العقيدة القتالية لسرايا القدس

بقلم/ د. وليد القططي

إضافةً إلى الجهاد في سبيل الله لتحرير فلسطين والشهادة على طريق التحرير، تدخل استراتيجية المشاغلة في صلب العقيدة القتالية لـ”سرايا القدس”.

لم يتوقع العدو أن تواصل “سرايا القدس” القتال في معركة “ثأر الأحرار” أكثر من يومين، وأن تمتد المعركة إلى 5 أيام. وإذا كان قد نجح تكتيكياً في اغتيال 6 من قادة “سرايا القدس”، فإنه فشل استراتيجياً في التنبؤ بقدراتها وصلابة مقاتليها.

هذا الفشل نابع من جهل العدو بالعقيدة القتالية لمجاهدي “سرايا القدس” والمقاومة الفلسطينية الوطنية ذات المرجعية الإسلامية. لذلك، كان من المفيد إلقاء الضوء على تلك العقيدة القتالية.

العقيدة القتالية هي نسق فكري ينظم المفاهيم والمبادئ القتالية للجيوش النظامية أو حركات التحرر الوطنية. وفي حالة المقاومة الفلسطينية كحركة تحرر وطني، هي الأفكار الأساسية التي توجه العمل العسكري الفدائي المقاوم، و”سرايا القدس” كجزء مركزي في المقاومة الفلسطينية لديها عقيدة قتالية مستمدة من الفكر الجهادي لحركة الجهاد الإسلامي في فلسطين ببعديها الإسلامي والوطني، وأيضاً هي امتداد للجهاز العسكري للحركة الذي كان يحمل اسم “القوى الإسلامية المجاهدة”، المعروفة اختصاراً بـ”قسم”، قبل أن يحمل اسم “سرايا القدس”. وقد نفذ “قسم” عدداً من العمليات الاستشهادية النوعية، أبرزها عملية بيت ليد المزدوجة، وهذا ينعكس على مصادر العقيدة العسكرية للحركة وذراعها العسكرية.

من أهمّ مصادر العقيدة العسكرية لـ”سرايا القدس” كإطار مرجعي يوجه المجاهدين هو الإسلام كدين استمدت منه النظرية الثورية للحركة، وفي قلبها عقيدة الجهاد في سبيل الله، التي تجعل هدف كل مقاتل النصر أو الشهادة ابتغاء مرضاة الله. ويدخل في صلب عقيدة الجهاد الدفاع عن الوطن وتحريره إذا احتل.

ومن أهم مصادر تلك العقيدة التراث النضالي للشعب الفلسطيني وحركته الوطنية منذ بدء المقاومة ضد الاحتلال البريطاني والمشروع الصهيوني بما يحمله من مخزون ثوري وتراكم كفاحي وقيم وطنية.

والمصدر الثالث هو التراث النضالي العالمي لحركات التحرر الوطنية ضد الاستعمار والاستكبار والظلم، وخصوصاً تلك التي اتبعت استراتيجية حرب العصابات وحرب الشعب المُسلحة طويلة الأمد لاستنزاف العدو ومراكمة الإنجازات والانتصارات، وصولاً إلى النصر النهائي.

عقيدة الجهاد في سبيل الله هي الأساس في العقيدة القتالية التي ينطلق منها المجاهدون، استناداً إلى نص القرآن الكريم: {انفِرُوا خِفَافًا وَثِقَالًا وَجَاهِدُوا بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللهِ}، واستناداً إلى نص الحديث النبوي: “جاهِدوا المشرِكينَ بأموالِكُم وأنفسِكُم وألسنتِكُم”.

والجهاد هو أعلى درجة في الإسلام وذروة سنامه بنص الحديث النبوي، والجهاد لتحرير الأرض الإسلامية التي احتلت فرض عين على أهلها وفق مفهوم الواجب فوق الإمكان والواجب الذي يبدع الإمكان وانتصار الدم على السيف، كنوع من رد العدوان والانتصار على البغي واسترداد الحق واستعادة الأرض، وهو ما يُعرف شرعياً بمفهوم “جهاد الدفع” أو “جهاد التحرير”.

جهاد التحرير في فلسطين له أهمية خاصة في العقيدة القتالية لمجاهدي فلسطين، وخصوصاً في “سرايا القدس”، لأن حركة الجهاد الإسلامي تجاوزت الرؤية التقليدية للحركة الإسلامية، فاعتبرتها قضية الأمة المركزية، انطلاقاً من قراءة واعية لموقع فلسطين في القرآن والتاريخ والواقع، فالقتال لتحريرها، إضافةً إلى كونه فريضة دينية وواجباً شرعياً كأرض محتلة، هو جزء مركزي من مشروع نهضة الأمة ضد المشروع الغربي الاستعماري، فقضية فلسطين ترتبط مصيرياً بكلّ قضايا العرب المسلمين، ولن يتحرر العرب والمسلمون من واقع التجزئة والتخلف والتبعية ما لم تتحرر فلسطين، فتغير حال الأمة نحو الأفضل وتحرير فلسطين أمران متكاملان. بهذا الفهم، يذهب مقاتلو “سرايا القدس” إلى القتال كواجب ديني، كما يذهبون إلى الصلاة.

الجهاد في سبيل الله من أجل تحرير فلسطين مرتبط بالشهادة التي تحتلّ موقعاً مركزياً في العقيدة القتالية لمجاهدي “سرايا القدس” وكلّ المجاهدين على الدرب نفسه، انطلاقاً من مفهوم الاختيار الإلهي للشهداء الذين يشهدون بدمهم وأرواحهم أن هدف تحرير فلسطين ونهضة الأمة أغلى من حياتهم تحت الاحتلال والقهر، ومفهوم الاختيار والاصطفاء واضح في قوله تعالى: {وَيَتَخِذَ مِنكُمْ شُهَدَاء}، فالشهادة تكريم من الله تعالى لبعض المجاهدين، يسعى كل واحد منهم للفوز بها تأكيداً لرضا الله عن جهادهم وعنهم.

والجانب الآخر من الشهادة هو نهج “الجهاد الإسلامي” للتغيير والتحرير، فالدم النازف من الشهداء هو وقود التحرير ومحرك الجماهير للثورة ضد الاحتلال في كل محطات الثورة الفلسطينية، فدم شهداء اشتباك الشجاعية ساهم في تفجير انتفاضة الحجارة، ودم الاستشهاديين في تسعينيات القرن العشرين ساهم في تفجير انتفاضة الأقصى، ودم الشهداء في الضفة أشعل فتيل المقاومة المُسلحة فيها… وهكذا حتى التحرير الكامل.

إضافةً إلى الجهاد في سبيل الله لتحرير فلسطين والشهادة على طريق التحرير، تدخل استراتيجية المشاغلة في صلب العقيدة القتالية لـ”سرايا القدس”، انطلاقاً من رؤية حركة الجهاد الإٍسلامي لمشروع تحرير فلسطين، فهو مشروع أكبر من قدرات الحركة الجهادية والمقاومة الفلسطينية والشعب الفلسطيني، نظراً إلى ارتباط الكيان الصهيوني العضوي بالمشروع الاستعماري الغربي ضد الأمة. لذلك، إن مشروع تحرير فلسطين هو مشروع الأمة كلّها، ولا سيما محور المقاومة فيها.

ويبقى دور المجاهدين في فلسطين، وفي طليعتهم “سرايا القدس”، هو إبقاء جذوة الجهاد مشتعلة في فلسطين، وإبقاء فتيل المقاومة مشتعلاً ضد الكيان الصهيوني، ما يعني مواصلة الجهاد واستمرار المقاومة حتى تكتمل شروط النصر الكامل عليه، وهذا ما قاله مؤسّس الحركة المفكر الشهيد فتحي الشقاقي: “سيبقى جهادنا مستمراً، وعملياتنا الاستشهادية مستمرة، حتى تبقى هذه القضية حية، وحتى تنهض كل الأمة تجاه قضيتها المقدسة قضية فلسطين”، وهو ما أكّدته الوثيقة السياسية للحركة بالنص: “استمرار المواجهة مع العدو الصهيوني، واستنزاف طاقاته وقدراته، وزعزعة أمنه واستقراره، لإجباره على الرحيل عن أرضنا، وصولاً إلى التحرير الكامل فلسطين”.

ومن أهمّ مرتكزات العقيدة القتالية لـ”سرايا القدس” كحركة مقاومة وطنية بمرجعية إسلامية هو مفهوم النصر والهزيمة، فلا شكّ في أنّ النّصر النّهائي للشعب الفلسطيني وحركته الوطنية ومقاومته الشعبية هو تحرير كل فلسطين من الاحتلال وإزالة الكيان الصهيوني من الوجود.

وحتى يتحقق هذا النصر النهائي، هناك مفاهيم نسبية وجزئية للنصر على طريق التحرير، يمكن من خلالها مُراكمة نقاط قوة الشعب والمقاومة، ومراكمة نقاط ضعف الكيان و”جيشه”.

ومن هذه المفاهيم: منع العدو من تحقيق أهدافه العسكرية والسياسية، وخصوصاً في المعارك والحروب، وإحباط أهدافه المُعلنة وغير المُعلنة في السياسة والحرب، ورفع تكلفة جرائمه، كالمجازر والاغتيالات والتدمير، لردعه عن تكرارها، وتحويل الاحتلال والاستيطان إلى مشروع باهظ الثمن ومكلف اقتصادياً وبشرياً ومعنوياً، وتعميق مأزق الكيان الصهيوني الأمني والوجودي من خلال المقاومة، وضرب مرتكزات المشروع الصهيوني القائم على ثلاثي الأمن والهجرة والاستيطان، وتحقيق توازن الردع النسبي مع الكيان الصهيوني… هذه المفاهيم الجزئية للنصر في العقيدة القتالية تُساهم في مواصلة القتال حتى النصر النهائي.

وقد انعكست العقيدة القتالية على القتال الميداني من خلال القتال على نقطة صفر، التي قدم فيها مجاهدو “سرايا القدس” نماذج رائعة في العمليات النوعية، على الرغم من قلة الإمكانات ونوعيتها مقارنة بالعدو، والاعتماد على المقاتلين الاستشهاديين في تنفيذ المهام أثناء المعارك، من إطلاق الصواريخ وقذائف الهاون والصواريخ الموجهة تحت أعين العدو وطائراته، وجاهزية المقاتلين للشهادة أثناء المعارك، والقتال حتى الشهادة في كل المواضع التي خُير فيها المجاهدون بين الاستسلام والشهادة، فكان خيار المجاهدين هو المواجهة حتى الطلقة الأخيرة، وهو ما ظهر جلياً في الضفة الغربية وفي غزة وفي كل المواجهات التي فُرض فيها الخيار بالاستسلام أو الشهادة.

ختاماً، يمكن القول إن العقيدة القتالية لمقاتلي “سرايا القدس”، الذراع العسكرية لحركة الجهاد الإسلامي في فلسطين، أُقيمت على: عقيدة الجهاد في سبيل الله، ومفهوم الشهادة كاختيار إلهي ونهج للتحرير، وخصوصية فلسطين كأرض مقدسة ومباركة وقضية مركزية للأمة، واستراتيجية المشاغلة على طريق الحرب الفاصلة لتحرير فلسطين، ومفهوم النصر القائم على مراكمة الإنجازات بجانبيها: قوة المقاومة والشعب والأمة، وضعف الكيان وجيشه.

النخالة يكشف عن السبب الرئيسي وراء اغتيال قادة سرايا القدس بغزة

غزة – مصدر الإخبارية

كشف الأمين العام لحركة الجهاد الإسلامي زياد النخالة، عن السبب الرئيس وراء اغتيال قادة المجلس العسكري لسرايا القدس خلال العدوان الأخير على قطاع غزة.

وقال النخالة: إن “التهاون في استخدام الاتصالات من قبل قادة السرايا كان السبب الرئيس في الوصول إليهم من قبل الاحتلال الإسرائيلي، واغتيالهم، مؤكدًا في الوقت ذاته عدم وجود اختراق أمني داخل صفوف الحركة”.

وبحسب تصريحات النخالة لموقع الحياة – واشنطن فإنه كان “هناك تهاون في استخدام أجهزة الاتصال، كما أنه لا يتم التقيد بالتعليمات الواجبة بذلك، داعيًا المقاومين لتجنب استخدام أدوات الاتصال”.

وأضاف الأمين العام لحركة الجهاد الإسلامي: “حزين للقول إن جميع من استشهدوا كان بحوزتهم أجهزة اتصال خلوية”، واصفًا ذلك بأنه “نقطة ضعف قاتلة”.

وفيما يتعلق باغتيال بعض قادة سرايا القدس داخل بيوتهم، قال النخالة، إنهم “يعتادون على زيارتها ولا ينقطعون عنها، وتمت العملية في وقت أجواء التهدئة، ولكنهم لم يتخذوا إجراءات واحتياطات أمنية أكثر، وخاصة فيما يتعلق باستخدام الهواتف”.

ولفت إلى أن “نواب القادة الذين تم اغتيالهم استلموا بدلًا منهم ضمن هيكلية واضحة ومتسلسلة، وكل شخص يستشهد يكون له بديلًا، مشيرًا إلى أن استشهاد القادة لا يُحدّث ارباكًا في البُنية العسكرية لسرايا القدس”.

وفيما يتعلق بتهديدات الاحتلال بتنفيذ اغتيالات مماثلة في الخارج، لفت النخالة، إلى أن “حركته قادرة على الرد على أي اغتيال وقصف عاصمة الاحتلال وكل مكان”.

ووفقًا للنخالة، فإن “حركة الجهاد الإسلامي لا زالت تحافظ على قوتها بما يتاح لها من إمكانيات”، معتبرًا أن “التسهيلات التي تسمح إسرائيل بإدخالها للقطاع، إنما هي مجرد “رشوة” بهدف محاولة إسكات غزة”.

أقرأ أيضًا: النخالة يستقبل مزهر ويبحثان الأوضاع السياسية والميدانية

الحسانية: معركة ثأر الأحرار أفشلت مخططات العدو وأهدافه

غزة- مصدر الإخبارية

قال عضو المكتب السياسي لحركة الجهاد الإسلامي في فلسطين، يوسف الحساينة إن معركة “ثأر الأحرار” التي خاضتها المقاومة الفلسطينية وعلى رأسها سرايا القدس، أفشلت مخططات وأهداف العدو.

وفي تصريحات صحفية أكد الحسانية على أن “العدو باغت المقاومة باغتيال ثلاثة من قادتها الكبار، معتقدًا من خلال هذه العملية الغادرة، أنه سيحقق مجموعة من الأهداف، التي يعود بها نتنياهو منتصرًا، إلا أن المقاومة وردها أفشل هذه المحاولات”.

وأشار إلى أن الهدف الأول للعملية الغادرة تمثل في محاولة شل قدرة الرد عند سرايا القدس، من خلال اغتيال القادة الثلاثة: جهاد الغنام، وخليل البهتيني، وطارق عز الدين في المرة الأولى، تبعها اغتيال القادة الشهيد علي غالي والشهيد أحمد أبو دقة، ثم الشهيد إياد الحسني.

وبين الحساينة أن المقاومة فاجأت العدو في إدارة المعركة، من خلال ما أظهرته رأس حربتها سرايا القدس، وإدارتها الحكيمة للمعركة، واستطاعتها التحكم بزمام الأمور، وإثباتها أن بنيتها العسكرية وقوتها وتكتيكاتها لا زالت بخير.

وذكر “أما الهدف الثاني للعدو كما أشار الحساينة، فيكمن في إعادة الاعتبار لقوة الردع الصهيونية، التي تآكلت بفضل ضربات السرايا، والمعارك التي خاضتها السرايا منذ كسر الصمت، مرورًا بالبنيان المرصوص وصيحة الفجر وبأس الصادقين ووحدة الساحات، وصولًا لثأر الأحرار، مرورًا بعمليات السرايا وكتائبها في الضفة الغربية المحتلة”.

ولفت إلى أن هذا الهدف فشل أيضًا، ومؤشر فشله، هو استمرار المقاومة في دك المستوطنات والمدن المحتلة، وصولًا إلى مستوطنات القدس وجنوب بيت لحم، كما أنه فشل في إعادة ترميم قوة ردعه.

حول الاختراق الأمني المزعوم لسرايا القدس

بقلم/ خالد أبو حيط

خلال جولة “ثأر الأحرار” التي خاضتها “سرايا القدس” (الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي) في فلسطين مؤخراً، وبعدها، ارتفعت أصوات تروّج بأنّ اغتيال ستة قادة رفيعي المستوى في “الجهاد الإسلامي” كشف حجم الاختراق الأمني الموجود في صفوف الحركة في “عقر دارها”، وجناحها العسكري خاصّةً!

هذا الربط المتعمّد بين حقيقة اغتيال القادة من جهة، وادّعاء وجود اختراق أمني داخل صفوف الحركة وجناحها العسكري من جهة أخرى، وإن بدا للوهلة الأولى استنتاجاً منطقياً، إلا أنه أبعد ما يكون عن الحقيقة. بل، وربما أمكن القول إنّ الترويج لهذا الادعاء ما هو إلا استمرار للمعركة ضدّ الجهاد الإسلامي، بواجهة إعلامية لتعمية الأبصار عن الإنجازات الميدانية والسياسية التي حققتها خلال المعركة.

وكما أنه لا تكفي مفارقة (ابن المقفع) لمن “تشردق” ومات وهو يشرب الماء، للاستنتاج بأنّ “شرب الماء مميت”، فكذلك لا يكفي وقوع عمليات الاغتيال فعلاً للاستنتاج بأنه كان نتيجة لاختراق أمني داخل صفوف الحركة وسراياها.

إثبات هذا الادعاء يستلزم وجود تحقيق، ومشتبهين، وتتبّعاً للإجراءات، وغيرها من قضايا التحقيق التي لا شك في أنّ “سرايا القدس” تقع عليها مهمة التحقيق فيها. وبما أنّ الادعاء لم يقم إلا على مجرّد تكهنات، لها أهداف سياسية واضحة، يجدر الردّ عليها بما يناسب طبيعتها.

أول ما ينبغي لفت النظر إليه في الردّ على هذا الادّعاء هو أنّ عمليات الاغتيال للقادة الستة وقعت جميعها في شقق سكنية عائلية. ولم يصدف أنّ عملية واحدة منها وقعت داخل مقر عسكري أو أمني. وهذا ينافي بطبيعته الزعم بوجود اختراق داخلي. إنّ استهداف القادة في بيوتهم، وبين أسرهم، يتعارض مع الزعم بأنّ الاغتيال حدث بسبب اختراق أمني داخلي. والمفارقة المؤلمة هنا أنّ الاحتلال، بتعمّده اغتيال القادة في بيوتهم العائلية، لم يكن قادراً على تصيّدهم في أماكن أخرى. وتؤكد في ما تؤكد الطبيعة المجرمة لهذا الكيان الذي يريد أن يروّج لشرعية قتل الأطفال والنساء في بيوتهم، لمجرّد تصفية قادة عجز عن الوصول إليهم بعيداً عن أسرهم وعائلاتهم. لو كان بمقدور العدو تنفيذ عمليات الاغتيال في الجبهات أو داخل المقرات العسكرية وغرف إدارة العمليات، لما توّرع عن ذلك لحظة، ولكانت رسالته في إظهار قوته وتفوقه الأمني المزعوم أبلغ. وبما أنه عجز عن ذلك، فالقرينة هنا أنّ شبهة وجود اختراق أمني هشّة، ولا تملك أساساً.

لو كان بمقدور العدو تنفيذ عمليات الاغتيال في الجبهات أو داخل المقرات العسكرية وغرف إدارة العمليات، لما توّرع عن ذلك لحظة.

أضف إلى ذلك، أنه لو توفرت للعدو القدرة الحقيقية على اختراق حقيقي داخل “سرايا القدس”، لكان استخدمها في تحديد مواقع لا تقل أهمية بالنسبة له عن اغتيال القادة أنفسهم، ومنها تحديد مواقع القيادة والسيطرة والتحكّم، ومواقع تخزين الصواريخ، ومواقع منصات إطلاق الصواريخ، وغيرها من الأهداف العسكرية المهمة.

الواقع يقول إنه على مدى خمسة أيام من المعارك، لم يتمكن العدو، بأجهزته التكنولوجية الفائقة، وكلّ أدوات التعقب والمراقبة، من إصابة أهداف عسكرية تكون لها نتيجة على تغيير مسار المعركة لصالحه. كانت “سرايا القدس” تحدّد سلفاً توقيت إطلاق رشقات الصواريخ، متحدّية بذلك قدرة العدو على رصدها، ليلاً أو نهاراً، في ظلّ كلّ ما يمتلكه من تكنولوجيا، واستطراداً من اختراق داخلي مزعوم.

لا يمكن لعاقل إنكار وجود اختراق هنا أو هناك. وخلال مسيرة الكفاح والنضال الفلسطيني، كانت جولات الاختراق بين المقاومة والكيان الصهيوني متبادلة، مع الإقرار طبعاً بالتفوّق التقني والعملياتي للعدو في هذا المجال. لكن، ومع ذلك، يُسجّل للمقاومة أنها، رغم كلّ ما يملكه العدو من تكنولوجيا، تمكنت من بناء قدرات عسكرية ولوجستية، مكنتها من خوض جولات ومنازلات عديدة ضد الكيان، واستطاعت أن تحقّق ضده نقاطاً لصالحها في المواجهات الميدانية.

لا شك في أنّ اغتيال القادة الستة، لا بد أن يتبعه تحقيق معمّق، وعدم الاكتفاء بظواهر الأجوبة الواضحة. ربما يكون السرّ في ذلك السلوك الفردي للقادة الذين نجح العدو في استهدافهم. ثمّة حديث أنّ خمسة من القادة الستة كانوا موجودين في أماكن فيها هواتف محمولة. وربما يكون مكان السكن العائلي بمثابة الفخ الذي يسهل لطائرات الاستطلاع رصده في ظلّ عدم توّفر معلومات أخرى، ولا سيما مع وجود عميل ميداني. وفي حين أنّ عدد القادة الذين تمّ اغتيالهم بالفعل معلوم، فإننا لا نعلم على وجه اليقين عدد الذين سعى العدو إلى اغتيالهم وفشل في ذلك.

إنّ إثارة هذا الادعاء خلال المعركة وبعدها، مع عدم تقديم أيّة قرينة أو شبهة ذات قيمة، هدفه الأكيد هو التشكيك بالإنجازات العسكرية والسياسية التي حقّقتها “الجهاد الإسلامي” خلال المعركة وبعدها، ولا سيما أنّ معظم، إن لم نقل كلّ، الذين أثاروا هذا الادّعاء عبر الوسائل والوسائط المختلفة لم تصدر عنهم إدانة للعدوان الصهيوني، ولو مجرّد إشارة إلى ارتكابه لجرائم حرب باستهداف الزوجات والأطفال داخل بيوتهم. وذلك يكفي للدلالة على المقصد الحقيقي من وراء إثارة هذا الادّعاء في هذا التوقيت بالذات.

هآرتس تؤكد اشتراك القسام في المعركة الأخيرة

وكالات – مصدر الإخبارية

كشفت صحيفة “هآرتس” العبرية اليوم الثلاثاء عن مشاركة كتائب الشهيد عز الدين القسام الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية (حماس) في جولة القتال الأخيرة في قطاع غزة.

وأكدت الصحيفة اشتراك القسام إلى جانب سرايا القدس الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي، من خلال قيادة الغرفة المشتركة للمقاومة.

وبينتّ الصحيفة أن كتائب القسام هي الأساس وذات التأثير الكبير داخل الغرفة المشتركة، ولفتت أن دخول الغرفة في القتال مرتبط بقرار حماس، وأشارت إلى أن ذلك جرى في جولات القتال الثلاث الأخيرة منذ مايو (2012)، ومعركة سيف القدس.

وترى الصحيفة أن حماس تولي أهمية كبير للغرفة المشتركة والتي تعتبر الحاضنة لجميع الفصائل العاملة في الساحة الفلسطينية.

وأوضح الكاتب في الصحيفة جاكي خوكي بأن الغرفة المشتركة تمنح الشرعية للقرارات، وتقدم الفصائل كقوة مشتركة موحدة في وجه “إسرائيل”، والقصد من وراء ذلك منع الفوضى التي من الممكن أن تحدث.

ويأتي هذا الحديث في ظل تأكيد الجيش الإسرائيلي عدم اشتراك حماس في القتال في الجولة الأخيرة، ما يخالف هذه الرواية.

اقرأ أيضاً:القسام تكشف عن دور الشهيد إياد الحسني خلال معركة ثأر الأحرار

سرايا القدس تعلن استهداف تجمع عسكري إسرائيلي بصاروخ موجه

غزة- مصدر الإخبارية

أعلنت سرايا القدس الذراع العسكرية لحركة الجهاد الإسلامي أنها استهدفت يوم أمس الجمعة من استهداف تجمع عسكري إسرائيلي على حدود غزة بصاروخ موجه.

وقالت السرايا في بلاغ عسكري، في إطار الرد على اغتيال قادة سرايا القدس والعدوان على شعبنا… تمكن مجاهدونا من استهداف تجمع للجنود الصهاينة بصاروخ موجه في موقع الإرسال.

ولفتت إلى أنه تمت إصابة الهدف بدقة واشتعال النيران في المكان، يوم الجمعة الموافق 12\5\2023م في تمام الساعة 7:30م.

وارتفعت قائمة شهداء العدوان على قطاع غزة منذ فجر يوم الثلاثاء إلى 33 شهيدًا بينهم 6 أطفال و3 سيدات، و2 من كبار السن.

وذكرت وزارة الصحة أنه أصيب نحو 100 جريحاً بينهم 32 طفلاً و 17 سيدة وحالات خطيرة، كما دمرت الغارات الإسرائيلية عدداً من المنازل الفلسطينية.

وبدأ العدوان الإسرائيلي على غزة فجر الثلاثاء بعدما أقدم الاحتلال على اغتيال 3 من قادة سرايا القدس الذراع العسكرية لحركة الجهاد الإسلامي، وزادت حدة التصعيد مع استمرار جرائم الاحتلال واغتياله 2 آخرين من القادة.

ورداً على انتهاكات الاحتلال أطلقت الغرفة المشتركة لفصائل المقاومة، عملية الرد ثأر الأحرار، وأطلقت خلالها مئات الصواريخ تجاه متسوطنات الاحتلال وصل بعضها لتل أبيب والقدس ما أدى لمقتل إسرائيلي على الأقل وإصابة آخرين ودمرت كذلك مبانٍ سكنية.

سرايا القدس تعلن استهداف مواقع حساسة للاحتلال شرقي القطاع

غزة- مصدر الإخبارية:

أعلنت سرايا القدس الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي، اليوم السبت، عن استهدافها مواقع حساسة لجيش الاحتلال الإسرائيلي بصواريخ موجهة شرقي قطاع غزة.

وقالت السرايا في بيان مقتصب إنها “حققت إصابات مؤكدة، دون أي إصابات في مقاتليها. مؤكدةً أنهم “عادوا إلى قواعدهم بسلام”.

وأعلنت سرايا القدس في وقت سابق اليوم السبت عن استهداف المستوطنان والمدن الإسرائيلية برشقات كثيفة من الصواريخ رداً على قصفها منازل المدنيين في قطاع غزة.

وشن جيش الاحتلال الإسرائيلي سلسلة من الهجمات على المنازل السكنية والأراضي الزراعية لليوم الخامس على التوالي، وسط ارتفاع حصيلة الشهداء إلى 33 فلسطينياً وجرح قرابة 150 آخرين.

يشار إلى أن جهود الوساطة والتهدئة بين حركة الجهاد الإسلامي والاحتلال الإسرائيلي فشت بسبب رفض الاحتلال وقف علميات الاغتيال لقادة المقاومة الفلسطينية.

اقرأ أيضاً: سرايا القدس تحذر الاحتلال.. المقاومة أعدت نفسها لأشهر من المواجهة

سرايا القدس تحذر الاحتلال.. المقاومة أعدت نفسها لأشهر من المواجهة

غزة-مصدر الإخبارية

حذرت سرايا القدس الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي في فلسطين من استمرار المقاومة الفلسطينية بالمواجهة وقصف أهداف داخل عمق المدن المحتلة لأشهر طويلة.

وأكدت السرايا في تصريح مقتضب اليوم السبت، أنها ستجدد قصفها الصاروخي للمدن المحتلة، في ظل استمرار سياسة الاغتيالات وقصف الشقق والبيوت الآمنة من قبل طائرات الاحتلال الإسرائيلي في غزة.

وأشارت إلى أن تجدد قصفها الصاروخي للمدن المحتلة يأتي تأكيدًا على استمرار المواجهة وثأر الأحرار.

وشددت على أن المقاومة أعدت نفسها لأشهر من المواجهة، ونمتلك نفسًا طويلًا وحاضنة شعبية وفيةً عظيمة، وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون.

اقرأ/ي أيضا: الصحة: ارتفاع حصيلة شهداء الضفة وغزة منذ بداية العام 2023

استشهاد عضو المجلس العسكري لسرايا القدس إياد الحسني

غزة- مصدر الإخبارية

أعلنت حركة الجهاد الإسلامي استشهاد عضو المجلس العسكري ومسؤول العمليات المركزية في سرايا القدس إياد الحسني.

وأكد مسؤول في الجهاد يؤكد لمصدر الإخبارية استشهاد اياد الحسني عضو المجلس العسكري الأعلي لسرايا القدس، مسؤول العمليات المركزية.

واستشهد إياد برفقة الفلسطيني محمد وليد عبد العال وأصيب مواطنين آخرين في قصف إسرائيلي استهدفهم بشقة سكنية بحي النصر شرق مدينة غزة.

وقالت أيضاً، مصادر لشبكة مصدر إن عائلة الحسني فتحت بيت عزاء لابنها الشهيد اياد الحسني عضو المجلس العسكري الأعلي لسرايا القدس، مسؤول العمليات المركزية.

وارتفعت قائمة شهداء العدوان على قطاع غزة منذ فجر يوم الثلاثاء إلى 33 شهيدًا بينهم 6 أطفال و3 سيدات، و2 من كبار السن.

وذكرت وزارة الصحة أنه أصيب نحو 100 جريحاً بينهم 32 طفلاً و 17 سيدة وحالات خطيرة، كما دمرت الغارات الإسرائيلية عدداً من المنازل الفلسطينية.

وبدأ العدوان الإسرائيلي على غزة فجر الثلاثاء بعدما أقدم الاحتلال على اغتيال 3 من قادة سرايا القدس الذراع العسكرية لحركة الجهاد الإسلامي، وزادت حدة التصعيد مع استمرار جرائم الاحتلال واغتياله 2 آخرين من القادة.

ورداً على انتهاكات الاحتلال أطلقت الغرفة المشتركة لفصائل المقاومة، عملية الرد ثأر الأحرار، وأطلقت خلالها مئات الصواريخ تجاه متسوطنات الاحتلال وصل بعضها لتل أبيب والقدس ما أدى لمقتل إسرائيلي على الأقل وإصابة آخرين ودمرت كذلك مبانٍ سكنية.

اغتيال قادة الجناح العسكري للجهاد الاسلامي تداعيات واحتمالات

بقلم- د. يوسف يونس:

لقد سبق وأشرنا في تقرير سابق بعنوان : “الازمة الداخلية الاسرائيلية في بعدها الاستراتيجي والاقليمي”، بتاريخ 12-4-2023م، عن أن مختلف الأطراف لا تريد الدخول في مواجهات عسكرية واسعة، من دون الامتناع عن مبادرات عسكرية من الطرفين لتحسين موقفهما، وفق تكتيك إدارة “المعركة بين الحروب”. وتوقعنا على صعيد جبهة غزة ان يتم العودة الى “الردود العنيفة”، دون اللجوء الى خيار المواجهة المفتوحة والذي قد يؤدي الى خروج الاوضاع عن السيطرة وانضمام الجبهات الاخرى الى القتال، وعلى رغم ان الجبهة الفلسطينية محكومة بقدر “مضبوط من التصعيد” لا يستطيع نتنياهو أن يتخطاه، مع عدم إسقاط احتمال أن تقوم حكومة الاحتلال بتوجيه “ضربة عسكرية” لاستعادة الردع، خصوصاً بعد انتهاء شهر رمضان.

ولقد جاء القرار الإسرائيلي الرسمي بالعودة الى سياسة الاغتيالات في قطاع غزة، ارتبط بموجة التصعيد الاخيرة بعد استشهاد خضر عدنان، وما اعقبها من تراشق صاروخي، لم ترضي الكثير من السياسيين الاسرائيليين، الذين طالبوا بالعودة إلى سياسة الاغتيالات، لاستعادة “قوة الردع” الاسرائيلية، التي تضررت نتيجة سياسات حكومة اليمين والشرخ الذي احدثته في المجتمع الإسرائيلي نتيجة خطة الاصلاح القضائي والتي استوجبت الردود الجماهيرية الواسع عليها، والتي شجعت إيران وحلفائها في المنطقة على توجيه ضربات لإسرائيل، وهو ما ادى الى ازدياد الضغوط على الجيش، لاخذ زمام المبادرة لاستعادة “الردع المفقود” من خلال عملية عسكرية نوعية محدودة ومحسوبة النتائج.

وبادر جيش الاحتلال الى تنفيذ عملية اغتيال لثلاثة من قادة الجناح العسكري لحركة الجهاد الاسلامي، ووفق المعلومات فقد تم اتخاذ قرار العملية، خلال اجتماع نتنياهو ويوآف غالانت مع قادة الجيش والأجهزة الأمنية يوم الجمعة الماضي، وتم تحديد يوم (الأحد) للتنفيذ، لكن أحوال الطقس وتحركات القادة الثلاثة لم تساعد، فتقرر التأجيل. وتم رصد تحركاتهم طيلة 48 ساعة، بدقة حتى موعد التنفيذ.

ونجحت اسرائيل في تنفيذ عملية اغتيال ثلاثة من قادة الجناح العسكري لحركة الجهاد الاسلامي في قطاع غزة وهم : جهاد غنام أمين سر المجلس العسكري في سرايا القدس وقائد اللواء بالإنابة في قطاع غزة، القائد خليل صلاح البهتيني، عضو المجلس العسكري وقائد المنطقة الشمالية في سرايا القدس ، وطارق عز الدين عضو المكتب السياسي لحركة الجهاد الإسلامي. اضافة الى تدمير مواقع إنتاج الأسلحة والصواريخ في خان يونس، وموقع كان يستخدم لإنتاج مكونات خرسانية تستخدم لبناء أنفاق.

يذكر ان بنيامين نتنياهو ادعى انه لم يطلع الكابينيت على تفاصيل العملية قبل تنفيذها بحجة انه كان متخوف من التسريبات، وخصوصا من بن غفير، الا ان التقديرات تشير الى انه أراد انهاء ازمة الائتلاف الحكومة، بعد مقاطعة بن غفير اجتماعات الحكومة، وهو الامر الذي هدد استقرار الائتلاف الحكومي اليميني. وسعى نتنياهو ايضا الى ترميم صورته الامنية التي تضررت كثيرا مؤخرا ما ادى الى تراجعه بشكل كبير في استطلاعات الرأي وخاصة امام بيني غانتس والمعارضة.

وفي اعقاب العملية أجري وزير الدفاع، يوآف غالانت، جلسة تقييم مع رئيس الأركان اللواء هرسي هاليفي، رئيس الموساد دادي برنيع ، رئيس الشاباك رونان بار ، رئيس قسم عمليات جيش الدفاع اللواء عوديد باسيوك ، قائد الجيش ، اللواء أهارون هاليفا ، رئيس قسم الإستراتيجية، اللواء تال كالمان ، اللواء رسان عليان من القوات الخاصة وغيرهم من كبار المسؤولين.

واختتم وزير الدفاع يوآف غالانت محادثات مع رؤساء مستوطنات قطاع غزة، وأطلعهم على تفاصيل النشاط العملياتي، وأكد أن النظام الأمني جاهز للتعامل مع احتياجات السكان. وتحدث مع رئيس بلدية سديروت ألون دافيدي ، عمدة عسقلان – تومر غلام ، رئيس بلدية نتيفوت -يحيئيل زوهار ، رئيس بلدية أوفاكيم – إيتسيك دانينو ، رئيس بلدية أشدود – يحيئيل ليسري ، رئيس مجلس إشكول الإقليمي – غادي يركوني ، رئيس المجلس الإقليمي سدوت نيجيف – تامر عيدان، رئيس المجلس الإقليمي لشاطئ أشكلون – إيتمار رابيفو ، رئيس شاعر هنيغف المجلس الإقليمي – أوفير ليبشتاين ورئيس المجلس الإقليمي ميرحافيم  شاي حاج.

ومنح المجلس الوزاري المصغر “الكابنيت” رئيس الحكومة ووزير الجيش صلاحية الاستمرار في استهداف حركة الجهاد. وقال مسؤول كبير بعد اجتماع “الكابينت المصغر”: “نحن على استعداد للاستمرار – العملية مخططة وموجهة ضد الجهاد”.

واستفادت المؤسسة الأمنية الاسرائيلية من تأخير الرد، بتعزيز استعداداتهم للمواجهة، حيث تم استدعاء الاحتياط، والبدء في خطة إجلاء السكان في مستوطنات غلاف غزة، ورفع جاهزية القبة الحددية. اعلنت الجبهة الداخلية ايقاف الحركة والنشاطات والاجتماعات والدراسة الجامعية والمدرسية على مسافة ٤٠ كيلومترا من قطاع غزة مع تغيير حركة الطيران من مطار اللد واغلاق الشواطئ  في مدن الجنوب وايقاف شبه تام لحركة القطارات والسماح فقط بحركة العمال بشرط توافر مناطق وملاجئ آمنة في مناطق عملهم.

خريطة: المناطق التي سيتم إغلاقها هي جميع طرق الوصول الزراعية غرب طريق 232.

وبينما توقعت الاوساط الامنية الاسرائيلية ان رد المقاومة على عملية الاغتيال هو فقط مسألة وقت، الى أنهم اعتبروا أن تأخر الرد جاء بسبب “الصدمة” التي تعرضت لها حركة الجهاد وحالة الفوضى في صفوفها، او انه قد جاء في سياق تكتيك “الغموض البناء” الذي يستهدف ممارسة الضغوط على الشارع الاسرائيلي، من خلال اطالة امد الترقب والانتظار، وتعطيل الحياة العامة في غلاف غزة، وفرض اغلاق شامل على حركة السكان الذين اضطر الالاف منهم الى مغادرتها الى وسط البلاد.

ووفق التقديرات الاستخبارية فان حركة الجهاد الاسلامي تحاول القيام بالمبادرة الى تنفيذ هجوم كبير، سواء بمفردها او بالتنسيق مع حركة حماس وحزب الله، لتنفيذ رد يشمل جميع الجبهات، الا ان المعطيات الميدانية تشير الى ان “رد المقاومة” سيكون محدودا ، خاصة في ضوء توجهات حركة حماس.

وتطرقت إجتماعات المجلس الوزاري المصغر “الكابينيت”، الى أن حماس تواجه مأزق معقد، فهي من جهة غير معنية الدخول في مواجهة مفتوحة وترغب ان تبقى خارج الصراع،  ولكنها لا تستطيع أن تترك الجهاد بمفرده في الميدان، فالمعطيات الميدانية قد تضغط على حركة حماس وتفرض عليها الدخول في المعركة، وان كان الامر بصورة رمزية فقط. ولذلك فقد تحركت الجهود الدبلوماسية لاقناع حركة حماس بعدم الرد لان ذلك من شأنه ان يؤدي الى المواجهة المفتوحة، لكن حتى الآن لا يمكن الجزم بالنجاح بذلك.

وفي المقابل تشير التقديرات الاسرائيلية ان الضغوط الإيرانية ستتزايد على الحركة وقد تؤدي الى زيادة الخلافات بين قيادات حركة حماس،  فقادة حماس في غزة لديهم ما يخسرونه في حالة الدخول في مواجهة عسكرية مع إسرائيل، وفي المقابل تضغط قيادات حماس في الخارج، الذين يدعمون التعاون مع إيران ويدفعون لإنشاء “تحالف دفاعي” بين جميع المنظمات تحت رعايتهم – على حماس غزة للانضمام إلى الرد المتوقع.

ويبدو أن اسرائيل تسعى للفصل بين الساحات وتعزيز الخلافات بين حماس والجهاد الاسلامي، من خلال مساعدة حماس على إدارة قطاع غزة وفق مفهوم “السلام الاقتصادي”، والسماح لآلاف العمال من غزة بالعمل في الداخل، وتسهيل دخول الأموال القطرية واستمرار المشاريع المصرية مع تجنب استهداف قيادات حماس ومقراتها، وفي نفس الوقت استهداف قيادات حركة الجهاد الإسلامي، وهو ما سيعزز حالة الغضب ضد الحركة وسيؤثر بصورة كبيرة على شعبيتها في الشارع الفلسطيني.

الاحتمالات :

الاحتمال الاول: مبادرة الجهاد وحماس والغرفة المشتركة بالبدء في تنفيذ هجمات صاروخية شاملة ومكثفة تستهدف العمق الاسرائيلي، والتوجه الى مواجهة شاملة قد تؤدي الى دخول حزب الله في المواجهة من الجبهة الشمالية. وهذا الخيار سيؤدي الى استخدام اسرائيل قوتها العسكرية القصوى، باعتبار انها ستكون في “حرب وجودية”، وبالطبع سيكون قطاع غزة صاحب النصيب الاكبر من التدمير، ولذلك فإن هذا الخيار غير مفضل لدى حركة حماس.

الاحتمال الثاني: توصل الجهاد الاسلامي وحماس الى تفاهمات يتم بموجبها بتقديم حركة حماس كافة اشكال الدعم لحركة الجهاد الاسلامي بصورة “غير مباشرة”، وقيام حركة الجهاد بتنفيذ هجمات صاروخية في اطار مواجهة محدودة لعدة ايام، ما يضمن تجنب الانجرار الى مواجهة مفتوحة وشاملة سيكون لها أثار تدميرية على قطاع غزة. وهذا الخيار يبدو هو الافضل لجميع الاطراف، خاصة وان تأخير الرد من قبل الجهاد الاسلامي يأتي مدفوعاً بالرغبة في التوصل الى تفاهمات ترضي الجميع وتحقق المصالح المشتركة لكل الاطراف.

الاحتمال الثالث: حركة حماس تترك الجهاد الاسلامي وحيدا في المواجهة مع اسرائيل التي ستصعد هجماتها العسكرية ضد اهداف وقيادات حركة الجهاد بصورة تؤدي الى تدمير الكثير من مقومات الحركة في قطاع غزة، هذا الخيار يتناسب مع الخط الاستراتيجي العام الذي تتبناه الحكومة الاسرائيلية والذي يؤكد على “الفصل بين الساحات”، وتعزيز الخلافات بين حماس والجهاد الاسلامي، هذا الخيار سيؤدي الى فقدان حركة حماس الكثير من شعبيتها في صفوف الشعب الفلسطيني، وسيفقدها تحالفها مع إيران.

خلاصة الامر ، تشير التقديرات الاستخبارية الى ان قطاع غزة يتجه الى مواجهة محدودة لعدة ايام ، فالاعتبارات الدولية والاقليمية لا ترغب في التوجه الى خيار المواجهة المفتوحة في قطاع غزة، والتي ستنعكس حتما وتعرقل مخططات جيوسياسية يجري تمريرها منذ عدة سنوات.

اقرأ أيضاً: الشهيد المحرر طارق عز الدين والوفاء للمعتقلين

Exit mobile version