روجت سلطات الاحتلال الإسرائيلي في النصف الأول من عام 2023، إلى 12 ألف و855 وحدة استيطانية في الضفة الغربية وفقاً لتقرير نشرته حركة “السلام الآن”، ما يشكل طفرة قياسية تُمهد لعملية الضم للأراضي الفلسطينية، من قبل سلطات الاحتلال الاسرائيلي.
وبحسب التقرير شهد العام الماضي 2022 الترويج لـ 4427 وحدة، و2021 لـ 3645، و2020 لـ 1215، و2017 لـ 6742، و2012 لـ 7325.
ويتألف البناء الاستيطاني الإسرائيلي في الأراضي المحتلة من ثلاث مراحل تخطيط، تشمل وضع المخططات أولاً، والمصادقة عليها ثانياً، والترويج كمرحلة أخيرة.
وأرجع خبراء في شؤون الاستيطان، ارتفاع وتيرة التوسع الاستيطاني في مدينة القدس والضفة الغربية إلى الخلافات بين أحزب حكومة نتنياهو المتشددة، ورغبتها بالخروج من أزماتها الداخلية عقب الخلافات حول مشروع الإصلاحات القضائية، من خلال استرضاء الجمهور والشارع الإسرائيلي عبر الإعلان والمصادقة والترويج إلى المشاريع الاستيطانية.
وقال الخبير في شؤون الاستيطان والجدار صلاح الخواجا، إن “الإعلان عن مخططات استيطانية خلال النصف الأول من العام 2023 شهد ارتفعاً قياسياً، يزيد مرتين ونصف من المسجل في كامل العام 2022”.
وأضاف الخواجا في تصريح لشبكة مصدر الإخبارية، أنه “في حال بقيت وتيرة الإعلان مخططات الاستيطان كما هي، فإن العدد المسجل في 2023 سيكون أعلى 4 أضعاف العام 2022 (أكثر من 20 ألفاً) ما يعتبر أمر خطيراً في مسار الاستيطان ونهب الأراضي الفلسطينية”.
وأشار إلى أن “الخطر الأبرز حالياً استخدام الاحتلال أداة جديدة يعتبرها أكثر تأثيراً للتوسع الاستيطاني والضم لأراضي الضفة الغربية تتمثل بتشريع البؤر الرعوية والتي زاد عددها إلى 84 بؤرة، أعلن عن سبعة منها، خلال أقل من 24 ساعة من قبل حكومة الاحتلال”.
وبين أن “البؤر الرعوية تسيطر على 7% من مساحة المنطقة ج التي تشكل أكثر من 61% من مساحة الضفة الفلسطينية، وأكثر مرتين من مساحة المخططات الهيكلية المعلن عنها منذ العام 1967”.
وأكد على أن “البؤر الرعوية تعتبر من أخطر أساليب الاستيطان والضم من خلال تركيزها على ملاحقة ومحاصرة وتهجير التجمعات البدوية، وتفريغ الوجود الفلسطيني منها، خاصة في الأغوار التي تشكل مساحتها 28% من الضفة”.
وشدد على وجود قضية خطيرة أخرى يعمل عليها وزير مالية الاحتلال بتسلئيل سموتريتش والإدارة المدنية، تتمثل بالإعلان عن السيطرة على المناطق الأثرية والتاريخية في المنطقة “ج” عبر تخصيص ميزانيات وصلت إلى 140 مليون شيكل.
ولفت الخواجا إلى أن “هناك 3500 موقع أثري وتاريخي في الضفة الغربية ما يقارب 2500 منها في المناطق “ج”، جرى دمجها في الميزانيات بهدف تغيير معالمها وتقديم رواية مخالفة للتاريخ الفلسطيني وعروبتها، وتحويلها ضمن المشروع الاحتلال الهادف للترويج بأنها لا تقع ضمن مناطق محتلة بل متنازع عليها”.
واعتبر الخواجا أن “الشروع بمخططات السيطرة على الموقع الأثرية استكمال للنهج الإسرائيلي الاستعماري الذي بدأ سابقاً ضد المقدسات في المسجد الأقصى في القدس، والحرم الإبراهيمي في الخليل، وقبر النبي يوسف في نابلس، ومسجد بلال بن رباح في بيت لحم”.
وتابع أن “الهدف الرئيس من المخططات الجديدة تحويل كل المناطق المذكورة إلى مناطق ذات معالم يهودية، تدر الملايين إلى حكومة الاحتلال، وتنزع الشرعية الفلسطينية عنها من خلال حملة تضليلية للعالم”.
من جانبه، قال الخبير عبد الهادي حنتيش، إن منهجية الاحتلال قائمة منذ إعلان دولته، على السيطرة على الأرض الفلسطينية، وتزداد وتيرة الأمر كلما كانت تعاني أي حكومة إسرائيلية من مشاكل داخلية.
وأضاف حنتيش في تصريح لشبكة مصدر الإخبارية أن “إسرائيل تعيش صراعاً سياساً بين الأحزاب منذ تسلم حكومة نتنياهو مهامها بداية العام 2023، ما يدفع بكل مسئول فيها لحماية نفسه، من خلال الترويج لمشاريع ضد الفلسطينيين، ويعتبر الاستيطان أبرزها”.
وأشار إلى أن “الرقم الغير مسبوق في الاستيطان بالنصف الأول من العام الجاري ما كان ليوجد حال لم يكن هناك صراعاً بين قادة الأحزاب الإسرائيلية وآخرين متشددين، يهدفون جلهم لحماية أنفسهم واسترضاء الجمهور الإسرائيلي عبر بوابة الاستيطان في الأرض الفلسطينية”.
وأكد أن “المشاريع الاستيطانية في القدس والمنطقة “ج” تركز بدرجة أولى إلى تفتيت النسيج الاجتماعي الفلسطيني وزيادة الوجود اليهودي وإحداث ترابط بين المناطق المستعمرة من قبل المستوطنين بحيث تكون يهودية بحتة”.
وحذر حنتيش من “سياسة (الاستيطان الهادئ) الذي تقوده منظمات استيطانية يهودية تحت حماية حكومة الاحتلال من خلال نشر المستوطنين في مناطق فلسطينية دون إعلان رسمي، والتعامل مع القضية كأمر واقع”.
وبلغ عدد المستوطنين في مستوطنات الضفة الغربية والقدس المحتلتين حتى بداية العام 2023 حوالي 726 ألف و427 مستوطنا موزعين على 176 مستوطنة، و186 بؤرة استيطانية (غير مرخصة) منها 86 بؤرة رعوية زراعية.
اقرأ أيضاً: الوحدات الاستيطانية في الضفة تبلغ مستويات قياسية خلال 6 أشهر