يعيش اللاجئون الفلسطينيون منذ 76 عامًا في الشتات، أزمات مختلفة ومتراكمة بما في ذلك عدم احترام إنسانيتهم وأزمتهم بالتوطين، وحقوقهم لعقود من الزمن، بسبب هجرتهم الفردية أو الجماعية حاملين شعار اللجوء، وبطاقة أونروا وهي الورقة الوحيدة التي يهتم بها اللاجئين الفلسطينيين في المخيمات.
رعاية اللاجئين الفلسطينيين تحتاج مليارات الدولارات، لكن الأزمات السياسية والاقتصادية العالمية تقف عائقًا كبيرًا أمام استمرار تقديم مساعدات إنسانية لهم، ما ينعكس بالسلب عليهم ويفاقم من أزماتهم.
لم يرَ اللاجئ الفلسطيني قريته أو مدينته التي هاجر منها أجداده قسرًا، وولد في قطاع غزة أو دول أخرى، ولم يخرج منهم منذ لحظة الولادة الأولى وبقي الشعور باللجوء ملازمًا له.
إلى أين يذهب العالم باللاجئ الفلسطيني
المختص في شؤون اللاجئين الفلسطينيين سائد أبو عيطة يقول إن واقع اللجوء الفلسطيني بعد تلك السنوات توضح حجم العذابات التي يعاني منها الفلسطيني في الشتات في مختلف دول العالم وفي وطنه بما في ذلك أزمة التوطين وتعرضهم للأزمات.
وتحدث أبو عيطة لـ”شبكة مصدر الإخبارية” عن مشروع الأمريكيين المتعلق بالتوطين وعن تقصير جامعة الدول العربية وبعض الدول العربية، مشيرًا إلى أن الأمة العربية وضعت توصيات من أجل الخروج من معضلة التوطين على حساب الوطن الفلسطيني.
ويلفت أبو عيطة إلى أن قضية التوطين للاجئ الفلسطيني أصبحت الجزء الأكبر والأهم في إعاقة تقدّم الملف السياسي الفلسطيني، معتبرًا أنه آن الأوان أن تقدّم الحكومات العربية شيئًا لخدمة القضية الفلسطينية، وعلى الحكومات العربية تقديم البدائل.
ويشير إلى أنّ اللاجئين في قطاع غزة بلغت نسبتهم 24.4 في المئة، موضحًا أنهم يقبعون تحت حصار إسرائيلي مستمر منذ 16 عامًا، وظروف اقتصادية، وسياسية، واجتماعية هي الأسوأ على البشرية وإغلاق المعابر.
وبسبب الأوضاع السابقة، أدت إلى هجرة شريحة كبيرة من الشباب والعائلات، يمكن تصنيفها تحت بند الهجرة القسرية أو الهجرة العقابية للشعب الفلسطيني، ومعظمهم يقصد دولًا أوروبية، بحسب المختص في شؤون اللاجئين أبو عيطة.
أما في الشق الآخر من الوطن الضفة الغربية المحتلة، والبالغة نسبتهم 17.0 من مجموع اللاجئين العام، مقسمين على المدن والقرى، ويعيشون أوضاعًا صعبة بما يفرضه الاحتلال الإسرائيلي عليهم، من حصار جزئي، ومنع حرية التنقل، من خلال تقطيع أوصال الضفة، والفصل بين المدن.
بالإضافة إلى ما يحدث بشكلٍ يومي من مواجهات بين الفلسطينيين وجيش الاحتلال والتي ينتج منها في الأغلب الإجراءات العقابية بالإغلاق أو هدم المنازل أو القتل والاعتقالات(..)، كل ذلك يؤدي إلى هجرتهم.
ويؤكد أن اللاجئين الفلسطينيين بحاجة إلى المأوى والغذاء والمياه والمساعدات الطبية الطارئة، وتعليم مستمر وصحة وتشغيل وخدمات أُخرى لدمجهم في أوطان ليست أوطانهم أو حتى يعودوا إلى بلداتهم.
اللاجئون الفلسطينيون في الأردن الأوفر حظًا
ومن خلال الحديث عن واقع اللاجئون فبعد 76 عامًا على النكبة الفلسطينية أصبحت قضية العودة إلى فلسطين سرابًا بالنسبة لهم بسبب احتلال إسرائيل لفلسطين.
ووفقًا لأبو عيطة، فإن اللاجئين الفلسطينيين في الأردن بلغت نسبتهم 39.0 بالمئة، وهم الأوفر حظًا من بين اللاجئين، رغم أنهم لا يملكون أرقامًا وطنية ولا ينطبق عليهم قانون المواطنة.
ففي الأردن يمكن للاجئ الفلسطيني الحصول على بعض الحقوق الإنسانية كالصحة والتعليم وعدد من الوظائف، ومنهم من لا يحمل الجنسية الأردنية، ومنهم من يأخذ رقمًا وطنيًا، ويعترف به كمواطن أردني من الدرجة الثانية.
ويوضح أبو عيطة أنه “في كل الأحوال هم أفضل حالًا من غيرهم تحت رعاية الحكومة الأردنية برئاسة العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني”.
لاجئو لبنان وسوريا الأسوأ حظًا
يختلف حال للاجئي لبنان وسوريا عن الأردن، وهم يعتبرون الأسوأ حظًا، إذ تبلغ نسبة اللاجئين في سوريا 10.5 بالمئة، أما في لبنان 9.1 في المئة، وهم موزعون في عدد من المخيمات، وفق قول المختص بشؤون اللاجئين سائد أبو عيطة.
ففي لبنان يعيش اللاجئون أسوأ ظروف الحرمان منذ بناء أول حجر للمخيمات الفلسطينية، إذ تضاعفت أعدادهم، إلا منازلهم بقيت على حالها، وجدرانها متهالكة وتخلو من أدنى مقومات الحياة.
ووصلت نسبة الفقر والبطالة إلى 93 بالمئة ولم يسبق أن بلغت هذه النسبة إلى هذا الحد في ظل انخفاض خدمات أونروا، كما يحرمون من البناء، وتُفرض عليهم رسوم كبيرة على التأمين الصحي، ويعانون من الأُمية بنسبة كبيرة، وهذا الحرمان من أدنى الحقوق الإنسانية سبب الهجرة القسرية لمعظمهم بحثاً عن حياة أفضل.
أما في سوريا، يقول أبو عيطة إن اللاجئين الفلسطيني هناك طحنتهم آلة الحرب الأهلية والزلزال الأخير، مما أُرغم الكثير منهم على الهجرة القسرية، فمنهم من اتجه إلى دول عربية أُخرى، ومنهم من اتجه إلى دول أوروبا وسجل نفسه كلاجئ سوري.
ويشير أبو عيطة إلى أن اللاجئين الفلسطينيين يقعون ضحية أوراق اللجوء الجديدة، وبالتالي يحرمهم من أحقيّتهم في العودة، ويعانون في كل مكان أسوأ الظروف ما بين البطالة والفقر وعدم امتلاك أوراق ثبوتية.
ويردف أنهم يعانون أيضًا عدم حرية التنقل وحرية السفر والإقامة ويعاملون أسوأ المعاملات بالحرمان في مُعظم الدول العربية والأجنبية، وتحديدًا المخيمات الفلسطينية.
ويضيف المختص بشؤون اللاجئين أن ذلك يضعنا أمام خيار التوافق بين وجود اللاجئين في دول العالم من جهة وبين حق العودة ورفض التوطين من جهة أُخرى، كتصور جديد يدعم القضية الفلسطينية والحق في إقامة عاصمتها القدس.
ويلفت إلى أن عدم إعطاء اللاجئ حقوقه، ما جعل يفقد حقوقه الإنسانية، وأن بعض الحكومات العربية والدولية استغلّت مصطلح “رفض التوطين” بشكل أسوأ مما يتصوره اللاجئون.
وبلغ عدد اللاجئون الفلسطينيون نحو 8.990 مليون لاجئ، أي 67.4 بالمئة من مجموع الشعب الفلسطيني، بالإضافة إلى عدد المسجلين لدى وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين “أونروا” يبلغ 6.172 مليون لاجئ، وفقًا لأبو عيطة.