أخرجوا من جنين

أقلام- مصدر الإخبارية

يديعوت أحرونوت – مقال افتتاحي- 13/12/2022

بقلم: سيفر بلوتسكر: (المضمون: التواجد المتواتر للجيش الإسرائيلي في مدينة جنين الفلسطينية يتسبب بضرر اكثر مما يجدي من نفع – المصدر).

كل ليلة واحيانا كل يوم، ينفذ الجيش الاسرائيلي اعمالا لتصفية نشطاء “ارهاب” في جنين. هكذا يبلغ الجيش. نشطاء “الارهاب” هؤلاء هم في الغالب – مرة اخرى حسب التقارير الرسمية – هم شبان فلسطينيون غير منظمين، لا ينتمون حقا لمنظمات “ارهاب” معلنة. هم يرون انفسهم ابطالا شعبيين، ويمجدون التمرد ضد السيطرة العسكرية الاسرائيلية في مدينتهم.

الحملات في جنين، التي بدأت ردا على عمليات فلسطينية، تصنف كنجاح عسكري: لا قتلى في جانبنا وقتلى كثيرون، بينهم اطفال وفتيان، في جانبهم. لكن استمرارها المتواصل يضع في الشك مدى النجاح الذي يبلغون عنه ويصبح كابوسا للاعلام الاسرائيلي حين يتلو التورط تورط آخر. الاصدقاء الاكثر وفاء لنا في الغرب قلقون مما يعد كاصبع رشيقة على الزناد وكتوريد دائم للذخيرة لكارهي اسرائيل منذ الازل. ليس بعيدا اليوم الذي تصبح فيه جنين رمز المقاومة الفلسطينية لاحتلال اسرائيلي، مثلما كانت مريوبول رمز المقاومة الاوكرانية للاحتلال الروسي.

قبل أن يحصل هذا، ومحظور أن يحصل هذا، هيا نمتنع عن ادخال الجيش الاسرائيلي الى جنين الا في حالات متطرفة قليلة. لم يعد له ما يبحث عنه هناك؛ جنين، يقول القادة الاكبر المسؤولون عن حملات معقدة للغاية، لم تعد قاعدة لحماس والجهاد. معظم من يسمون “نشطاء الجهاد” في المكان هم الان شبان مستقلون، بالاعمال وبالاراء.

بعضهم علمانيون وقوميون ممن سنضطر في المستقبل ان نتوصل معهم الى تسوية، بما في ذلك التسوية التي يسعى اليها الليكود. فقد قبلت حكومة الليكود في حينه خطة السلام للرئيس الامريكي دونالد ترامب والتي تعترف بحق الفلسطينيين في دولة على قسم هام من الضفة الغربية، بما فيها جنين.

هيا نخرج من جنين، ليس فقط بسبب الثمن الاخلاقي الذي ندفعه على الجهاد الذي بات يتواصل منذ اشهر على أشهر “لتطهيرها” من اناس ملوا سيطرتنا هناك، بل ايضا بسبب حساب الكلفة – المنفعة البارد. في مناطق السلطة الفلسطينية (التي حكمها المدني يتعزز والامني يتفكك ويصبح وهما) يجري مؤخرا نمو اقتصادي مبهر، نتيجة سواء العمل الفلسطيني في اسرائيل وفي المستوطنات أم الطلب على خدمات فلسطينية محلية من جانب سكان عرب في البلاد. هذا التطور الايجابي من شأنه أن يتضرر وان ينقطع بسبب احتدام المعركة على جنين، معركة زائدة من ناحية المصلحة الاسرائيلية الواقعية.

ان مكافحة الجريمة في النقب وفي الجليل، مثلا، أهم بلا قياس من اعتقال/ تصفية اخرى في جنين.

فضلا عن ذلك، فان حكومة اسرائيل الجديدة ستضع في رأسلم سلم اولوياتها الامني – السياسي الاحباط السريع للسلاح النووي الايراني. هذا هو التهديد الوجودي على الدولة. واعداد شامل لاحباطه يستوجب حشد وتركيز كل الجهد الاستراتيجي وتجنيد الدعم العسكري والسياسي الدولي، الخفي والعلني.

الاعمال في جنين، مع ما تتسبب به من قتل، ضارة بالتالي بوضوح للاستعدادات لـ “حملة ايران” ومن شأنها أن تشعل نوعا جديدا من الانتفاضة مع كل ما ينطوي عليه ذلك من معنى.

الحكومة المنصرفة لن تخرج من جنين، فهي ادخلت الجيش وقوات الامن الأخرى الى هذه المدينة الصعبة والى محيطها. لكن قريبا، مع تبديل رئيس الاركان ووزير الدفاع ينفتح خيار تغيير النهج. جنين ليست مدينة الاباء، وهي لا تذكر في تقاليد اسرائيل وعليه فلا يوجد مانع ايديولوجي أن يسيطر فلسطينيون شبان فيها ويعلنوا عنها كمدينة فلسطينية حرة.

ولعل هكذا يبدأ بالحركة من جديد دولاب تسوية الحل الوسط بين الشعبين.

اقرأ/ي أيضًا: الأسرى الفلسطينيون في مواجهة الأحكام الصهيونية الجائرة