حياة الخيام بغزة.. وجه آخر للموت البطيء

خاصمصدر الإخبارية

ماما غطيني بكمان بطانية الثلاثة ما بكفوني، أصابعي كالثلج رح أموت من البرد، دخلت هذه الكلمات من الطفلة حلا “5 سنواتوالدتها مريم أحمد كالسكين في قلبها، بعد تعثر محاولاتها كافة لتدفئتها.

تعيش مريم أحمد “35 عامًاوهي أم لأربعة أطفال، داخل خيمة من النايلون والخشب على شاطئ بحر دير البلح وسط قطاع غزة، بعد أن نزحت من منزلها في حي النصر غرب القطاع بسبب العدوان الإسرائيلي على غزة منذ السابع من أكتوبر 2023 الماضي.

تقول الثلاثينية لشبكة مصدر الإخبارية“: “كل يوم أحاول تدفئة أطفال سواء بسحب الأغطية عني ووضعها عليهم أو أضع أيديهم بالقرب من فمي ولعب الرياضة ولكن سرعان ما يتوقف مجرد التوقف.

المعاناة لا تتوقف

تصف أم نادر الحياة في الخيم كالجهنمبسبب البرد القارس خاصة ساعات الليل، وعدم القدرة على اشتعال الفحم أو الحطب داخل الخيمة خوفًا من حدوث حريق خاصة أنّ أطفال حركتهم مُفرطة.

لا تقف المعاناة فقط داخل الخيمة على البرد، بل هناك أشياء عدّة منها الانتظار الطويل من أجل دخول الحمام، والمرض، وعدم أخذ راحتهم في الحديث مع زوجها الذي يسمعها المواطنين المحيطين بجانب خيمتها.

تردف مريم أنّها أنها عانت الأمرين داخل وخارج الخيمة، قائلة: “أُصيب أطفال بنزلة معوية ولم يتوقف الاستفراغ والاسهال خمس دقائق وعند العودة إلى الحمام لازم استنا نصف ساعة أو أكثر بسبب الطابور ووجود حمام واحد فقط للخيام“.

وتضيف: “حتى لو دخلت الحمام ما بخلوني الناس أكثر من خمس دقائق داخل الحمام، هاد الحال مش عليا لحالي بل على جميع الأمهات، بضطر أخلي أولادي يعملوها على حالهم لأني مش قادرة ألاقي حل لالهم“.

وتتابعأنا بعيش في مأساة ومش لحالي للأسف هاد اللي مهوّن عليا هاي الحياة التي انفرضت علينا جميعًا، مضيفًة: “تصدقي نفسي أشوف الحمام والدوش ونتحمم زي العالم والناس“.

وتأمل مريم بأنّ تنتهي الحرب من أجل عودتهم إلى منزلهم الذي لم يعلموا بأنه قصف أم بقي على حاله، والعودة لحياتهم الطبيعية.

محاولات العيش رغم مرارة العيش

أما خالد صالح فهو الآخر أب لستة أولاد، يعيش داخل خيمة في حل تل السلطان غربي مدينة رفح جنوب قطاع غزة، لم تختلف معاناته كثيرًا عن مريم.

يصف الأربعيني الحياة في الخيمة كالسجين الذي حُكم عليهِ بالإعدامالذي يُعافر من أجل الدفاع عن نفسه ولكن عبث لا أحد يسمعهُ.

يقول لشبكة مصدر الإخبارية“: “لأول مرة كنت أدعي ما يكون في منخفضات جوية عشان مياه الشتاء أغرقت خيامنا وملابسنا وأغطيتنا كان وقتها صعب علينا ومش عارف تنقذ حالك ولا غيرك“.

ويضيف أنّلم تقف المعاناة بس على إغراق الخيام وكمان لما تطلع بدك تستخدم الحمام ومياه الشتاء تنزل علينا ساعة وأكثر قدامك 30 شابًا ومن وراك نفس العدد، بطلع بحسره وبقول إلى أي حال وصلنا ومتى حيتوقف“.

ويتابع ساخطًا أنّه أُصيب بسبب التلوث وعدم الاستحمام كما كان مُسبقًا بالكبد الوبائي، فالمرض أيضًا بحاجة إلى عناية خاصة منها النظافة والطعام، ولكنه لم يستطع وبدأ يزداد على وجهه وعيناه اللون الأصفر الغامق.

رغم مرارة العيش داخل الخيام، إلا أنه يُكافح من أجل توفير لقمة العيش لعائلته حاله كحال النازحين.