مشاركة السلطة بقمة شرم الشيخ حيلة سياسية أم ارتهان للضغوط الأمريكية؟

خاص مصدر الإخبارية – أسعد البيروتي

أثار تأكيد السلطة الفلسطينية على المشاركة بقمة شرم الشيخ جدلًا واسعًا في الشارع الفلسطيني، في ظل تصاعد الجرائم الإسرائيلية بحق شعبنا الفلسطيني.

وانقسم عددٌ من المحليين السياسيين بين مُؤيد ومُعارض، فمنهم من وصف المشاركة بأنها استخفافٌ بدماء الشهداء واستمرارٌ بسياسة التفرد والإقصاء.

بينما رأى آخرون أن مشاركة السلطة ستلعب دورًا مهمًا في إحراج الاحتلال، وتذكير العالم بمسؤولياته تجاه القضية الفلسطينية وحقوق شعبنا التاريخية.

واتفق المحللون على أن الاحتلال لا يُؤمَنْ الجانب، وأن عادته نقض المعاهدات والتنصل من الاتفاقات مما يُعزّز أيدلوجيته العنصرية ويكشف عن فاشيته الإرهابية.

تنصلٌ من الإرادة الشعبية

بدوره قال المحلل السياسي سامر عنبتاوي: إن “ما نراه اليوم هو تنصل السلطة الفلسطينية من الإرادة الشعبية والفصائلية والمؤسساتية رغم كل النداءات والتوجهات المُؤكدة على عدم التزام دولة الاحتلال بمخرجات اتفاق العقبة”.

وأضاف واصفًا اتفاق العقبة، “الاتفاق السابق كان مُجحفًا ومرفوضًا فلسطينيًا وهذا ما نتج عنه سرعان الاحتلال في التنصل منه ووأده كغيره من الاتفاقات، ونفذ اعتداءاته بحوارة جنوب نابلس وحاصر المدينة وضيّق الخِناق على أهلها”.

واعتبر، “ذهاب السلطة إلى العقبة وبعدها تأكيد استعدادها للمشاركة في قمة شرم الشيخ رُغم المجازر التي أُرتكبت في وضح النهار في جنين ونابلس، يُدلل على استمرار السلطة في ارتكاب الخطيئة متناسيةً جراحات شعبنا وويلاته”.

وبيّن أن “الذهاب إلى قِمم جديدة يُمثّل رضوخًا كاملًا للإملاءات الإسرائيلية والأمريكية، ويُؤكد إلى بُعد السلطة عن جميع ما يُسَارْ إليه فلسطينيًا، خاصة وأن الذهاب يأتي دون إجماع وطني أو توافقي”.

وشدد في خِتام تصريحاته لمصدر الإخبارية، على أن “الذهاب إلى قمة شرم الشيخ في ظل الحضور الأمريكي أمر غير مقبول فلسطينيًا مِن قِبل الكل الوطني”.

من جانبه يقول الكاتب والمحلل السياسي مصطفى إبراهيم: “هناك استغراب واستهجان فلسطيني عام على إصرار السلطة الفلسطينية في الذهاب إلى شرم الشيخ، خاصةً في ظل تنصل الاحتلال من كل ما تم التوافق عليه في قمة العقبة السابقة”.

وهم الأُفق السياسي

وأضاف خلال تصريحاتٍ لشبكة مصدر الإخبارية، أن “مشاركة السلطة تأتي في ظل اعتقادها بوجود أُفق سياسي في ظل السعي لبقاء السلطة الفلسطينية على ما هي عليه في ظل الرضا الأمريكي المستمر منذ 30 عامًا”.

وتابع: “على مدار الـ 30 عامًا إسرائيل دمّرت جميع ما تم التوافق عليه بما فيها اتفاق أوسلو، في ظل استمرارها بمشروعها الاستعماري الاستيطاني وتنفيذ الإعدامات الميدانية اليومية”.

وأردف: “إسرائيل ماضية في مشروع القضاء على المقاومة وسلب الحقوق الوطنية، في ظل عدم إدراك السلطة تراجع شعبيتها بالشارع الفلسطيني نتيجة استمرارها في سياسة التفرد والهيمنة”.

ولفت إلى أن “ما تقوم به السلطة الفلسطينية يُخالف النهج الذي تبنه الجماهير الفلسطينية بعدما تيقنوا بعدم إمكانية التوصل إلى أي حلول سِلمية مع الاحتلال في ظل العنصرية الإرهابية التي تتعامل معها”.

وأكد على أن “السلطة تنكرت لأوسلو ودمرته ولم تبقِ منه شيئًا، ورغم ذلك إلا أنها ما تزال مُصِرَةْ على الذهاب لقمة شرم الشيخ لاعتقادها أنها ستُعيد لها وزنها كما كان سابقًا”.

وبيّن أن “السلطة الفلسطينية تزداد ضعفًا يومًا بعد يوم، ومن يُقوّض السلطة ويُحجّمها هو الاحتلال، عبر ارتكابه المجازر وسياساته العدوانية بصورةٍ مستمرة سواءً عبر الحكومة المتطرفة الحالية أو حكومات التغيير والوسط في (إسرائيل)”.

محاولة لإحراج الاحتلال وتذكير العالم بمسؤولياته

من ناحيته يقول الكاتب والمحلل السياسي عاهد فروانة: إن “مشاركة السلطة الفلسطينية في قمة شرم الشيخ جاءت تلبيةً لموقف عربي في ظل الحديث عن مشاركة الجانبين الأردني – المصري إلى جانب الإدارة الأمريكية”.

وأضاف فروانة خلال تصريحاتٍ لشبكة مصدر الإخبارية، “الجميع يعلم الثقل الأردني والمصري في المنطقة وعلاقاتهما التاريخية بالقضية الفلسطينية”.

وتابع: “من المهم ألا ننسى جميعًا أن المؤتمر الأول عُقد في العقبة بالمملكة الأردنية، والقمة المرتقبة ستُعقد في مدينة شرم الشيخ المصرية، ما يعني أنه ليس أمام السلطة الفلسطينية إلا المشاركة كونها تأتي في ظل مظلة عربية – أمريكية”.

وأشار إلى أن “مشاركة السلطة في قمة شرم الشيخ سيُحرج الاحتلال، كونه كان مُلزمًا بتنفيذ بعض الخطوات المُقرة في اجتماع العقبة الشهر الماضي والتي قدمتها السلطة الفلسطينية في هذا السياق”.

وتابع: “الاحتلال تنصل من جميع البنود المُتفق عليها وتهرب منها، وذلك بدأ واضحًا فيما شاهدناه طِيلة الأيام الماضية في الضفة والقدس المحتلتين والمتمثل في تصاعد وتيرة الاجتياحات والاغتيالات والاستيطان ومصادرة الأموال وغيرها”.

ولفت إلى أن “مشاركة السلطة الفلسطينية تأتي للتأكيد على بنودها السابقة في قمة العقبة ولتضع الإدارة الأمريكية والدول العربية خاصة والمجتمع الدولي عامةً أمام مسؤولياتهم”.

وأردف: “المُتصدّر للاجتماعات المنعقدة هما مصر والأردن إلى جانب الولايات المتحدة الأمريكية، في ظل التوجه الجديد للسلطة الفلسطينية القائم على عدم القبول بأن يكون الجانب الأمريكي هو المُحتكر لهذا الملف”.

واستطرد: “جاءت مشاركة السلطة في قمة شرم الشيخ بهدف مشاركة العديد من الدول فيما يتعلق بمشروع التسوية، في ظل تنصل الاحتلال الدائم من الاتفاقات المُوقعة”.

وأكد على أن “الرئيس الأمريكي جو بايدن لم يكن صادقًا حينما صرّح بأنه سيقوم فور تنصبه كرئيس للولايات المتحدة بفتح القنصلية الأمريكية العامة في مدينة القدس وإعادة فتح مكتب منظمة التحرير في العاصمة واشنطن”.

واستتلى: “ما حدث مِن قِبل الرئيس بايدن يُؤكد أن الولايات المتحدة الأمريكية ليست ذات ضغط كبير على دولة الاحتلال، مما يعني أن دخول مصر والأردن بهذا الثِقَلْ هو أمرٌ مهمْ لإحراج الاحتلال أمام العالم”.

وبيّن: “الاحتلال يعيش اليوم أزمات داخلية متفاقمة في ظل إشكالياته مع دول العالم باعتبارها تنظر بخطورةٍ للوضع غير المستقر بالأراضي الفلسطينية في ظل تصاعد اعتداءات الاحتلال وقُطعان المستوطنين”.

ونوه إلى “سعي الولايات المتحدة إلى احتواء الجبهة الفلسطينية باعتبارها ذات تركيز أكبر على الأزمة الروسية  – الأوكرانية والصين”.

واعتبر في ختام تصريحاته، أن “الانفجار في المنطقة سيُعرض المصالح الأمريكية للخطر الحقيقي ما يتطلب الضغط الفعّال على الاحتلال لوقف عدوانه المتواصل بحق شعبنا الفلسطيني”.

وختامًا.. تقول الكاتبة الفلسطينية تمارا حداد: إن “هدف اجتماع شرم الشيخ هو التوصل لتفاهمات تضمن تحقيق الأمن للاحتلال واتخاذ سياسات عملية نحو تحقيق ذلك مع قُرب شهر رمضان المبارك”.

وأضافت الحداد خلال تصريحاتٍ لشبكة مصدر الإخبارية، “من المحتمل أن يشهد شهر رمضان تصعيداً كبيراً بسبب اقتحامات المستوطنين وعدم احترام القُدسية الدينية خلال الشهر الكريم”.

استمرارٌ في قضم الأرض وسلب الحقوق

وتابعت: “هدف إسرائيل أمني بحت ولن تُحقق أي أفق سياسي واقتصادي للجانب الفلسطيني، لأنه لا يهمها سوى تحقيق الأمن والاستمرار في قضم الأرض رويداً رويداً دون ظهور ذلك في وسائل الإعلام”.

وأكدت على أن “الحكومة الإسرائيلية الحالية لا تُؤمن بأي خيار للسلام الحقيقي أو السير في التفاوض فهي تؤمن بأن أرض الضفة الغربية هي أرض مقدسة توراتية خالصة”.

وأردفت: “الاحتلال سيحضر الاجتماع مجبراً وبضغط أمريكي ولن يُنفذ أي أمور تخص الجانب الفلسطيني حول التسهيلات خلال شهر رمضان المبارك وإرجاع الأموال الفلسطينية”.

واستطردت: “قد يُفاجأ الاحتلال الجميع بألا يحضر الاجتماع بحُـجة الحدث الأمني في شمال إسرائيل والذي وصفه بالخطير، وما زال خيار جيش الاحتلال نحو الرد على الحدث الأمني نحو حرب إما على حزب الله أو ايران أو قطاع غزة”.

وبيّنت: “من يدفع الثمن دائمًا هو الشعب الفلسطيني لأن الحلقة الأضعف هو الوضع السياسي الفلسطيني وما زال الإطار الفلسطيني الوحدوي فاقد الوجود”.

وختمت: “غياب الإطار الفلسطيني شجّع الاحتلال على الاستمرار في تنفيذ مشاريعه اللاهوتية المتشددة التي لن تتوقف حتى استكمال المشروع الدولة اليهودية من خلال رفض قيام الدولة الفلسطينية”.

أقرأ أيضًا: القوى الوطنية والإسلامية تعقب لمصدر على مشاركة السلطة في اجتماع شرم الشيخ