ليس بالنبوءات فقط انما الواقع يؤكد قرب النصر

بقلم : خالد صادق

في خضم الحديث عن معركة النصر والتحرير, وقرب زوال إسرائيل واندحارها عن ارضنا الفلسطينية, تذكرت كتاب الشيخ اسعد بيوض التميمي, زوال إسرائيل حتمية قرآنية, والذي بشر فيه بقرب زوال إسرائيل بوعد من الله عز وجل, بقوله تعالى «فاذا جاء وعد الاخرة ليسوؤوا وجوهكم وليدخلوا المسجد كما دخلوه اول مرة, وليتبروا ما علوا تتبيرا» ونحن نؤمن ايمانا مطلقا بوعد الله عز وجل, وندرك ان إسرائيل لا يمكن ان تبقى للابد فوق ارضنا, وهناك نبوءات كثيرة وحسابات بالأرقام لوعد الله عز وجل لزوال إسرائيل عن ارضنا الفلسطينية, اجتهد الشيخ بسام جرار, ومن بعده الشيخ الشهيد احمد ياسين رحمه الله, وتعددت الاجتهادات عن وعد الله عز وجل بقرب زوال إسرائيل وفق ارقام حسابية تم استقاؤها من القرآن الكريم, وحتى لا نقع في تفاصيل هذه الاجتهادات ونغرق في حسابات الأرقام وتتبع الآيات, ومع الاحترام الكبير لاجتهادات البعض, لكننا نتتبع شواهد قرب زوال «إسرائيل» واندحارها عن ارضنا الفلسطينية, من خلال ما يجري على الأرض, ويدل على ان «إسرائيل» التي وصلت الى هذا العلو الكبير بدعم الإدارة الامريكية والعالم الغربي لها بشكل مطلق وفي كل المجالات, بدأت في مرحلة الهبوط بعد كل هذا العلو, واخر تلك الشواهد هي معركة «ثأر الاحرار» التي أظهرت فيها المقاومة الفلسطينية وسرايا القدس, مدى قدرتها على الصمود في وجه العدوان, واحباط أهدافه, والقدرة على التمسك بالمعادلات التي فرضتها المقاومة على الاحتلال الصهيوني بالقوة في اعقاب ملحمة سيف القدس البطولية, والقدرة على استباحة المدن الصهيونية واغراقها بالصواريخ, حتى تلك البقرة المقدسة لدى الاحتلال المسماة «تل ابيب» كانت في مرمى الصواريخ وفتحت الملاجئ للاختباء فيها, وتحولت الى مدينة فارغة من سكانها بفعل صواريخ المقاومة, وجرأتها على استهدافها واستباحتها بكل هذه القوة الصاروخية التي تجاوزت القبب الحديدية, ومقاليع داود ومنظومة الدفاع الصهيونية, لتدل على قدرة المقاومة على تجاوز ما اسمته «إسرائيل» بالخطوط الحمراء, وحالة الثورة التي تسكن الفلسطينيين للانعتاق من براثن الاحتلال الصهيوني.

المعارك المتتالية التي شنتها «إسرائيل» على قطاع غزة, انتهت كلها بالفشل في تحقيق اهداف العدوان, وهو الذي انعكس على عقلية الإسرائيلي الذي بات يؤمن انه لا يمكن ان يحقق النصر في غزة, وان مصطلح الانتصار بات يتلاشى امام ناظريه شيئا فشيئا, لان النصر لا يتحقق عسكريا فقط في الميدان, بقوة السلاح وكثافة النيران, واستخدام الأسلحة المدمرة والفتاكة والمحرمة دوليا, فالانتصار له أوجه أخرى عمل الاحتلال منذ احتلال فلسطين عام 48 على تحقيقها, بتغيير العقلية الفلسطينية المتمسكة بالأرض والمقدسات, والقبول «بإسرائيل» والتعايش معها بضخ الأموال على الفلسطينيين ورغد العيش وتنامي الثروات, وراهنت «إسرائيل» على موت جيل النكبة ليأتي الجيل الذي بعده ويقبل «بإسرائيل» ويتعايش معها, ورفعت شعار «الكبار يموتون والصغار ينسون», لكنها فوجئت بان الكبار يموتون والصغار يحملون الأمانة ويحققون الوصية, ويتشبثون بأمل النصر والتحرير, فكانت انتفاضة الحجارة وانتفاضة الأقصى, والمعارك التي خاضها جيل الصغار ببطولة منقطعة النظير, لتستفيق «إسرائيل» على واقع جديد, بان الكبار يموتون والصغار لا ينسون, فتغيرت استراتيجيتها ورؤيتها بزيادة القتل وسفك الدماء وازهاق الأرواح, وجعلت من سياسة «الردع» استراتيجية جديدة للحفاظ على وجودها وبقائها, لكن استراتيجية الردع تهاوت امام الردع المماثل من المقاومة الفلسطينية للاحتلال الصهيوني, فالدم يطلب الدم, والدم قانون المرحلة, ثم لجأت إسرائيل الى سياسة التطبيع مع الدول العربية, واقامت علاقات سياسية واقتصادية وثقافية وامنية وعسكرية مع العديد من الدول العربية لإدخال الفلسطينيين في حالة يأس وقنوط من إمكانية التحرر من براثنها بعد ان وقفت بعض الدول العربية مع إسرائيل واقامت علاقات معها, واكثر من ذلك انها جندت السلطة الفلسطينية لخدمة أهدافها, والتنسيق والتعاون معها امنيا, لكن هذا لم يفت في عضد المقاومة ولم يكسر شوكتها, وانعكس على الحاضنة الشعبية التي اخذت على عاتقها حماية المقاومة والتلاحم معها, والايمان بها.

اليوم «إسرائيل» باتت تبحث عن صورة نصر لتسوقها على الإسرائيليين وعلى العالم, بعد ان سحبت منها المقاومة «شارة النصر» وحرمتها من التلويح بها امام الإسرائيليين, فتلاشت صورة الجيش الذي لا يقهر, والجيش الرابع الأقوى على مستوى العالم, والقوة النووية والعسكرية الأعظم في الشرق الأوسط, وظهرت «إسرائيل» على انها لا تستطيع ان تحمي نفسها من ضربات المقاومة الفلسطينية, وان هذا الكيان الذي يدعي السيادة على المنطقة يذعن للمقاومة الفلسطينية وينصاع لشروطها وهو صاغر ذليل, تأملوا كلمات الأمين العام لحركة الجهاد الإسلامي في فلسطين القائد زياد النخالة خلال كلمته التي القاها في مهرجان تكريم شهداء ثأر الاحرار الابطال, وهو يقرأ نص الاتفاق فيقول: «تعلن مصر، وبناء على موافقة الطرفين؛ الفلسطيني والإسرائيلي، وقف إطلاق النار…». ثم يتساءل « ألم يسأل أحد في عالمنا: من هذا الطرف الفلسطيني؟! إنه الجهاد الإسلامي، فصيل فلسطيني واحد، لا يملك في الحقيقة سوى مقاتليه الشجعان، وشعب عظيم يقف خلفه، ومقاومة شكلت حاضنة معنوية وعملية له وكأن الأمين أبا طارق يبشرنا بقرب النصر فيقول «إن معاركنا تثبت، مرة تلو الأخرى، أن بإمكان أمتنا أن تنتصر على المشروع الصهيوني الذي قهرها». هي إذا بشريات النصر.