“وكأن أبواب الجحيم فتحت علينا”.. ماذا يعني النزوح للمواطنين بغزة؟

ذكرت القناة الـ12 الإسرائيلية عن تقديرات أمنية إسرائيلية زعمها أن 90 ألف مدني غادروا مدينة غزة حتى الآن.

سماح شاهين – مصدر الإخبارية

أدت خطة إسرائيل باحتلال مدينة غزة إلى نزوح العشرات من السكان إلى جنوب ووسط وغربي القطاع، بعضهم يعتبر نزوحهم الأخير هو المرة العشرين وأكثر والذين يعيشون في ظروف كارثية.

أمنية الغندور نزحت تحت رصاص طائرة الكواد الكابتر من منطقة أبو إسكندر شمال غربي غزة، فكانت مرحلة النزوح هذه أصعبها فلم تستطع جلب مقتنياتها جميعها خاصة لأطفالها بعد تجربة نزوح قاسية منذ بدء الحرب في السابع من أكتوبر 2023.

تقول أمنية لشبكة مصدر الإخبارية، إن النزوح بمثابة فتح أبواب الجحيم على الغزّيين من عدة جوانب منها البحث عن مكان يؤوينا بالإضافة إلى معاناة العيش من حيث توفير المياه وانتشار الأمراض خاصة بين الأطفال.

وتضيف أمنية: “أثناء نزوحي إلى مواصي خان يونس ومع انتشار الأمراض فقدت ابنتي لم يتجاوز عمرها عامين فأصبح النزوح لنا هو فتح باب جهنم وطلوع الروح، قررنا عدم النزوح ولكن إسرائيل أجبرتنا بعد إطلاق النار والقنابل والصواريخ على منازلنا”.

وتبيّن أن النزوح يعني أن في كل مرة تفقد شيئًا من ماضيك ومن عائلتك أيضًا، أن تنزح أكثر من عشر مرات فالخوف بات يلازمك من ناحية توفير أدنى مقومات الحياة ومن جانب آخر حماية عائلتك.

وتشير إلى أنّ النزوح ليس فقط أن تنجو بنفسك وبعائلتك، ولكنك لم تنجو من المعاناة وفقدان الشعور بالأمان خلال فترة النزوح، مضيفًة: “أثناء النزوح لا تعلم ماذا ستأخذ أوراقك الرسمية أم احتياجاتك واحتياجات أفراد أسرتك والتفكير بالمدى البعيد”.

وتختم قولها: “نحن نعيش أمام حياة مستحيلة فيتضح لك أن الموت هو أهون من النزوح من منزلك فمرارة النزوح لم يشعر بها غير الذي عاش هذه المرحلة المرّة”، متمنيًة بأن تنتهي الحرب وينتهي معها النزوح وشلال الدم.

انتهاء مسيرة التعليم

محمد أبو غبن هو الآخر نزح من خيمته بعد تدمير منزله من منطقة النفق بمدينة غزة، بعد أنّ حاول التأقلم على العيش دون منزله منذ عودته من جنوب غزة إلى الشمال، وبعد تمكنه أيضًا من استكمال التحاق أطفاله بالدراسة في رياض الأطفال والمدارس.

يروي محمد لشبكة مصدر الإخبارية: “عندما سمعنا عن خطة احتلال غزة وكأن سكين طعنت قلبي لم أستطع البقاء في المنطقة لأن إسرائيل لم ترحم أحد لا تعرف معنى صمودك أو تعبك من النزوح مرة أخرى، أول ما تفكر به هو أن تنجو بأطفالك من هذه الإبادة الجماعية”.

يصف النزوح هو انقطاع الحياة، الانقطاع عن التعليم وعائلتك والأصدقاء وعن العمل وعن مدينتك التي وُلدت فيها، تصبح حياتك كيف أن تكون على قيد الحياة وكيف تؤمن احتياجات أطفالك والتنقل إلى أماكن لم تزورها من قبل.

“البحر كان متنفس غزة الوحيد في فصل الصيف، فبات الآن مكان حياتك إما للأبد أو لفترة محددة، تدعي إسرائيل إنها منطقة آمنة للمدنيين إلا أنها ترتكب مجازر بحق العشرات منهم”، يقول محمد.

ويتساءل: “إلى متى سنظل نعيش هذه الحرب التي لم تبقِ شيئًا إلا ودُمر بالكامل؟ إلى متى سنبقى ندفع نحن الثمن بأرواحنا ومنازلنا ومدننا لم يتبق لنا شيئًا في غزة سوى الموت؟”.

نزوح تحت النار

خلود أبو وردة نزحت بعد أن سمعت بخبرٍ يفيد بوجود روبوت في منطقة جباليا النزلة شمال غزة، خرجت من المنطقة مسرعًة حاملة أطفالها الثلاثة ولم تستطع جلب حقائب النزوح خوفًا من تفجيره وتصاب عائلتها.

وعادت في اليوم التالي إلى منزلها رغم خطورة المكان وانتشار طائرات الكواد كابتر بشكلٍ مكثف إلا أنها خاطرت بحياتها، لجلب احتياجاتهم ونقل الخيمة الوحيدة التي يمتلكونها على الرغم من أنها مهترئة أثناء نزوحهم السابق جنوب قطاع غزة.

تسرد خلود لشبكة مصدر الإخبارية: “الاحتلال يريد إفراغ غزة من سكانها ويطالبها بالنزوح إلى الجنوب وهو مستمر بالقصف من أقصى جنوب إلى شمال غزة لا يوجد مكان آمن أينما يذهب الغزّي فقررنا النزوح داخليًا بغزة”.

وتصف النزوح هو بمثابة الحكم بالإعدام عليهم وهم أحياء تتنقل من معاناة إلى معاناة خاصة مع الأطفال وهم يعتبرون نقطة الضعف لعائلاتهم.