مختصون ومحللون: إغلاق حاجز إيرز محاولة لتجريد المقاومة من حاضنتها الشعبية

خاص مصدر الإخبارية – أسعد البيروتي

يرى محللون ومختصون في الشأن الفلسطيني، أن إغلاق حاجز إيرز هو محاولةٌ لتجريد المقاومة من حاضنتها الشعبية عبر المساس بقوت العُمال والتجار الذين يتكبدون الخسائر على مدار السنوات الماضية نتيجة سياسات الاحتلال.

بدوره قال رئيس الاتحاد العام لنقابات العمال في قطاع غزة سامي العمصي: إن “إغلاق السلطات الإسرائيلية حاجز بيت حانون – ايرز يُؤكد مُضي الاحتلال في سياسة العِقاب الجماعي بحق العُمال الفلسطينيين إلى جانب الحصار المفروض على القطاع منذ ما يزيد عن 15 عامًا”.

وأضاف خلال تصريحاتٍ لشبكة مصدر الإخبارية: “الاحتلال لا يهتم للمعاناة التي يعيشها المواطنون في غزة، مشيرًا إلى أن سماح سلطات الاحتلال لـ 12 ألف فلسطيني للعمل داخل أراضي 48 كان بهدف خلق صورة أمام العالم مُغايرة عن الواقع تمامًا، لأن رفع الحصار عن قطاع غزة أيسر للاحتلال الإسرائيلي لكنه أراد من خلال العُمال امتلاك ورقة قوة للضغط على المقاومة الفلسطينية بغزة لوقف نضالها ضد الاحتلال”.

محاولة للضغط على المقاومة

وبيّن أن الاحتلال سبق وحاول الضغط على المواطنين مِن خِلال العدوان العسكري على قطاع غزة وتشديد الحصار، إلاّ أن كل المحاولات باءت بالفشل، وهو يُحاول تحقيق منجزات شعبية للتأثير على قرار المقاومة على الأرض.

وأوضح العمصي، أن هناك 12 ألف مواطن يدخلون أراضي 48 ما بين تاجر وعامل، ويبلغ متوسط الدخل اليومي 300 شيكل يوميًا، لافتًا إلى أن إغلاق حاجز بيت حانون ايرز، سيحرم قطاع غزة من 3 مليون شيكل يدخلون إلى السُوق وهو ما يعني تأثر الاقتصاد سلبًا نتيجة قرار الاحتلال”.

وأشار إلى أن الإغلاق سيحرم 12 ألف أسرة من دخلها اليومي بعدما استبشرت خيرًا بالسماح لمُعيلها الدخول إلى أراضي الـ 48، لافتًا إلى أن الاتحاد العام لنقابات العمال ضغط على الفصائل وصانعي القرار لضمان خروج العُمال بتصاريحهم لضمان حقوقهم العمالية لدى الاحتلال الساعي إلى حرمانهم منها.

وبيّن أن الاحتلال ونقابة العمال لدى الجانب الإسرائيلي يتهربون من التزامهم تجاه العمال الفلسطينيين، متوقعًا إعادة فتح حاجز بيت حانون – ايرز مع نهاية شهر رمضان المبارك، نظرًا لعودة الأمور إلى طبيعتها ما قبل الشهر الفضيل الذي عادةً ما يشهد موجات من التوتر والتصعيد بين الجانب الإسرائيلي والفلسطيني، نتيجة ممارسات واعتداءات الاحتلال بحق المقدسيين من المرابطين والمعتكفين والمصلين.

وتوجه العمصي برسالةٍ للوسطاء المصريين والقطريين والامميين، لضرورة الضغط على الاحتلال لتحييد قطاع العمال عن مستجدات الساحة السياسية والعسكرية وضمان سلامة العُمال وحمايتهم.

ودعا الفصائل الفلسطينية، إلى استثمار الحالة التي يعيشها العالم نتيجة الحرب الروسية الأوكرانية، خاصة وأن المجتمع الدولي ليست معنية بفتح أي صراع خارج ما يحدث بالصراع الروسي الأوكراني وهذا يُضعف موقف الاحتلال، مع ضرورة تجنيب فئة العُمال الهشة عن دائرة الصراع العسكري والسياسي في المنطقة.

وختم كلامه بالقول: “نقول للاحتلال إن خلافك السياسي مع الفصائل، فلماذا تُصر على سياسة العقاب الجماعي واغلاق المعابر ووقف التحويلات العلاجية ودخول أموال المنحة القطرية واستمرارك على مدار عشرات السنوات بقطع الكهرباء عن قطاع غزة بما يعكس سياستك الاجرامية بحق أبناء شعبنا الأعزل”.

من جانبه قال د. صلاح عبد العاطي رئيس الهيئة الدولية لدعم حقوق الشعب الفلسطيني “حشد“: إن “الهيئة تنظر بخطورة بالغة ازاء تشديد سلطات الاحتلال الإسرائيلي العقوبات الجماعية المفروضة على المواطنين في قطاع غزة كونه يُشكّل جريمة ترقى إلى مستوى جرائم الحرب“.

وأضاف خلال تصريحاتٍ لشبكة مصدر الإخبارية، أن “الاحتلال يُمارس الضغط على المدنيين والمواطنين في القطاع، وهو من شأنه زيادة حِدة الأوضاع الإنسانية في قطاع غزة الذي يُعاني نتيجة سياسة الحصار المستمر منذ ما يزيد عن 15 عامًا على التوالي، حيث فاقم الأزمات الإنسانية ونِسب الفقر والبطالة والجوع”.

جريمة مكتملة الأركان

وأشار إلى أن “إغلاق حاجز بيت حانون – ايرز، يُعد جريمة مكتملة الأركان كونها تأتي في سياق العُقوبات الجماعية يمنع بموجبها العُمال والتُجار والمرضى الراغبين في تلقي العلاج بالداخل المحتل وهو ما يُعيق جملة الحقوق المنصوص عليها في المعايير الدولية لحقوق الإنسان”.

وطالب عبد العاطي، بالضغط من أجل رفع الحصار الإسرائيلي المفروض على قطاع غزة وفتح المعابر وضمان منع الاحتلال من استخدام العقوبات الجماعية بحق المواطنين في قطاع غزة.

وأكد أن الاحتلال يستخدم “الابتزاز” للضغط على المقاومة الفلسطينية لوقف أشكال الدفاع عن الشعب الفلسطيني، وهو ما يُمثل انتهاكًا فضًا وصارخًا لقواعد القانون الدولي والقانون الدولي الإنساني.

وبيّن أن القانون الدولي حظر عمليات الابتزاز بين أي من الأطراف المتصارعة، لافتًا إلى أن ما يحدث هو “ديدن” الاحتلال بالتصرف كدولةٍ مارقة تتنكر لجميع قواعد القانون الدولي والقانون الدولي الإنساني.

ودعا رئيس الهيئة الدولية “حشد” المجتمع الدولي بما فيه الأمم المتحدة بضرورة الضغط على الاحتلال لوقف سياسة العِقاب الجماعي ضد المدنيين الفلسطينيين وصولًا إلى رفع الحصار كاملًا عن قطاع غزة.

من ناحيته يقول المحلل السياسي والكاتب الفلسطيني د. عاهد فروانة: إن “الاحتلال يُمارس سياسة “العصا والجزرة” التي تنتهجها السلطات الإسرائيلية بالضفة الغربية وقطاع غزة، لكن اللافت أن بالمحافظات الشمالية الاحتلال يُطبقها على مناطق محدودة خشية من تفجر الأوضاع ولذلك لجأ إلى التحقيق مع أهالي منفذي العمليات وسحب تصاريح العمل الخاصة بهم للحد من تنفيذ عمليات فدائية جديدة”.

تجديد لسياسة العقاب الجماعي

وأضاف خلال حديثٍ خاص لشبكة مصدر الإخبارية: “الاحتلال يُوسع إجراءاته في قطاع غزة ضمن الإطار السابق بالعودة إلى السياسة القديمة الجديدة حيث كان سابقًا يُغلق معبر كرم أبو سالم وحاجز بيت حانون – ايرز والواضح أن الاحتلال وسلطاته الإسرائيلية عادت لتلك السياسة تعزيزًا للعِقاب الجماعي من خلال إغلاق حاجز إيرز ومنع خروج التُجار والعُمال منه في محاولةٍ للضغط على الجبهة الداخلية بغزة”.

وأشار إلى أن الاحتلال يسعى دومًا لإبعاد قطاع غزة باعتباره “منطقة متفجرة على الدوام” عن الصراع الفلسطيني – الإسرائيلي واشغالها بمشاكلها الخاصة، وهو ما بدا ظاهرًا في سعي الاحتلال لتفكيك الوحدة التي تمثلت خلال هبة مايو عام 2021.

وأكد أن “الاحتلال يسعى من خلال إغلاق حاجز إيرز إلى إشغال المواطنين بقوت يومهم وقضاياهم اليومية والمادية، وتجنب القضايا الكُبرى إلا أن تطبيق هذه السياسة سيرتد عليهم بشكلٍ مُعاكس عبر مزيد من الغضب الشعبي والالتحام الجماهيري مع الاحتلال”.

ولفت إلى “أن لجوء الاحتلال لسياسة “فكفكة” الجبهات الداخلية، هي سياسة غير مُجدية، لأن قضية القدس دومًا ما تُوحد الجميع، والذي بدأ واضحًا خلال التصعيد العسكري على قطاع غزة مايو 2021، ما يعني بقاء الفلسطينيون مع قضيتهم الوطنية لإفشال كافة المخططات الإسرائيلية المتمثلة في العقوبات والإجراءات”.

وأوضح أن “الاحتلال يسعى من خلال سياسة العقوبات الاقتصادية إلى خلق حالةٍ من التذمر لدى أبناء شعبنا عبر محاربتهم في قوت يومهم، بهدف إضعاف الجبهة الداخلية، لافتًا إلى أن أبناء شعبنا لدى القضايا الكُبرى يتناسون همومهم ويُوحدون صفًا واحدًا أمام القضايا الكُبرى خاصة القدس والأقصى وينتصرون لقضاياهم الوطنية”.

واستذكر: “خلال الانتفاضة الأولى عام 1987 كان أبناء شعبنا يعيشون حياة الرفاهية الاقتصادية ورغم ذلك فجّروا الانتفاضة وكذلك الأمر خلال انتفاضة الأقصى عام 2000، وهو ما يُدلل أن ربط الأوضاع الانسانية بالقضايا الكُبرى سيفشل كُليًا وسيُواجه بمزيدٍ من الصمود والبذل كما هو حال أبناء شعبنا الفلسطيني على مدار العقود الماضية”.

أعلنت سلطات الاحتلال الإسرائيلي، صباح السبت، إغلاق حاجز بيت حانون – ايرز، بزعم إطلاق قذائف صاروخية من قطاع غزة تجاه مستوطنات الغلاف، وهو ما نفته المقاومة الفلسطينية، واعتبرته تبريرًا لتشديد الحصار على سُكان القطاع المنهكين نتيجة سياسات الاحتلال وإجراءاته العنصرية واللاإنسانية.

أقرأ أيضًا: الحايك: خاطبنا العديد من الدول للضغط على الاحتلال لإلغاء قرار إغلاق حاجز ايرز