ازدحم بالأحداث السياسية والملفات.. 2021 عامٌ ثقيل مرّ على الفلسطينيين

خاص- مصدر الإخبارية
مرّ عام 2021 ثقيلاً على الفلسطينيين ومزدحماً بالأحداث السياسية والميدانية المختلفة، التي ساهمت في تشكيل معالم أيامه.
وبدأ العام بالحديث عن الانتخابات الفلسطينية ثم انتقل الأمر سريعاً للأحداث في الضفة الغربية والقدس التي ساهمت في تفجير مواجهة جديدة شرسة في غزة استمرت لـ11 يوماً، ثم مجدداً عادت الضفة لتشتعل من بوابة بلدة بيتا جنوب نابلس التي أبدعت في المقاومة الشعبية من خلال فعاليات الإرباك الليلي التي استمرت لأسابيع طويلة.
بعد ذلك حظي ملف الأسرى بحضور غير مسبوق، بعد تنفيذ عملية الهروب من جلبوع، التي هزّت الأوساط الأمنية الإسرائيلية، واستمرت الأحداث تهز المناطق الفلسطينية المختلفة، حتى وصلنا نهاية إلى لقاء “عباس غانتس” قرب تل أبيب، والذي كشف مجدداً عن توجهات السلطة ورغبتها في استمرار العلاقة مع الاحتلال رغم كل المعارضة الداخلية.
الانتخابات والمصالحة في عام 2021
في 15 كانون الثاني (يناير) أصدر الرئيس الفلسطيني محمود عباس مرسوماً رئاسياً لعقد الانتخابات الفلسطينية الشاملة، على النحو الآتي: المجلس التشريعي (22 مايو/أيار) تليها الرئاسية (31 يوليو/تموز) ثم المجلس الوطني في 31 أغسطس/آب 2021.
لم يتم ذلك، رغم أن كافة الإجراءات السابقة لعقد الانتخابات البرلمانية قد تمت، ومرّت العملية بمراحلها المختلفة وترشحت نحو 36 قائمة بعضها مستقلة، كما عقد في آذار (مارس) لقاء شامل للفصائل الفلسطينية في القاهرة بحثت خلاله مختلف الملفات وتم الاتفاق على تشكيل محكمة الانتخابات.
اتخذ الرئيس عباس ذريعة أن الاحتلال يمنع عقد الانتخابات بالقدس، لتأجيل الانتخابات التشريعية في نيسان (أبريل)، وهو الأمر الذي عارضته مختلف الفصائل الفلسطينية واعتبرت ذلك انقلاب على إرادة الشعب.
منذ تأجيل الانتخابات، علق التواصل بين حركتي فتح وحماس على مختلف المستويات، وتعطلت مسيرة المصالحة الفلسطينية، حتى عادت حماس نهاية تشرين الثاني (نوفمبر) لتقديم رؤية وطنية للقاهرة بهدف إنهاء الانقسام الفلسطيني.
التصعيد في غزة والضفة والداخل
شهدت نهاية نيسان (أبريل) تصاعد في الاعتداءات الإسرائيلية ضد سكان القدس وحي الشيخ جراح بشكل خاص، ورافق ذلك تفاعلاً واسعاً مع قضاياهم على منصات التواصل الاجتماعي، وظلت على مدار أيام متداولة على نطاق عربي وعالمي واسع.
وأيضاً، في بداية شهر رمضان صعّدت قوات الاحتلال من انتهاكاتها في الضفة الغربية والقدس، لاسيما في أوقات المساء بمنطقة باب العامود وفي باحات المسجد الأقصى المبارك، لتظل المنطقة على مدار أيام الشهر على صفيح ساخن، ورافق ذلك تهديدات من فصائل المقاومة بغزة حذرت من استمرار الاعتداءات.
شهد 28 رمضان الموافق 10 آيار (مايو)، تنفيذ قوات الاحتلال اقتحاماً واسعاً لباحات المسجد الأقصى واعتدت على عشرات المصلين بشكل وحشي، كما خرّبت الكثير من الأثاث ودمرت محتويات، تمهيداً لمرور مسيرة الأعلام الإسرائيلية في عصر نفس اليوم من قرب منطقة باب العامود.
العدوان على غزة
أثارت المشاهد الواصلة من القدس استفزاز مشاعر الفلسطينيين والمسلمين، كما أن فصائل المقاومة اعتبرت فيها عدم اكتراث لتهديداتها، لذلك حذرت كتائب القسام مجدداً الاحتلال من الاستمرار في الاعتداءات.
ردّت القسام، على عدم الاستجابة للتحذير، بقصف مدينة القدس بعشرات الصواريخ في آنٍ واحد، وتبع ذلك قصف فصائل المقاومة الأخرى للبلدات المحتلة القريبة من الحدود، لتعلن قوات الاحتلال في اليوم التالي 11 آيار (مايو) إطلاق عملية عسكرية في غزة تحت اسم “حارس الأسوار”.
استمرت العملية نحو 11 يوماً، وقصفت إسرائيل خلالها القطاع بآلاف الصواريخ، التي أدت لاستشهاد نحو 260 فلسطينياً بينهم حوالي 70 طفلاً ونساء، كما دمرت 4 أبراج سكنية ضخمة، واغتالت عدداً من قيادات فصائل المقاومة لاسيما كتائب القسام وسرايا القدس.
واصلت كتائب القسام الردّ على العدوان الإسرائيلي الذي انتهى بتاريخ 21 آيار (مايو) بمختلف الوسائل المتاحة، حيث قصفت المدن المحتلة بمئات القذائف الصاروخية وكان أبرزها “تل أبيب، وبئر السبع وعسقلان”.
كما استهدفت كتائب القسام، محطة الغاز ومحطة الكهرباء قرب بحر غزة، من خلال الطائرات المسيرة الانتحارية، وأدخلت للخدمة صاروخ “عياش 250” الذي يصل مداه لـ 250 كيلو متراً، وقصفت به مطار رامون جنوبي فلسطين المحتلة.
اشتعال مدن الداخل واللد
شهدت المدن الفلسطينية في الداخل المحتل اشتعالاً ومواجهات غير مسبوقة مع قوات الاحتلال لاسيما خلال العدوان الإسرائيلي على غزة آيار (مايو)، حيث “فقدت السيطرة على ما يحدث في المدن خاصة اللد”.
وأُحرقت خلال الأحداث عدد من السيارات الإسرائيلية وعمت الفوضى والمواجهات مختلف المناطق، بحسب ما أوردت وسائل إعلام عبرية في حينه.
واعتبرت المواجهات التي اعتقلت إسرائيل خلالها المئات، بأنها غير مسبوقة في تاريخ الصراع، وقال بعض الخبراء إنها تؤسس لمرحلة جديدة من الصراع داخل الخط الأخضر.
وعلى صعيد آخر، شهد الداخل المختلفة استمراراً واضحاً في ارتفاع معدلات الجريمة وحوادث القتل في مختلف المناطق، وسط غطاء وتشجيع إسرائيلي بحسب مراقبين.
وادعت سلطات الاحتلال أنها تحاول السيطرة على الوضع داخل المدن العربية من خلال الشرطة الإسرائيلية، وزعمت أنها أسست لذلك وحدة سيف، والتي تحولت فيما بعد لأداة قمع للفلسطينيين.
انتخابات حماس الداخلية في 2021
في فبراير من العام الجاري، بدأت حركة حماس بانتخاباتها الداخلية لاختيار قيادة جديدة لمختلف المناطق.
وأنجزت المرحلة الأولى من الانتخابات في غزة، حيث انتخب في 10 آذار (مارس) يحيى السنوار رئيساً للحركة، وتم تشكيل المكتب السياسي الداخلي.
وتدرجت الانتخابات في المناطق المختلفة، التي تشمل “إقليم الضفة وإقليم الخارج والسجون”، حيث تتم في الأخيرة بسرية تامة ولا يتم إعلان النتائج خوفاً من انتهاكات مصلحة السجون.
وانتخبت حماس، خالد مشعل رئيساً لإقليم الخارج، كما اختير صالح العاروري رئيساً لإقليم الحركة بالضفة ونائباً لرئيس المكتب السياسي.
في الأول من آب (أغسطس) اختارت حركة حماس، إسماعيل هنية رئيساً لمكتبها السياسي، لتعلن بذلك انتهاء انتخاباتها الداخلية بمراحلها كافة دورة عام (2021- 2025)
وتُجرِي حماس انتخاباتها الداخلية كل أربع سنوات، في ظروف مُحاطة بالسرية؛ نظراً لاعتبارات تتعلق بالملاحقة الأمنية من قبل إسرائيل.
اعتداءات المستوطنين والمقاومة الشعبية
سجلت المؤسسات المختصة ما يزيد عن 900 اعتداء تمت على أيدي جماعات المستوطنين واستهدفت الاراضي والممتلكات والثروة الحيوانية والزراعية وحتى المدنيين الفلسطينيين وألحقت خسائر فادحة.
وتوزعت الاعتداءات على المحافظات المختلفة اذ شهدت كل من محافظات نابلس والقدس والخليل أكثر الاعتداءات على التوالي بواقع 233 و194 و170 اعتداء شملت الاعتداء على المدنيين واقتحام المواقع الاثرية والتاريخية والدينية هذا بالإضافة إلى الاعتداء على الأشجار المثمرة من قطع وحرق وسرقة ثمار وأيضا تلويث الحقول الزراعية.
كما شهد العام 2021 تزايداً غير مسبوقاً في عدد المخططات الاستيطانية الصادرة عن الجهات الإسرائيلية المختصة لتوسيع المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية المحتلة.
وواجه الفلسطينيون تلك الاعتداءات الاستيطانية الإسرائيلية من خلال طرق مختلفة، كان أبرزها، المقاومة الشعبية في قرى مختلفة، وبرزت أدوات مختلفة للمواجهة كان أهمها الإرباك الليلي في بلدة بيتا شمال نابلس خلال حزيران (يونيو).
كما انتفضت قرية برقة جنوب نابلس، في كانون الأول “ديسمبر” مواجهات شرسة مع قوات الاحتلال والمستوطنين، وبرزت فيها المقاومة بالفزعة من خلال انضمام عدد من القرى الفلسطينية للمواجهة ولمساعدة الأهالي في صد الاعتداءات.
كما شهدت عام 2021 زيادة في اقتحامات قوات الاحتلال لقرى ومدن الضفة الغربية، ما نتج عنه استشهاد عدداً من المواطنين بينهم، أطفال، كما اعتقل المئات وأصيب العشرات بحسب التقارير الحقوقية.
وفي إطار الرد على اعتداءات الاحتلال نفذ فلسطينيون عمليات مختلفة ضد قوات الاحتلال الإسرائيلي، في مناطق مختلفة بالضفة الغربية والقدس، كان أبرزها العمليتين التي نفذهما الفلسطينيين فادي أبو شخيدم ومنتصر شلبي.
اغتيال نزار بنات
شكّل اغتيال الأجهزة الأمينة في مدينة الخليل للناشط السياسي نزار بنات، حدثاً مهماً خلال عام 2021، حيث أعلن عن وفاته بعد اعتقاله من منزله بتاريخ 24 حزيران (يونيو).
وجريمته مثلت تحولاً كبيرة نحو الوعي الوطني بأن السلطة لم تعد تتمتع بشرعية سياسية أو مصداقية وطنية.
ومارست السلطة القمع الأمني ضد الحراكات الشعبية المطالبة بمحاسبة مرتكبي الجريمة.
كما صورتها الحزبية باستدعاء عناصر حركة فتح في الدفاع عن سلوكها ضد الحريات، في مقابل التزامها بالتنسيق الأمني مع الاحتلال.
هروب جلبوع وقضية الأسرى
بتاريخ 6 أيلول (سبتمبر) نجح 6 أسرى فلسطينيين بالفرار من سجن جلبوع الإسرائيلي المحصن، وحظيت قضيتهم بتفاعل واسع على الصعيدين المحلي والدولي، رغم أن قوات الاحتلال أعادت اعتقالهم جميعاً بعد نحو أسبوعين من تنفيذ العملية.
وأعاد هروب الأسرى القضية إلى الواجهة العالمية مجدداً، لاسيما وأن عملية البحث عنهم ترافقت بقمع إسرائيلي للمعتقلين داخل السجون.
وفي 2021 استمر مجموعة أسرى بالإضراب عن الطعام، أبرزهم كان الأسير كايد الفسفوس 131 يوماً، والمقداد القواسمي 113 يوماً ولا يزال حتى كتابة هذا المقال الأسير هشام أبو هواش مضرباً عن الطعام لأكثر من 136 يوماَ.
ولجأ الاحتلال خلال العام لقمع الأسيرات الفلسطينيات وعقابهن بالسحل والعزل الانفرادي.
ونتج عن ذلك موجة من الغضب الوطني داخل السجون وخارجها. وقد قام الأسير الفلسطيني يوسف المبحوح بطعن أحد السجانين انتقاماً للحرائر، وقد أعلنت فصائل المقاومة بشكل واضح عن أن قضية الأسرى قد تكون إحدى صواعق التصعيد العسكري ضد الاحتلال.
لقاء الرئيس عباس بغانتس
يوم 29 كانون الأول (ديسمبر) استقبل وزير جيش الاحتلال بيني غانتس الرئيس الفلسطيني محمود عباس، في منزله قرب تل أبيب، لمناقشة ملفات مختلفة بحسب بيان رسمي.
وأضاف البيان الصادر عن مكتب غانتس: “استمر الاجتماع قرابة ساعتين ونصف الساعة، وأبلغ وزير الدفاع رئيس السلطة نيته مواصلة تعزيز إجراءات بناء الثقة، وأكد الوزير الاهتمام المشترك في تعزيز التنسيق الأمني والحفاظ على الاستقرار الأمني ومنع الإرهاب والعنف”.
وحظي اللقاء بموجة من الانتقادات داخل أحزاب اليمين الإسرائيلي بقيادة رئيس الوزراء نفتالي بينيت (حزب “يمينا”)، الذي أعرب عن استيائه من استضافة الرئيس الفلسطيني في منزل غانتس (“أزرق- أبيض”/وسط)، بحسب قناة “كان” الإسرائيلية الرسمية.
يشار إلى أن المباحثات السياسية بين الفلسطينيين والإسرائيليين، متوقفة منذ عام 2014، جراء رفض الاحتلال وقف الاستيطان، وعدم قبولها بمبدأ “حل الدولتين”.