بعد الانتخابات.. ما الملفات الاقتصادية التي تنتظر رئيس تركيا القادم؟

صلاح أبو حنيدق- خاص مصدر الإخبارية:

ينتظر الرئيس القادم إلى تركيا بغض النظر عن هويته، سواء كان الفائز رئيس الحزب الحاكم رجب طيب أردوغان، أو زعيم المعارضة كمال كيليجدرولو، عقب تنظيم جولة إعادة الانتخابات في 28 مايو (أيار) الجاري، جملة من الملفات الاقتصادية التي تشكل مفصلاً لنهوض اقتصاد البلاد أو تراجعه إلى الهاوية.

ويقول محللان اقتصاديان، إن الاقتصاد التركي كان الملف الأول المؤثر على أولويات الناخبين في اختيار رئيس البلاد في الجولة الأولى من الانتخابات خاصة بعد تدهوره خلال السنوات الأخيرة، وما نتج عن الزلزال من هروب للاستثمارات بعد مقتل 50 ألفاً وتشريد 6.5 مليون تركي.

ويضيف المحللان في تصريحات لشبكة مصدر الإخبارية، أن جملة من الملفات الاقتصادية ستحضر بقوة على طاولة الرئيس التركي القادم أبرزها انهيار الليرة التركية وارتفاع مستويات التضخم، والتحقيق في مزاعم وجود فساد عقب خلل في معايير البناء للمناطق السكنية ما أدى لانهيار عدد كبيرة من المباني في الزلزال، وقضية اللاجئين السوريين ودعوى أنهم يؤثرون على الوظائف والسكن الخاص بالأتراك، وملف زيادة الأجور في القطاع العام، والسياسات النقدية القائمة حالياً على خفض أسعار الفائدة.

وأشار المحلل أسامة نوفل إلى أن الرئيس الفائز في الانتخابات سيحدد مسار السياسات الاقتصادية والنقدية في البلاد خاصة وأن أردوغان يدعم خفض أسعار الفائدة لكبح التضخم وتشجيع النمو فيما وضع منافسه نصب عينيه في حملة الانتخابية “تحرير الأسواق المالية وإعادة استقلال البنك المركزي وتغير اتجاه الفائدة من الانخفاض إلى الارتفاع.

ونوه إلى أن قضية وقف انهيار الليرة التركية وإعادتها للمسار الصحيح، وإعادة الثقة للمستثمرين عقب التراجعات الكبيرة في العملة والمخاوف الناتجة عقب ضح الاستثمارات بعد وقوع الزلزال سيكون ضمن الملفات الحاضرة بقوة على طاولة الرئيس القادم”.

ويبلغ احتياطي النقد الأجنبي في تركيا حالياً 63 مليار دولار مقارنة بنحو 113 مليار قبل عشر سنوات.

وتابع نوفل أن “قضية أسعار الغاز وتوفيره بشكل مجاني وزيادة الأجور ستكون أولوية للرئيس القادم خاصة وأنها محل شرائح واسعة من الأتراك”.

وأردف أن “الدين الخارجي يعتبر من بين أزمات الاقتصاد التركي المزمنة الواجب حلها بخطوات سريعة”.

وأظهرت بيانات البنك المركزي المنشورة لشهر نيسان (أبريل) الماضي، أن نطاق الدين الخارجي قصير الأجل لمدة عام ارتفع الى 203 مليار دولار، 89 مليار دولار منها ديون على البنوك التركية، و53 مليار دولار ديون تجارية.

وأكد نوفل أن “عجلة دوران الاقتصاد التركي بدأت في الدوران العكسي في عام 2018 لاسيما في شهر آب (أغسطس) عندما تراجعت الليرة من 3.5 ليرة للدولار إلى 19.5 ليرة حالياً”.

وشدد نوفل على أن “تركيا يتوجب عليها على الجانب الإيجابي مواصلة خطوات المصلحة المتبعة في العامين الأخيريين على صعيد دول الخليج ومصر وغيرها من الدول والتي يتوقع أن تعوض جزء من الاتجاهات السلبية للاقتصاد على صعيد قطاعي الصادرات والسياحة”.

من جهته، قال المحلل الاقتصادي، المختص في تطوير الأعمال والاستثمارات في تركيا د. مخلص الناظر، إن الفائز في الانتخابات يتوجب عليه أولاً الحفاظ على العلاقات مع المستوردين الأجانب للصادرات التركية ومقدمي الواردات من روسيا والصين، وصولاً إلى تحقيق علاقات تجارية تكاملية من خلال إعادة تنظيم الاصطفاف الجيوسياسي المستقبلي.

وأضاف الناظر في تصريح لشبكة مصدر الإخبارية أن “حالة من القلق تنتاب الشارع التركي بشأن التضخم وانخفاض الليرة وتعتبر المؤثر الأول في توجهات الناخبين الأتراك مؤخراً ما يعطيها أولوية في الملفات الواجب معالجها”.

وأشار إلى أن “مشكلة الليرة ظهرت في 2018 مع فرض الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب عقوبات على صادرات البلاد، رداً على احتجاز تركيا قساً أمريكياً”.

وتابع أن “أردوغان يعتمد منذ ذلك الوقت على السياسة غير التقليدية القائمة على خفض أسعار الفائدة ما تسبب بوصول التضخم إلى مستويات قياسية”.

ونوه إلى أن “المعارضة بقيادة كمال كليجدار أوغلو تنادي اليوم بالعودة للاقتصاد الليبرالي وضرورة عودة رجال الأعمال الأتراك الكبار المقيمين في أمريكا إلى بلادهم والوقوف ضمن برنامجها الاقتصادي الذي يقوده علي باباجان مهندس الطفرة الاقتصادية التركية في عام 2001 وصولاً إلى 2018”.

وأكد أن العلاقات الاقتصادية مع روسيا والصين والدول الغربية بقيادة الولايات المتحدة تشكل عاملاً مهماً لأردوغان ومنافسه وسيعملان على الحفاظ عليها، بما يشبه التزام الحياد رغم أن أنقرة ضمن حلف شمال الأطلسي.

وشدد على أن أنقرة ستسعى للحفاظ على استمرار وارداتها من الطاقة من روسيا والمواد الأولية من الصين، وتصدير الصناعات المحلية إلى دول القارة الأوروبية.