السعودية: صفقة وليس اتفاق سلام

بقلم- إيال زيسر:
اتفاق السلام الآخذ في التحقق بين اسرائيل والسعودية هو تطور اقليمي هام، سيحقق المصالح ولا سيما تلك الاقتصادية والسياسية للدولتين.
تجدر الاشارة الى أنه سيكون ايضا سياسيون غير قليلين – هنا وفي الولايات المتحدة – ممن سيسارعون الى جني الارباح، ويحتمل أن من البداية يكون هذا هو السبب الذي يجعل أحدا ما يحاول تربيع الدائرة في محاولة لتحقيق السلام، هنا والآن، مع السعودية.
لكن مع كل اهمية مثل هذا الاتفاق – وله كما أسلفنا اهمية ومساهمة – فانه لن ينقذ حتى ولا حياة جندي اسرائيلي واحد، ولن يمنع ايضا الاشتعال التالي على حدود غزة أو في الشمال، سواء كان هذا جولات مواجهة أم حربا شاملة، ثمة من يحذر منها اليوم في جهاز الامن.
اتفاق السلام مع مصر الذي وقع عليه رئيس الوزراء مناحيم بيغن في آذار 1979 – اتفاق بارد ومغترب، معظم الاسرائيليين يفضلون أن ينسوه ويجعلون الآخرين ينسوه – وضع حدا لسفك دماء يعود لثلاثة عقود بين اسرائيل ومصر، حيث قتل آلاف الجنود الاسرائيليين. فبعد كل شيء كانت مصر على مدى سنين العدو رقم واحد لإسرائيل وشكلت تهديدا على وجودنا. هكذا في حرب الاستقلال، هكذا في حرب السويس والايام الستة، وهكذا في حرب الاستنزاف وحرب يوم الغفران. في المقابل، فان السعودية لم تكن أبدا، وبالتأكيد ليست اليوم، عدوا نشطا وهي لا تشكل لنا تهديدا أو أي تحد أمني.
إن التهديدات التي تقف امامها اسرائيل هي في ساحات اخرى وامام اعداء معروفين – الفلسطينيين، تنظيم حزب الله في الحدود الشمالية وسوريا وإيران. اتفاق سلام مع السعودية لن يغير بصفته هذه الوضع الاستراتيجي لإسرائيل امام هؤلاء الاعداء، وعلى أي حال لن يساعدنا في التصدي لهم عند الاختيار.
في حالة السعودية يدور الحديث إذا عن صفقة، اقتصادية وسياسية في اساسها، وليس عن ازالة تهديدات أمنية تحوم فوق رؤوسنا. تأمل اسرائيل في أن تحقق امتيازات اقتصادية وتثبت اتفاقات وقعنا عليها حتى الآن مع دول اتفاقات ابراهيم، أما السعودية فتأمل في أن تحسن مكانتها في اروقة البيت الابيض وأن تتلقى مساعدة امريكية تتيح لها تعزيز أمنها.
حقيقة هي أن لاتفاق السلام مع السعودية توجد اهمية في تثبيت اساسات مبنى السلام والتطبيع الذي اقيم مع التوقيع على اتفاقات ابراهيم. وإن كانت هذه بالمناسبة، مع كل اهميتها، ساهمت في اقتصاد اسرائيل، عززت احساس الثقة بالنفس لدى الاسرائيليين وأتاحت اساسا طرح دبي وأبو ظبي على خريطة المتنزهين الاسرائيليين، ولكنها لم تؤثر على الاطلاق على خريطة التهديدات على اسرائيل من الشمال ومن جانب إيران.
لكل هذا اهمية ومغزى كونه يتبين أن مسألة الاتفاق مع السعودية توجد في تداولات لا تنتهي، والثمن الذي ستضطر اسرائيل، واساسا سيضطر الامريكيون، لدفعه آخذ في الارتفاع. بخلاف الامارات أو السودان أو المغرب يبدو أن السعوديين لا يسارعون على الاطلاق لإجمال الصفقة، وأساسا هم مصممون على أن يتأكدوا من أنهم سيحصلون على مقابل مناسب لها.
لا يدور الحديث عن المسألة الفلسطينية، التي لا تهم أحدا في العالم العربي أو الولايات المتحدة. في الرياض وفي واشنطن وإن كانوا معنيين في أن تُزال المسألة عن جدول الاعمال وألا تطل كل يوم من جديد فتثير الرأي العام العربي عقب الاعمال أو التصريحات لبعض من اعضاء الحكومة، لكن الحكام العرب مصممون على ألا يتركوا الفلسطينيين، مثلما في الماضي، يمنعونهم من المصالحة مع اسرائيل وتحقيق مصالحهم.
ما يريده السعوديون هو ضمانات امريكية لأمنهم، الامر المشكوك فيما إذا كانوا سيحصلون عليه وكذا التقدم في المشروع النووي، لأغراض سلمية زعما. يحتمل أن تكون الخيول فرت منذ الآن من الاسطبل وسيكون من الصعب منع إيران، وفي اعقابها ايضا السعودية وتركيا، وربما مصر ايضا، من أن تصبح دولا نووية. لكن مساعدة بل وتسريع مسيرة كهذه ليست مصلحة اسرائيلية.
مهما يكن الامر، مع كل اهمية الصفقة المتحققة مع السعودية، فإنها لا تبرر بيع تصفية ينطوي عليه التنازل عن مصالح اسرائيل، وعليه فيجب اساسا أن نأخذ نفسا عميقا وأن نبدي ضبطا للنفس، وفي نهاية المطاف فان يوم السلام السعودي – الاسرائيلي سيأتي ايضا.