كشف مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية (CSIS) في واشنطن، عن صور أقمار اصطناعية حديثة تُظهر أنشطة بناء وتحصين واسعة في منشأة جبل المنجم الواقعة جنوب منشأة نطنز النووية الإيرانية، في خطوة تثير مجددًا التساؤلات حول نوايا طهران النووية بعد أكثر من عام من الجمود في المفاوضات مع القوى الغربية.
وأوضح المركز، في تقرير صدر بتاريخ 27 أكتوبر 2025، أن الصور تُظهر عمليات حفر وبناء مكثفة داخل الجبل، يُعتقد أنها تهدف إلى نقل أنشطة تخصيب اليورانيوم الحساسة إلى مواقع أكثر تحصينًا يصعب استهدافها بالقصف الجوي، سواء من قبل الولايات المتحدة أو إسرائيل.
ويأتي هذا التطور في وقت تتزايد فيه مؤشرات انهيار التفاهم غير الرسمي بين واشنطن وطهران بشأن حدود التخصيب النووي، بالتزامن مع تصاعد التوترات الإقليمية في الخليج ولبنان والبحر الأحمر، ما يجعل الملف النووي الإيراني أكثر تعقيدًا من أي وقت مضى.
ويرى خبراء أن إنشاء منشأة بهذا الحجم وبهذا العمق يعكس تحولًا في العقيدة النووية الإيرانية من “البرنامج المراقَب” إلى “البرنامج المحصَّن”، مؤكدين أن طهران تسعى إلى ترسيخ بيئة ردع جديدة تجعل منشآتها خارج نطاق الاستهداف أو الرقابة الدولية.
قلق إقليمي متصاعد
أثار التقرير الأميركي مخاوف من احتمال اندلاع سباق تسلح نووي جديد في الشرق الأوسط، خصوصًا في ظل الغموض الذي يحيط بقدرة الولايات المتحدة أو إسرائيل على تنفيذ ضربات دقيقة ضد منشآت تقع داخل جبال صخرية بعمق مئات الأمتار.
وفي المقابل، تتابع دول الخليج العربي التطورات بحذر بالغ، بينما دعت أطراف أوروبية إلى استئناف المفاوضات النووية بشروط محدثة تضمن التزام إيران ببنود الاتفاق النووي الموقع عام 2015.
ويؤكد مراقبون أن منشأة جبل المنجم تمثل أحد أخطر التحديات أمام المجتمع الدولي، إذ قد تؤدي إلى إجهاض ما تبقى من فرص العودة إلى الاتفاق النووي، وتفتح الباب أمام مرحلة جديدة من سباق الردع والتوازن الإقليمي في المنطقة.