النزوح من عين الحلوة.. مؤامرة تستهدف الوجود الفلسطيني في لبنان

خاص مصدر الإخبارية – أسعد البيروتي
على الرغم من أن اشتباكات مخيم عين الحلوة وضعت أوزراها إلا أن الأمور لا تزال على صفيح ساخن في ظل عدم تسليم قتلة اللواء أشرف العرموشي إلى السلطات اللبنانية المختصة.
لكن الذي لم تُظهره الكاميرات أو عدسات الفضائيات العربية الشهيرة، هو حالة السكينة والهدوء التي عاشتها المناطق المجاورة في مدينة صيدا اللبنانية، فما هي تلك المناطق ومن يُسيطر عليها وما السبب في ذلك.
“الزيب، عنقة، المنشية، وحي صفورية” وأحياء أخرى، لم تطالها نيران المتشددين والجماعات التكفيرية وغيرهم، وكانت ملاذًا آمنًا لأهل مخيم عين الحلوة الذين أووا إليها ومثّلت لهم أملًا وصدرًا حنونًا يأمنون فيه على أنفسهم وأطفالهم.
كانت الحياة في المناطق سالفة الذكر تسير بشكلٍ طبيعي، إلا أن أسواقها كانت تفتقد إلى زوارها الرازخين تحت النيران العبثية التي خطفت أرواحًا استبسلت بالدفاع عن المخيم وأهله.
أحياء سكنية بكاملها يُشرف عليها تيار الإصلاح الديمقراطي حافظت على نفسها ورفضت الانسياق وراء مهاترات فارغة واشتباكات ملعونة هدفها تهجير سكان المخيمات الفلسطينية جنوب لبنان.
اشتباكات يتجدد صداها بين الحِين والآخر، والخاسر الوحيد هو اللاجئ الفلسطيني الذي هُجر مرةً نتيجة الفاشية الصهيونية وهُجر أخرى نتيجة مؤامرات من هنا وهناك.
في السياق نشرت قناة الغد الفضائية تقريرًا يرصد الأجواء العامة في المخيمات الفلسطينية عدا التي شهدت الاشتباكات خلال الأيام الماضية، وقد بدأ الأهالي يعيشون حالةً من الطمأنينة والسَكينة بعيدًا عن جحيم الحرب وأزيز الرصاص.
وجاء في التقرير الذي أعدته الزميلة حنان عيسى أن “أحياء كثيرة في مخيم عين الحلوة ضلت بعيدةً عن مرمى النيران ولم يُغادرها سُكانها طيلة فترة الاشتباكات”.
وأضافت: “تلك المساحة تقلصت خلال الجولة الثانية لكنها شكّلت ملجأ آمنًا لمئات العائلات التي هربت من أحياء أخرى تعرضت للقصف والدمار”.
وتابعت: “بعيدًا عن الأحياء التي ذاع صيتها خلال فترة الاشتباكات وتعرضت لدمارٍ كبير في الممتلكات، ثمة أحياء استمرت فيها الحياة بشكلٍ طبيعي، أحياء تُعرف باسم القرى التي هُجر منها أهلها عام 1948، منها الزيب وعنقة وأكبرهم صفورية”.
وأشارت إلى أن “حي صفورية الذي استقبل الآلاف من النازحين ولم يُسمح للحرائق التي امتدت في المخيم للنيل منه”.
وقال القيادي في تيار الإصلاح الديمقراطي بحركة فتح محمد عيسى “اللينو”: “نحن لسنا على حياد، نحن منحازون لأبناء شعبنا وحمايتهم لذلك قمنا بالحفاظ على الأحياء الفلسطينية”.
وأضاف: “المعالجات للاغتيالات رغم ادانة التيار لها بشدة إلا أن جميعها كان خاطئًا، لأن الحل مطلوب أن يكون عبر هيئة العمل المشترك بمصداقية وشفافية”.
وتابع: “مستعدون لدفع ثمن أكبر للحفاظ على أبناء شعبنا الفلسطيني وهذا الموقف الصحيح، وأكبر دليل هو الالتفاف الشعبي الكبير حول تيار الإصلاح الديمقراطي مما يُعطي دافعًا للاستمرار بذات النهج يشمل أحياء أخرى للمحافظة عليها من التدمير والتهجير”.
وأردف: “نعتقد جازمين أن المشروع والهدف من هذه العبيثة التي شهدها مخيم عين الحلوة “في إشارة إلى الاشتباكات المسلحة”، هو تهجير أبناء شعبنا الفلسطيني”.
ومضت الإعلامية عيسى في تقريرها: “ثمن الانحياز دفعه التيار غاليًا عبر خسارته قائده العسكري في المخيم خالد أبو النعاج ومرافقه بعد تعرضهما لإطلاق نار مِن قِبل مجموعة مخترقة في الأمن الوطني”.
واستطردت: “عادت بعض العائلات إلى بيوتها بعد توقف إطلاق النار لكن كُثر خسروها”.
وقالت احدى المواطنات خلال لقاء عبر قناة الغد: “لديّ مهجرين من الأبناء يقطنون في حي الطوارئ والمنشية ويجلسون عندي في بيتي”.
بينما قالت أخرى: “أخي لديه أربعة من الأبناء ويسكن حي حطين جاؤوا للجلوس عندي ولديّ أخت لديها 3 أبناء جاءت قادمة من حي التعمير لتقضي بعض الأيام عندي غير قادرين على العودة لمنازلهم”.
وأضافت: “هناك حالة اكتئاب ومقت كبيرة من الذي حصل بمخيم عين الحلوة، وهناك ضيق في مساحات منازل الأحياء السكنية”.
إلى أين تتجه الأمور؟
قال مسؤول كبير في حركة فتح إن “المسؤولين الفلسطينيين واللبنانيين أمهلوا الجماعات الإسلامية المسلحة في أكبر مخيم للاجئين الفلسطينيين في لبنان حتى نهاية الشهر لتسليم المتهمين بقتل اللواء العرموشي أحد جنرالات الحركة.
ويسود هدوء هش إلى حد كبير في مخيم عين الحلوة بعدما توصلت الأطراف المتحاربة إلى أحدث اتفاق في سلسلة من اتفاقات وقف إطلاق النار، يأتي ذلك بعد أسبوع من القتال العنيف الذي أسفر عن مقتل ما لا يقل عن 18 شخصًا وإصابة ونزوح المئات.
وسافر مسؤولون كبار من الحركتين الفلسطينيتين المتنافستين فتح وحماس إلى لبنان في محاولة للتفاوض على إنهاء الاشتباكات.
وقال عزام الأحمد، عضو اللجنة المركزية لحركة فتح واللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، في مقابلة مع وكالة أسوشيتد برس، إنه “متفائل بالتوصل إلى حل” ولكن إذا لم يتم تسليم المتهمين بحلول نهاية الشهر، “كل الاحتمالات مفتوحة”.
وقال الأحمد إن “فتح لا تعارض دخول الجيش اللبناني إلى المخيم للقيام بعملية ضد الجماعات الإسلامية إذا لم تقم بتسليم المتهمين بقتل اللواء العسكري في فتح محمد العرموشي.
وتقليدياً، لا يدخل الجنود اللبنانيون إلى المخيمات الفلسطينية التي تسيطر عليها شبكة من الفصائل الفلسطينية.
وكانت المرة الأخيرة التي دخل فيها الجيش اللبناني في أحد المخيمات عام 2007، عندما اشتبك مع متطرفين إسلاميين في مخيم نهر البارد في شمال لبنان، ودمر معظمه في هذه العملية.
ووقفت حماس على الحياد في الاشتباكات بين فتح وعدد من الجماعات الإسلامية المتطرفة في المخيم، لكن الأحمد اتهم أعضاء حماس بحمل السلاح ضد فتح “في بعض مناطق القتال”، الاتهامات التي نفتها حماس.
وقال موسى أبو مرزوق، القيادي في الحركة، الذي التقى الأيام الماضية بمسؤولين لبنانيين وممثلين عن الفصائل الفلسطينية لمحاولة التوصل إلى تسوية لإنهاء الاشتباكات، في رسالة عبر تطبيق واتساب: “لم نتورط في إطلاق النار على الإطلاق”.
وأضاف: “كانت هناك جهود متواصلة من قبل حماس للتوسط في اتفاق وقف إطلاق النار بأي شكل من الأشكال”.
وتابع: “من الواضح أن الاشتباكات لا تجعل أحدًا يسلم أحد، لا أحد يرغب في تسليم نفسه في ظل الحرب.”
ونفى المتحدث باسم حماس في لبنان وليد الكيلاني تحديد موعد نهائي محدد لتسليم قتلة اللواء العرموشي.
وأضاف: “ما تم الاتفاق عليه سيكون تشكيل قوة أمنية مشتركة تضم جميع الفصائل الفلسطينية لتنفيذ عملية تسليم المطلوبين من الجانبين”.
واتهمت كل من فتح وحماس قوى خارجية بإذكاء العنف في المخيم، الذي يأوي أكثر من 50 ألف شخص، في محاولة لإضعاف القضية الفلسطينية.
وبحسب وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين التابعة للأمم المتحدة، فإن “18 شخصًا قتلوا وأصيب 140 آخرون في الجولة الأخيرة من الاشتباكات، التي اندلعت بالسابع من أيلول/ سبتمبر.
وتسبب الاشتباكات في نُزوح ما يقرب من 1,000 باتوا يقيمون في ملاجئ الطوارئ التي أنشأتها وكالة أونروا بينما كان مئات آخرون يقيمون في مواقع أخرى، بما في ذلك مسجد قريب وساحة مبنى بلدية مدينة صيدا المتاخمة للمخيم.
وفي وقت سابق من هذا الصيف اندلعت معارك في شوارع مخيم عين الحلوة بين حركة فتح والجماعات الإسلامية استمرت عدة أيام، في أعقاب اتهام فتح الإسلاميين بقتل العرموشي وأربعة من رفاقه في 30 يوليو/تموز.
يبدو أن عملية الاغتيال كانت بمثابة عمل انتقامي بعدما أطلق مسلحٌ مجهول النار على المتشدد الإسلامي محمود خليل، مما أدى إلى مقتل رفيق له بدلاً عنه.
وخلّفت معارك الشوارع ما لا يقل عن 13 قتيلاً وعشرات الجرحى، وأرغمت المئات من اللاجئين على الفرار من منازلهم.
وشغلت اشتباكات مخيم عين الحلوة طيلة الفترة الماضية مساحةً كبيرةً من اهتمام الاعلام المحلي والعربي، كون المخيمات تُمثّل الواجهة الوطنية للاجئين الفلسطينيين المُبعدين عن منازلهم وبيوتهم قَسرًا نتيجة المجازر التي نفذتها العصابات الصهيونية عام 1948.
وتتجه أصابع الاتهام في أحداث عين الحلوة إلى الجماعات المتشددة والتكفيرية الموجودة داخل المخيم، والتي أشعلت فتيل الاشتباكات بعدما استقر رصاص حقدها في جسد اللواء محمد العرموشي أحد أبرز القيادات الفلسطينية في لبنان عبر كمينٍ مُحكم.
دور تيار الإصلاح الديمقراطي بمخيمات اللاجئين في لبنان
يجمع سكان المخيمات الفلسطينية على أن تيار الإصلاح الديمقراطي في حركة فتح كان دائمًا داعمًا للوحدة الوطنية ومشددًا على ضرورة تعزيزها في مواجهة التحديات التي تستهدف قضيتنا الوطنية.
يُنفذ التيار أنشطة متنوعة تستهدف اللاجئين من أبناء المخيمات دون تمييز على خلفية الانتماء الحزبي أو السياسي، رافعًا شعار الوحدة الوطنية ومُوجهًا بندقيته نحو كل من يُريد النيل من صمود الفلسطينيين في مخيمات اللجوء مستهدفًا أمنهم وممتلكاتهم.
لعب تيار الإصلاح الديمقراطي دورًا مهمًا في تعزيز الحالة الأمنية داخل المخيمات الفلسطينية عبر الشراكة الثنائية مع جميع المكونات اللبنانية التزامًا بالميثاق الوطني والشراكة الحقيقية.
منذ نشأة تيار الإصلاح الديمقراطي في فتح وهو يولي اللاجئين بالمخيمات الفلسطينية في لبنان اهتمامًا كبيرًا ويسعى لخدمتهم بشتى الوسائل والسبل، وكان دومًا حاضرًا بمشاريعه الاغاثية والتنموية والإنسانية عبر اللجنة الوطنية الإسلامية للتنمية والتكافل الاجتماعي “تكافل”.
واليوم ستُعزز تلك الخدمات المقدمة للاجئين الفلسطينيين بمخيمات لبنان في أعقاب إعلان “التيار” عن تأسيس اللجنة الوطنية للشراكة والتنمية والتي تستهدف الفلسطيني أينما كان تعزيزًا للتضامن والتكافل المجتمعي بما يُؤسس لشراكة حقيقية مع الجميع بعيدًا عن التفرد والهيمنة.