دعاء شاهين - مصدر الإخبارية
بإمكانات متواضعة نجح المواطن الغزي محمد اليعقوبي 42 عاما بالعمل الجماعي يدًا بيد مع أسرته لكسر ملل الحجر المنزلي الذي فرضه وباء كورونا، وتحويل منزله الكائن بمدينة خانيونس جنوب قطاع غزة الى ورشة عمل صغيرة تنتج فوانيس رمضانية بأشكالٍ متعددة.
كما هو معروف أنّ الإقبال الموسمي يزيد في كل عام على شراء زينة رمضان والتي تعد أحد أهم طقوس استقبال الشهر الفضيل فتُملئ الأسواق المحلية بها، لكن هذا العام الأمر مختلفاً إذ بات واضحا قلة وجودها على خلفية أزمة كورونا التي أدت لوقف النشاط التجاري بين الدول بعد أن كان يعتمد غالبية تجار غزة على استيرادها من الصين، الأمر الذي دفع بعض المواطنين للاستعاضة عن ذلك بتنمية مواهبهم وصنعها محلياً.
اليعقوبي كان من بينهم شرح فكرته التي جاءته بالمصادفة قائلا:”حاولت أنا وعائلتي استغلال وقت الفراغ الكبير الذي نعاني منه بسبب الحجر المنزلي كأحد الإجراءات الاحترازية لمواجهة فايروس كورونا، في انتاج أفكار ابداعية تضفى نوعا من البهجة وتغير نمط الروتين، وتوفِر مصدر دخل كون غالبية القطاعات الاقتصادية متوقفة عن العمل حاليا”.
بأجواء غلبت عليها السعادة وروح التعاون يعمل اليعقوبي فتساعده زوجته، التي تمتلك موهبة صناعة المشغولات اليدوية وهي بدورها صاحبة الفكرة في شراء المعدات والمواد الخام وآليات العمل وتسويق المنتج إضافة لتوزيع الأدوار والمهام بين الأبناء.
يضيف اليعقوبي:”المشروع لم يكن مطروحا بهدف تجاري فحسب فهدفي الرئيس هو استثمار ساعات الحجر المنزلي لأبنائي بدل خروجهم للشارع بعد تعطلهم عن الدراسة، فأول خطوات الإنتاج كانت محصورة ضمن نطاق المنزل، لكن تفاجأت أنها نالت استحسان من يشاهدها من الزائرين وهم بدورهم طلبوا مني إعداد فوانيس رمضانية مماثلة لهم مقابل عائد مادي، هذا ما دفعني لتطوير المنتج وجعله تجاريا”.
بات هنالك إقبال في الطلب على فوانيس رمضان التي تصنعها أسرة اليعقوبي من قبل العوائل الغزيّة نظرا لشح توافرها في الأسواق، مما زاد المسؤولية عل عاتقها لمضاعفة الجهد فزادت ساعات عملهم حتى وصلتـ8 ساعات يوميا وأكثر ينتجون مقابلها قرابة العشرة فوانيس، الأمر الذي زاد من حاجتهم للمزيد من مواد الخام التي يعتمدون شراءها من الأسواق المحلية، ما بين أقمشة مزركشة، إكسسوارات زينة، قطع من الأخشاب الصغيرة، مقص، لاصق ” مقوى”، وغيرها.
لكن ثمة عراقيل تواجه عائلة اليعقوبي منتجة الفانوس الرمضاني، أبرزها انقطاع التيار الكهربائي لساعات طويلة، وضيق مساحة المنزل مقارنة بحجم الإنتاج، وعدم توافر رأس مال قوي يشجعهم على استئجار مساحة أخرى للعمل بها، إضافة إلى صعوبة إيجاد المواد الخام إذ تستغرق وقت كبير منهم للبحث في الأسواق الغزية نظراً لندرة توافرها أحياناً بسبب إغلاق المعابر.
ويهدف اليعقوبي من خلال هذه المهنة الموسمية إضفاء نوعاً من الفرح والسرور في قلوب الغزيين الذي يعانون ويلات الحصار وضنك العيش وأخيراً ظروف الكورونا، ووفق ما ذكر أن أسعار الفوانيس التي ينتجها تتراوح ما بين 10 إلى 25 شيقلاً كأحد أقصى بحسب طلب الزبون.
وجد العديد من الغزيين ضالتهم في استثمار وقتهم بالحجر المنزلي في ظل أزمة الكورونا عبر امتهان صناعة الفوانيس الرمضانية، فأبدعوا فيها واستطاعوا توفيرها في الأسواق المحلية على اختلاف أشكالها كذلك إيجاد مدخول مالي الى جيوبهم.
فوانيس رمضان بالحفر على الخشب
وبشكل منفرد بنشاط وحرفية دأبت الفتاة جيهان 19 عاما في ركن منزلها الكائن بمدينة خانيونس جنوب قطاع غزة في سباق مع عقارب الزمن على تجهيز أكبر عدد من الفوانيس الرمضانية بأشكالها المتنوعة في خطوة لتنمية قدراتها الإبداعية بالحفر على خشب cnc التي أتقنتها إثر التحاقها بأحد مراكز التعلم المهني قبل عام.
استطاعت الفتاة التغلب على ساعات الحجر المنزلي الطويلة في استثمار جهدها بتوفير مصدر دخللها تقول :”جاءتني الفكرة قبل أسبوعين تقريبا بعدما ذهبت لأشتري فانوس رمضان من السوق ولم أجدها متوافرة بكميات متنوعة وغالبها غالي الثمن، فقررت صنعها بنفسي للعائلة والأصدقاء، كنت مترددة ومتخوفة كوني لأول مرة أخوض هذه التجربة، لكني وجدت تشجيعاً من الأهل والمقربين وتعاون معي أحد التجار لتوفير المواد الخام “.
وتعتمد جيهان على نفسها في العمل دون مساعدة أحد فهي من تقوم بشراء المواد الخام من الأسواق المحلية المناسبة، فرزها، تجمعيها وتصنيعها بشكلها النهائي وفق الطلب، بعد التواصل مع الزبائن.
لا يقتصر عمل الفتاة على صنع الفوانيس؛ بل يتنوع انتاجها ما بين هدايا رمضانية، أدوات سفرة مزخرفة بعبارات رمضانية، معلقات زينة وعن أسعار منتجاتها بينت أنها تتنوع وفق نوعية المنتج والمواد الخام المصنوع منها.
الجذير ذكره أن غالبية منتجو الفوانيس يسوقون لمنتجاتهم رقمياً “أون لاين”، عبر مواقع التواصل الاجتماعي “فيس بوك” و”انستغرام”.