القدس المحتلة - مصدر الإخبارية
كشفت صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية، اليوم الخميس، عن وثائق رسمية تُظهر توقيع الحكومة الإسرائيلية خلال الأشهر الأخيرة سلسلة عقود بملايين الدولارات مع شركات أمريكية متخصصة في الدعاية والتسويق السياسي، في محاولة لاستعادة مكانتها داخل الرأي العام الأمريكي، بعد التراجع الكبير في مستوى التأييد لها، حتى بين الأوساط اليمينية المحافظة.
ووفقًا للتقرير، فقد أبرمت وزارتا الخارجية والسياحة في إسرائيل، عبر مكتب الدعاية الحكومية، عقودًا مع عدد من الشركات الأمريكية لتعزيز صورة إسرائيل ومكافحة ما تصفه بـ"معاداة السامية"، بتمويل من شركة Havas Media الألمانية التابعة لمجموعة الإعلانات الدولية "هافاس"، والتي تتولى دور الوسيط التنفيذي. وتشير المستندات إلى أن إسرائيل دفعت عبر هذه القناة أكثر من 100 مليون دولار منذ عام 2018 لحملات إعلامية داخل الولايات المتحدة.
أحد أبرز هذه العقود وُقّع في آب/ أغسطس الماضي مع شركة Clock Tower X المملوكة لمدير حملة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب الرقمية، براد بارسكيل، بقيمة 6 ملايين دولار لمدة أربعة أشهر، لتنفيذ حملة رقمية واسعة تستهدف مكافحة "معاداة السامية". ووفقًا للوثائق، تنتج الشركة نحو 100 مادة إعلامية شهريًا تشمل مقاطع فيديو وتصاميم ومنشورات موجهة بنسبة 80% إلى فئة الشباب الأمريكي عبر منصات "تيك توك" و"إنستغرام" و"يوتيوب"، بهدف الوصول إلى 50 مليون مشاهدة شهريًا.
كما كشف التقرير عن حملة ثانية موّلتها وزارة الخارجية الإسرائيلية عبر شركة Show Faith by Works، المملوكة للمستشار الجمهوري والناشط الإنجيلي تشاد شنايتغر، بقيمة تتجاوز 3 ملايين دولار، بهدف "رفع الوعي المسيحي ضد دعم الفلسطينيين للإرهاب"، وفق وصفها. وتشمل الحملة استخدام أدوات Geofencing لتحديد مواقع الكنائس والكليات المسيحية في ولايات مثل كاليفورنيا وأريزونا ونيفادا، واستهداف المصلين والطلاب بإعلانات موجهة رقمياً، في خطوة أثارت جدلاً واسعًا حول الخصوصية.
كما أشار التقرير إلى أن العقود تتضمن خططًا لـ"التأثير في نتائج محركات البحث وأنظمة الذكاء الاصطناعي مثل ChatGPT وClaude"، في محاولة لتوجيه الخطاب اللغوي المتعلق بإسرائيل داخل هذه المنصات — وهو ما اعتبرته الصحيفة أول محاولة علنية لدولة للتأثير على محادثات الذكاء الاصطناعي.
وفي إطار متصل، وقّعت الحكومة الإسرائيلية عقدًا مع شركة Bridges Partners لإطلاق مشروع دعائي باسم "مشروع إستير" (Esther Project)، يعتمد على مؤثرين في شبكات التواصل لنشر محتوى مؤيد لإسرائيل مقابل مبالغ مالية تتراوح بين بضعة آلاف إلى عشرات آلاف الدولارات.
كما لفتت الصحيفة إلى خطة أوسع ضمن مشروع يُعرف باسم Project Max أطلقته هيئة "أصوات إسرائيل" في وزارة الشتات، يهدف إلى إنشاء "غرفة حرب تكنولوجية" تعتمد على الذكاء الاصطناعي وتحليل البيانات الضخمة لتتبع الحملات المناهضة لإسرائيل والرد عليها إلكترونيًا.
ورفضت وزارة الخارجية الإسرائيلية ما ورد في التقرير، ووصفت الحديث عن استخدام أدوات تجسس رقمية أو توظيف مؤثرين ضمن حملات سياسية بأنه "ادعاءات كاذبة وحملة تضليل منسقة ضد إسرائيل"، مؤكدة أن نشاطها يقتصر على "إنتاج مواد تعريفية ومعارض رقمية حول أحداث السابع من أكتوبر".