رسالة لمن يكتب تاريخ المقاومة الفلسطينية الباسلة

أقلام – مصدر الإخبارية

رسالة لمن يكتب تاريخ المقاومة الفلسطينية الباسلة، بقلم الكاتب الفلسطيني معتز خليل، وفيما يلي نص المقال كاملًا كما وصل موقعنا:

لا شك أن فكره تدشين تنظيم مثل عرين الأسود تمثل واحدة من الخطوات اللافتة ، لعدة أسباب منها قوة هذا التنظيم ومبادرة قيادات من المقاومة بتدشينه وتفاعل الشارع الفلسطيني معه وتحول عناصره إلى ابطال في مخيله الفلسطينيين بل وكثيرا من العرب أيضًا.
والحاصل فقد عنيت الكثير من المؤسسات البحثية الغربية بهذه الخطوة، وتشير بعض من تقديرات الموقف المتخصصة والتي وضعتها عدد من الجامعات الغربية إلى أن أول وأبرز من بادر بتشكيل تنظيم عرين الأسود كان القيادي في حركة حماس صالح العاروري بدعم وتنسيق ومباركة الإيرانيين الذين وضعوا ميزانية لهذا الأمر.

وبقراءة تعاطي الغرب مع هذا التنظيم سنجد أن هناك اقتناعا بأن الفكرة من وراء إنشاء هذا التنظيم العسكري هي تجنيد عناصر قوية من الشباب، ربما لا تتماشى أيديولوجيتها مع الايدولوجيات الفكرية المعلنة مع بقية الفصائل بما فيها حركة حماس، بل ولا تتماشى أيضا مع أيديولوجيتها، فضلا عن إخفاء بصمات حماس في الأنشطة العملياتية، وبالطبع تقديس فكره المسؤول السياسي الذي دعم فكرة تدشين هذا التنظيم وهو صالح العاروري بحرية العمل، الأمر الذي يفسر قلق السلطة الفلسطينية كثيرا من هذا التنظيم.

ما الذي يجري؟
مع الضربات المتميزة التي تحصدها المقاومة وتنجح بها ، والتي كان أخرها عملية في قلب مدينة القدس المحتلة صباح يوم الثلاثاء الموافق الثامن عشر من إبريل، بات واضحا للعيان إن فكرة المقاومة في مخيلة الفلسطيني كانت ولا تزال مستمرة ، خاصة وآن هذه العملية وما سبقها من عمليات استشهادية تمت في ظروف استراتيجية دقيقة ومنها:
1- وجود انتقاد علني لبعض من العمليات التي تقوم بها المقاومة في أكثر من دولة عربية باتت الآن ترتبط بعلاقات مع إسرائيل.
2- اجتماعات تقوم بها حركة حماس والرئيس الفلسطيني محمود عباس أبو مازن في المملكة العربية السعودية ، وهي الاجتماعات التي تأتي في ظل علاقات جديدة بين إيران والسعودية ، وهي العلاقات التي عادت من جديد لتشمل تعاونا سعوديا إيرانيا وثيقا على الكثير من الجهات.
والحاصل فإن الكثير من القيادات الفكرية أو قيادات العمل السياسي تحتفظ بذاتها دوما بفكرة تأسيس التنظيمات، خاصة التنظيمات المسلحة المعنية بالارتقاء بالعمل الوطني والنضال ضد الاحتلال ، ويؤدي هذا في الغالب إلى:
1- استئثار الكثير من الدوائر الغربية بفكرة تدشين الجماعات الفلسطينية والترويج لهذه الرواية في العالم.
2- كانت هناك محاولة من بعض المؤسسات الإعلامية العربية العالمية لإلقاء الضوء على هذه النقطة، مثل قناة الجزيرة والتي قامت بإنتاج حلقة عن تنظيمات المقاومة ضمن برنامج ما خفي أعظم.
3- هناك ضرورة حتمية لآن يكتب الفلسطينيون ارشيفهم للمقاومة وتاريخ تأسيس كل فصيل أو تنظيم ، وهو امر يمثل أهمية بالغة على كافة المستويات.

تقدير استراتيجي
بات من الواضح أن هناك الكثير من التساؤلات التي تتطلب قواعد متعددة للإجابة عن الهيئة أو الشخص أو حتى المؤسسة المنوط بها كتابه التاريخ الفلسطيني، وهو أمر مهم ويجب الاهتمام به ووضع أسس فكريه وقواعدية صارمة لمن يكتب هذا التاريخ.

وقد كان الراحل ياسر عرفات يعني بهذه النقطة، وهو ما يأتي لشعوره بضرورة تخليد الكثير من الأحداث السياسية الهامة وعرضها في كتب ودراسات تاريخية موثقة، وهو ما بات مصيريا الآن في ظل الكثير من التطورات التي تعيشها القضية الفلسطينية.

ومن المفترض على كاتب هذا التاريخ آن يعرف النظرة الغربية السلبية كثيرا للمقاومة ، ووصمها بالإرهاب ، وهو أمر معرف في غالبية المعاهد والجامعات الغربية، ونتيجة لهذا يدخل الكثير من الشباب الفلسطيني في جدال ومعارك فكرية وثقافية مع الكثير من الأساتذة الغربيين، وهو ما يفرض ضرورة الانتباه لهذه النقطة الدقيقة ، خاصة وأن القضية الفلسطينية تعتبر من أقدم قضايا الاحتلال التي عانى ويعاني منها التاريخ الإنساني.