أم العبد المشهراوي… قصة صمود وتحدي في مواجهة الاحتلال الإسرائيلي

سالي ثابت-مصدر الإخبارية 

ضجت مواقع التواصل الاجتماعي بصورة المواطنة، أم العبد المشهراوي، من قطاع غزة وهي تحتضن طفل رضيع لا يتجاوز الأيام وكانت في حالة يرثى لها من الحزن والهلع والألم الذي خيم على تقاسيم وجهها لتثير تساؤلات الجميع لماذا هذا الجزع.

“أم العبد المشهراوي ” وهي صاحبة القصة الممزوجة بالقهر والوجع، أكدت لموقع “مصدر الإخبارية ” بأنها كانت تجلس في بيتها مع أفراد عائلتها بقلق وذعر تتابع مجريات الأخبار عبر شاشات التلفاز وتسترق لحظات عودة التيار الكهربائي كي تشاهد بأكبر قدر من الوقت القصير للكهرباء ما يدور حولها من مجازر ترتكب ضد المدنيين العزل في قطاع غزة؟.

تقول أم العبد المشهراوي لمصدر: كنت أحاول أن أطبطب على أبنائي وأشعرهم بجو من الأمان الوقتي في ظل عدوان غاشم وهمجي طال الجميع دون استثناء وتحديدا ابنتى التي وضعت جنينها في أيام الحرب الصعبة عندي وأتت لمنزل العائلة كي اساعدها في تربية رضيعها ولتشعر بالأمن والأمان مع باقي أشقائها، في وقت الحرب.

مؤكدة ان زوج ابنتها غادر قطاع غزة الى جمهورية مصر العربية بغرض العلاج وتركها وجنينها أمانه لديها وهذا ما أشعرها بالمسؤولية المضاعفة بأن تكون على قدر كافي من حمل الأمانة.

وتضيف المشهراوي: فجأة سمعنا صوت صواريخ متتالية متسارعة وقريبة جدا منا وكأن زلازلا أصاب المنطقة برمتها مما أثار الرعب في قلوبنا جميعا وخرجنا نسابق الزمن بالهروب لننجو بأنفسنا وذلك بعدما تبين لنا أن القصف الاسرائيلي طال بناية الرائد السكنية الملاصقة لبيتنا بشكل كبير ولايفصلنا عنها سوى سور اسمنتي هش.

لتكمل وهي تلتفت وكأنها مازالت تعيش تفاصيل الحرب الشرسة بكل مشاهدها المروعة ” تفاجأت بكل قاطني المنزل يهرعون بالنزول الى الشارع “.

لتسكت برهة وتستطرد والخوف ما زال في عيونها لقد كان الطفل الرضيع في حضني وفجأة فقدته لتبدأ ابنتي بالصراخ وتقول لي ” يما وين ابني ” يما ابني مش معنا”.

لتضيف المشهراوي: جلست على الأرض في باحة المنزل السفلي المحاذي للبناية المشتعلة بالنيران غير آبه ماذا سيحصل لي ولكن ما استذكره حسب ما أكدت لنا بأن الصراخ الهستيري هو سيد الموقف وعقلي لا يستطيع تصور ما حصل ويحصل وكأنني في كابوس أريد أن استفيق منه بأقسى سرعة.

” لقد بدأ صبري ينفذ وجن جنوني وصرت اجري زي المجنونة بالشارع” تتابع المشهرواي واصفة حالتها،و تكمل أواصرخ بأعلى صوتى ابني وين “مين أخدو مني ” “ياناس ساعدوني لألاقيه وهاد أمانة عنا “.

وتسرح فجأة وكأنها تعود لليلة الحزينة بأنها ذهبت للمستشفى عن طريق فرق الدفاع المدني وقد فارقها الأمل بأن تجد ضالتها.

تروي في حديتها لمصدر: فجأة وجدت أحد رجال الدفاع المدني يمسك بين يديه الرضيع ويقول “يا جماعة لمين هالطفل” لتصرخ بأعلى صوتها ابني زين محمد المشهراوي هاد هو ابننا.

ولكن رجل الدفاع لم يعطيها اياه وقال لها سأتحقق من المعلومات حول الرضيع فنحن تبنيناه، لتشير بأنها قالت له “والله ابني والله زين ”

لم يهدأ بال المشهرواي، حتى احتضنت صغيرها وامسكته بيدها قائلة “تمنيت أنه أضعه بين أضلع قلبي وأقفل عليه حتى لا يصيبه مكروه فهذا أمانه من ناحية وفلذة كبدي من ناحية أخرى”.

الجدير بالذكر أن منزل آل المشهراوي قد تم قصفه للمرة الثانية على الحروب المتتالية على قطاع غزة ويبقى دائما في مهب صواريخ الاحتلال الاسرائيلي ليصيبه الدمار والخراب وليس هناك مسبب أساسي لقصفه سوى ترويع ساكنيه وايقاع أكبر عدد وحصيلة من الشهداء الآمنين العزل لإرباك الجبهة الداخلية وتشتيت المقاومة وترويع قاطني أحياء المدينة المحاصرة كما قالت المشهراوي.

تداعيات وآثار الحرب على نفسية المواطنين في قطاع غزة

بدورها قالت الاخصائية النفسية علياء أبو مريم، في حديثها لمصدر الإخبارية ” إن تداعيات وآثار الحروب على قطاع غزة ما زالت قائمة حتى هذه اللحظة فالجميع أصبح لديه خبرة صادمة بالموافقة المحزنة جراء التصعيدات المتكررة على القطاع ومشاهدة صور الشهداء والأشلاء والدماء وهوما يشعر المواطن بعدم الارتياح والأمان”.

في سياق حديثها أكدت علياء، أن المواطن أصبح يعاني من الأرق والتوهان وقلة الكلام وأصبح لديه حالة خوف من أي صوت عالي يسمعه وأصبح لديه مخزون نفسي سئ .

لتضيف أبو مريم: “ليالي القصف والدمار ما زالت عالقة بأذهان الجميع وتحديدا الفئات الهشة من الأطفال والنساء وكبار السن ولن تنسى بسهولة وستترك بصماتها القاسية في سلوكيات البعض”.

وعندما سألناها حول آلية وبروتوكول العلاج النفسي للمتضررين النفسيين بغزة، أجابت “نحن بحاجة الى عمل ورش عمل وحلقات تفريغ نفسي ضمن فعاليات وأنشطة مخصصة لتقليل نسبة الضغوطات النفسية والتوتر لدى الجميع”.

وشدتت على وضرورة الدعم والتعزيز النفسي ضمن برامج نفسية وبتعاون من جميع المؤسسات المعنية والمختصة بهذا الشأن لنعزز صمود المواطن وقدرته على التفاعل والاندماج والانخراط بالمجتمع بشكل سليم.