ازدادت معاناة المواطنين في قطاع غزة بتوفير المياه بعد اجتياح الاحتلال الإسرائيلي مدينة رفح جنوب القطاع، إذا يواجه المواطنين أزمة متعددة الأوجه بسبب شح المياه خاصة مع ارتفاع درجات الحرارة والنزوح المتكرر.
وأرغم النازحون خاصة الأطفال والنساء وكبار السن، إلى حمل جالونات المياه والتوجه إلى مسافات بعيدة للحصول على المياه الحلوة، فيما قرر البعض الاعتماد على مياه البحر لتسيير حياتهم في ظل استمرار الحرب الإسرائيلية.
ودمر الاحتلال الإسرائيلي خلال عدوانه على غزة، أكثر من 70 بالمئة من البنية التحتية في القطاع الذي يقطنه 2.3 مليون نسمة.
الاعتماد على مياه البحر
“مش قادرة أوفر سعر المياه بشكل يومي للحصول عليها، فقررت مع عيلتي الاعتماد على مية البحر لاستخدامها في غسل أواني الطهي والملابس، وبقاء المياه الحلوة للطبخ والشرب والاستحمام”، هذا ما قالته النازحة رنا عبدو عن معاناتها في الحصول على المياه.
تقول عبدو التي عاشت النزوح القسري للمرة الخامسة ل”شبكة مصدر الإخبارية“؛ “أنا المعيلة لأسرتي بعد نزوحنا للجنوب بدون زوجي الذي يتواجد في مصر حاليًا، حاليًا أنا بوفر احتياجات أولادي الأربعة وحماتي، بس هلقيت مش قادرة أوفر بسبب المصاريف ولم أعد قادرة جسديًا حمل الجالونات للحصول على المياه”.
وتُشير الثلاثينية إلى أن أزمة المياه لا تنتهي بدأت منذ بداية الحرب على غزة، خاصة بعد نزوحنا أكثر من مرة.
وتردف أنّها تشتري جالون المياه الحلوة بأربعة شواكل يوميًا، موضحًة أنها تضطر إلى تقليص استخدامها لحين توزيع المؤسسات مياه مجانية في المناطق التي تتواجد فيها الخيام، لكنها لا تكفي للنازحين.
ويعتمد النازحون في غزة على محطات تحلية مياه البحر، وإمدادات المياه من “إسرائيل” لكن في ظل حرب الإبادة الجماعية دمرت عدد من المحطات وخطوط إمدادات المياه إلى القطاع.
انتظار المياه تحت أشعة الشمس
في طابور طويل مزدحم يقف الطفل يونس سالم “13 عامًا” من أجل الحصول على المياه المحلاة لنقلها إلى خيمتهم على شاطئ بحر دير البلح وسط قطاع غزة.
ويضطر الطفل سالم مع شقيقته مريم “14 عامًا” الانتظار ساعات تحت أشعة الشمس حاملين في أياديهم الصغيرة عبور مركبات المياه المجانية، من أجل التخفيف عن والدهم تكاليف سعرها يوميًا، خاصة تضاعف احتياجهم لها في فصل الصيف.
يقول يونس: “كل يوم بمشي مسافات بعيدة عشان أوفر المية لعيلتي بس مش قادر أحمل الجالونات مع أختي ايدينا انكسرت وظهورنا كمان، صرنا ننام زي الأموات مع التعب خاصة لما ناخد ضربة شمس”.
ويضيف: “الحرب أتعبتنا كتير أنا صرت أجري عشان أجيب المية، في الوقت نفسه المفروض أجري إلى المدرسة وألعب مع أصحابي، انحرمنا من كل شي صرنا نتحمل كل شي غصب عنا”.
مياه البحر أنقذتنا
في ساعات الصباح الباكر يجمع الأربعيني محمد الجمل جالونات المياه للذهاب إلى البحر لتعبئتها لعائلته المكونة من ثمانية أفراد.
وعن سبب استخدام مياه البحر بدلًا من المحلاة، يقول الجمل: “اضطريت استخدمها لتسيير حياتنا اليومية من تنظيف وغسل ملابس وأواني طهي لعدم مقدرتي شراء مياه محلاه يوميًا بسبب الظروف الراهنة”.
ويُردف أنّ مياه البحر أنقذتهم بشكل كبير من المصاريف اليومية، لأنها لا تكفي للعائلة خاصة مع ارتفاع درجات الحرارة.
وبسبب انقطاع التيار الكهربائي اضطرت مصلحة مياه الساحل إلى الاعتماد بشكل رئيسي على مولدات الطاقة لتشغيل جميع مرافق المياه والصرف الصحي، بهدف توفير المياه الصالحة للاستخدام الآدمي، وتجميع المياه العادمة والتخلص منها.
ولم تسمح إسرائيل منذ اندلاع الحرب على قطاع غ بإدخال مولدات لتوليد الكهرباء وقطع غيار، بالإضافة إلى قطع إمدادات الكهرباء وأوقفت توريد المحروقات وقصفت بشكل متكرر ألواح الطاقة البديلة على أسطح المنازل والمؤسسات.