القدس المحتلة - مصدر الإخبارية
انتقدت الصحفية الإسرائيلية يوعنا غونين، ما وصفته بـ"تمجيد" الإعلام الإسرائيلي لخمسة جنود متهمين بتعذيب أسير فلسطيني والاعتداء عليه جنسياً داخل معتقل "سدي تيمان"، معتبرة أنهم تحولوا إلى "رمز لإسرائيل المعاصرة التي تتسم بالعار والمهانة".
وقالت غونين في مقال نشرته صحيفة "هآرتس" العبرية، اليوم الإثنين، تحت عنوان "ماذا كنا نطلب في النهاية؟ أن نمارس التعذيب بهدوء دون أن يعلم العالم كله بذلك ويجعلنا نشعر بعدم الارتياح"، إن وسائل الإعلام الموالية للحكومة صورت الجنود وكأنهم أبطال وطنيون.
ويأتي المقال في ظل الجدل المتصاعد في إسرائيل بعد اعتقال المدعية العسكرية المستقيلة يفعات تومر يروشالمي، التي يُشتبه في سماحها بنشر فيديو الاعتداء على الأسير الفلسطيني، الذي وقع في يوليو/ تموز 2024 وتم بثه لاحقاً عبر القناة 12 العبرية.
وسخرت غونين قائلة: "طوبى لنا إذ تباركت بلادنا بأصحاب رؤوس أموال أغدقوا على قنوات الدعاية السلطوية مثل القناة 14 وآي 24 نيوز، حيث يمكن قطع البث فجأة للانتقال إلى مؤتمر صحفي لخمسة حرّاس سجن متهمين بانتهاكات مروّعة".
وأشارت إلى أن المؤتمر الصحفي الذي عقده الجنود الأحد الماضي، أُخرج بشكل "درامي" كما لو كان حدثاً وطنياً، رغم أنهم "ليسوا سوى خمسة متهمين بارتكاب جريمة تعذيب جنسي بحق معتقل فلسطيني مكبل اليدين".
ونقلت غونين مقتطفات من تصريحات الجنود الذين ظهروا ملثمين، حيث قال أحدهم: "بدلاً من العناق تلقينا اتهامات، وبدلاً من الشكر تلقينا الصمت"، لتعلق ساخرة: "عار ومهانة فعلًا، إلى أين وصلنا إذا لم يعد جنودنا قادرين على طعن فلسطيني دون أن يشعروا بالانزعاج؟".
وتطرقت إلى تصريحات زوجة أحد المتهمين، التي قالت في المؤتمر: "رأيت زوجي يتمزق من الداخل"، لترد غونين قائلة: "اختيار جريء للكلمات، بالنظر إلى أن زوجها من بين من أدخلوا أداة حادة في جسد المعتقل وتسببوا في تمزق أمعائه".
وأضافت الكاتبة أن محامي المتهمين وصفهم بأنهم "أبطال سيشعلون الشعلة في يوم الاستقلال القادم"، معتبرة أن ذلك "يلخص بدقة صورة إسرائيل الحديثة، التي تمجد الجلاد وتدين الضحية".
وهاجمت غونين رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، قائلة إنه "ساهم في حملة التحريض حين اعتبر تسريب الفيديو أشد هجوم دعائي تتعرض له إسرائيل منذ تأسيسها"، مشيرة إلى أن "نتنياهو لم يتحدث عن الجريمة نفسها بل عن انكشافها للعالم".
واختتمت مقالها بقولها: "عامان من الدمار في غزة، جنود ينشرون جرائمهم على تيك توك، وزراء يفاخرون بالتعذيب، وصحفيون يدعون للإبادة، ومع ذلك فإن الهجوم الدعائي هو المرة الوحيدة التي تذكرت فيها الدولة تطبيق القانون".
وتأتي تصريحات غونين بالتزامن مع تزايد الانتهاكات ضد الأسرى الفلسطينيين، منها مشروع قانون إعدام الأسرى الذي صادقت عليه لجنة الأمن القومي في الكنيست تمهيداً للتصويت عليه، إلى جانب منع زيارات الصليب الأحمر لعشرات المعتقلين بأوامر من وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير.
ووفق منظمات حقوقية فلسطينية وإسرائيلية، يقبع أكثر من 10 آلاف أسير فلسطيني في سجون الاحتلال، بينهم نساء وأطفال، يتعرضون لتعذيب وتجويع وإهمال طبي ممنهج، أودى بحياة العشرات منهم.
كما تشن إسرائيل منذ أكتوبر/ تشرين الأول 2023 حربًا وصفت بأنها إبادة جماعية ضد غزة، أسفرت عن أكثر من 68 ألف شهيد و170 ألف جريح، معظمهم من النساء والأطفال، وسط دعم أميركي واسع للحملة العسكرية المستمرة منذ عامين.