سلّط تقرير نشرته وكالة رويترز، الجمعة، الضوء على ثلاثة من أشقاء الرئيس السوري أحمد الشرع، من بينهم اثنان يتقلدان مناصب رفيعة في الحكومة الجديدة، فيما يواجه الثالث عقوبات داخلية في إطار حملة مكافحة الفساد التي يقودها الرئيس نفسه.
وبحسب الوكالة، فإن الشقيقين الأكبرين للرئيس، حازم وماهر الشرع، يلعبان دوراً محورياً في إدارة مؤسسات الدولة في المرحلة الانتقالية التي أعقبت انهيار نظام الرئيس السابق بشار الأسد.
مناصب الشقيقين النافذين
يشرف حازم الشرع على ملف الأعمال والاستثمارات المحلية والأجنبية في سوريا، بما في ذلك إدارة برامج تشغيل مقاتلي المعارضة السابقين المكلّفين بإعادة بناء الاقتصاد المتضرر من الحرب.
أما ماهر الشرع، وهو طبيب نساء وتوليد يحمل الجنسية الروسية، فيتولى منصب الأمين العام لرئاسة الجمهورية، ويشارك في الاجتماعات الرسمية والمحادثات مع القادة الأجانب، كان آخرها لقاء الرئيس أحمد الشرع مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين في موسكو مطلع الشهر الجاري.
جمال الشرع.. من النفوذ إلى الملاحقة
في المقابل، كشف التقرير أن الشقيق الأكبر الثالث، جمال الشرع، وهو رجل أعمال بارز، وقع في قبضة حملة مكافحة الفساد التي أطلقها الرئيس السوري الجديد.
ونقلت رويترز عن ستة مصادر مطلعة، من مسؤولين ورجال أعمال، أن جمال الشرع أنشأ مكتباً في دمشق بعد تولي شقيقه الحكم، وأدار منه مشاريع في الاستيراد والتصدير والسياحة.
وقالت المصادر إن جمال استغل علاقاته العائلية لعقد اجتماعات مع مسؤولين حكوميين لتحقيق مكاسب شخصية، مما دفع الرئيس أحمد الشرع إلى إغلاق مكتبه في أغسطس الماضي، وإصدار تعليمات رسمية بعدم التعامل معه.
وأكدت وزارة الإعلام السورية لـ"رويترز" هذا القرار، موضحة أن "غير مسموح لجمال الشرع بالعمل كجهة استثمارية أو تجارية، والرئاسة أوضحت منذ تشكيل الحكومة أنه لا يشغل أي منصب رسمي".
تحذير عائلي مباشر
وأشار التقرير إلى أن الرئيس عقد اجتماعاً عائلياً مغلقاً حضره والده البالغ من العمر 79 عاماً، وحذر أقاربه من استغلال اسم العائلة لتحقيق مكاسب شخصية.
وجاء التحذير بعد شكاوى من مواطنين سوريين خلال لقاء شعبي في دمشق حول مظاهر الثراء السريع لبعض الموالين الجدد، خصوصاً من المعارضين السابقين الذين انضموا إلى الإدارة الجديدة.
رسائل متكررة ضد الفساد
منذ ذلك الحين، كثف الرئيس السوري أحمد الشرع من تصريحاته حول مكافحة الفساد وترسيخ الشفافية.
وفي 13 أكتوبر الماضي، بثّت وسائل الإعلام الرسمية مقطع فيديو يظهره وهو يأمر المسؤولين بالكشف عن استثماراتهم، ويحظر عليهم الدخول في مشاريع خاصة جديدة.
كما حذر من تكرار نموذج الفساد الذي ساد في عهد الأسد، مؤكداً أن بناء دولة مدنية حديثة "يتطلب قطيعة تامة مع ثقافة المحسوبية والمصالح الشخصية".
تحليل: بين الولاء والإصلاح
ويرى محللون سياسيون أن خطوة الرئيس السوري الجديد تعبّر عن محاولة موازنة بين الولاء العائلي ومتطلبات الشرعية الشعبية، في مرحلة انتقالية حساسة تشهد اضطرابات أمنية واقتصادية بعد سقوط النظام السابق.
ويقول مراقبون إن الاعتماد على المقربين داخل الحكومة قد يمنح الشرع قدرة على ضبط السلطة سريعاً، لكنه في الوقت ذاته يفتح الباب أمام تحديات تتعلق بالثقة والشفافية في دولة تحاول الخروج من حقبة طويلة من الفساد المؤسسي.