خسروا آلاف الدولارات.. شباب من غزة يروون تجاربهم في تداول العملات الرقمية

صلاح أبو حنيدق- خاص شبكة مصدر الإخبارية:

خيم الندم على الشاب محمد أبو سلطان (25 عاماً) بعد خسارته ثلاثة آلاف دولار أمريكي في تداولات العملات الرقمية.

أبو سلطان بدأت قصته عندما أخبره أحد الأصدقاء، بربحه ألفي دولار بعد شراءه عملات رقمية على منصة “yobit”، ليسارع باستدانة ثلاثة آلاف دولار من شقيقته (على مرحلتين)، على أمل تحقيق حلمه بامتلاك مبلغ يتجاوز 12 ألف دولار ليتزوج.

وقال أبو سلطان، إنه استثمر في المرحلة الأولى ألف دولار ليصدم سريعاً بهبوط سوق العملات الرقمية، ووصول قيمة الأصول التي يملكها إلى قرابة 300 دولار، ليبلغه صديقه بضرورة تعزيز موقعه في السوق، واستغلال فرصة انهياره.

وأضاف أبو سلطان في حديث لمصدر الإخبارية، أنه “سارع لتعزيز موقعه في السوق بشراء أصول بقيمة ألفين دولار، ليصدم بعدها بخسائر إضافية نتيجة خسارة العملات الرقمية أكثر من نصف قيمتها السوقية”.

وأشار أبو سلطان، إلى أنه “أخطا عندما ظن أن التداول في العملات الرقمية سهلاً، والاستثمار فيها يشكل فرصة العمر”.

وأكد أبو سلطان أن “التداول في العملات يحتاج لخبرة واسعة ويحمل مخاطر عالية، وهو ما كان لا يعمله قبل شرائه للأصول الرقمية، بعدما صور الأمر له بأنه فرصة ذهبية لا تفوت”.

1300 دولار في يوم واحد

حال أبو سلطان لا يختلف كثيراً عن الشاب محمد العالول، الذي خسر 1300 دولار في يوم واحد في تداولات العقود الآجلة للعملات الرقمية على منصة “بينانس”.

وقال العالول لشبكة مصدر الإخبارية، إنه بدأ التداول في العملات الرقمية بعدما أخذ دورة تدريبة في أحد المراكز التدريبة بغزة بعنوان “الربح على الإنترنت”، على أمل تسير أمور حياته بعد فشله في الحصول على فرصة عمل.

وأضاف العالول، أن التداول في العقود الآجلة للعملات الرقمية يقوم على وضع مبلغ من المال مقابل الحصول على أضعافه أو خسارته، من خلال شراء العقود وفقاً لتوقعات صعودها أو هبوطها.

وأشار العالول، إلى أن تقلب سوق العملات المشفرة مؤخراً، لاسيما بعد خسارة المستثمرين لمليارات الدولارات جراء انهيار عملة لونا، ألحق خسائر كبيرة بعدد كبير من أصحاب الأصول الرقمية، وأخرجهم من السوق.

وأكد العالول” أنه اقتنع بعد خسارته للمبلغ المالي بأن التداول في العملات الرقمية مجرد أكذوبة”. مشدداً أن العمل في العملات الرقمية يحتاج لخبرة واسعة تتجاوز دخول دورات تدريبة وسماع نصائح متداولين أخرين من الأصدقاء.

أسباب الإقبال على العملات الرقمية

بدوره، قال مدير عام السياسات والتخطيط في وزارة الاقتصاد الوطني بغزة أسامة نوفل، إن السبب الرئيس في اقبال الشباب في قطاع غزة على التداول في العملات الرقمية ارتفاع نسبة البطالة، لاسيما في وسط فئة خريجي الجامعات.

وأضاف نوفل لشبكة مصدر الإخبارية، أن الارتفاع الكبير في نسبة البطالة ووصول معدلها العام إلى 47%، بواقع 60% في أوساط الشباب، و72% بين الخريجين، ساهم باتجاه الكثيرين للبحث عن بدائل جديدة للعمل.

وأوضح نوفل، أن الشباب في غزة وجدوا في مجال التداول بالعملات الرقمية سهولة مقارنة في مجالات العمل عن بعد التي حققت نجاحات كبيرة، مما دفهم للمسارعة للاستثمار فيها.

وأشار نوفل، إلى أن غالبية الشباب الذين استثمروا في العملات الرقمية في غزة لا يملكون أموالاً بل لجأوا للاستدانة والاقتراض والاستثمار بمدخرات عائلاتهم.

مخاطر واحتيال

وأكد نوفل أن عدم وجود التدريب الكافي للشباب ومعرفتهم بآليات التداول في العملات ومخاطرها، والانصياع لتوصيات المؤسسات الحكومية والخبراء، المحذرة من الاستثمار فيها، كبدهم خسائر كبيرة، وجعلهم يندمون على العمل فيها.

وشدد نوفل، أن العملات الرقمية لا يوجد لها غطاء قانوني، ولا تخضع لرقابة البنوك المركزية، وقائمة على قاعدة العرض والطلب، مما يجعلها بدون غطاء حقيقي يضمن قيمتها للمستثمرين.

وتابع “أن سوق العملات الرقمية يضج بمحترفي النصب والاحتيال، وبسهولة قد يجد المستثمر نفسه خسر كل ما يملك دون وجود جهة للتواصل معها للحصول على أمواله”.

سلبيات على الاقتصاد

وحذر نوفل من أن التداول بالعملات الرقمية يترك أثاراً سلبية مباشرة على الاقتصاد الفلسطيني، خصوصاً على صعيد العملة الصعبة (الدولار) التي تشترى من خلال الأصول المشفرة، وتجعلها تخلق سوقاً سوداء.

وطالب نوفل الشباب بالعزوف عن الاستثمار في العملات الرقمية، والاتجاه نحو العمل عن بعد، والتجارة الإلكترونية، بما يساهم بتعزيز قدراتهم المعرفية، وتحقيق أرباح بعيداً عن المخاطر.