جولتا إبن سلمان وبايدن في الشرق الأوسط.. دلالات وأهداف؟
صلاح أبو حنيدق- خاص شبكة مصدر الإخبارية:
قال محللون سياسيون إن جولة الرئيس الأمريكي جو بايدن المقررة إلى الشرق الأوسط في منتصف الشهر المقبل ستركز على عدة ملفات أساسية تشمل، أسعار الطاقة، والتطبيع مع إسرائيل، وقائمة التحالفات في المنطقة، والملف النووي الإيراني، والانتخابات النصفية الأمريكية.
وأضاف هؤلاء في تصريحات خاصة لشبكة مصدر الإخبارية، أن “ارتباطاً وثيقاً يجمع بين زيارة الرئيس بايدن للشرق الأوسط وجولة ولي العهد السعودي محمد بن سلمان إلى تركيا ومصر والأردن”.
ملفات رئيسية
وأوضح المحلل مخيمر أبو سعدة أن “زيارة بايدن تركز على ثلاث ملفات تتعلق بتعزيز العلاقة الاستراتيجية مع إسرائيل على اعتبار أنها حليف استراتيجي لواشنطن والسيطرة على أسعار الطاقة عبر زيادة الإنتاج الخليجي للنفط وتهيئة الأجواء لضمان عدم خسارة الحزب الديمقراطي للانتخابات النصفية في شهر تشرين الثاني (نوفمبر) المقبل”.
وبين أبو سعدة لمصدر الإخبارية أن “بايدن سيحاول من خلال الزيارة استرضاء اللوبي الإسرائيلي الذي يشكل ثقلاً في أمريكا، والضغط على العرب لزيادة انتاج النفط لتسكين الغضب الشعبي الأمريكي بعد وصول سعر غالون الوقود إلى أكثر من خمس دولارات بهدف ضمان عدم أن تكون نتائج الانتخابات النصفية سيئة للغاية مع وصول شعبيته إلى 40% فقط وفق استطلاعات الرأي”.
وأكد أبو سعدة أن “أجندة بايدن السياسية ستتوقف بشكل تام، ولن يستطيع تمرير أي مشروع أو قرار حال خسارتها”.
ونوه إلى أن زيارة إبن سلمان للمنطقة تأتي في ظل تعثر الاتفاق النووي الإيراني وزيادة تهديدات طهران للخليج يهدف لإيجاد تحالف “سني” لمواجهة الحلف “الشيعي” بقيادة طهران، وترتيب الوضع قبل زيارة بايدن.
اللعب على المحاور
بدوره قال المحلل هاني العقاد إن “جولة إبن سلمان لمصر والأردن وتركيا تأتي في سياق اللعب على المحاور لإيصال رسائل للولايات المتحدة بأنها ليست الوحيدة القادرة على صنع السياسة في الشرق الأوسط وتحديد مصيرها وتحالفاتها”.
وأضاف العقاد في تصريح لشبكة مصدر الإخبارية أن “جولة إبن سلمان ركزت على محورين أساسين الأول التركي الإيراني، والثاني المصري الأردني الإسرائيلي”.
رسائل لواشنطن
وأكد العقاد أن “جولة إبن سلمان لم تكن تجهيزاً لزيارة بايدن، بل لإيصال رسالة أولى لواشنطن بأن تجاهلها للسعودية في السابق لم يخدمها، وأن للرياض سياساتها وعلاقاتها وقرارتها في المنطقة”.
ونوه العقاد إلى أن “إبن سلمان اختار الأردن ومصر على وجه الخصوص لأن القاهرة وعمان لها علاقات قوية مع إسرائيل واتفاقات لكنها (لم تطبع) لإيصال رسالة ثانية لواشنطن بأن التطبيع بين السعودية وإسرائيل دون حل للقضية الفلسطينية مجرد وهم”.
ولفت إلى أن “القضية الفلسطينية كانت محوراً أساسياً في زيارة بن سلمان للدول الثلاث لإيصال رسالة ثالثة للولايات المتحدة بأنه لا يمكن القفز عن حل الدولتين، وأن يأتي بايدن خالي اليدين دون مبادرات، والضغط لأن تطبع السعودية مع إسرائيل”.
وأعرب العقاد عن اعتقاده بأنه ” ليس سهلاً على السعودية التطبيع مع إسرائيل دون حل للصراع الفلسطيني الإسرائيلي كونها تقود المنطقة ولها وزنها السياسي والعسكري والأمني ولا يمكنها التضحية بذلك”. وتابع ” نعم لها علاقتها من تحت الطاولة مع إسرائيل لكن لا يمكن إخراجها للعلن كما تريد واشنطن دون حل”.
أهداف بايدن
وأشار إلى أن” زيارة بايدن تأتي في إطارين الأول التأكيد أن الولايات المتحدة لم تنفض يديها من الصراع في الشرق الأوسط وملف الطاقة وارتفاع أسعار النفط والغاز في ظل الحرب الروسية الأوكرانية”.
ورأي العقاد أن “التطبيع بين السعودية وإسرائيل سيكون ملفاً أساسياً لتحقيق هدف أساسي لتل أبيب بأن السلام يأتي من البوابة العربية وليست الفلسطينية”.
وقال العقاد إن “حضور بايدن لاجتماع مجلس التعاون الخليجي أمر خطير يوحي بأنه يبحث عن موضع قدم أكثر في الشرق الأوسط وإعادة صياغة المنطقة والحفاظ على قائمة التحالفات في ظل قرب انتهاء الحرب الروسية الأوكرانية وإمكانية صياغة تحالفات جديدة بالمنطقة بعدها”.
واستطرد العقاد” بايدن يحاول أيضاً تخفيف الضغط الداخلي الأمريكي الناتج عن ارتفاع أسعار الوقود المستهلك من قبل الأمريكيين وطمأنة الحلفاء الأوروبيين من خلال دفع العرب لتعويض العجز في النفط والغاز في أوروبا بفعل حرب أوكرانيا”.
وتابع أن “ملف الصراع في اليمن سيكون حاضراً، فبايدن يريد انهاء الحرب لتتفرغ السعودية لملفات جديدة كالتطبيع والنووي الإيراني”.
جعبة خاوية للفلسطينيين
وشدد العقاد أن “الرئيس الأمريكي لن يأتي بخطط سلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين لأنه لا يتملك إطار واضح لإطلاق مفاوضات السلام بين الجانين وفي ظل الانشغال في الحرب بأوكرانيا، وسيحمل فقط إبر أنسولين”.
من جهته، قال المحلل السياسي طلال عوكل إن “زيارة بايدن لن تحمل جديداً للفلسطينيين وتهدف لحماية أمن إسرائيل وتعزيز دورها في قيادة المنطقة، وإقامة حلف وتكتل جديد ضد إيران”.
وأضاف عوكل في تصريح لشبكة مصدر الإخبارية، أن “اجتماع دول مجلس التعاون الخليجي بمشاركة مصر والأردن والعراق استكمال لقمة النقب الأخيرة”.
استرضاء الشركاء الأوروبيين
وأشار عوكل إلى أن “بايدن قادم لإقناع العرب بضرورة رفع كميات انتاج النفط لطمأنة الشركاء الأوربيين حول أسعار الطاقة وإمكانية نشوب أزمة عالمية وقطع الطريق عن روسيا لتعزيز قائمة تحالفاتها، والحفاظ على مخزونات بلاده من النفط التي استهلكت كميات كبيرة منها منذ بدء الغزو الروسي لأوكرانيا”.
وأكد أن “جولة إبن سلمان للمنطقة جاءت لخلق نوع من التوافق في قرارات الدول قبيل زيارة بايدن، وأنهم ليسوا مجرد أدوت بيد واشنطن”.
وشدد عوكل على أن “الجولة تهدف أيضاً لإيصال رسالة لبايدن بأنه لا يمكنه تجاهل بن سلمان وأنه شخصية قوية ومؤثرة في الشرق الأوسط”.
ونوه إلى أن “زيارة إبن سلمان لتركيا تهدف لتقليل الضغط الأمريكي فيما يتعلق بقيمة مقتل الصحفي جمال خاشقجي، والقول بأنها طويت ولم تعد على الطاولة”.