صيادو غزة.. صراع مع أمواج البحر ومع زوارق الاحتلال القاتلة

لا يكاد يمر يوما دون أن يتعرض الصيادين في قطاع غزة لاعتداءات زوارق الاحتلال الإسرائيلي التي تلاحقهم بشكل مستمر في عرض البحر، مخلفا أضرارا جسمية في مركباتهم وإصابات مختلفة في أجسادهم.
وتتنوع اعتداءات الاحتلال الإسرائيلي بحق الصيادين الممتدة على طول شاطئ بحر القطاع، بين إطلاق الرصاص الحي عليهم وعلى مراكبهم بشكل مباشر ومتعمد، وتارة تعتقلهم وتمزق شباك الصيد وتتلف معداتهم.
إضافة لمصادرة مركباتهم وتحتجزها في الموانئ، وتحضر عليهم دخول البحر لمسافات محددة، لتحرمهم من مصدر رزقهم الوحيد في ظل الأوضاع الاقتصادية الصعبة.
يشار إلى أن نحو قرابة 4 آلاف صياد، يعيلون حوالي 50 ألف فرد في قطاع غزة، يعملون على طول 40 كم من سواحله، إضافة إلى 2000 عائلة أخرى تضم أكثر من عشرة ألاف فرد يعتاشون على صناعات أخرى متعلقة بمهنة صيد الأسماك، يعانون من ظروف معيشية سيئة، تتمثل في انتشار البطالة، والفقر، وعدم القدرة على تلبية الحاجات الأساسية لعائلاتهم.
وبحسب مسؤول لجان الصيادين بالعمل الزراعي زكريا بكر، أكد أن الاحتلال الإسرائيلي يتعمد تدمير قطاع الصيد من العام 2006 حتى الآن، وذلك بثلاث طرق: الأولى الاستهداف المباشر والملاحقة وما ينتج عنه من اعتقال ومصادرة وتدمير محركات، والثاني تقسيم المساحات البحرية.
ولفت في تصريحات لشبكة مصدر الإخبارية إلى أن الطريقة الثالثة التي يتبعها الاحتلال هي منع إدخال محركات الصيد حيث يعاني قطاع الصيد من فقر في المعدات ومعظمها غير صالحة للعمل.
مهنة مغمسة بالدم
واعتقلت بحرية الاحتلال الإسرائيلي الصياد محمد الصعيدي برفقة زميله زايد طروش بعد أن فتحت نيران أسلحتها الرشاشة تجاه المركب الذين كانوا يقتادوه في بحر منطقة بيت لاهيا شمال غزة.
تفاصيل الاعتقال وما حدث من اعتداء ومصادرة للمركب ” الحسكة” يرويها الصياد الصعيدي، إذ أكد أنه عند حوالي الساعة السادسة صباحا أقدمت زوارق الاحتلال الإسرائيلي على إطلاق الأعيرة المطاطية ونيران أسلحتها بشكل مباشر ومتعمد، تجاه وزميله ومركبتهم ” الحسكة”.
وأوضح الصعيدي لشبكة مصدر الإخبارية، أن جنود الاحتلال الإسرائيلي طلبوا منه ومن زميله الصياد “خلع ملابسهم والنزول للبحر للسباحة تجاه الزورق ” الطراد” تمهيدا لاعتقالهم، وفور وصولهم، سحبوهم جنود الاحتلال على سطح ” الطراد” وقيدوا أقدامهم وأيدهم، ووضعوا عصبة على أعينهم.
وبين أنهم بقوا على ذات الحال قرابة ساعتين، قبل وصولهم لميناء ” اسدود” والتحقيق معهم، بتهمة تجاوز مساحة الصيد المسموحة وهي 6 ميل، وبعد حوالي 6ساعات أفرجوا عنه وعن زميله، لكن مع مصادرة المركب “الحسكة”، الذي يمتلكه الصياد محمد التوم.
وأشار إلى أن اعتقاله من قبل زوارق الاحتلال لم يكن المرة الأولى، فعلى مدار سنوات عمله الـ 14 في مهنة الصيد تعرض للاعتقال 5 مرات، عدا عن تعرضه لخطر الموت جراء إطلاق النار والأعيرة المطاطية عليه أثناء ممارسة عمله في البحر.
ولفت إلى أنه شاهد على مئات الاعتداءات التي ارتكبتها زوارق الاحتلال الإسرائيلي بحقه وبحق زملائه الصيادين، والتي تنوعت ما بين إطلاق النار والأعيرة المطاطية والاعتقال والاعتداء عليهم بالضرب، ومصادرة المركبات وتلف المعدات.
مصدر الرزق الوحيد
الصياد التوم صاحب المركب ” الحسكة” التي صادرها جنود الاحتلال الإسرائيلي، أبدى حزنه من فقدان مصدر رزقه الوحيد، وعدم قدرته على شراء آخر للعودة إلى ممارسه عمله.
وأوضح التوم لشبكة مصدر الإخبارية، أن مركبه المصادر يقدر بحوالي 13 ألف دولار، يعتاش منه و8 صيادين وعائلاتهم، أصبحوا بعد ذلك في عداد معدلات الفقر وطابور البطالة.
وأكد أنه بعد أن كان صاحب مركب ” حسكة” يعمل عليها كمشرف على عشرات الصيادين، تحول لعامل، يحاول البحث عن فرصة عمل لدى أحد مالي المراكب.
وأشار إلى عدم قدرته على ممارسة مهنة أخرى غير الصيد، فهو يعمل بها منذ أكثر من 15 عام، حين كان يتوجه للبحر مع والده وهو صغير.