يسرّني أن أطل عليكم في أول مقال لي منذ تسلمي مسؤولياتي كأمين عام مساعد لجامعة الدول العربية، رئيسا لقطاع فلسطين والأراضي العربية المحتلة. ويشرفني أن تكون باكورة كتاباتي من خلال منبر إعلامي متميز أعتز وأفخر به في قضية فلسطين، التي كانت وما زالت وستبقى جرحا في ضمير أمتنا العربية لا يندمل، لا بحكم العادة، وإنما بدافع الواجب والمسؤولية والوجدان.
إن هذه المهمة في هذا التوقيت العصيب من تاريخ القضية الفلسطينية، هو تكليف ثقيل، ومسؤولية وطنية وقومية بالغة الأهمية. فقد خرجنا، كأمة، ومعنا أحرار العالم، من وحدة الموقف تجاه قضيتنا الفلسطينية، إلى الإرادة الجماعية التي تشكل سلطات الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة جراء عدوانها الوحشي على الشعب الفلسطيني. مضى العام الأول على الجريمة التي ارتكبتها إسرائيل، ولم يحاسبها أحد، لا على مستوى الأمم المتحدة ولا غيرها من المحافل الدولية.
لقد تعددت الحروب، بكل فظاعاتها وتبعاتها، لكن ما يجري في غزة يتجاوز الوصف والمنطق، خطير، بل إن العناوين الفلسطينية لم تعد تقتصر فقط على الاحتلال والاستيطان والتهجير، بل باتت تتجاوز ذلك إلى مأساة إنسانية حجر الزاوية فيها أطفال ونساء وشيوخ وأبرياء، في ظل صمت دولي فاضح وانتهاك فاضح للقوانين الدولية والشرائع الإنسانية كافة.
من هنا، فإنني أسعى، بالتعاون مع زملائي في القطاع، ومع ممثلي الدول الأعضاء، في ظل توجيهات الأمين العام لجامعة الدول العربية السيد أحمد أبو الغيط، إلى تعزيز الجهد الجماعي العربي لدعم صمود شعبنا الفلسطيني، ومتابعة ملفات القدس، والاستيطان، والأسرى، ومتابعة الجرائم الإسرائيلية أمام المحاكم الدولية وتوثيقها، ودعم الجهود القانونية في المحافل الدولية.
إن قطاع فلسطين والأراضي العربية المحتلة، بعمله اليومي، ليس فقط حلقة وصل بين الأمانة العامة والمجالس الوزارية، بل هو منبر أخلاقي وتاريخي وقومي لا يمكن التفريط في واجباته. إننا نعمل في القطاع على تكريس القضية الفلسطينية في وجدان الأجيال الجديدة، حتى لا تتعرض لما تتعرض له فلسطين، من محاولات طمس وتشويه وتصفية.
ونجد العهد بأن تكون فلسطين هي البوصلة، والقدس هي القلب، والصوت الفلسطيني هو الرشيد والهادي والدليل، وأن نكون في جامعة الدول العربية كما كنا دائما؛ في طليعة المدافعين عن القضية، لا نساوم ولا نتراجع، حتى تتحقق العدالة، ويرتفع الظلم، ويعود الحق إلى أصحابه.