مجزرة صبرا وشاتيلا.. 41 عامًا ودماء الفلسطينيين لم تُغيّبها رائحة البارود!

خاص مصدر الإخبارية – أسعد البيروتي

مثّلت مجزرة صبرا وشاتيلا التي ارتكبها العصابات الصهيونية بتاريخ 16 أيلول/ سبتمبر للعام 1982 جرحًا نازفًا في قلب فلسطين وخاصرتها.

جرحٌ لم يندمل منذ 41 عامًا، وإن مات مرتكبو المجزرة فإن الأحياء حية ولا زلت شاهدة ونابضة بالأحداث الدموية ما بقي الزعتر والزيتون.

معالمٌ فلسطينية لا زالت شاهدةً على إجرام الاحتلال وبطشه وعدوانه ودمويته وفاشيته بحق الشعب الفلسطيني الأعزل، وبات حتى الشجر يلعنه ويلفظه بعيدًا عن أرض فلسطين الطاهرة الزكية.

أرضٌ رُويت بدماء آلاف الشهداء الذين ارتقوا وما غيّبت سيرتهم وذكراهم الأيامُ ولا تقادم السنين وموت الطغاة، وبقيت كلماتهم وحضورهم طاغيًا حتى يومنا هذا.

يقول الكاتب عز الدين مناصرة في كتابه الثورة الفلسطينية في لبنان 1972-1982، إن “كل واحد من الشهداء يمتلك سرديته الخاصة، ولأنهم يمتلكون هذه السرديات، تم اغتيال الشهود على أكبر مأساة حدثت عام 1948”.

وصنّف الباحثون والرواة الشفويون جنسيات ضحايا مذبحة صبرا وشاتيلا: 75% فلسطينيون، 20% لبنانيون، 5% (سوريون، وايرانيون، وبنغال، وأتراك، وأكراد، ومصريون، وجزائريون، وباكستانيون) وآخرون لم تحدد جنسياتهم.

ويروي مُؤرخون أن المؤامرة على الفلسطيني الوحيد والأعزل في لبنان بدأت بعد خروج قوات منظمة التحرير الفلسطينية والفدائيين أواخر أغسطس/ آب 1982 إلى الأردن والعراق وتونس واليمن وسوريا والجزائر وقبرص واليونان.

ويُضيف المؤرخون حول الواقعة، “انسحبت القوات متعددة الجنسيات قبل عدة أيام الأميركية في 10 أيلول 1982، والإيطالية في 11 أيلول، والفرنسية في 13 أيلول قبل موعدهم الرسمي بعشرة أيام ورغم وجود ضمانات أميركية واتفاق فيليب حبيب، بعدم دخول جيش الاحتلال الإسرائيلي لبيروت الغربية، وضمانة حماية المدنيين الفلسطينيين وعوائل الفدائيين الذين خرجوا من بيروت”.

وبحسب زعم رفائيل ايتان هو “تطهير المخيمات من الإرهابيين”، بذريعة وجود ألفي فدائي فلسطيني، فيما لم يعثر على جثمان فلسطيني واحد مسلح.

كيف بدأت المجزرة؟

يوم الأربعاء الموافق 15 أيلول/سبتمبر حاصرت قوات الاحتلال الإسرائيلي حي صبرا ومخيم شاتيلا، وشرعت في مراقبة كل حركة في المنطقة من فوق بناية احتلتها بقوة السلاح.

وفجر الخميس 16 أيلول، أصدرت القوات الصهيونية تعليماتها إلى جنودها بالقتل بالتزامن مع إلقاء الطائرات الحربية القنابل الضوئية للكشف عن أماكن وجود النساء والأطفال والشُيوخ.

وصباح الجمعة 17 أيلول، بدأت معالم المجزرة تتضح لمعظم سكان المنطقة، بعدما شاهدوا الجثث والجرافات وهي تهدم المنازل فوق رؤوس أصحابها، وتدفنهم أمواتًا وأحياءً.

حينها بدأت حالات فرار فردية وجماعية حيث توجه معظمها الى مستشفيات عكا و غزة ومأوى العجزة، واستطاع عددٌ منهم الخروج إلى خارج المنطقة متسللا من حرش ثابت.

بينما بقيت عائلات وبيوت لا تعرف ما الذي يجري، وكان مصير بعضها القتل وهي مجتمعةٌ حول مائدة الطعام، ذلك أن القتل كان يتم بصمت وسرعة.

وتتالت المجازر على مدار ثلاثة أيام، ومع كل ساعة كانت تمر كانت أساليب القتل والتنكيل تزداد دموية وفاشية، فلم يسلم من شر القتلى أحد.

كما اقتحم المجرمون مستشفى عكا وقتلوا ممرضين وأطباء فلسطينيين، واختطفوا مرضى ومصابين وهاربين من المجزرة من داخل المستشفى.

ولُوحظ في اليوم الثاني انتشار القتل داخل البيوت بشكل أكبر، وفي بعض الأزقة وعلى مقربة من السفارة الكويتية والمدينة الرياضية، حيث كانت هناك حُفر جاهزة بفعل الصواريخ الإسرائيلية التي سقطت على المدينة الرياضية أثناء اجتياح بيروت في حزيران 1982.

وبفعل وجود بعض الألغام وانفجارها تمكّن بعض المخطوفين والمنساقين للموت من الهروب في ظل فوضى الأعداد الهائلة من المحتشدين وينتظرون دورهم في الإصابة بالرصاص أو حتى الدفن أحياء، من تمكن منهم من الهرب روى تفاصيل قاهرة لطريقة التعامل مع الأهالي وطرق قتلهم التي تفنن فيها القاتل وهو يضحك ويشتم ويرتوي من المشروبات الروحية.

وفي اليوم الثالث، السبت 18 أيلول، استمرت عمليات القتل والذبح والخطف، رغم أن التعليمات كما قالت مصادر إسرائيلية صدرت للمهاجمين بالانسحاب في العاشرة صباحًا، لكن عشرات الشهادات للسكان أكدت استمرار المجزرة لحدود الساعة الواحد بعد الظهر.

وبدأ التحقيق مع أهالي المنطقة في المدينة الرياضية من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلي والميليشيات الموالية لها، وجرى اعتقال واختطاف العشرات، معظمهم لم يعد ولم يُعرف مصيره حتى اليوم.

وأخيرًا.. لم يكتفِ الاحتلال بتغطية إبادة البشر وتهيئة كافة الظروف لسحق الفلسطيني الذي هزمه في حصار بيروت، لينتقم يوم الأحد 19-9-1982 بسرقة وثائق مركز الأبحاث الفلسطيني وحمل الأرشيف في شاحنات.

ويحيي الفلسطينيون هذه الذكرى الألمية بوقفاتٍ صامتة وإضاءة الشموع في ساحة الجندي المجهول، وتنظيم الفعاليات الشعبية الاحتجاجية على استمرار جرائم الاحتلال بحق أبناء شعبنا الفلسطيني.

حماس: ندعو لمحاكمة المجرمين والعملاء

بدورها قالت حركة حماس: إن “الهدف من مجزرة صبرا وشاتيلا الانتقام من صمود الشعبين الفلسطيني واللبناني أثناء الاجتياح الإسرائيلي”.

وأضافت خلال بيانٍ صحافي، “المجزرة هدفت إلى الانتقام من تاريخ مخيم شاتيلا الذي كان مركزًا مهمًا من مراكز الثورة الفلسطينية، وتهجير المجتمع الفلسطيني في لبنان للقضاء على المقاومة الفلسطينية وعلى حق العودة”.

وحمّلت حماس “الاحتلال الإسرائيلي وعملاءه المسؤولية الكاملة عن هذه المجزرة”، داعيةً إلى “محاكمة المجرمين الصهاينة وعملائهم”.

واعتبرت أن “صمود أهالي صبرا وشاتيلا وتحملهم معاناة وآلام هذه المجزرة ونتائجها المروعة وتضحياتهم الكبيرة، أفشل مخطط الاحتلال وعملائه في تهجير الفلسطينيين وتدمير المخيم والانتقال لتدمير وتهجير باقي المخيمات”.

وأكدت أن “الشعب الفلسطيني لن ينسى الشهداء وستظل تضحياتهم في ذاكرتنا وذاكرة الأجيال والعالم”.

فتح: مجزرة صبرا وشاتيلا جريمة مكتملة الأركان
من جانبها قالت حركة (فتح): إن مجزرة “صبرا وشاتيلا” الشاهد على جريمة مكتملة الأركان نفذتها عصابات مجرمة هدفها إنهاء الوجود الفلسطيني المتمسك بحق العودة إلى فلسطين وبصمت مستمر من عالم ادعى الحرية والعدالة”.

وأضاف الناطق باسم الحركة منذر الحايك: “ستبقى الجريمة وصمة عار على جبين كل من ساعد ونفذ في قتل الشعب الفلسطيني اللاجئ”.

لجان المقاومة الشعبية: المجزرة ستظل محفورة في ذاكرة شعبنا
أكدت لجان المقاومة الشعبية على أن “مجزرة صبرا و​شاتيلا​ ستظلّ محفورة في ذاكرة شعبنا وأحرار أمتنا كونها واحدة من أبشع المجازر في التاريخ وستبقى شاهدًا حيًّا على وحشية وإرهاب العدو الصهيوني بحقّ شعبنا الفلسطيني”.

وقالت خلال بيانٍ صحافي: إن “مجزرة صبرا وشاتيلا وكل مجازر ومذابح العدو الصهيوني ستبقى وصمة عار في تاريخ هذا الكيان الصهيوني المجرم الملطخ بدماء شعبنا منذ اغتصاب أرضنا ولن تسقط بالتقادم”.

وشددت على أن “المجزرة ستظل أحد الدروس بالغة الدلالة لمن لا يزال يراهن على الضمانات الأمريكية”.

ولفتت إلى أن “العهد الذي تستباح فيه دماء أبناء شعبنا ولى إلى الأبد بفضل صموده وثباته وبفضل مقاومته التي شكّلت له درعًا وحاميًا وبرهنت أنها قادرة على أن ترد رداً موجعاً على أي عدوان أو مجزرة، وجاهزة لحماية شعبنا والدفاع عنه”.

ودعت إلى تجنيب شعبنا في مخيمات لبنان ويلات الاقتتال الذي لا يخدم الا العدو الصهيوني ورصّ الصفوف وتجاوز كافة التناقضات لصالح حماية شعبنا في ظل الظروف الصعبة التي يعيشها شعبنا في لبنان.

أقرأ أيضًا: مجزرة صبرا وشاتيلا ما خُفي منها و ليست الوحيدة.. بقلم: إبراهيم ابراش