يتوجه العراقيون يوم 11 تشرين الثاني/ نوفمبر 2025 للتصويت في سادس انتخابات برلمانية منذ الغزو الأميركي عام 2003، في ظل مشهد سياسي معقد يعكس الانقسامات الطائفية والعرقية، وتراجع الثقة الشعبية في جدوى العملية الانتخابية. تأتي هذه الانتخابات بعد تغييرات إقليمية كبيرة، أبرزها الحروب الإسرائيلية على غزة ولبنان وإيران، وسقوط نظام بشار الأسد، ما أثر على التوازنات السياسية داخل العراق.
تراجع المشاركة وانحسار القوى المستقلة
تشير التوقعات إلى أن نسبة المشاركة قد تكون الأدنى منذ عام 2005، في ظل شعور واسع بعدم جدوى الانتخابات في إحداث تغيير حقيقي. ويأتي تعديل قانون الانتخابات في مارس 2023، الذي أعاد اعتماد نظام "سانت ليغو" وتوحيد كل محافظة كدائرة انتخابية واحدة، ليصب في صالح الكتل الكبرى ويقلص فرص المستقلين والقوى الناشئة في الفوز بالمقاعد البرلمانية.
طغيان الخطاب الطائفي داخل المكونات
تتميز الانتخابات الحالية بارتفاع الخطاب الطائفي داخل كل مكون، حيث بات التنافس محصورًا داخليًا بين القوى الشيعية أو السنية أو الكردية. وتسعى الكتل إلى إثبات تفوقها داخل مكونها من خلال شعارات تمثل "امتيازات" خاصة، كما في شعارات تحالفات "قوى الدولة الوطنية" و"تقدم"، ما يعكس استمرار التنافس على المناصب وتوزيع السلطة بين الكتل الكبرى بدلًا من التنافس الوطني العام.
خريطة القوى والتحالفات
تتصدّر القوى الشيعية المشهد، بقيادة رئيس الوزراء محمد شياع السوداني وتحالفه "الإعمار والتنمية"، الذي يعتمد على مشروعات البنية التحتية والتنمية لتعزيز قواعده الانتخابية. في المقابل، يسعى "ائتلاف دولة القانون" بقيادة نوري المالكي لاستعادة النفوذ ومنافسة السوداني على منصب رئيس الوزراء. وتشهد القوى السنية صعود تحالفات جديدة مثل "السيادة" و"تقدم"، بينما تحافظ القوتان الكرديتان الرئيسيتان، الحزب الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني الكردستاني، على هيمنتهما التقليدية في الإقليم.
أما القوى المدنية العابرة للطائفية، فتشارك عبر "تحالف البديل" الذي يضم الأحزاب العلمانية واليسارية، محاولين إعادة الوجود السياسي بعد مقاطعة انتخابات 2021.
انتخابات لإعادة إنتاج المشهد السياسي الراهن
في ظل الانقسامات، تبقى الانتخابات وسيلة لتعزيز قواعد القوى داخل مكوناتها وتحديد وزن كل كتلة داخل البرلمان، أكثر من كونها فرصة لإحداث تغيير وطني شامل. ويستمر التركيز على شبكات المصالح والنفوذ السياسية لضمان الولاءات، ما يحافظ على الوضع القائم ويحدّ من بروز أجندة وطنية عراقية موحدة.