غزة: حقوق مستباحة ومعاناة مستمرة.. بقلم مصطفى إبراهيم

أقلام-مصدر الإخبارية

تواجه الاراضي الفلسطينية المحتلة والمشروع الوطني الفلسطيني تهديد خطير من قبل حكومة اليمين الديني القومي العنصري والفاشي، في ظل الفشل المتكرر للقيادة والفصائل الفلسطينية بالتوصل لاتفاق او توافق وطني تنهي حالة الانقسام وتداعياته الخطيرة على الفلسطينيين، وتقويض اسس الحرية والعدالة لهم.

يعيش قطاع غزة أزمات متتالية طالت جميع مناحي حياة الناس، الذين لم يعودوا قادرين على تلبية الاحتياجات الاساسية لهم للعيش الكريم. الازمات المتفاقمة والمتراكمة ليست بمعزل عن الحالة الفلسطينية العامة، والانقسام المستمر، وسياسة دولة الاحتلال الاسرائيلي والحصار المفروض على القطاع.

وفي قلب هذه الازمات أزمة الكهرباء المستمرة منذ 16 عاماً، وتأثيرها على حقوق الانسان، والحريات العامة والقيود المفروضة على الناس وحقهم في التعبير عن الرأي والحق في التجمع السلمي، والتظاهر والاحتجاج على السياسات الحكومية القاصرة. وعدم القيام بواجبها، وتوفير الحد الادنى من العيش الكريم وفرص العمل في ظل تفاقم البطالة، وزيادة نسب الفقر والمشكلات الاجتماعية كالطلاق والانتحار. وتتذرع حكومة حماس بالانقسام والحصار الاسرائيلي الذي يقوض حياة الناس.

وتتجلى هذه الازمات والانقسام في الساحة الفلسطينية، والجدل المستمر حول حق الناس في التظاهر والاحتجاج، وما يجري في قطاع غزة، وما جرى الاسبوع الماضي، من تجييش وتحريض وخطاب الفتنة وتهديد السلم الاهلي، وما رافق ذلك من خطاب النجاح في وأد الفتنة والمحرضين عليها، وغطرسة القوة واحتجاز عدد من الصحافيين ومنع اخرين من التغطية الاعلامية، واعتداءات على التظاهرات الشبابية التي دعا لها الحراك الشبابي في قطاع غزة، على مواقع التواصل الاجتماعي، تحت شعار “بدنا نعيش”، احتجاجاً على أزمة الكهرباء، وغيرها من القضايا سالفة الذكر، في ضوء اشتداد أزمة انقطاع الكهرباء.

الاسبوع الماضي انطلقت المسيرات والتظاهرات في عدد من مخيمات ومدن قطاع غزة. وعبر المشاركون في الاحتجاجات السلمية على الأوضاع المعيشية المتدهورة خاصة أزمة الكهرباء والبطالة والحصار.

وتميزت هذه الاحتجاجات في مجملها بالطابع السلمي إلى حد كبير، وتمت في هدوء، واوصل المشاركون مطالبهم وصوتهم إلى الجهات المختصة. ولم تسجل أية أعمال عنف ولم تتدخل الجهات المكلفة بإنفاذ القانون في فض أو تفريق المشاركين.

وتزامنت الاحتجاجات مع انعقاد مؤتمر الأمناء العامين للفصائل الفلسطينية في جمهورية مصر، لبحث سبل إنهاء الانقسام، ومع ذلك فقد وقعت بعض الاعتداءات على المحتجين من أفراد من الشرطة وعناصر الأمن وتفريقهم والاعتداء عليهم بالضرب والاعتقال.

ووقعت احداث عنف، أدت إلى إصابات في صفوف المواطنين خلال بعض المسيرات التي قوبلت بمسيرة مضادة من قبل أنصار حركة حماس.

وقد جرت بعض المناوشات مع المشاركين في التجمع، تطورت في بعض الأحيان للاعتداء على عدد منهم.

حركة حماس وتوجيه اصابع الاتهام للسلطة وان من يحرضون على التظاهر هم اصحاب اجندات خارجية، وغير مقيمين في غزة. أي كان الذي يدعو للتظاهر فهذا حق للناس وحماس لم تتعامل بحكمة واحترام الحريات العامة والقانون.

وتحولت المطالبات والاحتجاجات من الذي يسيطر على الشارع (شارع مفابل شارع) وما جرى من اعتداءات واشتباكات بين المتظاهرين، واعتقال عدد من المحتجين، هذا خطير ويعمق الازمة القائمة ويهدد السلم الأهلي وفقدان الثقة بالمقاومة واحباط الناس الذين من حقهم المطالبة بحقوقهم.

فالاحتجاجات وحرية الراي والتعبير والتجمع السلمي والمشاركة السياسية هي حقوق أساسية، من حقوق الانسان ومكفولة بالقانون الاساسي الفلسطيني، على السلطات المختصة والجهات المكلفة بانفاذ القانون احترامها وصيانتها، وحماية المحتجين المطالبين بتحسين شروط الحياة الكريمة، وهي ايضا حق اساسي للمواطنين.

وفي ظل غياب الشفافية والحق في الحصول على المعلومات، بشأن مجمل اداء واعمال الحكومة خاصة ميزانيتها العامة، وكذلك قضية ازمة الكهرباء والتي استطاعت حماس تشغيل المولد الرابع لفترة زمنية محددة، لكن الازمة المستمرة منذ 16 عاماً.
والاتهامات المتبادلة بين حركة حماس والسلطة الفلسطينية التي تتهم حركة حماس بانها تسيطر على شركة توزيع الكهرباء، وجباية الاموال من المواطنين الفلسطينيين في القطاع. وأنها لا تدفع ثمن الوقود الذي تستورده السلطة للقطاع، ولا تعيد حماس الاموال التي تدفعها السلطة.

16 عاماً ومازال الناس في قطاع غزة يعانون ذات الازمات الحياتية والمعيشة، والاجراءات التعسفية، والانتهاكات التي انهكتهم ومست حقوقهم الاساسية بشكل خطير.

إضافة إلى الغطرسة في استخدام القوة، وسلوك المكلفين بانفاذ القانون وغيرهم من المدنيين، اللذين لا يميزوا في التعامل مع الناس على أساس قانوني وحقهم في ممارسة حقوقهم وفق القانون.

إلا أن الواقع والسلوك المستخدم هو ما يسمى بغطرسة القوة وليس احتراماً للقانون، كما حدث قبل اسبوعين في وفاة المواطن شادي ابو قوطة 48 عاما، من خان يونس، جراء سقوط سور منزله عليه خلال هدمه من جرافة لبلدية خانيونس، برفقة اثنين من عناصر شرطة البلديات.

ومع أن المجلس البلدي ورئيسه قدما استقالتهما، وادانت حكومة غزة الحادث وشكلت لجنة تحقيق خاصة، كما شكل النائب العام لجنة تحقيق في ملابسات الحادث الذي استفز الراي العام الفلسطيني، وتوالت الادانات والاستنكار.

وعلى اهمية الاستجابة وتشكيل لجان تحقيق من الجهات، لكن المهم ضمان المساءلة والمحاسبة.

والاهم الاستفادة من الحادث والحوادث المأساوية السابقة ووقعت لغياب الحكمة وعدم التعلم منها، وضرورة تدريب المكلفين بانفاذ القانون وتهذيب سلوك الموظفين العموميين في التعامل مع الناس، وان الصلاحيات التي تمنح لهم في تنفيذ القانون، يجب ألا يتم التعامل معها كنصوص حامدة وبشكل حرفي، والتعامل مع الناس بغطرسة القوة.

الصورة واضحة، المواطنون سئموا تبريرات الحصار والاحتلال والانقسام، ومن يدعون للتظاهر والاحتجاج هم فئة الشباب، اللذين يطالبوا بحقوقهم، وهم يدركون أن الاحتلال والحصار سبب معاناتهم، ومع ذلك لم يعد مكان للصبر والانتظار، وهم يدفعون ثمن ذلك، حياتهم ومستقبلهم وضياع احلامهم وآمالهم.

ولا يزال طرفا الانقسام يستخدمون نفس الأدوات والتجاهل التام لحقوق الناس، والتي تم استخدمها خلال السنوات الماضية، والصراع على السلطة.

من دون شعور الناس خاصة فئة الشباب بأن الجميع يتحمل العبء والمساومة والعدالة في التوزيع، وعدم اتخاذ السلطات المختصة في غزة إجراءات تقنعهم وتقنع عموم الفلسطينيين، بانها تعمل لمصالحهم، وليس لمصالح النخب الحاكمة والمستفيدين منها ومن على هامشها.

ومن الذي يمكن أن يمنع الشباب من الاصرار والمطالبة بحقوقهم وتحقيق اهدافهم.