الاحتلال، لأن البديل حينها قد يتمثل بتفشي الفوضى في الضفة الغربية، وتورط الجيش من جديد في المستنقع الفلسطيني، وسيعود من جديد للقيام بدوريات في المدن الفلسطينية لملاحقة المقاومة التي ستنتعش مجددا.

هذا الاحتكاك اليومي بين الجيش والفلسطينيين سيكلفه ثمنا باهظا، وسيجعل النقاش الداخلي الإسرائيلي يعود إلى سنوات وعقود طويلة إبان أيام انتفاضة الحجارة، وفي هذه الحالة ستضطر سلطات الاحتلال لتوفير خدمات الكهرباء والمياه والتكفل بظروف معيشية معقولة لملايين الفلسطينيين، وهو الذي تخلص من هذا العبء من خلال اتفاق أوسلو الذي شكل إنجازا سياسيا إسرائيليا عزّ نظيره!

أقرأ أيضًا: فرحة تهزُّ أركان الاحتلال النووي.. بقلم عدنان أبو عامر

المستوطنون يوسّعون رقعة استهدافاتهم عنفًا واستيطانًا

أقلام – مصدر الإخبارية

المستوطنون يوسّعون رقعة استهدافاتهم عنفًا واستيطانًا، بقلم الكاتب الفلسطيني عدنان أبو عامر، وفيما يلي نص المقال كاملًا كما وصل موقعنا:

يومًا بعد يوم يزيد السلوك العدواني لقطعان المستوطنين ضد الشعب الفلسطيني، في الضفة تحديدًا، وكأن لسان حالهم يقول: “صاحب البيت أصيب بالجنون”، مع تفاقم الجدل بينهم حول الأداء الأكثر جدوى لتحقيق تطلعاتهم الإجرامية: هل هو بناء مزيد من المستوطنات؟ أم زيادة حدّة الاعتداءات على الفلسطينيين؟ في ضوء وجود حكومة يمينية فاشية تدفعهم إلى الجمع بين كلا الخيارين، الأكثر سوءًا.

صحيح أن عنف المستوطنين ضد الفلسطينيين في الضفة ليس وليد الشهور الستة الأخيرة من عمر حكومتهم الحالية، بل يعود إلى سنوات سابقة، ولا ينعكس فقط في عدد العدوانات، وحجم المتورطين فيها، بل في الدعم الذي يتلقونه، سواء بشكل فاعل، أو بالصمت عنهم، ما يعدونه إشارة ضمنية تسمح لهم بتصعيد أعمال العنف ضد الفلسطينيين، وهم مطمئنون لعدم ملاحقتهم قانونيًا، والتحقيق معهم أمنيًا.

بعد العدوانات العديدة التي ارتكبها المستوطنون في ترمسعيا وعوريف وسواهما من البلدات الفلسطينية، تزعم غالبيتهم المطلقة أن الدافع لهذه الجرائم هو شعورهم بانعدام الأمن لديهم، زاعمين أن ردّ فعل الجيش على الهجمات الفدائية الفلسطينية لا يوفر الحماية المرجوة لهم، ما جعلهم في بعض الأحيان يفرضون على أنفسهم من الناحية العملية نوعًا من حظر التجول خشية من العمليات الفلسطينية، وبعضهم لا يتمكن من مغادرة المستوطنة، أو دخولها.

يسوق المستوطنون هذه التبريرات والذرائع في إعطاء “شرعنة” لجرائمهم ضد الفلسطينيين، وهم الذين يحظون بدعم غير محدود من الجيش، الذي يعمل طوال الوقت لحمايتهم من العمليات الهجومية، لكن فشله لا يعطي بالضرورة أي مسوّغ لهم لتنفيذ جرائمهم المرفوضة بكل المعايير والمقاييس.

لا يحتاج أحدنا ليكون مؤرخًا كي يستعرض تاريخ الجرائم الاستيطانية ضد الفلسطينيين منذ ما يزيد عن قرن مضى، ويتركز في المسارين ذاتهما: توسيع الاستيطان والاعتداء على الفلسطينيين، معًا، قد يتقدم أحدهما على الآخر في مرحلة ما، لكنهما لا ينفصلان أبدًا، بالرغم من أن مستوطنة يتسهار المتطرفة شكلت باكورة العنف الموجه ضد الفلسطينيين، إذ نشأت فيها الشخصيات الحاخامية الأيديولوجية الكامنة وراء العنف في النصوص الدينية المكتوبة.

لا يحتاج أحدنا ليكون مؤرخًا كي يستعرض تاريخ الجرائم الاستيطانية ضد الفلسطينيين منذ ما يزيد عن قرن مضى، ويتركز في المسارين ذاتهما: توسيع الاستيطان والاعتداء على الفلسطينيين، معًا

الحاخام إيتسيك شابيرا، أحد الحاخامات البارزين في المدرسة الدينية، صاحب الفتوى الزاعمة أنه “إذا تضررت بؤرة استيطانية واحدة في الضفة الغربية، فيجب أن تستجيب المستوطنة المجاورة لها، وضرورة وجود عمل مشترك لكل المستوطنات ليس فقط في الضفة الغربية، ولكن في القدس والجليل والنقب أيضًا، انطلاقًا من أحكام توراتية وتلمودية تبيح استهداف الفلسطينيين، وممتلكاتهم ومنازلهم، بزعم أن ذلك سيردّ أيديهم عن استهداف المستوطنين عبر عمليات المقاومة، وليس عجيبًا أن يقود هذه الاعتداءات طلاب المدارس الدينية الحاخامية المدعومين من الحكومة والجيش في الوقت ذاته.

أقرأ أيضًا: بقلم/ عدنان أبو عامر.. حكومة الاحتلال تصل الى خط اللارجعة

هذه الملفات تزيد من خلافات الإسرائيليين الداخلية

أقلام – مصدر الإخبارية

هذه الملفات تزيد من خلافات الإسرائيليين الداخلية، بقلم الكاتب الفلسطيني عدنان أبو عامر، وفيما يلي نص المقال كاملًا كما وصل موقعنا:

تطورات متلاحقة شهدها الاحتلال في الأيام الأخيرة، بدأت بعدوان على جنين، تخلله هجوم فدائي في تل أبيب، وبينهما استمرار الاحتجاجات ضد الانقلاب القضائي، وصدور المزيد من الأصوات الرافضة للانخراط في الخدمة العسكرية.

لقد زادت حالة الاستقطاب السياسي والحزبي التي يشهدها الإسرائيليون من مظاهر الانقسام الداخلي بينهم، وكأننا أمام قبائل عرقية متناثرة، تشهد اختلافات في الرأي وتناقضات وانقسامات، بما في ذلك الخطاب العنيف والفاضح والقاسي، بما في ذلك تعزيز الخلافات، بما في ذلك التعبيرات المهينة، والهجمات اللفظية الشخصية، وصولًا للاغتيال المعنوي لكثير من الشخصيات المعارضة للانقلاب القانوني، ووصل الأمر بأنصار الائتلاف اليميني الفاشي لوصف قادة الأجهزة الأمنية بأنهم ميليشيا “فاغنر”، جديرون بإلقائهم في مكبّ النفايات.

تزامنًا مع كل ذلك، اجتازت الاحتجاجات والمظاهرات أسبوعها السابع والعشرين، مع تزايد أعداد الإسرائيليين، ووصولهم لمئات الآلاف، وتجمّعهم في جميع أنحاء المدن، وبات المشهد الإسرائيلي منقسمًا بين فوضويين وليبراليين، يمينيين فاشيين ويساريين خائفين، ينخرطون في الخدمة العسكرية، وآخرون يرفضونها، يدعون للانفصال عن الفلسطينيين، ويطالبون بالتراجع عن الانسحاب من أراضيهم المحتلة، يبحثون عن مسار سياسي للتخلص من أعباء الاحتلال لأنه فاسد مفسد، وآخرون يمضون في إفسادهم بتدمير المحاصيل الزراعية، وإحراق الأشجار، والبقاء في أراضي الفلسطينيين.

صحيح أن معظم المشاركين في الاحتجاجات والمظاهرات ليسوا فقط ليبراليين، ومعادين للائتلاف اليميني الفاشي، لكنهم يسعون أيضًا لإبرام تسوية مع الفلسطينيين، وإنجاز حلّ قابل للحياة، في المقابل، فإن معظم الساعين للانقلاب ينتمون للمعسكر الذي يحلم بضمّ الأراضي الفلسطينية المحتلة، ولا سيما في الضفة المحتلة.

الخلاصة أنَّ الإسرائيليين منقسمون، ويزداد انقسامهم وهم يرون قادتهم يقادون إلى السجون بتهم الفساد، وهم يمثلون أمام المحاكمة، وباتوا مدانين بارتكاب جرائم الرشوة والاحتيال وخيانة الأمانة، فيما الغالبية يواجهون معاناة جادة في كسب لقمة العيش، والحفاظ على مستوى معيشي معقول، على الأقل وفق المعايير الإسرائيلية، وليس الفلسطينية بالتأكيد، وهم يواجهون غلاء الأسعار الفاحش من مسئولي الائتلاف غير المنضبطين، وزيادة كلفة الرهون العقارية، والضرائب المرتفعة، وارتفاع أسعار الكهرباء والمياه، والبنوك التي تكسب المليارات من العمولات، وتغيير قيمة العملات.

لم يتوقف انقسام الإسرائيليين عند المسائل الواردة أعلاه، بل تعدّاه ليصل المحكمة العليا، التي تحوز على احترام قطاعات واسعة في صفوفهم، لكن عقودًا من حكم اليسار واليمين لم تشهد محاولات جادة لاستهدافها بصورة مركّزة وموجهة، حتى أتى الائتلاف الحالي الذي يمعن في إلحاق الأذى بالمحكمة، وإفشالها.

خلاصة المشهد الإسرائيلي المنقسم على نفسه يتمثل في وقوع المزيد من الخلافات بين الائتلاف والمعارضة، يومًا بعد يوم، وكأن الائتلاف والمعارضة يمثلان شعبين منقسمين، وليس فقط ذوي مشارب سياسية وتيارات حزبية، كما جرت عليه العادة طوال عقود من عمر دولة الاحتلال.

أقرأ أيضًا: فرحة تهزُّ أركان الاحتلال النووي.. بقلم عدنان أبو عامر

المعارضة الإسرائيلية تُسجّل نقاط تفوق على الحكومة

أقلام – مصدر الإخبارية

المعارضة الإسرائيلية تسجل نقاط تفوق على الحكومة، بقلم الكاتب الفلسطيني عدنان أبو عامر، وفيما يلي نص المقال كاملًا كما وصل موقعنا:

للأسبوع الخامس والعشرين تواليًا، يخرج مئات آلاف الإسرائيليين للتظاهر ضد الانقلاب القضائي الذي تنفذه حكومة اليمين، مع مستجد لافت يتعلق باحتجاج في الاتجاه المعاكس هذه المرة ينطلق من أوساط الائتلاف ذاته الذين يتهمونه بعدم تحضير البيئة السياسية والحزبية لتنفيذ خطته القانونية الكفيلة بتغيير معالم الدولة.

بعد قرابة الأشهر الستة على انطلاق البرنامج القانوني للحكومة يتضح يومًا بعد يوم أنها ورئيسها نتنياهو يفاجؤون بإصرار واضح للمعارضين، يتزايد يومًا بعد يوم، وبدون خطة منظمة، تظهر الحكومة مستدرجة إلى ردود أفعال حتى وصل الوضع الإسرائيلي الداخلي لما يشبه انهيارًا حكوميًّا وصولًا لحالة من الفوضى الكاملة، في ضوء القوة الهائلة التي تحصل عليها المعارضة من الأجسام والكيانات غير الحكومية والمنظمات الأهلية، فضلًا عن الدعم الخارجي.

ولأن الانقلاب القانوني المزمع من حكومة اليمين، الذي يتضمن تغييرًا في طريقة انتخاب القضاة، أو في صلاحيات المحكمة العليا، لا يشبه الإجراء التشريعي العادي، فقد كان متوقعًا أن يثير الاحتجاج والغضب لدى بقية الإسرائيليين، مقابل ما أظهرته المنظومة القضائية من قدرة فعالة وقوية على إحباط مثل هذه التغييرات القانونية، من خلال تصدر كبار القضاة السابقين للتظاهرات الاحتجاجية، مما دفع أقطاب حكومة اليمين لاتهامهم بأنهم يساريون علمانيون مدفوعون لإسقاط الحكومة، وليس بالضرورة الحفاظ على نزاهة القضاء فقط.

في الوقت ذاته، يبدو واضحًا أن المعارضة الإسرائيلية تستعين بعدد من مكونات المنظومة السياسية الداخلية، لإحباط انقلاب الحكومة القضائي، وعلى رأسها الجيش والشرطة، والقطاعين الأكاديمي والإعلامي، فضلًا عن العوامل الخارجية المتمثلة بالمنظومة الدولية الغربية تحديدًا، بجانب تجنيد معاهد بحثية وأكاديمية دأبت خلال الشهور الأخيرة على إجراء استطلاعات للرأي تظهر المزيد من معارضة الإسرائيليين للانقلاب القضائي.

كشف أداء المعارضة الإسرائيلية، الحزبية والأهلية، أن الائتلاف الحكومي، وبالرغم من حيازته لأغلبية برلمانية مستقرة، يبدو أقلية صغيرة مهددة بانفراط عقده في أي لحظة، لأنه وجد نفسه أمام آلة دعاية مهنية موجهة لم تترك أي هامش تقريبًا للحكومة، بل وأعدّت خطة استراتيجية عامة تسعى لإسقاط الحكومة من خلال التذرع بإحباط الانقلاب الحكومي.

وأمام حيازة المعارضة للعديد من الأدوات المساعدة في الإعلام والأكاديميين والاقتصاد والقضاء، فمن الواضح أن باقي مؤسسات الدولة، وعلى رأسها النخب الأمنية والعسكرية، لا توافق على توجهات الحكومة الانقلابية، التي ظهر أنها تواجه صعوبة في حشد التأييد الواسع لها، مما جعلها معتمدة فقط على الأحزاب الدينية المتطرفة التي تروج لأجندة دينية ومعادية لليبرالية تثير الاشمئزاز والخوف بين شرائح الجمهور الإسرائيلي.

أقرأ أيضًا: بقلم/ عدنان أبو عامر.. حكومة الاحتلال تصل الى خط اللارجعة

علماء الهايتك يغادرون دولة الاحتلال، ولا يعودون!

أقلام – مصدر الإخبارية

علماء الهايتك يغادرون دولة الاحتلال، ولا يعودون!، بقلم الكاتب الفلسطيني عدنان أبو عامر، وفيما يلي نص المقال كاملًا كما وصل موقعنا:

تزامنًا مع التحديات الأمنية التي تواجهها دولة الاحتلال، فإن التهديدات الداخلية ما تزال تتصاعد، وآخرها المخاوف المتزايدة من هجرة العلماء وخبراء الهايتك والتكنولوجيا الفائقة إلى الخارج، ما سيترك تبعاته السلبية على تعثّر الاقتصاد، وتراجعه، وصولًا لتأثر إجمالي الناتج المحلي الذي سيصاب بتأثيرات لا تخطئها العين بسبب العلماء الذين يغادرون دولة الاحتلال، المعروفة بالابتكار والبحث، والدعم الحكومي الكبير الموجّه نحو التطوير.

في الوقت ذاته، فلا تزال دولة الاحتلال تفشل في التعامل بفعالية مع ظاهرة أن جزءًا كبيرًا من علمائها الذين يذهبون للحصول على درجة الدكتوراه في الخارج، اختاروا عدم العودة إليها، في ضوء أن الواقع الحالي يظهر انخفاضًا في الاستثمارات، وتسريح العمال في مجال التكنولوجيا العالية، والشعور بعدم الاستقرار، باعتباره عاملًا آخر غير مشجع لقرار عدم البقاء فيها.

ولأن عدد المناصب الأكاديمية في المؤسسات التعليمية الإسرائيلية محدودة، فإن فرص عودة العلماء للاندماج بنظام التعليم العالي ضئيلة للغاية، مقابل ما يتلقاه عدد غير قليل منهم من عروض مغرية، من الناحيتين المهنية والمالية، من المؤسسات البحثية وهيئات البحث والتطوير في الخارج.

وبالرغم من أن فرص العمل في القطاع الصناعي أكبر من نظيره الأكاديمي، لكن المخزون لا يزال مقتصرًا على من يعودون لدولة الاحتلال بعد مرحلة ما بعد الدكتوراه البحثية، فإن الشركات تبحث أساسًا عن المواهب ذات الخبرة الإدارية، والإلمام بالسوق العالمي، والقدرة المؤكدة على تعزيز القدرة التنافسية الدولية، والتأكيد على أن معظم العلماء مهتمون بالعودة بعد فترة التدريب في الخارج، حتى لو بعد سنوات، لكنهم ينجذبون للأجواء المبتكرة والريادية والديناميكية للبيئة العلمية في الخارج، الذي يحتوي على باحثين من الدرجة الأولى.

تشكل هذه المعطيات فرصةً لطرح السؤال الإسرائيلي: لماذا يجب أن يكون هذا مصدر قلق؟ بالرغم من وجود عددٍ كافٍ من العلماء ورجال الأعمال والصناعة القوية التي سمحت للاحتلال بالازدهار، وأن يصبح دولة ناشئة صاعدة، لكن الوضع الحالي غير مرضٍ، وليس من الواضح أنه مستدام، وبالتالي فإن فقدان العقول العلمية والأدمغة التقنية يقلق جميع الإسرائيليين، ولا سيما رواد الأوساط الأكاديمية والاقتصادية، لأن الدولة استثمرت سنوات في التدريب الجيد لرأس المال البشري، ويجب أن ترى عودته إليها مصلحة وطنية من الدرجة الأولى.

ما قد يعزز المخاوف الإسرائيلية أن الخسارة التي لحقت باقتصادها فادحة، إذ تُظهر المعطيات الإحصائية أنه فيما يتعلق بمتوسط عدد العلماء العائدين كل عام، وبيانات اندماجهم في سوق العمل الإسرائيلي، أن دولة الاحتلال تفقد كل عام ناتج محلي إجمالي محتمل مستقبلي بقيمة 2.4 مليار شيكل بسبب عدم عودة العلماء، ما يكشف عن فشل السوق الذي لا يتعامل مع هذه الظاهرة بطريقة شاملة، ولا يوفر الميزانية والاحتياجات اللازمة لتشجيعهم على العودة.

أقرأ أيضًا: فرحة تهزُّ أركان الاحتلال النووي.. بقلم عدنان أبو عامر

أزمة إسرائيلية دولية حول تمويل الجمعيات الأهلية

أقلام – مصدر الإخبارية

أزمة إسرائيلية دولية حول تمويل الجمعيات الأهلية، بقلم الكاتب الفلسطيني عدنان أبو عامر، وفيما يلي نص المقال كاملًا كما وصل موقعنا:

تواصل دولة الاحتلال افتعال المزيد من المشكلات مع دول العالم منذ تشكيل حكومتها اليمينية الحالية، وآخرها التوجهات الجارية لإقرار قانون جمعيات المجتمع المدني، قبل تجميد بحثه، وحصولها على تمويل من الحكومات الأجنبية، ما دفع بالدول الأوروبية للاعتراض على القانون، وبدء الاتصال بحكومة الاحتلال لمنع إقراره، في حين بدأ مكتب رئيس الوزراء ووزارة الخارجية بفحص الطلبات المقدمة من عدد من الدول.

مع أن عددًا من السفارات الأوروبية في تل أبيب أدانت الترويج لمشروع القانون الخاص بالجمعيات الأهلية، وبعبارات متطابقة تقريبًا، في حين غرّد سفراء بلجيكا والنرويج وأيرلندا والسويد بأن مشروع القانون مثير للقلق، مؤكدين مواصلة إثارة القضية مع الإسرائيليين، مع أن مشروع القانون يسعى إلى فرض ضرائب على التبرعات التي تأتي من الحكومات الأجنبية للمنظمات المدنية في دولة الاحتلال.

يهدف مشروع القانون إلى تقليص مشاركة الحكومات الأجنبية فيما يحدث بدولة الاحتلال، ومنع التبرعات التي تذهب إلى المنظمات اليسارية، ما دفع الولايات المتحدة وألمانيا وفرنسا ودولًا أخرى للاتصال بالأيام الأخيرة بمسؤولين كبار بدولة الاحتلال بعد الترويج للقانون، ودفع برئيس الوزراء بنيامين نتنياهو لتأجيل القرار بشأن مشروع القانون بضعة أسابيع.

مع العلم أنها ليست القضية الوحيدة التي تقلق دول العالم فيما يتعلق بدولة الاحتلال، وآخرها إدانة العلاقات الخارجية الأوروبية لقرارها السماح بإعادة توطين بؤرة حومش الاستيطانية، والموافقة على بناء ستة آلاف وحدة سكنية بمستوطنات غير شرعية بالضفة الغربية.

تجدر الإشارة أن مشروع القانون ينصّ على أن الجمعية الإسرائيلية التي تتلقى تبرعًا من حكومة أجنبية لن يتم الاعتراف بها كمؤسسة عامة، أو غير ربحية، وستخضع لضريبة بنسبة 65٪ على دخلها، ولن يحق لمانحيها الحصول على ائتمان ضريبي.

في الوقت ذاته، فإن هذه الجمعيات الأهلية تتهم الجهات الإسرائيلية الساعية إلى إقرار القانون بأنها تهدف إلى إلحاق الضرر بها، وأنه يتماهى في الحرب على اليسار، والنضال ضد الاحتلال، ومعارضي الانقلاب القانوني، مع أن مشاريع قوانين سابقة ظهرت في الماضي، لكنها تعثرت مرارًا وتكرارًا بسبب الضغط الدولي على دولة الاحتلال.

تتزامن هذه الأزمة الإسرائيلية مع المجتمع الدولي مع نتائج آخر استطلاع للرأي أجري بين اليهود في الولايات المتحدة، وأظهر أن 25 بالمئة منهم يعتقدون أن إسرائيل دولة فصل عنصري، و22 بالمئة يعتقدون أنها ترتكب إبادة جماعية ضد الفلسطينيين، ما شكل انتكاسة لصورتها لدى هذا الجمهور، وهذه النتائج السلبية تضاف إلى ما تشهده جامعات غربية وأمريكية تجري فيها أنشطة مناهضة للاحتلال، ما يزيد عدد المعادين له، وتراجع من يتعاطفون معه لصالح الفلسطينيين.

اقرأ أيضًا: فرحة تهزُّ أركان الاحتلال النووي.. بقلم عدنان أبو عامر

Exit mobile version