الاقتصاد مقابل الأمن: خطة إسرائيلية مستحيلة بغزة لافتقارها للبعد السياسي
تقرير صلاح أبو حنيدق- مصدر الإخبارية:
أعلن وزير خارجية الاحتلال الإسرائيلي يائير لابيد عن خطة إسرائيلية جديدة وضعتها وزارته من أجل قطاع غزة تحت عنوان “الاقتصاد مقابل الأمن”، لكن يسود هذه الخطة العديد من التساؤلات حول إمكانية تطبيقها على أرض الواقع، ومدى استفادة الفلسطينيين منها في ظل تركيزها على الشق الأمني بدلاً من السياسي.
ويقول خبراء اقتصاديون لشبكة مصدر الإخبارية، إنه لا يمكن تنفيذ هذه الخطة الاقتصادية لافتقارها للشق السياسي والطابع الرسمي، وربطها بالاستقرار الأمني بعيداً عن عملية سياسية متكاملة تنهي الاحتلال وسيطرته الاقتصاد الفلسطيني.
خطة الاقتصاد مقابل بالأمن تربط الأمن بالسياسة
ويقول الاقتصادي أسامة نوفل إن خطة لا بيد لم تصدر رسمياً عن الحكومة الإسرائيلية بل كانت بمؤتمر عام وتأتي ضمن سياق تسويق الاحتلال بأنه ماض بالتخفيف عن قطاع غزة ورفع الحصار من خلال ربط العملية بالأمن وليس السياسة، وهو ما يضع نقاط سوداء عليها ويبرز خطورتها ويدفع نحو رفضها بشكل كامل من الكل الفلسطيني.
ويضيف نوفل لمصدر أن خطورة الخطة تنبع من آليات التنفيذ على مراحل من خلال تطبيق مرحلة والانتقال للمرحلة الثانية مقابل الأمن دون التطرق لإنهاء الحصار الشامل على قطاع غزة.
تعزز الانقسام
ويشير إلى أن الخطة تتحدث عن دولة فلسطينية مترامية الأطراف وسلخ الضفة الغربية عن قطاع غزة دون الحديث عن وحدة اقتصادية وجغرافية بين شطري الوطن الواحد، بهدف تكريس واقع الانقسام، وتطبيق رؤية سابقة للاحتلال بفصل الضفة عن غزة وهو ما له بعد اقتصادي كبير جداً .
ويلف إلى أن الاحتلال لا يقدم بالخطة أي تعهدات رسمية لتوفير الرفاهية الاقتصادية التي يروج لها، لاسيما وأنه تعهد في كثير من المرات السابقة بتحسين الأوضاع الإنسانية والاقتصادية وعاد لتطبيق سياسات الحصار.
تعهدات دولية
وأكد نوفل أن المطلوب هو إطلاق عملية سياسية واقتصادية متكاملة تحفظ الحقوق الفلسطينية بالدولة المستقلة ضمن تعهدات دولية ملزمة لإسرائيل وتحفظ الوحدة الاقتصادية والجغرافية بين غزة والضفة الغربية، وحركة تبادل وتنقل السلع والبضائع والأفراد عبر المعابر، بما يؤدي لحل نهائي للقضية وليس الحفاظ على الأمن لإسرائيل.
تبقي على العداء مع حماس
بدوره، يقول المحلل عمر شعبان إن الخطة ليست بالجديدة وطرحت سابقاً بشكل جزئي وتفتقر للشق السياسي مما يضع صوبة بالغة في تطبيقها في الوضع الحالي كونها لا تقدم أي ضمانات للتنفيذ.
ويضيف شعبان في تصريح لشبكة مصدر الإخبارية، إن مثل هذه الخطط يحتاج لإرادة دولية وسياق سياسي يتضمن تنفيذ المصالحة الفلسطينية وعودة المفاوضات مع الاحتلال. ويتابع” أن الخطة غير متكاملة وينقصها الكثير فيما يتعلق بالتفاصيل والضمانات ودور المؤسسات الدولية والتمويل”.
ويشير شعبان إلى أن الخطة لا تنهي حالة العداء بين إسرائيل وحماس مما يمنع تطبيق كثير من بنودها.
ويؤكد على ضرورة وجودة وحدة فلسطينية لتطبيق أي خطة مع الاحتلال بما يتيح وجود شريك معترف به من الجميع ومقبول التعامل معه، مشدداً أنه لا يمكن تطبيق مشاريع دولية كبرى دون وجود استقرار سياسي وتصعيد للأوضاع العسكرية من وقت لأخر.
الحلول الأمنية لا تنهي الاحتلال
من جهته يقول الاقتصادي سمير أبو مدللة، إن الاحتلال يحاول دوماً خنق وتدمير الاقتصاد الفلسطيني بمعنى أن الحلول التي يقدمها هي أمنية أكثر من كونها اقتصادية تكون عنوانها للتدهور في شتى القطاعات الحياتية.
ويضيف أبو مدللة في تصريح لشبكة مصدر الإخبارية، أن عنوان التدهور الاقتصادي في الضفة والقطاع هو الاحتلال وسياساته القائمة على السيطرة المعابر والموارد الفلسطينية والتوسع الاستيطاني والحروب المتكررة على غزة.
ويوضح أبو مدللة أن هذه الطروحات الأمنية مقابل الهدوء ليست جديدة بدأت بالحديث عن السلام الاقتصادي والتي لا تحدث تنمية اقتصادية على المدى البعيد ويمكن أن تعمل على تحسين الأوضاع على لمدة قصيرة.
ويشير إلى عنوان التدهور والخلل بالضفة وغزة هو الاحتلال واتفاق باريس المقيد للأوضاع الاقتصادية، مبيناً أن الاحتلال يسيطر على 35% من أراضي غلاف غزة بحجة الأمن ويحرم سكانها من استغلالها والاستفادة منها.
ويؤكد أبو مدللة أن الأولى أن يطبق الاحتلال الاتفاقات السابقة التي تنص على السيطرة الفلسطينية على المعابر وتوسيع مساحة الصيد وحركة استغلال الموارد بكافة المناطق المحتلة، مشدداً أن الحلول الاقتصادية المرتبطة بالأمن دون السياسة لن تجدي نفعاً كون يمكن أن تتغير في أي لحظة والتراجع عنها.
وينوه إلى أن الشعب الفلسطيني يرفض أن يقايض بحقوقه السياسية مقابل الحلول الاقتصادية التي ” لا ثمن ولا تغني من جوع”.
تفاصيل خطة الاقتصاد مقابل الأمن
وتشمل خطة لا بيد الاقتصادية بالمرحلة الأولى إعادة تأهيل إنساني متطورة لغزة مقابل جهد منسق ضد الحشد العسكري لحركة حماس، وإصلاح نظام الكهرباء، وتوصيل الغاز، وبناء خطة لتحلية المياه، وإدخال تحسينات كبيرة على الصحة.
كما تتضمن تحسين نظام الرعاية وإعادة بناء البنية التحتية للإسكان والنقل، مقابل التزام حماس بهدوء طويل الأمد مع دور للمجتمع الدولي من خلال نفوذه على حماس للمساعدة في الجهود المبذولة لمنعها من تسليح نفسها عبر منع التهريب ووضع آلية رقابة اقتصادية لمنع وصول الموارد إليها.
وبدون آليات الرقابة لن توافق إسرائيل والمجتمع الدولي على استثمار الأموال اللازمة في غزة، وأي خرق من قبل حماس سيوقف العملية أو يعيقها، وحال تم وقف الإرهاب في المرحلة الأولى، ستحتفظ إسرائيل بالسيطرة على إمدادات الكهرباء والمياه لغزة.
وتنص الخطة على عدم السماح باستقلال كامل الطاقة لغزة إلا مقابل هدوء طويل الأمد فقط، على أن تكون السلطة الفلسطينية جزءًا من العملية، وستعود إلى كونها السلطة المسؤولة عن المعابر، مع دراسة خيار إعادة فتح معبر كارني، واحتفاظ مصر بإدارة معبر رفح.
المرحلة الثانية من خطة الاقتصاد مقابل الأمن
أما المرحلة الثانية من الخطة فتنص على وضع خطة اقتصادية كاملة للأمن والتي ستظهر كيف يمكن أن يبدو مستقبل غزة إذا قبلت حماس بمبادئ الرباعية، وفي ظل هذه الظروف، سيتغير اقتصاد غزة كليًا، وستبدو الحياة فيها مختلفة تمامًا.
كما تنص على حصول سكان غزة والمجتمع الدولي على خطة عملية وشاملة لإظهار كيف ستبدو الحياة في غزة إذا وعندما يتوقف الحشد العسكري، يتم استعادة الهدوء، ويتم وضع الاقتصاد من أجل الإطار الأمني موضع التنفيذ.
وكجزء من المرحلة الثانية، سيتم تطوير مشروع الجزيرة الاصطناعية قبالة ساحل غزة، ما يسمح ببناء ميناء، وبناء وصلة مواصلات بين قطاع غزة والضفة الغربية، وتعزيز الاستثمار الدولي داخل القطاع والمشاريع الاقتصادية المشتركة مع إسرائيل ومصر والسلطة الفلسطينية، وإنشاء مناطق صناعية وتوظيفية بالقرب من معبر إيرز.
ويتولى إدارة هذه الاستثمارات الدول المانحة بما في ذلك الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة، بالإضافة إلى صندوق النقد الدولي والبنك الدولي، وتنضم إليهما دول خليجية وعربية، وتكون السلطة الفلسطينية الهيئة المركزية التي تعمل على دفع هذه المشاريع المختلفة، وتعطي الإدارة الاقتصادية والمدنية لقطاع غزة.