“حقل غاز غزة” يعود للواجهة وسط إشارات إيجابية وخلافات بين فتح وحماس

غزة_ صلاح أبوحنيدق

أعاد توقيع فلسطين لمذكرة تفاهم مع مصر لتطوير حقل غاز غزة الأحد الماضي، ملف “الكنز المدفون” منذ تسعينات القرن الماضي للواجهة من جديد، حول أهمية البدء بالمشروع ، والجهات المستفيدة في ظل وجود الانقسام الفلسطيني، وسيطرة إسرائيل الدائمة على الموارد الفلسطينية.

ويقدر صندوق الاستثمار الفلسطيني حجم احتياطات الغاز في الحقل بـ1.4 تريليون قدم مكعب، بقيمة عائدات سنوية في حال استخراجه بـ4.5 مليار دولار.

تفاصيل مذكرة تفاهم حقل غاز غزة

ويقول رئيس الصندوق محمد مصطفى لـ”مصدر الإخبارية” إن المذكرة الموقعة مع الجانب المصري هي مقدمة لاتفاق نهائي للاستثمار في الحقل وتصدير الغاز للخارج خلال الشهور القليلة القادمة.

ويضيف مصطفى أن شركة “إيجاس” المصرية ستتسلم بموجب المذكرة حقوق تطوير الحقل بعد إنسحاب مجموعة رويال داتش شل البريطانية، والتي ستقوم بدورها باستغلال خبراتها الواسعة في مجال الغاز، وعمليات تسيله، وعلاقتها الجيدة مع الطرف الإسرائيلي الذي كان يرفض على مدار السنوات الماضية فكرة استخراج الغاز وجعل الفلسطينيين يستفيدون منه.

ويوضح مصطفى أن الجانب الفلسطيني يسعى للاستفادة من البنى التحتية للمصرين في مجال الغاز ، وعلاقتهم الجيدة مع الاسرائيليين لإصدار التصاريح اللازمة للعمل فيه مع الأخذ بالاعتبار القرب الجغرافي بين مصر وغزة بما يسهل عمليات ارسال الغاز المخرج من الحقل إليها، وتسيله فيما بعد، للبدء بتصديره.

ويؤكد أن هناك حرص مصري لتمكين مشروع الغاز وتحويله لحقيقة، من خلال دعم من أعلى المستويات في الدولة المصرية، لافتةً أن دخول مصر للمشروع يساهم بالإسراع في إنهائه، ويمنح فلسطين اعترافاً واضحاً بسيادتها على المواد الطبيعية والحدود المائية.

ويشير مصطفى إلى أن هناك جهود لإدخال “إيجاس” كمستثمر في الحقل، مبيناً أن صندوق الاستثمار يملك ما نسبته 27.5 ٪ من الحقل ومثلها لصالح شركة اتحاد المقاولين (CCC) الخاصة، والنسبة المتبقية (45 ٪) ستكون للجهة المطورة.

أهمية المشروع لغزة والضفة

ويرى خبراء اقتصاديون أن البدء بتشغيل الحقل سيشكل رافعة للاقتصاد الفلسطيني، وسيساهم تقليص عجز ميزانية السلطة واعتمادها على المساعدات الخارجية، وسيوفر لها مصادر طاقة جديدة لمحطات الكهرباء في قطاع غزة والضفة الغربية.

ويقول الاقتصادي، محمد أبو جياب، إن احتياطات الغاز الطبيعي الموجودة في حقل غزة مارين، والتي تقدر بـ33 مليار متر مكعب، قادرة على سد احتياجات الفلسطينيين من الغاز والطاقة في الضفة الغربية وقطاع غزة لمدة 25 عاماً ، حيث تصل قيمة عائداته السنوية في حال استخراجه بـ 4.5 مليار دولار سنوياً.

ويضيف أبو جياب في حديثه لـ”مصدر الإخبارية“، أن الحقل سيوفر على فلسطين استيراد ما نسبته 95% من الطاقة “كهرباء ووقود وغاز” من الجانب الإسرائيلي، بمتوسط فاتورة سنوية تتجاوز 1.4 مليار دولار.

ويبين أبو جياب أن للمشروع أهمية في دعم وتشغيل محطات توليد الكهرباء والطاقة في الضفة الغربية و قطاع غزة، فعلى صعيد القطاع يستطيع الحقل أن يوفر ما نسبته 300 ميجا من الكهرباء في ظل حاجة لنحو 400 ميجا وات كهرباء للعمل 24 ساعة، لا يتوفر منها حالياً إلا 212 ميجا وات، توفر إسرائيل منها 120 ميجا وات، ومصر 32 ميجاوات ،وشركة توليد الكهرباء 60 ميجاوات.

أما على صعيد الضفة فإن تزويد محطة جنين لتوليد الطاقة بالغاز من الحقل سيعمل على تقليص النفقات الحكومية وتحقيق الاستقلال الوطني في امدادات الطاقة.

وفيما يتعلق بفائدة الجانب المصري ، يلفت أبو جياب إلى أن القاهرة التي تخوض مع إسرائيل ودول أخرى “صراع غاز” مع تركيا تريد أن توسع حصتها في قطاع إسالة الغاز ونقله إلى أوروبا، وأن مذكرة التفاهم مع السلطة كانت بهدف تحقيق أكبر استفادة، وتقليل نفقات خطوط النقل البحرية من إسرائيل إلى مصر والمقدرة بحوالي 5 مليارات دولار.

ويشير أبو جياب إلى أن الجانب الفلسطيني مطالب بخطة وطنية توضح أولويات مشروع غاز حقل غزة، وطبيعة القطاعات والمشاريع التي سيدعمها المشروع من خلال عوائده، بما يحقق الرضى والمساواة بين جميع الأطراف الفلسطينية، والآمال المرجوة من المشروع.

 

غاز القطاع

حل مشاكل غزة والضفة

إلى ذلك، يؤكد رئيس جمعية رجال الأعمال الفلسطينيين علي الحايك على ضرورة استغلال مشروع حقل الغاز في إحياء الاقتصاد الوطني، وحل جميع المشاكل الانسانية والاجتماعية والاقتصادية في الضفة الغربية وقطاع غزة.

ويقول الحايك لـ”مصدر الاخبارية” إن تنفيذ المشروع “يعدّ مصلحة فلسطينية بامتياز إذ أنه يصبح من السهل تزويد غزة والضفة بالغاز إضافة لتزويد المناطق الصناعية بالكهرباء بتكلفة أقل مما يحصل عليها الآن”.

ويضيف الحايك أن امداد محطة الكهرباء والطاقة بالغاز من الحقل من شأنه العمل على تقليص نسبة الاموال التي يدفعها الفلسطينيين لشراء الكهرباء من إسرائيل والتي تقدر بملايين الدولارات شهرياً، مما يعني إعطاء نوع من المرونة للميزانية المالية الخاصة بالسلطة.

ويشدد الحايك على أهمية الخطوات المصرية لتمكين الفلسطينيين من الاستفادة من مواردهم الطبيعية، والتي جاءت مذكرة تفاهم تطوير حقل غاز غزة كجزء منها، داعياً لضرورة زيادة التعاون مع الجانب المصري والاستفادة من الخبرات الخارجية بما يساهم بحل جميع المشاكل الفلسطينية، والبدء بمشاريع قادرة على النهوض بقطاعات الاقتصاد الوطني.

إشارات إيجابية من “إسرائيل”

وعلى مدار السنوات الماضية، بقي احتمال البدء بالاستثمار بالمشروع بعيد المنال بسبب الصراع الاسرائيلي الفلسطيني، وسيطرة حركة حماس على قطاع غزة في العام 2007، لاسيما مع منع إسرائيل للفلسطينيين من استغلال الحقل، منذ قرابة 20 عاما، إلا أن مصادر في السلطة الفلسطينية أكدت أن الجانب الاسرائيلي أرسل إشارات إيجابية بشأن تطوير حقل غاز غزة.

وقالت المصادر، إن الإشارات الإيجابية تلقاها الجانب المصري بشكل من إسرائيل، والتي تدعو مصر للمضي قدماً في التوافق مع الفلسطينيين لتطوير الحقل.

خلاف جديد بين فتح وحماس

إلا أن، مذكرة التفاهم فجرت خلافاً جديداً بين حركتي فتح وحماس رغم الأجواء الإيجابية التي ظهرت مؤخراً مع تحديد مراسيم الانتخابات الفلسطينية الخاصة بالمجلس التشريعي، والرئاسة والمجلس الوطني.

ويطالب عضو المكتب السياسي لحركة “حماس” موسى أبو مرزوق، السلطة الفلسطينية، بكشف تفاصيل الاتفاقية التي وقعتها مع مصر، حول حقل الغاز قبالة شاطئ قطاع غزة.

ويؤكد أبو مرزوق على ضرورة ” أن تكون غزة حاضرة في أي تفاهمات حول حقول غاز شواطئها”.

ويتابع أبو مرزوق أن “تفاصيل الاتفاقيات يعني الشفافية، والشفافية مطلوبة من الدول، فما بالكم من سلطة مطلقة لا رقيب ولا حسيب عليها، لقد تعلمنا الدرس بعد إنشاء محطة كهرباء غزة وحجم الفساد في عقود إنشائها”.

لكنّ حسين الشيخ، عضو اللجنة المركزية لحركة التحرير الوطني الفلسطيني “فتح”، رد على أبو مرزوق، على تويتر بالقول “الاتفاقيات تتم بين دول، وفلسطين عضو في منتدى غاز المتوسط”.

وأضاف “الاتفاقيات توقّع مع دول سيد أبو مرزوق، وليس مع فصائل وتنظيمات”.

وبالنظر للمعطيات السابقة، يظل حقل غاز الذي يبعد عن شواطئها 36 كيلو متراً، محل أمال كثير من الفلسطينيين لتحسين الاوضاع الاقتصادية في البلاد، واستغلال مقدراته في مصالح الجهات المسيطرة على قطاع غزة والضفة الغربية من جانب، وإسرائيل ومصر من جانب أخر.