ساره عاشور – مصدر الإخبارية
انعكست تبعات جنوح ناقلة حاويات بنمية عملاقة تدعى “إيفر غيفن”، قبل نحو يومين، خلال عبورها قناة السويس إثر سوء الأحوال الجوية، على مختلف الأنشطة الاقتصادية العالمية بعد توقف كلي في حركة الملاحة في القناة التي تعد الأكثر استخداماً على المستوى العالمي.
حالة من اللغط الكبير واستغلال الحدث الذي له أسبابه التي تم الإعلان عنها لاحقاً من جهات مسؤولة، سواءاً وقعت به أو استغلته وسائل إعلامية خدمةً لأهدافها وسياستها الخاصة، الأمر الذي حجب مدى الرؤية لدى ملايين المهتمين في معرفة حيثيات الحدث نادر الحدوث.
نستعرض في هذا التقرير الأسباب والحقائق الجليّة حول هذا الحدث الذي يشغل بال الرأي العالمي في الوقت الحالي، خاصةً وأن هذه السفينة تعد من الأضخم والأكثر حمولة، مما يصعب مهمة تعويمها وعودة المياه في القناة إلى مجاريها.
حقائق ومعلومات حول ناقلة الحاويات البنمية
الناقلة “إيفر غيفن” تعتبر من الأكبر في العالم، بطول يصل إلى 400 متر، ووزن إجمالي يبلغ 224 ألف طن، ومملوكة لشركة “هيغاكي سانغيو كايشا – Higaki Sangyo Kaisha” اليابانية، وهي مؤجرة وقتياً (Time Charter) لشركة “Evergreen Marine Corp” في تايوان، وتُشرف عليها تقنياً شركة “بيرنهارد شولته شيب مانجمنت” (BSM) الألمانية في هامبورغ. ونرفق هنا رابط ملكية الناقلة
شركة (BSM) ذكرت في بيان صحفي، على موقعها الإلكتروني أنها تعمل مع السلطات المحلية في قناة السويس على إعادة تعويم الناقلة، بعد تعرضها يوم 23 مارس لرياح قوية أدت إلى جنوحها وارتطامها بالأرض.
تسببت هذه الناقلة بحادث مشابه في ميناء هامبورغ بألمانيا عام 2019، عندما اصطدمت بعبّارة نهرية. وقتها خلص التحقيق في الحادث إلى أن الرياح فوق نهر الإلبه تسببت في جنوح الناقلة العملاقة، وتسببت في تعطيل حركة الملاحة البحرية.
كثر الحديث وكثرت الإشاعات عن أن قبطان هذه الناقلة هي سيدة مصرية، ولكن الأرجح أن لا أحد من طاقم السفينة مصري، وفق أحكام الشركة المالكة والمتحكمة والمشرفة على الطواقم.
كما انتشرت بعض الصور للناقلة وظهر بجانبها قوارب مصرية صغيرة، ما جعل هذا الأمر مدعاة للتهكم والسخرية، لكن الدقيق أن هذا الأمر ما هو إلا جزء من آلية معتمدة للتعامل مع السفن العملاقة في الممرات المائية الضيقة، والموانئ المزحمة، وهذه القوارب الصغيرة تسمى “زوارق القطر”، وهي قادرة على مناورة سفن عملاقة من خلال ربطها بحبال سميكة وسحبها.
محاولات الإنقاذ
فجر يوم أمس الخميس، وصل فريق مكون من ثمانية أشخاص من وحدة “SMIT” الشهيرة للحفر والإنقاذ البحري، التابعة لشركة “رويال بوسكاليس وستمنستر” الهولندية للتجريف والمعدات الثقيلة، إلى قناة السويس لتقييم الأعمال الجارية لإعادة تعويم الناقلة العملاقة “إيفر غيفن”.
حيث أن إمكانيات التعامل مع مثل هذا الحدث حول العالم تعتبر حكراً على شركات معدودة على الأصابع، مثل شركة “رويال بوسكاليس وستمنستر”، التي تمتلك الخبرات والمعدات اللازمة للتعامل مع هذا الحجم من السفن وهذا النوع من الحوادث، أي أن الأمر غير متعلق بانعدام الكفاءة المصرية في التعامل مع حدث جنوح ناقلة حاويات بنمية.
هيئة قناة السويس لم تقف مكتوفة الأيدي أمام هذا الحدث، فقد قامت بإرسال الكراكتين “مشهور” و”العاشر من رمضان” لدعم جهود الحفر في مياه القناة، بالإضافة إلى الجرافات المتواجدة على الضفة للحفر حول السفينة، و(الكراكة هي سفينة متخصصة في الحفر في المياه، وتستخدم عادة لشق القنوات المائية أو توسعتها).
ومن ضمن الشائعات التي بثت بهذا الصدد، قيل أن سبب جنوح الناقلة هو خطأ إرشادي محلي، والحقيقة أنه لم يكن أي قارب مصري يرشد “إيغر غيغن” أثناء عبورها القناة وكذلك الأمر بالنسبة للناقلة التي كانت خلفها “ميرسك دينفر”، وهذه الحقيقة موثقة بفيديو يرصد حركة الناقلة ولحظة جنوحها بالضبط من موقع “VesselFinder” لرصد حركة الملاحة البحرية.
بدورها وفي نطاق تحملها للمسؤولية قامت الشركة اليابانية المالكة للناقلة بتقديم اعتذاراً رسمياً، بمعنى أن المسؤولية – مسؤولية أعمال الحفر والإنقاذ، وتعطيل مجرى القناة، وتأخير السفن على طرفي القناة – ستتحمله الشركة اليابانية وشركة التأمين على ناقلة حاويات البنيمة.
من جانبه، أكد رئيس هيئة قناة السويس المصرية، الفريق أسامة ربيع، الأربعاء، أن وحدات الإنقاذ وقاطرات الهيئة تواصل جهودها لإنقاذ وتعويم سفينة الحاويات البنمية العملاقة EVER GIVEN التي جنحت بالكيلومتر151 خلال عبورها لقناة السويس ضمن قافلة الجنوب في رحلتها القادمة من الصين والمتجهة إلى روتردام الهولندية.
اقرأ أيضاً: توقف الملاحة بقناة السويس لحين انتهاء تعويم السفينة الجانحة
وقالت هيئة قناة السويس الخميس، إنها أوقفت حركة الملاحة في القناة مؤقتاً بينما تستمر لليوم الرابع جهود تعويم السفينة موضحة أن تسعة زوارق قطر تعمل على تعديل وضعها بعد أن علقت عرضياً في الجزء الجنوبي الذي يسمح بالمرور في اتجاه واحد بالقناة صباح يوم الثلاثاء بسبب رياح قوية وعاصفة ترابية.
وبينت إحدى شركات الإنقاذ إن تحرير ناقلة حاويات بنمية عملاقة جانحة في قناة السويس قد يستغرق أسابيع في حين أوقف مسؤولون كل السفن المتجهة إلى الممر المائي اليوم الخميس، وفق ما نقلت وكالة “رويترز”.
وأعلنت هيئة قناة السويس اليوم الخميس إنها أوقفت حركة الملاحة في القناة مؤقتا بينما تستمر لليوم الثالث جهود تعويم السفينة موضحة أن تسعة زوارق قطر تعمل على تعديل وضعها بعد أن علقت عرضيا في الجزء الجنوبي الذي يسمح بالمرور في اتجاه واحد بالقناة صباح يوم الثلاثاء بسبب رياح قوية وعاصفة ترابية.
وذكرت القناة في بيان أن جنوح السفينة “يعود بشكل أساسي إلى انعدام الرؤية الناتجة عن سوء الأحوال الجوية نظرا لمرور البلاد بعاصفة ترابية… مما أدى إلى فقدان القدرة على توجيه السفينة ومن ثم جنوحها”.
وقالت هيئة قناة السويس اليوم الجمعة إنها تتطلع للتعاون مع الولايات المتحدة في جهود تعويم سفينة الحاويات الجانحة التي تعطل حركة الملاحة منذ ثلاثة أيام.
وقالت الهيئة في بيان “تُثمن هيئة قناة السويس ما تقدمت به الولايات المتحدة الأمريكية من عرض للمساهمة في تلك الجهود وتتطلع للتعاون معها في هذا الصدد تقديرا لهذه المبادرة الطيبة والتي تؤكد على علاقات الصداقة والتعاون التي تربط بين البلدين”، وفق “رويترز”
وذكر بيتر بيردوفسكي الرئيس التنفيذي لشركة بوسكاليس الهولندية التي تحاول تعويم السفينة، لوكالة “روتيرز” أن من السابق لأوانه تحديد المدة التي قد تستغرقها المهمة. وقال بيردوفسكي لبرنامج يبثه التليفزيون الهولندي “لا يمكننا استبعاد أن تستغرق المسألة أسابيع، حسب الوضع”.
وقال بيردوفسكي إنه تم رفع مقدمة السفينة ومؤخرتها على جانبي القناة.
ومضى قائلا “الأمر يشبه جنوح حوت ضخم على الشاطئ. إنه وزن هائل على الرمال. قد نضطر إلى الجمع (في مهمتنا) بين تقليل الوزن عن طريق نقل الحاويات والزيت والمياه من السفينة بالإضافة إلى زوارق القطر وجرف الرمال”.
وأشارت بيانات لتعقب السفن إلى أن 206 سفن حاويات وناقلات نفط وغاز وسفن للمواد السائبة تتجمع عند طرفي القناة مما يخلق واحدة من أسوأ حوادث تكدس سفن الشحن منذ سنوات.
وذكرت شركة إيه.بي.مولر ميرسك، أكبر شركة في العالم، إنها تدرس تحويل مسار السفن إلى طريق رأس الرجاء الصالح حول أفريقيا مما يضيف للرحلة بين آسيا وأوروبا ما بين خمسة إلى ستة أيام.
وأضافت الشركة أن البضائع التي لا تحتمل الانتظار لوقت طويل قد ترسل في قطارات أو طائرات لكنها لم تتخذ قرارا بعد.
ويمر نحو 30 في المئة من حركة نقل الحاويات في العالم يومياً عبر قناة السويس البالغ طولها 193 كيلومتراً، ونحو 12 في المئة من إجمالي التجارة العالمية لجميع السلع.