يطفو على السطح قضايا النصب والاحتيال في قطاع غزة من وقت لأخر عبر وسائل التسوق الهرمي، وتشغيل أموال المواطنين بتداول العملات الرقمية، أو في مشاريع وهمية، في أساليب تسببت بخسارة ملايين الدولارات.
وتفجرت أولى قضايا النصب والاحتيال في قطاع غزة في عام 2008، تحت مسمى قضية “الروبي والكردي، عقب خسارة آلاف المواطنين ملايين الدولارات في “تجارة الأنفاق” الرابطة بين القطاع وجمهورية مصر العربية، وكان يتوهم المواطنون أن أموالهم تستثمر في تلك التجارة، ويحصلون مقابلها على أرباح، لكن الحقيقة كانت خلاف ذلك.
ومع اتجاه العالم نحو التكنولوجيا، طفت في العالم العربي، أساليب النصب بالتسوق الهرمي، وكان قطاع غزة أحدها، مع انتشار تطبيقات الربح السريع عبر الإنترنت خلال العامين 2021و2022، وأبرزها تطبيق cafe24، أحد التطبيقات التي جمعة ملايين الدولارات من المواطنين في غزة بذريعة استثمارها وتحقيق الأرباح من خلالها، ليختفي بعد وقت قصير فجأة.
ورغم تحذيرات وزارة الاقتصاد الوطني المتكررة، من أساليب الاحتيال عبر الانترنت لكن المواطنين في قطاع غزة لم ينجحوا بتجنب عمليات النصب والاحتيال التي كانت دائماً تتغلغل إلى أوساطهم تحت مسميات جديدة.
وكان أخر، النماذج قضية أعمال شركة تكنو إليت ميديا للتدريب والاستثمار التكنولوجي، واحتيالها على المواطنين بمبالغ تقدر بملايين الدولارات، ما استدعى تدخل الجهات القانونية ممثلة بالنيابة العامة بعد وردود الكثير من الشكاوى من المواطنين.
ويقول مواطنون، إن “تكنو إليت صورت نفسها لهم بأنها شركة تستثمر في المجال الالكتروني وتداول العملات وإنها تحظى بشرعية على أرض الواقع تستند إلى وجود مكتب رسمي لها في قطاع غزة وموقع رسمي على الويب”.
ويزعم موقع الشركة على الانترنت” تحقيق 4415 قصة نجاح، وعقدها 75 مؤتمراً بالشراكة مع عدد من الجامعات الفلسطينية، وتقديمها 24 خدمة مميزة، وعقدها شراكات واتفاقات مع 20 مؤسسة محلية ودولية، وتعاملها مع 16142 مشتركاً وعميلاً”.
جميع البيانات المذكورة أعلاه كانت كفيلة بجذب عقل أي شخص في قطاع غزة مع نسبة أرباح تصل إلى 30% وفقاً لما يقوله المواطن محمد (ك) فضل عدم ذكر إسمه بالكامل.
وأضاف محمد، إنه “وضع 2000 دولار أمريكي في تكنو إليت على أمل تنميتها بعد إبلاغه من قبل العديد من أصدقاءه بأنهم حصلوا على العديد من الأرباح بعد استثمارهم في الشركة وحصولهم على عوائد مرضية”.
وأشار إلى أن “الانتشار السريع لنشاطات الشركة منذ العام 2021 وصولاً إلى وقف إعلان إغلاقها في شهر نيسان (أبريل) 2023 وحديث المواطنين الواسع عنها أوقع الكثيرين في فخها”.
ونوه إلى أن “الشركة كانت تتيح للعملاء الاشتراك بتسع باقات تبدأ من 1000 دولار إلى مليون دولار بنسبة ربح شهري من 30 دولار إلى 1500دولار وفقاً لما هو معلن عبر موقعها الالكتروني”.
واكد أنه “يتابع عن كثب إجراءات النيابة العامة في القضية”. معبراً عن أمله بأن تعود الحقوق لأصحابها خاصة وأن الكثير منهم باعوا ممتلكاتهم للاستثمار في الشركة.
وأعلنت النيابة العامة في قطاع غزة عن إغلاق شركة تكنو إليت ومصادرة وضبط جميع ممتلكاتها والسيطرة على السيفرات والموقع الالكتروني.
وقالت النيابة في أخر تحقيقاتها إنها ضبط أموالاً منقولة وغير منقولة بقيمة 2,692,278 مليون دولار.
وبلغ عدد ضحايا الشركة وفقاً للنيابة العامة 5932 شخصاً حوالي 366 شخصاً نجحو باسترداد أموالهم من إجمالي رأس مال مودع يصل إلى 17,600,000 مليون دولار تقريباً.
ووفقاً للنيابة العامة بلغ عدد المواطنين الذين استحصلوا على مبالغ مالية تزيد عن رأس مالهم المودع (1102 شخص)، حيث بلغت قيمة الزيادة (5,708,000) دولار تقريباً.
وتعقيباً على الأمر، أرجع المختص الاقتصادي محمد أبو جياب، وقوع سكان القطاع ضحية لقضايا النصب والاحتيال تحت مسميات الربح الرقمي من تداول العملات أو تطبيقاتها من استخدام كثير من “المحتالين” لمسميات سليمة ومعتمدة عالمياً.
وقال أبو جياب في تصريح لمصدر الإخبارية إن “هناك خلط كبير بين أساليب الاحتيال والتجارة الالكترونية السليمة، ميناً أن الأخيرة عبارة عن شراء منتج ملموس ومعروف المصدر والسعر.
وأضاف أن المواطنين للأسف لم يستفيدوا من الدروس والتجارب السابقة وفي كل مرة يقعون ضحية الطمع والجشع.
وأشار إلى أن نموذج تكنو إليت أوقع الكثير من المشاكل بين أبناء الأسر الواحدة والأقارب كونه كان قائماً ونشطاً بين الأصدقاء وأفراد العائلات.
وأكد على أن اللوم الأكبر يقع على المواطنين لعدم بحثهم عن تفاصيل هذه الأعمال، وسعيهم فقط لتحقيق الأرباح، بناءً على استماعهم لأكاذيب وأوهام.
وشدد على أن ابتعاد سكان عن التجارة الالكترونية السليمة رغم أمنها وانتشارها في جميع بلدان العالم، أن أرباحها بسيطة ومحدودة.
اقرأ أيضاً: النيابة العامة بغزة تكشف نتائج التحقيقات في قضية شركة تكنو إليت