سعاد صائب سكيك – خاص مصدر الإخبارية
“صديقك هاجي سوف يعصرك حتى تنفجر”.. ابدأ اللعبة وسيحتضنك هاجي واجي بشدة، هكذا تبدأ لعبة بوبي بلاي تايم “Poppy play time” المليئة بالألغاز ورعب البقاء، وطورتها ونشرتها إم أو بي غيمز في 12 أكتوبر 2021 لمايكروسوفت ويندوز، وصدر الفصل الثاني منها في 5 مايو 2022، بعد ما حصلت اللعبة على شهرة كبيرة منذ إصدارها.
وانتشرت اللعبة بشكل كبير بين الأطفال الذين يرغبونها في كل مكان، كما طُبعت صورها على الملابس، وصُنعت منها الدمى المحشوة بالقطن، والألعاب التي يطلبها أبناؤك!.
لا بد أنك تتساءل، من هو هاجي؟، وكيف تبدو اللعبة! وهل هي خطيرة؟! وسأعطيك إجابات في تقريري هذا على جميع الأسئلة التي تتبادر لذهنك إن كنت تعرفت عليها أم لا، سأُفصل هنا المزيد عن مخاطر لعبة هاجي واجي وما أثرها على أبنائك.
فبعد بحث مكثف، ومحاولات للعب مع هاجي واجي الذي يثير فيك الخوف ويرفع مستوى الأدرنالين، سأضعك في داخل اللعبة، والتي تبدأ بكل هدوء داخل مصنع بوبي بلاي تايم الكبير والغامض وشبه معتم، يظهر فيه هاجي كتمثال في منتصف المصنع، صديق وسيم في ابتسامة عريضة سَمِحة ولا يتحرك.
وريثما تبحث عن أشياء تبدو غير مفهومة الغرض كالاستماع لأشرطة فيديو منتشرة بالأرجاء تتكلم باسم الشركة وتحذرك من نيتها المصنعية “والمشكوك فيها” حسب الخبراء والتي سأضعك في تفاصيلها لاحقاً خلال التقرير، وصولاً إلى الحصول على كفين إحداها زرقاء والأخرى زهرية اللون، تتفاجأ هنا بأن تمثال هاجي اختفى لتتساءل أين ذهب؟.
“إما أن تقتل هاجي أو يقتلك”
وفي هذه المرحلة يطلب هاجي منك الانضمام للعب، فيما يهديك المصنع لعبة تسير على ممر آلة التصنيع بقطع متناثرة لتتكون لعبة غريبة تدمج أكثر من حيوان في دمية واحدة، على سبيل المثال أسد برأس قطة وجناحي نحلة، تتناوله باستغراب وتضعه على باب يأذن لك باللعب مع هاجي.
في ممرات ضيقة تبدأ المراحل الأولى، وفي جو الترقب الذي يخطف الأنفاس إلى ما تؤدي له هذه الممرات يظهر لك هاجي فجأة ليلاحقك، وسرعان ما يتحول إلى عدو بأسنان مركبة ومرعبة تشبه أسنان سمكة القرش كي يلتهمك.
قانون اللعبة هنا “إما أن تقتل هاجي واجي أو يقتلك”.
الأمر أكبر من هاجي بعد تحرير بوبي
وفي مراحل أخرى تظهر لك دمية بلون وردي وضخمة بعض الشيء، وهي شريرة أيضاً، ذات مدلولات خطيرة في علم النفس، وتفسر نظريات توضح أنها أكثر من مجرد لعبة فقط، تبدو جلية من أسماء فصولها التي توحي بالتعطش للجريمة مثل فصل في اللعبة يسمى “عصرة ضيقة”.
فيما لا تتوقف اللعبة عند قتل هاجي إنما بعد حل ألغاز المصنع المهجور والخالي من الموظفين الذين اُعتبروا في عداد المفقودين، وخلال إيجاد صندوق دمية بوبي “الفتاة العروسة” يظهر رعب آخر، وكأن بوبي روح شريرة ستبث بروحك الخوف على الدوام بأنها تراقبك بعد أن حررتها.
ولمعرفة وجهة نظر علم النفس فيها تواصلت مع الأستاذة الجامعية والمعالجة النفسية من لبنان ديالا عيناتي، والتي أوضحت أن شكل الدمية وحده يثير الأدرينالين والخوف داخل الطفل.
كل ممنوع مرغوب
وفي تفسير لرغبة الأطفال في لعبها رغم الخوف، وفي اقتناء دمية هاجي والملابس برسوماتها، أجابت عيناتي موضحة: “كل ممنوع مرغوب، والحقيقة أن العقل يتأثر بالدوبامين، وهو هرمون عصبي يرسل إشارات بين الجسم والدماغ ويعزز الشعور بالسعادة، مما يجعل البعض يلجؤون للإثارة الخارجة عن الواقع والإدمان عليها تعزيزاً لشعوره بنشوة العنف أو التفريغ الخارجي”.
ومن المعقد شرح الحالة النفسية التي تختلج في اللاعب الذي يخوض تجربة بوبي بلاي تايم، ولكن في تفسير بسيط، بعيداً عن اختلاط الخوف وارتفاع الأدرينالين، والشغف والإثارة، كشفت أ.ديالا بما هو أخطر من ذلك والمتمثل بالشعور بالقوة والسيطرة عند الانتصار والتي لا تتوفر في يومياته الحقيقية وتمنحه نوعه من التجديد والإثارة.
وأوضحت أنها قد تترك في الشخص نشوة البطولة، والتي من المحتمل أن تتجسد في الواقع على غيره فيعلو بقوته العنيفة حتى على الضعفاء، مما يمنحه حالة من الفخر والثقة بالنفس، وقالت إنه “أمر بحد ذاته مخيف، أن يشعر بالفخر من فعله المتقمص بالدور العنيف والقوي”.
وترى أنه من المؤسف انتشارها بين الأطفال الذين يقلدون بعضهم، بحيث يكون من لا يتعرض لهذه الألعاب شاذاً مختلفاً وجباناً في نظرهم، فيدخلهم في ضغط نفسي فإما يمشي مع التيار أو يصبح منبوذاً.
مخاطر لعبة هاجي واجي
وحذرت المعالجة النفسية من مخاطر اللعبة أو اقتناء دميتها على الأطفال، وأفادت بأنها قد تعرضهم للقلق والخوف اللا واعي والمخفي خلف سلوكيات تظهر شيئاً فشيئاً على سلوكهم الخارجي، وقالت: “قد يعيش بعضهم في تواصل دائم مع هاجي شاعراً أن دميته في كل مكان، تراقبه كي تقتله”، وشددت على خطورة الأمر لإخفاء الطفل مشاعره وكبت الخوف والذي ربما يتحول إلى عدوان لاحقاً أمام أي شخص يعترض طريقه.
وأوضحت أن البعض قد يتعرضون للكوابيس، والأحلام المزعجة، وربما يلجؤون للنوم أكثر هروباً من الدمية التي تلاحقه، إضافة إلى أنها تؤثر على المدى البعيد مسببة مشاكل داخلية أو سلوكيات عدوانية تصبح أمراً عادياً لدى صاحبها، ولفتت أنها تُعرض اللاعبين لضغوطات عالية لا يتحملها العقل.
وعلى المدى البعيد فهناك احتمالان حسب ما أفادت أ.ديالا، فحسب الدراسات هناك مدرستان في علم النفس للأثر النفسي وراء ألعاب الفيديو العنيفة والتي تهدف القتل، الأول الفكر الياباني الذي يقدر بأن داخل كل طفل جزء عدواني ووجود ألعاب مماثلة تجعلهم يُفرِغون طاقتهم بها.
بينما تقول المدرسة الأميركية بأنه كلما شاهد الطفل العنف كلما أصبح عنيفاً، وكلما وجد الأمر عادياً، عدا عن أن الإثارة والحماس في مثل هذه الألعاب تشعره بالأهمية والبطولة مما يدعوه دائماً لتجريبها وتقليد أقرانه لإثبات ذاته.
ووجدت المعالجة النفسبة بأنه في كل الأحوال، فإن الطفل سيتأثر بشكل ما في سلوكه، وقد يتعرض لمشاكل نفسية كالخوف والتفكير، والضغوطات النفسية والقلق الدائم.
وأوضحت أن الفكرة السائدة لدى الأجيال القادمة ستعتمد على أن من يؤذي ويغلب غيره هو الأقوى، ومع انتشار هذه الألعاب تصبح الندية وتدمير الآخر هي الأساس، ومبدأ “سأقضي عليك قبل أن تقضي عليّ” هو الغالب ومن شأنه تغيير القيم اليومية، على عكس الألعاب القديمة التي كانت تروج لروح الفريق ومساعدة غيرك.
وحذرت عيناتي الأهل من تعرض أطفالهم لألعاب الفيديو المماثلة، وقالت: “تعتبر ألعاب الفيديو الأقوى تأثيراً على العقل، والتي تترك آثارها في النفس والسلوك”.
ولفتت إلى أنه من المهم التعامل مع الأمر بطريقة سياسية لأن رفضهم للعبة يتعلق بها الطفل أو يرغبها تدعوه للتعلق أكثر، أو قد تثير الفضول لديه لمعرفة أسرارها، مما يُنشيئ المشاكل والفتور بين الأطفال وآبائهم.
الأطفال يرغبون باقتناء دمية هاجي!!
ما يدعو للاستغراب، ويثير التساؤل هو متى تعلق بعض الأطفال بهذا اللعبة!؟، ولمَ أصبح بينهم وبين طلب دمية هاجي مغناطيسية ملفتة للانتباه!، وظهر ذلك من خلال شهادات بعض الأهالي أثناء استطلاعنا لرأيهم حول اللعبة ودميتها التي وصلت قطاع غزة وتُرّوج لها المحلات التجارية بشكل كبير، مع زيادة الطلب عليها.
وقالت رشا نبيل في تعليق لها: “أولاد أخي طلبوها مني الشهر الماضي أثناء سفري”، وأشارت إلى أنها لم تحضر الدمية واكتفت بألعاب بيوت الباربي وسيارات الأولاد، وصُدِمت بأنها لم تعجبهم ورفضوها طالبين هاجي فقط.
في حين قالت آلاء والدة لطفل صغير بأنها تعرفت على واجي من خلال ابنها، ولفتت إلى أنه يطلب اللعبة بشكل غريب.
وأشار محمد والد لطفلين بأن ابنه طلب منه شراء دمية هاجي، ومع كثرة الإلحاح سيضطر لشرائها.
فيما أوضحت نور سليم إحدى الأمهات بأن أطفالها يخافون شكل هاجي، كما يرتعبون من أي دمية تشبه بوبي تايم بلاي، وأشارت إلى أنهم يخافون من الأرواح الشريرة داخل اللعبة كما الفيديو.
وزاد الأمر تطوراً لدى عائلة علي سامر الذي قال متأثراً ومستفزاً: “اضطررت لاستشارة أخصائي نفسي في الموضوع، وصل الحد لأطفالي بالصراخ وعدم النوم ليلاً بسبب اعتقادهم بأن دمية هاجي تلاحقهم”، ومعلقاً “ليش هالألعاب المدمرة، ايش الهدف!!”
أسرار بوبي بلاي تايم
تشير بعض الدلالات والتفسيرات بأن بوبي هي الداهية الأكبر، والفرضيات تتحدث عن أنها حقيقة روح شريرة تسكنها، وبمجرد إخراجها من الصندوق فأنت قد حررتها، ولتستعد لمطارتها لك بقية حياتك.
فرضيات أخرى تبين أن الشركة المصنعة استخدمت في اللعبة دمية واحدة من بين الدمى تعتبر حقيقية إلى حد ما، بحشوها بمعدة بشرية للالتهام، وعيون بشرية لتشير أنها واقعية، وبعض الافتراضات تقول: “الحقيقة بأن المصنع والشركة تحتوي أرواحاً شريرة”.
فماذا لو كانت الأرواح حقيقية فعلاً؟!، وماذا إن كان الهدف فوق تصور التفكير الذهني والعقل البشري، ويخص عوالم أخرى تخترق المدار البشري!!
وفي ظل انفتاح العالم التكنولوجي يصبح الأمر أكثر تعقيداً، حيث أصبحت الشركات تتنافس في طرح ما يميزها ويكتسح العالم، وتأتي بعض ألعاب الفيديو برعب حقيقي يترك آثاراً سلبية مخيفة مثل بوبي بلاي تايم ودمية هاجي داخل المصنع.
ولا ننسى لعبة الحوت الأزرق، ولعب كثيرة فيها شخصيات مصطنعة من وحي الخيال لا تعرف ما سبب جعلها بهذا الشكل، وما الهدف أصلاً من تصميم ألعاب بهذا الشكل.
اقرأ أيضاً: لعبة الموت.. تحدٍ جديد في المدراس المصرية يثير مخاوف الأهالي