العنصرية تحرق إسرائيل دوليًا.. بقلم حمزة حماد

أقلام-مصدر الإخبارية

تشهد الأراضي الفلسطينية حالة من التغول الإسرائيلي بسبب الاعتداءات المتواصلة والإجراءات العنصرية وحالة التحريض تجاه أبناء الشعب الفلسطيني خصوصًا بعد مجيء الحكومة اليمينية المتطرفة برئاسة «نتنياهو» و«بن غفير» و«سموتريتش».

يشن هذا المثلث صاحب الوجه العنصري البشع في الفكر والممارسة عدوانه بشكل غير مسبوق بهدف إحلال الاستيطان وضم الأرض الفلسطينية وفرض السيادة الإسرائيلية.

لا شك أن هذه الأهداف باتت مُعلنة وتعكس العقلية الإجرامية لحكومة الاحتلال، ففي ذات الوقت تلعب «إسرائيل» على مسألة تضليل الرأي العام الدولي لمواصلة جريمتها الكبرى بحق الفلسطينيين وارتكاب مجازر دموية نعيش ذروتها في ظل التهديدات التي تصدر عن قادة الاحتلال، واستهداف كل أشكال الحياة في الأراضي الفلسطينية لا سيما مناطق الضفة بشكل خاص.

بالتصريحات التي صدرت مؤخرًا للمتطرف «بن غفير» عبر القناة الـ 12 العبرية التي دعا فيها إلى «منح المستوطنين الحق في التنقل على طرقات الضفة وحرمان الفلسطينيين منه»، والتي حظيت بدعم من «نتنياهو» زعيم العصابة، قد أحرق الوجه المزيف لإسرائيل ودعوتها للسلام الذي ينتقص من الحقوق الفلسطينية وفق قرارات الشرعية الدولية، لذلك نحن أمام مرحلة خطيرة من العدوان الإسرائيلي المُركز في مناطق الضفة.

وباعتقادي أن هذه التعبيرات والتفوهات الإعلامية لقادة الاحتلال تأخذ منحى أكبر من التحريض لأنها في سياق الترجمة على الأرض من خلال عمليات القتل وهدم المنازل والتهويد والتهجير وطرد المواطنين من أراضيهم وزيادة انتشار المستوطنات بالضفة المحتلة.

بالتالي التبجح والتباهي في ارتكاب الجريمة سلوك أبعد بكثير من المعاني السطحية التي تحتكم لرأي قانوني دولي خجول!

«بن غفير» حين يقول: «هذا هو الواقع، هذه هي الحقيقة، حقي في الحياة يسبق حقهم في حرية التنقل».

هو يعلن أنه منذ سنوات طويلة، إسرائيل قد ضللت الرأي العام الدولي بهدف تحقيق إقامة كيانها الذي أقيم على دماء الأبرياء والعزل من الفلسطينيين، وأمام العالم كله.

وتتلاقى هذه التصريحات الجديدة مع تصريحات المتطرف «سموتريتش» الذي قال خلال شهر مارس 2023م: «لا يوجد تاريخ أو ثقافة فلسطينية»، أي التنكر لوجود الشعب الفلسطيني، وهذه بحد ذاتها جريمة رُفضت من أوساط عديدة واعتبرت تحريض على العنف، ناهيًا عن مطالبته بمحو بلدة حوارة الذي حاول التراجع عنها بعد النقد الشديد الذي أحرج «إسرائيل».

وذكر تقرير لمنظمة «هيومن رايتس ووتش» اليوم الاثنين 28 أغسطس 2023م، أن إسرائيل تقتل الفلسطينيين دون أي سبيل للمساءلة، وأنها ترتكب جرائم ضد الإنسانية تتمثل في الفصل العنصري والاضطهاد ضد الفلسطينيين، الأمر الذي يتطلب من حلفائها لا سيما الولايات المتحدة الضغط عليها لوقف جرائمها، وتحقيق المساءلة.

اقرأ/ي أيضا: إضراب بالداخل المحتل ضد السياسات العنصرية للحكومة الإسرائيلية

وبصفته الأقوى وحليف دولة الإرهاب في المنطقة، من الطبيعي أن نجد الدور الأمريكي متخاذلًا مع الفلسطينيين، ومنحازًا لإسرائيل، وقريبًا من دور المُصلح الاجتماعي، والذي اعتاد أن يرفع شعار الهدوء والاستقرار في الأراضي الفلسطينية، لكنه فشل بمحاولاته أن يطل أمد الهدوء أمام الممارسات وإجراءات الاحتلال الفاشية التي باتت تهدد حياة شعب بأكمله وحقه في تقرير المصير، فلا يمكن أن يُساوى الضحية بالجلاد!

وسواء «بن غفير» أو غيره من قادة الإرهاب الإسرائيلي، هذا الموقف يتجدد في خضم الأحداث الميدانية ليؤكد أنه لا تراجع عن مشروع الضم الاستيطاني، وأن لا دولة للشعب الفلسطيني، والقرارات الدولية خارج حسابات إسرائيل، ففي شهر يوليو 2023 انتقد المتطرف «بن غفير» تصريحات للرئيس الأمريكي بايدن قائلًا: «لن نتنازل عن تل واحد أو بؤرة استيطانية في الضفة الغربية».

وتحاول الإدارة الأمريكية أن تحضر دائمًا بشخصية «المُنصف»، حيث كان آخر ردود خارجيتها على «بن غفير»: «تصريحات استفزازية.. وأن مثل هذه الرسائل ضارة بشكل خاص عندما تصدر من أولئك الذين يشغلون مواقع قيادية ولا تتناسب مع تحقيق تقدم في مراعاة حقوق الإنسان للجميع». كما أدان الاتحاد الأوروبي تلك التصريحات، مؤكدًا أن المستوطنات غير قانونية بموجب القانون الدولي، وتشكل عائقا أمام السلام وتجعل خيار «حل الدولتين» مستحيلًا، علمًا أن هذا الخيار قد انتهى أمام الإرادة الفلسطينية والمقاومة المتصاعدة بالضفة.

كما تطرق تصريح للاتحاد الأوروبي طلب فيه بأن تقوم العلاقات مع «إسرائيل» التي تمارس الإرهاب يوميًا بحق الفلسطينيين على احترام حقوق الإنسان والمبادئ الديمقراطية، في إشارة لدعوة «إسرائيل» الالتزام بالقانون الدولي وعدم تجاوزه، وعدم رفع شعارات مكشوفة تهدف لتبييض صفحتها السوداء أمام العالم.

وعقب مسؤولون سياسيون وإعلاميون إسرائيليون، أن الضرر السياسي والإعلامي والقانوني بسبب أقوال «بن غفير» هائل، وأن تفوهاته هي هجوم إعلامي ضخم ويكشف لأسفنا عن وجه الحكومة. وفق قولهم، وجاء ذلك بعد الردود الساخطة على وسائل الإعلام ومنصات التواصل الاجتماعي التي وصفت النظام الإسرائيلي بـ«الأبارتهايد».

تواصل تهديدات الاحتلال وأخذها أشكالًا متنوعة، وغياب المحاسبة الفعلية، والتماهي مع النظام العنصري الإسرائيلي الممتد سيجعل الاحتلال يرتكب المزيد من الجرائم بحق شعبنا، فليس أمامنا كفلسطينيين سوى مواصلة النضال وتصليب المقاومة الشاملة لشعبنا، باعتبارها السبيل الوحيد في ظل الأوضاع الراهنة، للدفاع عن حقوقنا الوطنية، والتصدي لمشاريع الاستيطان والضم الزاحف وسياسات التمييز العنصري والتطهير العرقي الإسرائيلي، إضافة إلى دعم جهود دائرة مناهضة «الأبارتهايد» في (م. ت.ف) التي تعمل على تشكيل جبهة عالمية لمناهضة الفصل العنصري والاستعمار الاستيطاني، والتي تُحضر لعقد مؤتمر دولي لمناهضة الأبارتهايد عبر إشراك المؤسسات الرسمية والغير رسمية والجاليات والسفارات الفلسطينية، ومخاطبة المنظمات الدولية ذات العلاقة.

الضم .. هل يُشكّل تهديدًا وطنيًا؟ بقلم الكاتب حمزة حماد

أقلام – مصدر الإخبارية

الضم .. هل يُشكّل تهديدًا وطنيًا؟، بقلم الكاتب الفلسطيني حمزة حماد، وفيما يلي نص المقال كاملًا كما وصل موقعنا:

تتجدد الرؤى والمواقف الإسرائيلية المبنية على التطرف والإرهاب والتنكر للحقوق الوطنية الفلسطينية، منذ احتلال أرض فلسطين عام 1948م والتي على أثرها هُجر شعبنا من أراضيه ومورس بحقه أبشع العذابات والويلات، كما تشرد في بقاع الأرض، إلى ما وصل إليه اليوم من حرمان لإقامة دولته المستقلة وعاصمتها الأبدية القدس، حيث تستكمل حكومة الاحتلال الحالية تحقيق هدفها بالسيطرة على الأرض من خلال ممارساتها العنصرية والمتطرفة.

يأتي هدف السيطرة على الأرض في إطار برنامج الضم الذي تجسده حكومة الاحتلال من خلال استهدافها لمناطق الضفة مثل (أ، ب) وتقسيمها بقواعد عسكرية، أما منطقة (ج) التي تأخذ قرابة الـ60% من مساحة الضفة يستفحل فيها التوسع الاستيطاني، وابتلاع مقدراتها وثرواتها الطبيعية التي ستؤثر على حياة الفلسطينيين وتجعلهم في موضع الحاجة والعوز مستقبليًا مثل قضية السيطرة على المياه بنسبة تفوق الـ80%، وذلك لمنعهم إقامة دولة فلسطينية على حدود الـ67 وفق ما أقرت الشرعية الدولية.

ويأتي هذا اليوم تجسيدًا لما تسمى «خطة الحسم»، التي تهدف لإنهاء الصراع مع شعبنا الفلسطيني دون تلبية حقوقه المشروعة في الحرية والعودة وتقرير المصير، حيث بات مطلوبًا أن نكون على استعداد لخوض مرحلة جديدة يكون عنوانها «الوحدة والمقاومة»، خاصة وأن مجيء حكومة الاحتلال المتطرفة قد أوضحت السياسة الإسرائيلية (المكشوفة أصلًا) بأنها ستزيد من التصعيد العدواني ضد شعبنا والتقدم بخطى متسارعة في سياسة الضم والتهويد ومصادرة الأراضي والاجتياحات، واتخاذ العديد من العقوبات والقرارات العنصرية والتهديد بطرد شعبنا الفلسطيني من أرضه في أراضي 48 وفي القدس والضفة الفلسطينية، معتقدةً أن المواطن الفلسطيني سيقبل بالأمر الواقع أمام حالة التطبيع في إطار «تحالف أبراهام«.

لذلك عملية الاجتثاث (كما أطلق عليها قادة الاحتلال) التي تُنفذ بحق المقاومين، تعكس أن ما تسمى «خطة الحسم» ضد الفلسطينيين قد انتقلت من خطة منهجية إلى خطة ميدانية لوقف كل أشكال المقاومة بالضفة، وهذا ما يجعل الفلسطينيين على المحك في ظل الواقع الذي يعيشونه من انقسام وتشتت وغياب للاستراتيجية النضالية الجامعة، ناهيًا عن سياسة «تقسيم المقسم» التي تحاول إسرائيل من خلالها أن تعمل على فرض واقع جديد وتعامل خاص مع المواطن الفلسطيني من أجل إحكام السيطرة على الأرض، ومنح المستوطنين تصريحًا معلنًا في الإحلال على أرض الواقع من خلال عمليات التهويد والاستيطان والقتل والخراب في الأراضي الفلسطينية.

فإسرائيل أدركت بعد عملية جنين الأخيرة أنها مضطرة للتعاطي مع الوضع الحالي بالضفة إزاء النشاط الميداني لعناصر المقاومة الذي ربما أربك الحسابات كافة، فيما تحول لظاهرة نبيلة تحتاج إلى احتضان وطني جامع وتوفير الغطاء السياسي لها بما يخدم المرحلة الجديدة، الأمر الذي يجعل إسرائيل تتبع طريقة خطوة خطوةstep by step) ) لتحقيق أهدافها على المستوى الأمني والعسكري، ولضمان عدم تأجيج الرأي العام ضدها، وفي ذات الوقت تحاول كسب رضا الإدارة الأمريكية. وبصورة أو أخرى، أدان الخطاب الأمريكي العدوان الإسرائيلي على جنين، بحثه على إعمار البنية التحتية لها، والتي بالطبع تُظهر خلالها أنها حريصة على مصلحة الفلسطينيين كما تفعل مع السلطة الفلسطينية في كل معترك مع الاحتلال بتوفير بعض المكاسب والامتيازات دون العودة لأساس الصراع وهو «الوجود»، لكنها في حقيقة الأمر تحاول بهذه الطريقة أن تخفي دورها الحقيقي في توفير الدعم السياسي للشعب الفلسطيني والضغط على إسرائيل، وهذا يتطلب من المجتمع الدولي التحرك فورًا لوقف هذا الانتهاك الممنهج للقانون الدولي، حيث أوضح خبراء الأمم المتحدة في أحدث مطالبة لهم بإنهاء ضم أراضي الضفة لـ«إسرائيل» التي صادرت وصادقت على مصادرة الأراضي والموارد الفلسطينية ما أدى إلى أكثر من 750 مستعمرة، تضم 750 ألف مستوطن إسرائيلي، كما أشاروا إلى توطيد نظام الفصل العنصري التي تقوم عليه إسرائيل.

نستطيع أن نقول بأن برنامج الضم هو ليس فكرة جديدة، إنما ضمن خطة متكاملة عبر إجراءات ميدانية و«قانونية» مهدفة، في استغلال جشع للحالة الفلسطينية المشتتة، والحالة الإقليمية المستكينة ولسياسة الولايات المتحدة القائمة على النفاق والوعود السياسية الكاذبة، وهذا ما جعل «نتنياهو» أكثر بجاحة حين تفاخر بأنه منذ تشكيل حكومته المتطرفة قد زادت عمليات القتل ووصل عدد الشهداء الفلسطينيين منذ مطلع العام إلى أكثر من (200) شهيدًا من بينهم نساء وأطفال، والاعتداءات على حياتهم بشكل عام، ليؤكد مواصلة إرهابه، وعلى الفلسطيني إما الرحيل أو أن يقبل بنزيف دمه يوميًا.

فالحوار الوطني للأمناء العامين المرتقب فرصة يجب التقاطها لترتيب البيت الفلسطيني، لأن الفشل في تطبيق مخرجاته سيمنح الاحتلال خطوة متقدمة في تحقيق هدفه بالضم، لذلك لا بد من بناء استراتيجية وطنية شاملة تقوم على تطبيق قرارات المجلسين الوطني والمركزي ووقف الرهان الموقف الأمريكي، وإنهاء حالة الانقسام المدمر، وتفعيل كل أشكال المقاومة، وتوفير عناصر الصمود لشعبنا.

أقرأ أيضًا: غزة وكلاكيت أزمة الشتاء.. بقلم: حمزة حماد

Exit mobile version