شبكة مصدر الاخبارية

MSDRNEWS FB MSDRNEWS IG Youtube Telegram Twitter
الرئيسية فلسطينيو 48 شؤون إسرائيلية عربية وإقليمية اقتصاد تكنولوجيا تقارير خاصة رياضة منوعات إتصل بنا
الرئيسية أقلام نساء غزة

عبد الغني سلامة .. كاتب سياسي فلسطيني

نساء غزة

21 ديسمبر 2025 04:56 م
Facebook X (Twitter) WhatsApp
عبد الغني سلامة .. كاتب سياسي فلسطيني

عبد الغني سلامة .. كاتب سياسي فلسطيني

الكتابة عن نساء غزة ومعاناتهن (قبل وأثناء وبعد حرب الإبادة) تتضمن ما يتعرض له شباب ورجال وأطفال وكهول غزة، لأن المعاناة واحدة وشديدة العمق لدرجة أنها طالت سائر مكونات وشرائح المجتمع الغزي، من حيث الموت قتلا أو قهرا، والتعرض للاعتقال والإهانة والتنكيل، والتشرد والنزوح والخوف والقلق والجوع والبرد، وفقدان الأحبة وخسارة البيت والمأوى والأمان، والخوف من المستقبل.. وكل أنواع الألم والمعاناة التي كابدها الغزيون على مدى عامين وأكثر..

لكن الكتابة عن نساء غزة تغدو أكثر أهمية لسببين، الأول: أن من بين أكثر المبررات التي يسوقها من دعا للحرب وروج لها وأيدها مسألة الدفاع عن نساء غزة؛ شرفهن وكرامتهن (فطالما ارتبط الشرف في الثقافة العربية بالنساء).. بل إن من بين مبررات رفض "تسليم السلاح": الخوف من تعرض نساء غزة للإذلال والقهر والاغتصاب.. الثاني: أن نساء غزة يكابدن أنواعا أُخرى إضافية من القهر والمعاناة أكثر من الرجال، أو حتى يمكن القول دون الرجال، وربما بسببهم، وأقصد القهر المجتمعي الذكوري الذي ظل يطاردهن حتى تحت القصف وبين الركام.

وسأضيف سببا ثالثا: ثمة أنواع من القهر مسكوت عنها، الكل يتجنب الحديث عنها، إما بسبب الاعتبارات المجتمعية، أو للإبقاء على الصورة النمطية غير الواقعية عن مجتمع غزة (المتماسك، المقاوم، الصامد، البطل...) وحتى لا تُخدش تلك الصورة الزائفة، ولا تهتز في أعين المراقبين (جمهور المقاومة، والمتبرعين، والبربوغاندا الإعلامية)، فضلا عن القمع (الذاتي والمجتمعي) المسلط على نساء غزة حتى يظل صوتهن غائبا، ومتواريا، أو مستخدَما للإغراض الدعائية.

أمثلة حول النقطة الأخيرة؛ زادت مؤخرا حالات العثور على "أطفال رضّع"، بالقرب من التكايا والجوامع وأماكن تجمع الناس، هنالك مئات الحالات المسجلة؛ أمهات يتركن أطفالهن الرضع، لأسباب قهرية، ربما أثناء عمليات النزوح وما ينجم عنها من فوضى وذعر وصعوبات في التنقل، أو بسبب عدم القدرة على الإنفاق وتدبر حاجات الطفل، أو لعدم وجود مأوى (حتى لو خيمة)، أو بسبب مقتل الأم أو إصابتها البليغة.. إضافة إلى تسجيل حالات اغتصاب وتحرش وابتزاز جنسي مقابل كوبونة، أو تأمين طرد غذائي، أو خيمة، أو توفير أبسط حاجات ومتطلبات البقاء.

فضلا عمّا تعرضت له نساء غزة من قهر وإذلال على يد جنود الاحتلال، خاصة النساء اللواتي تم اعتقالهن والتحقيق معهن بالضرب والتنكيل والتعرية والتحرش والاعتداء الجسدي واللفظي والاغتصاب، وهناك نساء فاضلات امتلكن الشجاعة وقدمن شهاداتهن عن تعرضهن للاغتصاب.

هل نتخيل مدى القهر والامتهان لسيدة وهي تشاهد جندي احتلالي وضيع يرتدي فستان نومها، أو يعرض ملابسها الداخلية، ويقوم بحركات مبتذلة بإيحاءات جنسية؟ هل هذه مجرد حالات فردية لجندي غير منضبط لم يتحكم بغريزته الحيوانية؟ أم هي رسالة مقصودة وممنهجة يمارسها الاحتلال ليقول بكل وقاحة: هذا هو شرفكم/ن يا أهل غزة معروض على حبل غسيل؟

هل نتخيل مدى الإحراج والمهانة لفتاة حان موعد دورتها الشهرية، ولا تجد "فوطة"؟ أو لإمرأة أرادت قضاء حاجتها الفسيولوجية ولا تجد مرحاضا؟ أو مرَّ عليها أسابيع ولا تجد إمكانية للاستحمام، وتبديل ملابسها؟ هل ندرك حقيقة معنى أن تفقد إمرأة خزانة ملابسها، وتغدو مكشوفة أمام المارة؟ أو حين تُجبر على الطبخ وغسيل ثياب عائلتها وجلي أواني الطبخ في وسط الشارع؟ وحين تضطر لنشر الغسيل بين الخيام وعلى مرأى من الجميع؟ هل ندرك حقيقة معنى أن يفقد الإنسان منزله، ويبيت في العراء، أو في خيمة مهترئة وشفافة؟

فوق الألم والخوف والتعرض للقصف، وخسارة الزوج والأب والأبناء، وفي ظل ظروف النزوح القهرية، يُطلب من المرأة بل ومن الطفلة أن تقوم بواجباتها المنزلية (مع عدم وجود منزل) من إعداد الطعام، وجمع الحطب، وإيقاد النار بالطريقة البدائية، والعناية بالأطفال والزوج والعائلة، وتهيئة الفراش، وأعمال التنظيف، والمشي لمسافات بعيدة لجلب طرد غذائي، والركض للنجاة من القناصة.. ومراعاة قواعد المجتمع "الأخلاقية" وأعرافه وقيمه "الشكلية"، لدرجة أنها تقوم وتنام وتمضي كل وقتها بنفس ملابس "الصلاة"؟ هذا ما يُعرف بالمعاناة المركبة. وفي ثنايا هذه الشكلانيات تختبئ مئات القصص التي نخجل من ذكرها.. أشكال مختلفة للتعديات والقهر والإذلال..

هل ندرك حقيقة ومعنى تلك الإحصائيات المرعبة عن عدد الأرامل؟ معنى أن تفقد المرأة شريكها وسندها ومعيلها في ظل ظروف حرب إبادة وتهجير ونزوح وفي مجتمع غير سوي يعيش ظروفا غير إنسانية؟ هل نتخيل معاناة سيدة مسـنّة تعاني من أمراض مزمنة ولا تجد سريرا دافئا، ولا حبة دواء، ولا من يساعدها؟ أو شابة كانت تحلم بالجامعة والتخرج والعمل وتنفيذ مشروع ريادي أو السفر أو الزواج وإنشاء أسرة.. ثم فقدت كل شيء، وتحطمت أحلامها، وتقزمت حتى صارت مجرد الحصول على خيمة؟ أو الحصول على عبوة شامبو، أو أن تحظى بلحظة خصوصية تمارس فيها حياة طبيعية؟ والأم التي ربت ابنها بدموع عينيها ثم فقدته فجأة، أو رأته يتحول من طالب ذكي طموح إلى بائع على بسطة، أو يمضي نهاره بين طوابير الخبز والتكايا والمياه وشحن الجوال؟

إلى من هم خارج غزة، ويتحدثون عن الشرف والكرامة والمرأة الغزية البطلة.. بكل صراحة ووضوح، وبكل ألم وأسف: نساء غزة يتعرضن لكل أشكال الإهانات والإذلال وامتهان الكرامة.. هذه نتائج كل حرب غير متكافئة، نتائج حملة إبادة ممنهجة يشنها عدو متجبر بلا أخلاق وبلا إنسانية وبلا شرف ضد مجتمع أعزل، ضد مواطنين مدنيين كانوا يحلمون ويسعون لعيش حياة طبيعية، ويقاومون الاحتلال بأشكال وأساليب ضمن قدراتهم وإمكانياتهم، إلى أن فُتحت عليهم أبواب الجحيم وفُرضت عليهم حرب إبادة بآلة عسكرية جبارة.

الكرامة ليست شعارات وقصائد وخطابات عنترية؛ بل هي واقع موضوعي مُعاش له متطلباته ومقتضياته..

ليست المرأة وحدها من قُهرت في هذه الحرب، لكن النساء والأطفال دوما وعلى مدى التاريخ أول وأكثر من يدفع الثمن، هنَّ أول الضحايا.. لكن صوتهن يظل مكبوتاً..

كنت سأختم بقصيدة مظفر النواب.. أولاد القحبة هل تسكت مغتصبة؟ لكني سأختم بأحلام وأمنيات نساء غزة، كما تحدثن في تسجيل وثائقي أعدته جمعية "فلسطينيات" على أعتاب العام الجديد، وبعد سنتين من الإبادة، والتي يمكن اختصارها بعبارة واحدة مكررة: أحلم أن أعود إلى بيتي "المهدم"..

Facebook X (Twitter) WhatsApp
نساء غزة حرب الإبادة الواقع الاجتماعي واقع النساء في غزة

آخر الاخبار

هيئة الأسرى: أوضاع كارثية وإهمال طبي يهددان حياة معتقلين مرضى في سجن ريمون

هيئة الأسرى: أوضاع كارثية وإهمال طبي يهددان حياة معتقلين مرضى في سجن ريمون

الصحة العالمية تحذّر: أكثر من 100 ألف طفل مهددون بسوء تغذية حاد في غزة

الصحة العالمية تحذّر: أكثر من 100 ألف طفل مهددون بسوء تغذية حاد في غزة

منازل الموت بعد الحرب: 18 شهيدًا بانهيار مبانٍ متضررة في غزة منذ وقف إطلاق النار

منازل الموت بعد الحرب: 18 شهيدًا بانهيار مبانٍ متضررة في غزة منذ وقف إطلاق النار

خرق متواصل للهدنة: شهداء وجرحى ونقص طبي حاد يهدد مستشفيات غزة بالخروج عن الخدمة

خرق متواصل للهدنة: شهداء وجرحى ونقص طبي حاد يهدد مستشفيات غزة بالخروج عن الخدمة

الأكثر قراءة

1

ما هو تفسير حلم الإجهاض للمتزوجة غير الحامل؟

2

هذا تفسير حلم سقوط سن واحد علوي في المنام

3

ما هو تفسير رؤية ترك العمل في الحلم؟

4

بث مباشر: منتخب فلسطين يواجه كتالونيا ودياً وسط تضامن واسع في إسبانيا مع القضية الفلسطينية

تابعنا على فيسبوك

المقالات المرتبطة

هل سيُجبر ترامب نتنياهو على المضيّ قدماً… أم يُسرّع تنفيذ الأجندة الإسرائيلية في غزة؟

هل سيُجبر ترامب نتنياهو على المضيّ قدماً… أم يُسرّع تنفيذ الأجندة الإسرائيلية في غزة؟

نوبل أم الحرب: الصفقة غير المعلنة بين ترامب ونتنياهو

نوبل أم الحرب: الصفقة غير المعلنة بين ترامب ونتنياهو

نزع السلاح بلا تسوية: وصفة مفتوحة لاستدامة الحرب في غزة

نزع السلاح بلا تسوية: وصفة مفتوحة لاستدامة الحرب في غزة

تابعنا على فيسبوك

شبكة مصدر الاخبارية

مصدر الإخبارية، شبكة إعلامية فلسطينية مستقلة، تُعنى بالشأن الفلسطيني والإقليمي والدولي، وتولي أهمية خاصة للقضية الفلسطينية بالدرجة الأولى

فلسطينيو 48 عربية وإقليمية تقارير خاصة محلية اقتصاد الأسرة الأسرى منوعات اللاجئين القدس سياسة أقلام اتصل بنا

جميع الحقوق محفوظة لمصدر الإخبارية © 2025

MSDRNEWS FB MSDRNEWS IG Youtube Telegram Twitter
BandoraCMS  Powered By BandoraCMS
سيتم تحسين تجربتك على هذا الموقع من خلال السماح بملفات تعريف الارتباط.