أعلن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، اليوم الثلاثاء، أن فرنسا ستساعد السلطة الفلسطينية في صياغة دستور لدولة فلسطينية مستقبلية، مؤكداً دعم بلاده للمسار السياسي الهادف إلى إقامة دولة فلسطينية مستقلة تعيش بسلام إلى جانب إسرائيل.
وجاء إعلان ماكرون عقب لقائه بالرئيس الفلسطيني محمود عباس في العاصمة الفرنسية باريس، حيث قال إن بلاده والسلطة الفلسطينية ستشكلان لجنة مشتركة للعمل على إعداد الدستور الجديد. وأضاف: "ستتولى هذه اللجنة العمل على جميع الجوانب القانونية: الدستورية والمؤسسية والتنظيمية، وتهدف إلى استكمال جميع الشروط اللازمة لإقامة دولة فلسطين".
وأوضح ماكرون أنه تلقى من عباس مسودة أولية للدستور، مؤكداً أن فرنسا ستقدّم أيضاً مساعدات إنسانية لغزة بقيمة 100 مليون يورو لعام 2025 لدعم جهود الإغاثة وإعادة الإعمار.
خطة "اليوم التالي"
وبحسب بيان صادر عن قصر الإليزيه، بحث الرئيسان الخطوات المقبلة في خطة السلام، بما في ذلك إصلاح مؤسسات السلطة الفلسطينية وتعزيز الأمن والحكم الرشيد، في إطار التحضير لما وصفاه بـ "اليوم التالي" لوقف الحرب في غزة، تمهيداً لقيام دولة فلسطينية مستقلة.
وكتب ماكرون على منصة "إكس": "السيد الرئيس محمود عباس، رئيس دولة فلسطين، مرحباً بكم في باريس. معاً نعمل من أجل غدٍ أفضل، حيث تعيش الدولتان، إسرائيل وفلسطين، جنباً إلى جنب في سلام وأمان".
عباس: نريد دولة ديمقراطية غير مسلحة
من جانبه، قال الرئيس الفلسطيني محمود عباس: "نتمسك بثقافة الحوار والسلام، ونريد دولة ديمقراطية غير مسلحة ملتزمة بسيادة القانون والشفافية والعدالة والتعددية وتداول السلطة".
وأعرب عباس عن تقديره لجهود الولايات المتحدة والشركاء الدوليين في تثبيت وقف إطلاق النار بوساطة أميركية، كما أشاد بدور مصر وقطر وتركيا في جهود الوساطة، مؤكداً استعداد القيادة الفلسطينية للتعاون مع واشنطن ضمن جدول زمني واضح وضمانات دولية صارمة لتحقيق السلام الدائم.
وأشار عباس إلى أن السلطة الفلسطينية مستعدة لتحمل مسؤولياتها في قطاع غزة، بما في ذلك نشر قوات الأمن الفلسطينية بدعم دولي وتسليم أسلحة الفصائل المسلحة، تمهيداً لإعادة الإعمار والانسحاب الإسرائيلي الكامل من القطاع.
اعتراف دولي متزايد بدولة فلسطين
وجاءت تصريحات ماكرون وعباس بعد أن اعترفت عدة دول غربية كبرى، بينها فرنسا وبريطانيا وكندا وأستراليا، بدولة فلسطين رسمياً في سبتمبر الماضي، في خطوة وُصفت بأنها تعبير عن الإحباط من استمرار الحرب الإسرائيلية في غزة والرغبة في إحياء حل الدولتين.
ماكرون: مشاريع الضم "خط أحمر"
وخلال اللقاء، أكد ماكرون أن مشاريع الضم الإسرائيلية في الضفة الغربية المحتلة "خط أحمر" بالنسبة لفرنسا، مشدداً على ضرورة تثبيت وقف إطلاق النار في غزة وضمان دخول المساعدات الإنسانية واستكمال الانسحاب الإسرائيلي.
كما دعا عباس ماكرون إلى الضغط على إسرائيل للإفراج عن أموال الضرائب الفلسطينية المحتجزة ووقف الاقتطاعات منها، مؤكداً أن الشعب الفلسطيني يعيش كارثة إنسانية في غزة إلى جانب انتهاكات إسرائيلية متواصلة في الضفة الغربية والقدس الشرقية.
وبهذا اللقاء، تؤكد باريس مجدداً تمسكها بـ رؤية الدولتين باعتبارها الطريق الوحيد لتحقيق سلام عادل ودائم في الشرق الأوسط، في وقت تتزايد فيه التحركات الدبلوماسية الأوروبية لإعادة إحياء العملية السياسية بعد أشهر من الصراع المدمر في غزة.